|
المؤتمر.. حضور وشعبية ليست كل الأيام فارقة وخالدة في حياة وذاكرة الشعوب وتاريخ الأوطان، وليست كل الأحداث ذات قيمة وأهمية على الصُعُد الحياتية للمجتمعات وتستحق الاحتفاء والاحتفال بها.. وقليلةٌ هي الأيام العظيمة الفريدة في حياة المجتمع اليمني التي تُذكَر وعصيَّةٌ على النسيان، وتُفاخِر بها الأجيال، وتدين لها بما حققته من انتقال نوعي في مختلف مجالات حياتها.. خمسة أيام من أيام الله الغرَّاء هي: "26سبتمبر، 14 أكتوبر، 30 نوفمبر، 24 أغسطس، 22 مايو". اليوم نحتفي ونحتفل بذكرى إحداها وهي 24 أغسطس 1982م، التي انبلج فيها النور وبزغ فجر اليمنيين في صباحها مؤذناً بعهد يمني جديد صنعته أيدي اليمنيين جميعاً، وصاغته أفكارهم وأناملهم، ورسموا فيه أهدافهم، وسطَّروا ملامح وشكل مستقبلهم، ووضعوا فيه حدّاً لحالة الشتات والضياع الوطني وغياب الهوية والرؤية وانعدام الفكرة الصائبة الجامعة لأبناء الوطن الواحد، منطلقين من الواقع والتاريخ اليمني عبر العصور، مستخلصين تجارب الآباء والأجداد العظماء، ونزوات الأشقياء منهم، وما جلبه الفريق الأول من خيرات، وأحدثه الفريق الثاني من ويلات. في هذا اليوم المبارك المجيد اجتمع اليمنيون المنتخَبون من الشعب والمعيَّنون من القيادة، وفق معايير علمية وعملية ووطنية، في صعيد واحد، بعد مخاض طويل من الحوارات والنقاشات والتفكير والتدبير والمفاوضات ومراجعة الصيغ المقدمة من عشرات الأطراف والمكونات والقوى السياسية والوطنية وآلاف المواطنين دام أكثر من عامين؛ ليقرُّوا جميعاً ميثاقهم الوطني الجامع، إنشاء وإشهار وتكوين حامله الوطني الجامع المشكَّل من كل فئات وشرائح وقوى المجتمع – المؤتمر الشعبي العام – الذي دشن أعماله بوضع حد لأصوات الرصاص التي كانت تلعلع على امتداد نصف الوطن اليمني، وتحقيق الأمن والسلام والمصالحة الوطنية على قاعدة المشاركة الشعبية والشراكة الوطنية، والعمل على تطبيع الأوضاع، وإنجاز المشروعات الخدمية والتنموية، وإشاعة الحريات العامة، وتدشين عهد ديمقراطي جديد وصُنْع واقع يمني مكفولةٌ فيه حقوق الإنسان، ونصوص القانون في الحياة العامة مطبَّقة ومعمول بها. واستطاع هذا المولود اليمني الصالح أن يحقق الكثير من الإنجازات والمصالح التي حُرم منها الشعب اليمني على مدى قرون من الزمن.. وبهذه الذكرى السنوية ظل الشعب اليمني يحتفل كلَّ عام مُقَيِّماً ما تم إنجازه في كلِّ عام، وواضعاً خططه وبرامجه للعام التالي، وعلى مدى 42 عاماً حاكماً وشريكاً في الحكم وخارج إطار السلطة، كما هو عليه واقع الحال يومنا هذا، حيث تكالب الخارج والداخل على هذا الحزب الوطني لوطنيته وإنجازاته ونجاحاته وعدم عمالته وارتهانه للخارج؛ ومع ذلك ظل ولا يزال قائمًا بدوره الوطني، حافظًا التوازن ناشرًا الوعي بقيم الوحدة والحرية والديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية والشراكة الوطنية والتداول السلمي للسلطة، التي أسس لبناتها وأرسى مداميكها وجسدها عمليًّا منذ نشأته حتى اليوم، وكان صاحب الفضل الأول في ذلك وتربية المجتمع على تلك القيم، وتأهيل الأحزاب السياسية والمجتمع على ممارسة النشاط الحزبي والسياسي والديمقراطي، ومثَّل المدرسة اليمنية الاولى في الجوانب الإدارية والتنظيمية والسياسية وتجسيد القيم المجتمعية الأصيلة في واقع الحياة اليمنية. ومع مرور الأيام ازداد هذا التنظيم السياسي ألقاً وحضوراً سياسياً وشعبية في أوساط الجماهير، بفعل ماحقق من إنجازات وترك من بصمات على صعيد الإدارة والحكم والخدمات والتنمية، وفي مجال بناء الدولة وتعزيز حضورها المحلي والدولي.. ويتفرد هذا الحزب عن كل أحزاب العالم بالحضور والشعبية وهو خارج الحكم أكثر مما كان عليه وهو حاكم؛ وذلك ليس بفعل نشاطه السياسي والثقافي والحزبي وإنما بفعل سوء إدارة وممارسات وتصرفات من حكموا بعده وحلُّوا محله، وعجزوا كلَّ العجز عن سد الفراغ الذي تركه والحفاظ على ما أنجزه، وحققه الشعب اليمني في عهده، وتحت ظل قيادته الوطنية المخلصة الصادقة، ولم يقتصر دور خلفائه على ذلك فحسب؛ بل امتد لتدمير كلِّ شيء قائم وإنهاك الشعب إفقارًا وتجويعًا وحرمانًا من كل شيء.. وما أحوج اليمن وأهلها اليوم لنفحة كنفحةٍ هذا اليوم التأسيسي الميمون؛ ليضع حدًّا للصراع الأجوف وللدمار الشامل، ويعيد الحال إلى سالف عهده –المؤتمري الرعائي التنموي الخدمي الرشيد. وبهذه المناسبة أزجي أزكى التهاني والتبريكات وخالص الدعوات لقيادتنا المؤتمرية العليا، وجميع القواعد والأعضاء، سائلًا الحق في عليائه لشعبنا ووطننا العودة إلى واحة الوحدة والأمن والسلام والرخاء والنماء، وأن يوفق ويسدد كلَّ قائد وحزب وعامل مخلص لليمن واليمنيين، ونسأله -جلَّ في عُلاه- الرحمة لشهدائنا الأبرار والخلود لكلِّ المناضلين الذين قضوا في سبيل الوطن ومصالحه.. وإننا لعلى ثقة كبيرة بقيادتنا الرشيدة الأمينة السديدة وقدرتها على تجاوز الحال الراهن والانتقال بنا وبتنظيمنا ووطننا وشعبنا إلى كل مانصبو إليه ونهدف. * عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام |