|
المفكر أحمد الصوفي: الأزمة أخذت من المؤتمر نصف السلطة وأكسبته نفسه 30 عاماً هي عمر المؤتمر الشعبي العام كتنظيم سياسي رائد استطاع السير بالوطن منذ تأسيسه نحو البناء والتنمية وتحقيق الوحدة اليمنية المباركة وترسيخ الديمقراطية كنهج سياسي استطاع المؤتمر به الحفاظ على توازن المشهد السياسي اليمني طيلة الفترة الماضية وكخيار جماهيري لكافة أبناء الشعب اليمني لا يمكن الحياد عنه على الرغم من شدة العواصف والمحن التي اختلقتها القوى الطامعة بالسلطة بعيداً عن الخيارات الديمقراطية. «الميثاق» التقت المفكر الأستاذ احمد الصوفي - السكرتير الصحفي لرئيس المؤتمر الشعبي العام وأجرت معه حواراً مهماً حول العديد من القضايا والمواضيع المتعلقة بمستقبل المؤتمر الشعبي العام والتحديات الراهنة.. كما تطرق في سياق حديثه إلى تقييم دقيق وجوهري لراهن المؤتمر والمشهد السياسي اليمني بشكل عام.. فإلى نص الحوار. ما هي قراءتكم لراهن المؤتمر الشعبي العام في الذكرى الثلاثين لتأسيسه؟ - أنا أقرأ بأن راهن المؤتمر هو محصلة لأمرين مهمين الأول هو محصلة لتراكم تاريخي جداً، فالدور الذي لعبه المؤتمر ولا يمكن لأي دور من الأدوار في التاريخ حتى للقيصر أن يبقى على ذات السياق ولا يبقى للملوك والرؤساء ولا للأشخاص ولا حتى للكيانات، أي أن هناك محصلة تاريخية كبيرة تستدعي أن يكون المؤتمر قد ترجم قدرته على التجدد والاستجابة للتحديات، أما القراءة الثانية فأعتقد بأن حجم العافية وكمية الإنجازات ومساحة التأثير للمؤتمر الشعبي العام خلال التاريخ السياسي الذي بدأ منذ نشأته وتطوره مع إنجازاته تستدعي منه أن يستفيد من هذه المكاسب وأن يترجمها كتوجهات وسياسات مستقبلية. ما مآخذكم على المؤتمر خلال الفترة الماضية؟ - هو بنية بغير تنظيم وقاعدة شعبية عريضة جداً ولكن بدون انسياقات فكرية توحد بين مكوناته، هو سلطة كانت المصالح أقرب إلى أن تجمع بين من فيه أكثر من رغبتهم في النضال لتحقيق أهداف محددة. ضمير المستقبل ما أبرز التحديات التي تواجه المؤتمر الشعبي العام؟ - أن يكون حزباً قادراً على توظيف كل ما لديه من ملكات، ويعيد صياغة مهامه ومكوناته لكي يكون كما خلق ضميراً لمرحلة تاريخية وضميراً لمرحلة مستقبلية، فالمؤتمر الشعبي العام عاش على صيغة ما قبل التعددية السياسية والتعددية الفكرية حتى في الرؤى الاجتماعية .. المؤتمر كان حزب الشعب والطابع الشعبي العام يغلب عليه، فيما كانت التحولات والتغيرات في العالم بحكم التكنولوجيا والتطور العام لعلاقات العالم تستدعي وجود نخبة محترفة.. هذه النخبة للأسف الشديد مع هذه الأزمة لم تبرهن سوى على أمر واحد أنها استطاعت أن تسلم الراية لطرف آخر ولم تستطع أن تنقذ المؤتمر من الدخول في أزمة حقيقية، بل أن البعض يعتقد أن المؤتمر الشعبي العام شقة مفروشة يجب أن يستأجرها إلى حين قضاء الغرض الذي يريده. واعتقد أن التحدي الخطير الذي يواجه المؤتمر هو أن يجدد نخبته أولاً وأن يعيد بناءه التنظيمي، ثانياً وأن يجدد رؤيته الفكرية ثالثاً فالرؤية الفكرية مهمة، فكان الميثاق الوطني من أفضل الصيغ التي وجدت لتوحد أطرافاً وأيديولوجيات وعقائد كان ضعفها هو الذي يمنح «الميثاق» الوطني القوة ولكننا بحاجة إلى برنامج سياسي يقول فيه