الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 06:55 م - آخر تحديث: 05:01 م (01: 02) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
ذكرى الاستقلال.. وكسر معادلات الطغيان
قاسم‮ محمد ‬لبوزة‮*
الذكرى السنوية للاستقلال الوطني من الاحتلال البريطاني البغيض
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
زخم الثورة وحاجته لسلوكٍ ثوري
إياد فاضل*
خواطر في ذكرى تأسيس الموتمر الشعبي العام
د. أبو بكر عبدالله القربي
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ليبارك الله المؤتمر
راسل القرشي
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
رؤية وطنية تلبّي احتياجات الشعب
أحلام البريهي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
ثقافة
المؤتمر نت - الدكتور/ عبدالعزيز المقالح
الدكتور/ عبدالعزيز المقالح * -
المقالح : أشفق على جيل الحداثة
*يصحّ في مفتتح هذا الحديث الاستعانة بالقول المأثور الجميل (ما جادلت عالماً إلاَّ غلبته وما جادلت جاهلاً إلاَّ وغلبني). هذا القول يختزل بدقّة ووعي عميقين مستوى الجدل الدائر منذ وقت ليس بالقصير في الوطن العربي حول شتّى القضايا الراهنة السياسي منها والفكري والأدبي والفني. وهو الجدل الخلافي الذي تغلُب على كثير من المشاركين فيه صفة الجهل، والرغبة في الغلبة بالباطل ودون حق. وبما أن حديثنا متركز على جدل الحداثة في الأدب وفي الشّعر بخاصة؛ فإننا سنحاول تجنّب الحديث خارج هذا الموضوع مع وجود علاقة وروابط تأثر وتأثير بينه وبين الجدل حول كل ما هو فكري وسياسي.وبالنسبة لي – وانطلاقاً من القول المأثور السابق- ما قرأت لشاعر كبير يعي معنى الحداثة، إلاَّ وجدت من سعة الصدر ورحابة الرؤية ما يجعله يتقبّل كلّ الأشكال الشّعرية دون تعصّب، وعلى العكس من ذلك صغار الشّعراء وكتبة (النقد الأدبي) الذين يملأون بعض الأجواء صخباً وثرثرة ولا يتقبّلون الرأي الآخر المخالف لما يتمسّكون به من قشور الفهم الحداثي، وهو ما جعلني أؤمن بأن في الحداثة كباراً وصغاراً، وفيها مبدعون ومدّعون، وهي في الشّعر أوضح منها في بقية الفنون الإبداعية، ولكن، ورغم ما يقال عن اختلاط الحابل بالنابل في هذا الأمر، فما زالت الصورة الحقيقية للحداثة أوضح من أن يطغي عليها التشويش الذي يصنعه أمثال هؤلاء الصغار أو ما يصاحب كل تغيّر جذري أو محدود في عالم الأفكار والأساليب من صخب وضوضاء. وكل من يمتلك فكراً نقدياً واعياً وذوقاً صافياً يستطيع أن يفرّق بين المبدع والمدّعي للإبداع، وبين الحداثة التي هي جزء من مسار التطور الإنساني عبر العصور، والحداثة المزيّفة التي باتت تعرف بالموضة تروّج لوقت قصير ثم تنطوي أوراقها دون أن تترك أثراً يذكر في حاضر الناس أو في مستقبلهم.لقد أثبتت الأيام وشواهد الحداثة الراهنة أن المتعصّبين أو بالأحرى المتطرّفين في الأدب والفنون هم الأقلّ تمثّلاً للحداثة وأقلّ وعياً بمفهوماتها. ومن المؤكد أن نقص وعي هؤلاء وجهلهم بالحداثة وبرحابة الإبداع هو الذي يجعلهم يضيقون ذرعاً بكلّ رأي مخالف حتى لو كان أكثر صواباً وصحّة مما يذهبون إليه. وهم في هذا يشبهون المتطرّفين التقليديّين تماماً في تصلّبهم ويشكّلون معهم ثنائياً صارخاً في الجهل بالقديم وبالحديث معاً.ليس في ذهني أثناء كتابة هذا الحديث أي أسماء معينة وإنما في ذهني ظاهرة تمتد من أقصى مكان في المغرب العربي إلى أقصى مكان في مشرقه، ظاهرة ملولة متسرعة تريد أن تتجاوز الراهن الشّعري بالكلام الغاضب والادّعاءات الفارغة، وليس بالسعي والعمل الدءوب والإنتاج الشّعري الأحدث؛ الذي يتمثّل بعمق الرؤية الحداثية والنماذج المتميزة لها بوصف الحداثة مشروعاً لم يتأسّس بعد؛ وفقاً لما يذهب إليه أشدّ أنصار هذا المستوى من الكتابة الشّعرية المفتوحة على لا مثال ثابت وقاعدة محددة. وبغض النظر عن كل ما قيل ويقال عن الذائقة الشّعرية العربية ذات الخصوصية الموسيقية فإن في مقدور مبدعين كبار يمتلكون الموهبة والمعرفة الخلاّقة لفهم الإبداع أن يحدثوا تحوّلاً جذريّاً في مسار هذه الذائقة التي شهدت تحوّلات واختراقات كبيرة عبر القرون الماضية.إن من يرغب في القيام بدور مهم في المجال الفني بعامة، وفي مجال الشّعر بخاصة لن يتمكّن من تحقيق طموحه من خلال الأحلام والحدوس الذاتية المغرقة في عزلتها ورفضها للآخر، وبكل ما يشكّل أساس الإبداع الذي يسعى إلى تغييره.وقد قيل إن العثور على الحديث لا يأتي إلاَّ من قتل القديم بحثاً واطّلاعاً، والانتصارات المعرفية التي حقّقها بعض البشر لم تأت من الفراغ ولا عن طريق الإلهام؛ وإنما عن طريق الجهد والقراءات الخلاّقة التي يكتشف المبدع عبرها منافذ للتغير والفرادة. فأين نحن من ذلك فيما تحقّق من شعر يدّعي أصحابه أنه مغاير ومخالف لما أنجزه شعراء الستينيات والسبعينيات بما في ذلك إنجازاتهم الماثلة في مجال قصيدة النثر التي لم تعد تروق لهذا الجيل الساخط المتجاوز؟!
إنني مشفقٌ وحزينٌ على جيل هذه الظاهرة ممن ينفقون الأيام والأعوام في جدل عقيم ومنافسة فاشلة بدلاً من أن يعنوا بتطوير ثقافتهم الشّعرية وتكوين أسلوبهم الخاص.إنهم يجيدون المبالغة في امتداح ما يكتبونه والمبالغة في الهجوم على الآخرين الذين يخالفونهم في شكل الكتابة، والذين لا يجدون مبرراً فنياً في الخروج الأبدي على موسيقى الشّعر في أشكاله العمودية والتفعيلية، فضلاً عن رفضهم القاطع للجذور سواء كانت عمودية أو نثرية وفيها الكثير من الإبداع والحضّ على الخروج عن النمطية.لست ضد التمرد ولا ضد الخروج على الأبوّة التاريخية والمعاصرة، ولكنني ضد أن يضيع وقت هؤلاء الواعدين في نقاش مكرور لا جدوى منه، وفي مكابرة تغلق الموهبة الفنية على ذاتها ولا تجعلها تنفتح على فضاءات شعرية تحتضن الماضي والحاضر وتمتد جغرافيا حول الكرة الأرضية بكل شعوبها وإبداعاتها المنظومة والمنثورة.وأعترف أنني أنفقت أكثر من نصف العمر في الدفاع عن الأصوات الجديدة وحقّها في التعبير عن نفسها إبداعاً ونقداً، ولكن العدوانية التي اتسمت بها مواقف بعض القادمين أخيراً إلى مدينة الشّعر؛ جعلت من المستحيل على المنافحين عن الحداثة والحداثيّين أن يتجاهلوا هذه المواقف غير المسؤولة والخارجة عن حدها؛ حتّى لا تتمادى في أخطائها وتنفق الوقت والجهد فيما لا يعود عليها وعلى الإبداع بأيّ فائدة تذكر.وإذا كنت قد أشرت في بدء هذا الحديث إلى أن هناك كباراً وصغاراً في الحداثة الأدبية، والشّعرية منها بخاصة، فإنني أتوقف عند اثنين من الكبار: هما أدونيس وأنسي الحاج، للتعرّف العابر على موقفهما من الشطط الشبابي والدعوة إلى القطيعة مع الماضي البعيد والقريب. يقول أدونيس في ملاحظة هي الأوضح والأصفى:(كل كلام عن القطيعة خارج هذه الدلالات، خارج هذا الجدل بين الأطراف والتناقضات لن يكون إلاَّ نوعاً من الحكم على أن أصحاب هذا الكلام يعيشون ويفكرون خارج وجودهم ذاته، وأكاد أقول خارج لغتهم ذاتها.لا يمكن أن يَنْبَتِر المبدع كليّاً عن عالم إبداعي سبقه، لكن من الطبيعي أن يشقّ في هذا العالم طريقاً خاصة به وأن يجيد توكيداً على فَرَادَتِه.ومهما صرنا يظل ماضينا الإبداعي دفقاً حيّاً في ينابيع معارفنا وتجاربنا. هكذا في كل لغة حيّة، وكل ثقافة خلاّقة، تتواصل التغيّرات في النظر والفهم والتعبير، وهو تواصل لا يكون اللاّحق فيه نفياً للسابق، وإن اختلف أو تناقض معه.فالتجارب المتمايزة، المتناقضة في الإبداع، هي وحدها التجارب المتألّقة)._موسيقى الحوت الأزرق: ص103- .
أما الشاعر أنسي الحاج فيقول في كلمته التي ألقاها في افتتاحه لمؤتمر قصيدة النثر في بيروت: (ستظل الأوزان المعروفة مرغوبة لأن لإيقاعاتها استراحة للوجدان، ونزهة راقصة للذاكرة والقلب.ولأن في إيقاعاتها براعة تنتزع الإعجاب. وكم يحتاج الإنسان إلى الإعجاب بما لا يستطيعه شخصياً... فليكتب كلّ على هواه ولينقل الهواء ما يحلو به).
* نقلاً مجلة المجلة
[email protected]









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024