اقتصاد وتبذير!! ليست هناك دراسات عن حجم "مخلفات" المدن اليمنية التي تتكوم في مقالب القمامة، وأعتقد أنها كبيرة للغاية، ليس بسبب عدد السكان، بل لغياب الوعي الاقتصادي، من حيث الإسراف الذي يصل أعلى معدلاته خلال شهر رمضان. وأعتقد أنه لو كانت ثمة دراسة أخرى عن حجم الإنفاق الأسري غير الضروري خلال هذا الشهر لوجدنا أرقاماً مهولة، تعكس –أيضاً- غياب الاقتصاد الأسري، الذي يشكل أهم ملامح تطور المجتمع. ومن المشاهدات الأولية، فإن نسبة كبيرة من الأسر اليمنية تنفق خلال شهر رمضان مبالغ باهظة في شراء احتياجات غير أساسية، وهي بذلك تلقي بأعباء إضافية على ميزانية الأسرة. ومرة ثالثة أقول: إنه لو وضعت دراسة عن حجم وجوانب الإنفاق الأسري، سوف نجد نتائج خطيرة؛ حيث غياب التخطيط المالي داخل الأسرة اليمنية، وأن حياة نسبة كبيرة من هذه الأسر تعتمد على "البركة" في تخطيط ميزانيتها التي تمثل عنصراً أساساً في حياة كل أسرة خارج المجتمع اليمني، باعتباره حالة منفردة في هذا الشأن، والبركة في تلك الحالات ليست ملائمة، بل تتحول إلى نقمة لهذه الأسر؛ حيث لا تعرف أوجه الدخل والإنفاق، ولذلك فهي عرضة باستمرار إلى الاختناقات المادية. ومن المؤسف أن هذه الحالة تزداد خلال شهر رمضان، وهناك من يردد عبارات تنم عن الإتكالية وغياب الرؤية في ماهية الاحتياجات الأسرية بالقياس إلى مداخيل هذه الأسر وظروفها الاقتصادية، ولا شك بأن المجتمع مطالب بالتخلص من ثقافة الإتكالية والعشوائية واستبدالها بثقافة تقوم على الدراسة والتخطيط لكل شأن في حياة الأسرة اليمنية، صغيراً كان أم كبيراً، وفي طليعة ذلك التوقف عند ميزانية الأسرة التي تمثل أحد أهم حلقات الدورة الاقتصادية على مستوى الوطن. وبحساب بسيط فإني أتساءل عن كمية بقايا الأطعمة والسلع الاستهلاكية التي تذهب إلى أكياس القمامة في اليوم الواحد؟ ولا شك بأنكم ستجدون إجابة مخيفة إذا نظرتم إلى ذلك بعين مجردة؟ ولا تقولوا لي بأن هناك من لا يجد ما يقتات به، لأنني سأقول لكم بأن ما يرمى خارج احتياج الأسرة يكفي لإقامة صناعات تغني هؤلاء عن حاجة السؤال. اعتقد أن الأمر حري بأن تقف أمامه وقفة تقييم موضوعي، خاصة ونحن في شهر الرحمة والبر والإحسان والعمل أيضاً. * نقلاً عن الجمهورية |