المؤتمر انه يستطيع إنجاز هذه الأولويات على أساس انه قد استطاع انجاز واحد.. اثنين.. ثلاثة.. في الماضي وهذه الرؤية البرنامجية يفترض أن تكون الشغل الشاغل للمؤتمر .. الأمر الثاني يفترض أن يكون لدى المؤتمر لحمة تنظيمية أي أن يكون لدى المؤتمر نواة صغيرة في أية قرية أو مديرية بل في أي مكون من مكونات المؤتمر، سواء وفق النظام الأساسي الراهن أو الذي سيستحدث .. نحن بحاجة إلى بنية تجعل من تحركنا من أجل الأهداف أولوية فيما كان في السابق.. تحركنا من أجل الحفاظ على كيان الدولة، بينما نحن انتقلنا إلى مرحلة الحفاظ على أولويات الوطن كله، كنا حزباً يحكم، والآن صار الآخرون يزاحمون للاستيلاء على ذات السلطة، ونحن نقبل أن يستولوا على السلطة، لكن عبر مبدأ الانتخاب والاختيار، وحتى مبدأ الانتخاب يحفزنا إلى أن نعيد النظر في خططنا وبرامجنا لكي نستعد لأي انتخابات كانت.. بمعنى أن المؤتمر أمام تحدٍ جوهري هو أن نكون أو لانكون، وأيضاً أمام تحدٍ حقيقي هو هل سياق المبدأ التاريخي للمؤتمر كان ينسجم مع طبيعة وخصائص المجتمع اليمني، إذا كان ذلك الميلاد طبيعياً فعلى المؤتمر أن يتجدد بصورة طبيعية.. كل هذه التحديات رغم توغل القوى الإقليمية والقوى الدولية في صناعة هذا الغول من الفوضى العارمة.. ولكن المؤتمر لم ولن يقتلع أو يجتث، وبالتالي فإن مصادر العافية تستدعي أن يبحث عنها المؤتمر بجدية. وأعتقد أن المؤتمر لديه الكثير من المصادر والملكات والمميزات، ولكن عليه أن يستغرق في التفكير في تلك الموارد، إما أن ينطلق بصورة سادرة إلى العدم بدون تخطيط.. ويفاجأ يوماً بأن هذا انسلخ وهذا انقسم وهذا انشق.. فهذا لا يعقل، لذلك على المؤتمر ان يعيد بناء نفسه بطريقة أعقل من تلك الثقة التي كنا نتمتع بها. المؤتمر انتصر بالسلمية كيف يمكن تفسير قبول المشترك بالمبادرة الخليجية وهي صناعة مؤتمرية؟ - كنت أحد صناعها وأقرب الناس إلى تفاصيل حياة هذه المبادرة في تطورها الطبيعي، وكنا أقرب إلى المشترك وارتهان وزخم ودعم دبلوماسي دولي لايزال.. وموارد إقليمية أحدهم في دول المنطقة فاضت لديه الدولارات فلم يجد لديه مشاريع إلا أن يغير الحكم في الدول العربية دون برنامج تغيير وببرنامج متخلف اسمه (الإخوان المسلمين).. مضمون هذا البرنامج هو صناعة السلطات للإخوان وأظهرت هذه الأحداث أن كلفة النظم العربية غير المنظمة والهشة لا تكلف بضع الملايين من الدولارات.. نحن كنا في اليمن مختلفين وكان المشهد قد بدأ كما بدأ في مصر وبدأت أخوات ومناضلات وثوار وو..الخ، وكانت خطتهم أن تنتهي العملية بانتصار حاسم يوم 2011/5/12م الذي بدأت فيه خطة التصعيد الثوري وقد زوّد بكل أدوات الانتصار ابتداءً من الجريمة إلى قلع أرصفة الشوارع وتحويلها إلى حجارة للاعتداء على الشرطة والأمن وإلى سفك الدماء ونقل المهرجان اليومي للجثث في الإعلام، فقد صنعوا إعلاماً ووجوهاً وتأييداً دبلوماسياً وبيانات أحياناً تصدر من الرؤساء ومع ذلك كان المؤتمر يتبنى إستراتيجية واضحة وبوصلة قدرية وليست بشرية وهي : نحن لن نقاتل من أجل السلطة، وكان حيز المؤتمر ذلك ثابتاً ولن ندافع عن بقائنا في السلطة وكنا نقول للجميع تعالوا استلموا السلطة بطرق شرعية وكان المشترك قد زود بعشرات الخبرات والمستشارين من كل أقطار العالم وبأموال وموارد قطرية كان يقول لهم نحن نريد النموذج الليبي وهم يعلمون علم اليقين أن المؤتمر أقوى منهم، ونحن في نفس الوقت نعلم أننا حتى ولو سحقناهم فإن ذلك النصر لن يكون جديراً بنا حتى لو هزمناهم، فالمؤتمر لا يريد دماء لكي ينتصر فهو ينتصر بالحق والمشروع، فتقدم المؤتمر بمشروعات أولها كلمة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح آنذاك أمام مجلسي النواب والشورى والتي طرحت منطلقات لتسوية لم تكن تحلم بها القوى الوطنية في تلك الفترة بمن فيهم حلفاؤنا وخصومنا، بعدها انتقل الزعيم علي عبدالله صالح إلى طور أرقى حيث أعدت في 9 مارس مبادرة وألقيت في 10 مارس بميدان الثورة بالعاصمة، وكانت تلك المبادرة ومازالت هي السقف الأعلى لكل طموحات القوى السياسية منذ العشرينيات.. الآن أتحدى هذه القوى السياسية التي انقلبت على علي عبدالله صالح أن تستطيع تحقيق ربع ما طرحه في مبادرة 10 مارس.. فقد كان الرئيس الصالح والمؤتمر مسالمين ويرفضان العنف وبعدها وبأيام معدودة، وهنا ملاحظة مهمة .. أنسلخ واحد من أركان النظام وهو علي محسن ومع ذلك السياق التصاعدي للزخم الرافض للعنف والفوضى التي كانوا يضعونها باسم الثورة كان يتصاعد. حينها ترجم المؤتمر كل المبادرات إلى صيغة المبادرة الخليجية، وبالتالي فإن إقرار المشترك بالمبادرة الخليجية كان إقراراً بالهزيمة الأخلاقية لأنه كان مستعداً بشعار إسقاط علي عبدالله صالح والدعوة إلى رحيله مستعد أن يحرق البلد وكأن باسم الروح الثورية التي اعتبرت جميع الشعوب العربية مستعدة يعطي مثلاً داخل اليمن ليبقى مثلاً للجرح في الضمير، ومستعد أن يقترف أية جريمة.. ولكننا لم نمكنه من ذلك وإلى الآن. هؤلاء الطائشون مستعدون لذات الشيء الذي حدث في ليبيا.. المهم أننا في المؤتمر هزمناهم بسلميتنا .. نحن هزمناهم لأننا لم نقاتل من أجل السلطة، ولذلك انكسرت موجة تمازجت بالدولار بحسابات إقليمية وحسابات دولية دقيقة جداً حاولت أن تجعل من اليمن طاقة مستنفدة بالصراعات الداخلية سواء بأفعال القاعدة أو غيرها لكي لا تكون اليمن قادرة على تعزيز الحلم القومي العربي، فاليمن مخزون بشري يهدد نفطهم ووجود كيانات في المنطقة كالكيان الإسرائيلي.. فالزخم الشعبي العظيم النقي إذا ما استنفد في صراعات داخلية فسينتهي هذا الشعب.. نحن في المؤتمر قلنا ننتهي نحن ونسلم السلطة فردوا ليس من الضروري أن يبقى المؤتمر، قلنا أنتم تقولون ثورة خذوا السلطة .. علي عبدالله صالح غادر السلطة ولكن ماذا بعد.. - وعلى سبيل المثال - خلال أيام العيد أعادوا الكهرباء كرشوة للمواطن ولكن بعدها هل ستستمر الكهرباء كما هي عليه؟.. ما بعدها هو أن على المواطن أن يدفع أجر فرحة العيد والكهرباء بأن تعطي مقاول من أولئك الذين مولوا الساحة بالدولارات الأجنبية وادعوا الثورية وهم اليوم يتحولون إلى مقاولين لترميم وهم اسمه ترميم الكهرباء التي استلموها جاهزة بعد أن فجروها.. إذاً نحن نتكلم بأن المشترك تورط في عمل لا أخلاقي.. عمل الأفراد والعائلات وطموحات أشخاص، ولذلك هو مهزوم وكان مجبراً أن يقبل بالمبادرة الخليجية فالذين أرغموه على القبول بها هم الذين كانوا يغذون طاقته من العافية لكي يتجرأوا على سلطة ودولة وشعب. أين المؤتمر من الخيارات الممكنة التي سبق أن طرحتموها في عدة كتابات لكم؟ - كتاباتي تحتاج لمن يقرأها والمؤتمر بعيد عنها جداً لأن المؤتمر لا يقرأ وعيبه أن الثقافة بالنسبة له زينة يتزين بها ولكنه لا يقرأ ولا يعمل بها. ما الذي كسبه المؤتمر.. وما الذي خسره خلال الفترة الماضية؟ - خسر السلطة أو نصفها وكسب نفسه. هل من الممكن تخيل المشهد السياسي بدون المؤتمر وما خطورة ذلك؟ - المؤتمر ليس نبتة شوكية طرأت في حلق الوطن، بل أن المؤتمر أثمر أغصان هذا الوطن كون مصالح فئة عريضة من المجتمع اليمني ارتبطت به، فسيكلوجية المؤتمر استطاعت أن تؤلف بين الحاجات والمصالح والسياسات كما هي واحدة من أدوات إستراتيجيته التي انتهجها ومكنته من بناء التنمية في الجمهورية اليمنية.. المؤتمر الشعبي العام هو خلاصة قراءة سيكلوجية وسياسية للممكن في التاريخ وليس الممكن في الرغبة، فالحزب الاشتراكي وحزب الإصلاح مثلاً هما الممكن في الرغبة، فقد عملوا عشرات الانقلابات والاغتيالات وخلايا للتصفيات ولديهم بنية تنظيمية في غاية الخطورة، ولذلك لا أحد يثق بتسليمهم السلطة.. المؤتمر الكل معه ويثق به، لكن عليه طالما تحمل مسؤولية هذا القطاع العريض من المجتمع والشعب ومن أمانيه وأحلامه عليه أن يعيد تنظيم نفسه، فالمؤتمر دوحة في حديقة الوطن وقاطرة في رحلة السير إلى المستقبل، ولكن يجب أن تكون لديه آلة اسمها «القوة الدافعة» وتكون متجددة، فالبعض من تلك القوة يعمل بالمازوت وبعضها بالبترول وبعضها بالديزل، فالآن بعض الذين يعملون في المؤتمر يعملون فيه من أجل المنافع وعلى المؤتمر أن يبحث عن طاقة جديدة، فعندما يصعد المؤتمر وزيراً إلى الحكومة وبعد يومين ينقلب على المؤتمر.. فكيف يفسر أحد ذلك؟ أو شخص يقنعك بأن الحل هو أن تقبل المبادرة الخليجية وعندما تقبلها هو يعود لقراءتها بشكل معارض للمؤتمر .. السبب هو أنه يعتقد أن السلطة هي شيء غير المؤتمر وبالتالي يحدث أن يتسرب إلى جسد المؤتمر أناس نفعيون انتهازيون ويعيشون على الصراع لأنه لا توجد لديهم ملكات .. بدليل إننا نتحدث ونقول يجب على المؤتمر أن يعيد بناء نفسه وأناس آخرون يقولون إن لديه مشكلات، ولكن من الذين يعمل تلك المشكلات.. الذي يعملها هم الذين يقولون ذلك وهم أيضاً في قيادته.. مثلاً أمناء مساعدون يقولون إن لدى المؤتمر مشكلة وعندما نقول لهم ما هي المشكلة يقولون: لا نحن يجب أن نعيد إصلاح أمورنا.. طيب أهم قادة لماذا لا يصلحون أمورهم ويعالجون مشاكلهم كلاً في حدود قطاعه ودوره. الساحات والهمبرجر هل بقاء الساحات هو من أجل لي ذراع الرئيس عبدربه منصور هادي؟ - أعتقد أن إستراتيجية الوصول التي تجعل الإخوان المسلمين يكونون هم الحكام هي إستراتيجية لا هوادة فيها وبقاء الساحات جزء من تلك الإستراتيجية، فهم سيطروا على الساحات ووصلوا إلى تسوية وحصلوا على الحصة الأكبر ويشعرون بعافية كلما مرت الايام وتحقق لهم مكاسب يشعرون بقوة.. فيما بقية الحلفاء معهم لايزالون ضعفاء وأيضاً يشعر الإخوان أن ما أكلوه من المؤتمر من مساحة في السلطة وفي النفوذ يجعلهم يرغبون في المزيد من الربح. وبقاء الساحة هو انعكاس لطبيعة النهم السياسي للسلطة الذي يعتري الإخوان المسلمين.. ومازلت أقول حتى اليوم أن بقاءهم في