فجور امريكي وخنوع عربي أن تعرب الولايات المتحدة، علي لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، عن قلقها من التقارير الواردة من غزة ومن عدد الفلسطينيين الذين قيل انهم قتلوا او جرحوا فهذا أمر مؤسف، بل مثير للاشمئزاز، ولكن ما يثير ما هو اكثر من القرف والاشمئزاز والحنق أيضا، هو مطالبة المتحدث نفسه الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بممارسة الحد الأقصى من ضبط النفس . إنها قمة الاستفزاز، والاستهتار بأرواح الشهداء الأطفال في مخيمات اللاجئين في رفح الذين سقطوا بصواريخ طائرات الاباتشي الإسرائيلية، عندما تساوي هذه الإدارة الأمريكية النازية بين الجلاد والضحية. وتطالب الحفاة الجوعي المدمرة بيوتهم، والمهانة كرامتهم، بضبط النفس! كيف يضبط الفلسطينيون أنفسهم وهم العزل المحاصرون، المخذولون من أشقائهم، العرب، ويتساوون في الدعوة نفسها مع عدو ظالم فاجر يملك الدبابات والطائرات الأمريكية الحديثة، ويقتل أربعين فلسطينيا ومئات الجرحي في اقل من ثلاثة أيام؟! هل الجرافات الفلسطينية هي التي تدمر المنازل الإسرائيلية في تل أبيب وبئر السبع والقدس المحتلة. وهل الدبابات الفلسطينية هي التي تقتحم البيوت وتروع مواطنيها واطفالها، وتطلق النار عشوائيا علي المتظاهرين بهدف القتل؟! انه فجور امريكي في ابشع صوره، وانحياز كامل للعدوان والقهر والاستكبار الاسرائيلي، وانعدام مطلق لأي إحساس بالعدالة والشعور الانساني. الرئيس جورج بوش وقف بالأمس في مؤتمر للوبي اليهودي في واشنطن (الايباك) متباهيا بالديمقراطية الإسرائيلية ومساندا حق حكومة شارون في الدفاع عن النفس في مواجهة الإرهاب! اي دفاع عن النفس هذا، وأي ديمقراطية هذه التي تستأسد علي الأطفال والعزل وتهدم البيوت فوق رؤوس أصحابها، ان هذه الأقوال لا يمكن ان تصدر عن إنسان يملك الحد الأدنى من المشاعر الإنسانية، ويؤمن بالديانات السماوية وتعاليمها في الانتصار للمظلوم والتصدي للظالم. هذا الرئيس الأمريكي لا يعرف الحياء، ولا يملك ذرة من الخجل، وهو بمثل هذه المواقف المساندة للإرهاب الاسرائيلي، وانتهاكات حقوق الإنسان في العراق إنما يعطي مثلا سيئا للمجتمع الغربي، ويقود العالم بأسره إلى الهلاك والدمار والفوضي الدموية. ومن المؤلم أننا لم نسمع زعيما عربيا واحدا يقول كلمة شجاعة في مواجهة هذه العدوانية الامريكية السافرة تجاه العراق وفلسطين وسورية. لم نســمع ان زعيـــما قال ان قتل الفلسطينيين والعراقيين بالأسلحة الأمريكية، والأيدي الإسرائيلية، هـو قـــتل للعرب جميـعا، وان محاســبة سورية وفرض الحصار عليها هي محاسبة لكل الدول العربية. الرئيس مبارك تأخذه الحمية والغيرة علي أشلاء الجنود الاسرائيليين وحرمتها، ويرسل مبعوثيه الي غزة من اجل استعادتها حتى يطمئن أهاليها إلى دفن ذويهم باحترام واجلال، بينما لا يحرك ساكناً لإنقاذ الأحياء في رفح وجنين ونابلس والخليل. هذه المواقف العربية المخجلة هي التي تشجع شارون علي المضي قدما وبكل طمأنينة في مجازره وتطهيره العرقي، وهي التي تدفع الرئيس بوش إلى الارتماء في أحضان اللوبي اليهودي، والإشادة بالديمقراطية الإسرائيلية! الزعماء العرب يضغطون علي الطرف الفلسطيني المقاتل المقاوم، ويطالبون بقيادة فلسطينية بديلة تركع عند أقدام بوش وشارون وتتنازل عن حق العودة، والقدس، والكرامة والسيادة، ولا يقولون كلمة واحدة لشارون أو بوش. الزملاء في صوت الحرية وهي إذاعة فلسطينية تمارس الدور الحقيقي للإعلام في مواكبة المقاومة، ورفع معنويات المقاتلين، يسألوننا عن الشعوب العربية والأسباب التي تمنع الشارع العربي من الثورة، ويقولون أين المظاهرات، أين الجيوش، أين أصحاب الأوسمة والنياشين والرتب العالية؟ ونحن نضم صوتنا إلى صوتهم، ونسأل الأسئلة نفسها، ونطالب بان تكون صلاة الجمعة يوم غد منطلقا لمظاهرات تضامن في كل العالم الإسلامي مع المقاتلين في العراق وفلسطين، وإجلالا وإكبارا لكل الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن كرامة هذه الأمة وعقيدتها. يجب ان لا يشعر رجال المقاومة في فلسطين والعراق انهم يقفون وحدهم في مواجهة هذه القوي الاستعمارية الظالمة ودون اي سند او عمق. أخيرا نخاطب أثرياء فلسطين جميعا، حسيب صباغ، سعيد خوري، صبيح المصري، عمر العقاد، عبد المجيد شومان وغيرهم العشرات، نطالب مؤسسة التعاون، وكل الجمعيات الخيرية، بان يتولوا مسؤولياتهم الأخلاقية والدينية والإنسانية، والتبرع لاعادة بناء كل بيت دمرته دبابات الاحتلال وجرافاته، نطالبهم برعاية اسر الشهداء وأطفالهم، فهذه ساعة الحقيقة، التي يجب ان تظهر فيها معادن الرجال واموالهم واخلاقهم. ونحن علي ثقة بأنهم سيلبون النداء ويكونون عند حسن الظن، لأننا لا نشك بوطنيتهم واخلاصهم لقضيتهم، وتضامنهم مع أبناء شعبهم. |