الساحات هو من حقهم دون قطع السبل أمام الناس ونحن في شهر مارس تحدثنا وقلنا ابقوا في ساحاتكم وتظاهروا ورأفة ومحبة وأخوة وإقراراً منا بأن هؤلاء أبناؤنا وإخواننا في كل الأحوال سواء أكانوا خصوماً أم حلفاء.. نحن مستعدون دون عنف أو قتل أحد أو تخريب أي شيء.. مستعدون أن نأتيهم بالهمبرجر، لكن على ما يبدو أن الموضوع تجاوز الهمبرجر وكان معهم بيتزا من بلد ثاني وكبسة ولحم دسم من قطر جعلتهم يبيعون وطنهم بربع حبة دجاج. ما الذي تبقى من المؤتمر.. غير بيانات الشجب والإدانة والاستنكار؟ - المؤتمر مازال باقياً كحقيقة تاريخية وكمشاعر والمؤتمر باقٍ كتوجهات سياسية وباقٍ كقوة رئيسية لا تستطيع القوى السياسية اليمنية كلها التحرك في أي اتجاه للخلف أو إلى الأمام دون موافقته.. المؤتمر الشعبي العام الآن هو قطب الرحى.. ولكن الرحى أين.. وهذا هو السؤال.. هل إلى الوراء أم إلى الأمام؟ محور الحياة السياسية هل هناك تجنحات داخل المؤتمر الشعبي العام؟ - إذا لم تكن هناك تجنحات داخل المؤتمر فهو حزب معاق.. هناك من تمرسوا على منظومة المؤتمر في سياق تجانسها مع منظومة السلطة وهؤلاء هم أبناء البيت، وهناك من دخلوه طارئين لم يسددوا اشتراكاً واحداً.. لم يشاركوا في اجتماع إذا لم يكن لهم فيه أطماع أو حوافز أو رغبة في الوصول إلى السلطة أو هناك من قرأ الدور التاريخي للزعيم علي عبدالله صالح في علاقته بالمؤتمر الشعبي العام وانهم اليوم يستطيعون أن يغتصبوا المؤتمر ويستولوا عليه.. ومثل هذه المشاريع موجودة بل أن الرهان المركزي الآن أو بغية كل معادلة هي الانقلاب على علي عبدالله صالح .. أنهم سيخرجون من المؤتمر وهذا ما كان في مخيلتهم.. وبالتالي هؤلاء كالذين فكروا باغتصاب السلطة وكانوا يراهنون دون علم على أن السلطة شيء والكيان التنظيمي للرئيس شيء آخر، ويمكن إذا ما التهموا واحدة فالأخرى ستكون في معدتهم، الآن اتضح أن المؤتمر كيان مستقل وقادر على أن يعيش ويتقدم بفاتورة تظلماته وقدم قائمة بكل المبعدين والمقصيين بشكل أرعن ومتعسف، كما استطاع أن يتقدم برؤية فيما يتعلق بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والأخطاء التي وقعت فيها.. المهم أن المؤتمر استطاع أن يترجم نفسه خلال أشهر أنه حزب واعتقد لو أنه انهمك في إعادة بناء كيانه أظن أنه كيان قوي حتى في ظل اقتسامه للسلطة، فمازال هو محور الحياة السياسية. سفراء واهمون هل أفعال سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية تنطبق مع أقوالهم خاصة فيما يتعلق بحرص المجتمع الدولي على بقاء المؤتمر الشعبي العام كقوة سياسية فاعلة في الساحة؟ - ذلك قول فارغ يراد به باطل، فهؤلاء يتكلمون على المؤتمر الغنيمة.. فأنا سمعت عدداً من السفراء وعلى رأسهم «ميكافيليه» الايطالي سفير الاتحاد الأوروبي، فهو شاب نزق جداً يظن أنه سيحقق أفضل أمجاده في التاريخ السياسي بإحداث إنقلاب على السلطة الشرعية في اليمن وفي بلد ديمقراطي ويصور الزعيم علي عبدالله صالح والنظام السياسي اليمني بأنه نظام دكتاتوري وهو أيضاً يساهم في تمويل عدد من المنظمات المشبوهة، وعندما يتحدث عن المؤتمر وكأنه يتحدث عن شقة مفروشة يريد استئجارها لشخص ما.. هذا الذي يتحدث عن المؤتمر حسب حاجته هو وبحسب حاجة استكمال الانقلاب التاريخي على النظام السياسي الشرعي الديمقراطي ولأشخاص محددين هذا كلام هو من باب إزكاء الثناء على كيان سيموت بعد قليل. هؤلاء يريدون أن يميتوا المؤتمر عن طريق تأجيره لكن نحن نعتقد أن المؤتمر حاجة تاريخية، فالسياق التاريخي والسياسي لتأسيسه لم يزل بعد.. نحن بحاجة إلى توحيد الشعب اليمني نحو أهداف إستراتيجية تستكمل بناء الوحدة الوطنية تطور آلية العمل الديمقراطي وتحاول أن تندمج بالعصر ومثل هذه المهمات لا تخطر في بالهم. المؤتمر وحلفاؤه هل استفاد المؤتمر من تحالفه مع أكثر من 14 حزباً سياسياً بقدر ما استفاد المشترك من مكوناته السياسية في لعب الأدوار؟ - المؤتمر حزب ليبرالي معتدل لكن إدارة الحلفاء وتحفيز ملكاتهم مازالت قاصرة، ونحن حتى الآن لم نستطع أن نحرك ربع طاقة المؤتمر ولا حتى أعشار من طاقته ونوظفها التوظيف الصحيح، وبالتالي كان عدد الحلفاء مع المؤتمر وبحكم الثقة الزائدة المفرطة والمرضية بالنفس واكتفائنا ببعض بؤر إدارة الآلية للمؤتمر في المحافظات والمناطق، والمؤتمر يكاد يصنع حلفاء فقط لكي يقول لديه حلفاء.. على الرغم أن لديهم طاقات ونحن متأكدون أنهم متحالفون معنا برامجياً ولا يحتاجون إلى مواردنا ويفترض أن نتعشم فيهم الحياة أين ما كانت المحصلة فهي عافية للوطن، لكن المؤتمر مسئول مسؤولية كبرى بأنه لا يحسن إدارة حلفائه. تحالفات جديدة هل ستشهد تحالفات جديدة بين المؤتمر والقوى السياسية الجديدة خلال الفترة القادمة؟ - الأفق التاريخي مفتوح وأتوقع في الأمد القريب وخلال الأربعة الشهور القادمة أن تكون هناك متغيرات عميقة في خارطة القوى السياسية وتحالفاتها. أين يقف المؤتمر من القضية الجنوبية وقضية صعدة؟ - أولاً الجنوب ليس قضية وإنما معضلة تاريخية نحن أفقنا عليها واكتشفنا ما نقرأه في الكتب باليمن الموحد ولم نكن نكتشف خصائصه وعيوبه ومشاكله .. اكتشفنا بعد الوحدة أننا أمام معضلة ومشكلة تاريخية من بعدين الأول أننا جميعاً قد وجدنا أنفسنا في أوضاع تاريخية معينة ولدينا مشكلة اقتصادية نحن لم نكن علماء لندرس كيف نتوحد ونحل مشاكلنا الاقتصادية وحتى لو كنا ظللنا منفصلين كنا سنظل نتناحر على الموارد المحدودة في هذا النطاق الإقليمي، ثانياً لقد ورثنا امتيازات وهمية خلال السنوات الماضية وهي المظلة الاقتصادية ومظلة وظيفية وتعليمية كانت توفرها دول أخرى من المعسكر الاشتراكي.. هؤلاء فقدوا هذا الأمر ولكن لم يخلقوا معها، وبالتالي كان علينا بدل من أن نؤمن هذه المظلة ونخلق حالة من الاسترخاء والتكاسل، فنحن دفعنا بالاستثمارات والموارد المتوافرة في طبيعة الشمال وتطوره التاريخي القائم على الإنتاج إلى أن وصل الأمر إلى تكثيف الاستثمار في المناطق الجنوبية.. هذه الاستثمارات كانت غريبة على الجنوب والتحفز الخطير الذي نتج بعد ذلك إضافة إلى استغلال المكان دون مراعاة البشر وهو من أخطر مسائل التحول السياسي الذي تبع الوحدة كان يفترض أن نوقف كل شيء إلى أن ننعش الجنوب ويصل إلى مستوى الشمال أي نخلق ملكات للأفراد وتدريب ومستوى من الغطاء السياسي والصحي والتعليمي والوظيفي يتوافق مع نفس المستوى الذي كان في الشمال على اعتبار أن الشمال كان يتسق الأفق العام مع الرأسمالية القائمة على أن الفرد يجب أن ينتج وليس الدولة التي ترعى الأفراد.. إذاً نحن إزاء مشكلة تطور الجنوب ونقص معرفتنا بهذا التطور. أما في صعدة وأنا طبعاً لا أعبر عن وجهة نظر المؤتمر ولكن وجهة نظر داخل المؤتمر، فقضية صعدة هي صناعة غير عادية وهي المذهبية، فالزيدية والشافعية تعايشوا عبر التاريخ، وبإمكان حل كل الاحتياجات العقائدية دون الحاجة لرفع البندقية، وأما صناعة زعامات فبالإمكان صناعة زعامات من أي مكان آخر وليس بالضرورة من بيت الحوثي.. المهم في الأمر أننا لا نعادي آل البيت ولا الحوثيين ولا ينبغي لآل الحوثيين أو آل البيت أن يقولوا أنهم فوق الشعب.. فهذا شيء مخزٍ ومعيب للدين الإسلامي ولآل البيت.. هل سيتحاور المؤتمر مع مدبري جريمة النهدين؟ - أظن أن جريمة النهدين جريمة قد اندرجت في إطار قرار دولي في مجلس الأمن وفي دائرة القضاء وصنفت في إطار مشروع الإبادة الجماعية وهي جريمة تتجاوز حقوق الأفراد الذين كانوا عرضة لأن يكونوا ضحية، وبالتالي أظن حتى لو تحاوروا سيتحاور أشخاص دون اعتبارهم ضحية ومجرماً. ما الذي تريده إيران وقطر من اليمن.. وهل نجحتا في تحقيق أهدافها؟ - أظن أن إيران لا تحتاج الكثير من اليمن باعتبارها عمقاً تحاول أن تحافظ عليه.. إيران ترتبط باليمن بإستراتيجية وجود عمرها 6000 عام، فاليمن لديه خصوصية مهمة مع إيران، وبالتالي إيران لا تريد أن تكون اليمن دولة معادية لها، وإذا قرأنا المشهد السياسي الآن سنجد أن كل دول منطقة الخليج اصطفت اصطفافاً واضحاً مع أمريكا رغبة في تأديب إيران وهي تعتقد أنها إذا ما بذلت أي جهد مع اليمن فهو جهد مدروس وتحمي نفسها حتى لا تستعدي هذا الكيان، ولكن يبدو أن اليمن ليس لديه هوية سياسية فيما يتعلق بالصراع الدولي ولا تستطيع أن تقول هذا الجار يجب أن أحافظ عليه واتبع معه سياسات حتى إذا لم تكن عدائية يجب أن تحافظ على نوع من أنواع السلام والطمأنينة حتى لا تتحول إيران إلى نقطة خطر على اليمن، اعتقد أن هناك خللاً في قراءة الموقف الإيراني والدور الإيراني في تاريخ اليمن وقراءة أي دور لأية قوة إقليمية ودولية في تاريخ اليمن.. نحن في المؤتمر نقرأ الأمور بما يمكن تسميته بأحزمة أمان إستراتيجية. بالنسبة لقطر فهي تريد أن تكون دولة عظمى في وقت لا مساحتها ولا شعبها ولا ملكاتها يجعلها تتطاول على 6000 عام من التاريخ اليمني .. قطر دولة طارئة بحكم الغاز والدولار وحكم موقعها ودورها في الإستراتيجية الأمريكية.. ليس بعمقها الجغرافي ولا بعمقها الدولي ولا بتأثيرها.. قطر تاجر يريد شراء عقارات ويعتبر اليمن عبارة عن أرض يمكن شراؤها. فشل وزراء المؤتمر الكثير يتهم الحكومة بالفشل .. ما تعليقكم؟ وما سبب فشلها؟ - نحن في المؤتمر الشعبي العام وبسوء اختياره لممثليه في الحكومة مسئول مسؤولية رئيسية، أما الذين أتى بهم المشترك فهذا شأنهم نحن لا نتكلم عنهم وكيف يختارون ونترك عيوبهم لهم، أما نحن فنعتقد أننا قدمنا أشخاصاً بلا قسمات، بلا ملامح حتى الخبرات السابقة لعشرات السنوات من الحكومة لم نلمسها .. الشيء المهم أنهم لم يمتلكوا برنامجاً يقدمونه باسم المؤتمر، وبالتالي نحن أمام ما يمكن تسميته بالمؤتمريين بلا هوية مؤتمرية داخل الحكومة وهم يقررون نيابة عن المؤتمر، وأيضاً يتخذون سياسات لا يعودون فيها إلى المؤتمر وبالتالي نحن نتكلم عن مؤتمريين مجازاً.. أما سبب فشل الحكومة فهو لعدة أمور أولها أنها تتبع قراءتين للمبادرة الخليجية طرف يظن أنه منتصر ويجب أن يبني سياساته على تحطيم ما تبقى من المؤتمر وطرف آخر يعتقد أنه مكون في وفاق طني وهو بدون سياسات وفاقية، وبالتالي اجتمع الضدان الذي يظن أنه منتصر ويريد أن يملي اتجاهات معينة والآخر يتواطأ معه بشكل ما سواء بعدم رسم سياسات أو أن الآخر الذي لا يريد رسم سياسات وفاقية في الإعلام والسياسة وغيرها.. هذا الطرف يتواطَأ مع الطرف الآخر في أن يجعله يغلب نبرته الانتصارية، ولذلك هؤلاء عبارة عن أداة لمرحلة يعدون لتفجير الأوضاع أكثر مما أنهم يعدون لحل مشاكل أو تنفيذ المبادرة الخليجية. هل المؤتمر راضٍ عن أداء وزرائه؟ - أظن أنه لا أحد راضٍ عن أداء وزراء المؤتمر والحكومة بشكل عام.. ما الذي يدفع رئيس حكومة الوفاق إلى التصعيد ضد المؤتمر عند أي موقف سياسي؟ - شعوره بأنه طارئ وأنه اقتحم المشهد الكبير وأن الزمن الذي سيبقى في إطار هذه المعادلة بات وجيزاً ولذلك عليه أن يصعد ليطيل من فترة بقائه. واختياره لرئاسة الحكومة كان ضمن صفقة أو حزمة سياسية على أساس أن يأخذوا هم رئيس الوزراء وليس من حقنا في المؤتمر أن ندقق في ذلك الاخ رئيس الجمهورية هو من رعى مثل تلك التسوية، فجميع الوزراء تم اختيارهم على ذوق طرف واحد فيما بينهم .. وزراء المؤتمر الذين تم اختيارهم على ذوق رئيس الجمهورية، فالمؤتمر حتى الآن لم يختر وزيراً واحداً من هؤلاء الوزراء واختارهم رئيس الجمهورية وهو من وافق على الحكومة ورئيسها. هناك من يتهم المؤتمر بعرقلة قرارات رئيس الجمهورية ما تعليقكم على ذلك؟ - من يطرح قضية إفشال أو عرقلة هم يبالغون في اختيار الكلمة، فرئيس الجمهورية تم اختياره من الزعيم علي عبدالله صالح أثناء ما كان رئيساً بأن يكون البديل وتم الاتفاق عليه حتى من الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي الذي دعا اليمنيين للتصويت له ودعمه، ولذلك المجتمع الدولي والداخل والخارج معه وهو ليس بحاجة إلى استئذان المؤتمر عند إصدار القرارات فهو لا يعود إلى المؤتمر في قراراته.. الأمر الثاني انه لايزال نائباً لرئيس المؤتمر والأمين العام للمؤتمر وهو صاحب قرار في المؤتمر والغريب أنهم يتحدثون عن إفشال القرارات.. فكل السلطات بيده من سيفشله؟ حتى الجن وإبليس لا يستطيعون إفشال قراراته إلا إذا كانت الأطراف الدولية لا تشعر براحتها في اليمن لأنها الآن قد تمددت على مستوى البر والبحر والجو، والقرار اليمني أصبح مرتهناً بيد السفراء.. وهم يرون أن تلك القرارات لن تريحهم ولن تمكنهم من الوجود بطريقة أكبر، فذلك موضوع ثاني.. أكررها إبليس لا يستطيع أن يفشل قرارات رئيس الجمهورية لأن وراءه المؤتمر والسفراء والمجتمع الدولي والتأييد الداخلي والخارجي، فما الذي تبقى، فاليمن لم تشهد رجلاً قادراً على قول: «أنا أريد شيئاً» وتتحقق له كل الأمنيات مثل الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية.. فهذه النعمة لم يتمتع بها الزعيم علي عبدالله صالح، فقد كان يداري ويتشاور مع كل الأطراف، أما عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية فقراراته أصبحت دولية ولم تعد يمنية. |