الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 07:49 م - آخر تحديث: 07:36 م (36: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
ذكرى الاستقلال.. وكسر معادلات الطغيان
قاسم‮ محمد ‬لبوزة‮*
الذكرى السنوية للاستقلال الوطني من الاحتلال البريطاني البغيض
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
زخم الثورة وحاجته لسلوكٍ ثوري
إياد فاضل*
خواطر في ذكرى تأسيس الموتمر الشعبي العام
د. أبو بكر عبدالله القربي
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ليبارك الله المؤتمر
راسل القرشي
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
رؤية وطنية تلبّي احتياجات الشعب
أحلام البريهي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
قضايا وآراء
المؤتمر نت -
حنان محمد فارع -
أم بشرى .. امرأة تخرج عن المألوف
أثناء تجولك في سوق السيلة الشعبي بـ (كريتر) تلاحظ المشاهد والأجواء المعتادة من أصوات وصور الباعة الرجال في الأكشاك الصغيرة المتلاصقة والبسطات المرصوصة المنتشرة على طول الطريق ، حالما تصل إلى قلب السوق سيدهشك المنظر بغرابته ويشد انتباهك فور رؤيته إلى حد يغلبك فضولك، مشهد خارج عن المألوف حين تجد نفسك واقفاً أمام محل صغير، عند اقترابك أكثر سترى امرأة تجلس وراء ماكينة خياطة قديمة تخيط ثياباً ما، هذه المرأة هي صاحبة المحل والبائعة ومن تخيط الألبسة بيديها، تزداد دهشتك للمنظر مما يحرك فضول التساؤل للكشف عن الكيفية التي تمكنت من خلالها تلك الشابة من تسجيل نفسها كأول امرأة كسرت الصورة النمطية للنساء واقتحمت سوق العمل في ميدان خاص بالرجال ؟!

أم بشرى ( 26 عاماً ) حاصلة على شهادة الثانوية «القسم العلمي» زوجة وأم لطفلة لا يتجاوز عمرها الأربع سنوات ، تحلّت بالشجاعة الكافية للإقدام على خطوة فتح محل صغير برأس مالها المتواضع في قلب سوق السيلة الشعبي المكتظ بالمحلات والبسطات الرجالية من بدايته إلى نهايته، محلها المتواضع شبه خالي إلا من بعض قطع الملابس النسائية التي حاكتها بماكينتها القديمة بحسب إمكاناتها المحدودة ، تتحدث عن تجربتها الفريدة في اقتحام السوق والعمل فيه، وما يراودها من حلم في تدريب فتيات يرغبن بالعمل وفتح مشغل كبير للنساء في مجال الخياطة والتطريز وتسويق منتجاتهن في الأسواق اليمنية، ضماناً لاستقلاليتها وبقية النساء وتشغيل أيدٍ عاملة نسائية وإثبات جدارتهن في المجال الاقتصادي، وبينما هي تتكلم تستطيع أن تسترق النظر قليلاً لتلمح عيناها تشعّان ببريق عجيب من قوة الإرادة والعزيمة والهمة العالية للوصول إلى مبتغاها وطموحها في تحقيق الذات ، لديها إيمان في أن العمل يُشعر المرأة بالرضا والسرور وهو تدعيم لقيمتها وثقتها بنفسها ومن خلال العمل والإنجاز تتغلب عن وصفها بالمخلوق الضعيف ذي القدرات المحدودة لتقف بثبات وتشارك الرجل جنباً بجنب في التنمية والتقدم الاقتصادي .

اليوم ، أم بشرى - باختيار مهنة شاقة - ضربت لنا مثلاً إنها بالعزيمة قادرة على قهر ظروفها والانتصار على واقعها ومقاومة الضغوط الاجتماعية وزيادة السيطرة على الحياة والمستقبل والقدرة على التحكم بمصيرها وفرض احترامها وتقديرها على المحيطين بها، أيقنت أن تغيير مصير وحياة طفلتها الصغيرة مرهون بتغيير حياتها وتفكيرها فهي الأم أنموذج والقدوة لتلك الطفلة، ومثال للمرأة اليمنية الواعية والمكافحة التي تشقّ طريقها بثبات لتصبح شريكاً فعّالاً في تنمية البلاد وتحقيق النجاح في كافة المواقع والتخصصات .

حالياً، أم بشرى تواجه مصاعب تعرقل استمرارها على نفس الهدف والطموح وبذل الجهد والطاقة في تطوير وصقل المهارات اللازمة، عائقها الوحيد يتمثل في انعدام حصولها على التمويل المالي الذي يعد الركيزة الأساسية لتحقيق هذا المشروع الطموح، رغم أن معظم الأبواب أوصدت في وجهها فلم يختنق حلمها أو يتسرب اليأس إلى قلبها إزاء ما تواجهه من معوقات مادية ورفض بعض الجهات تمويل مشروعها الطموح، تكاد مع غياب الجهة الفعلية الداعمة تعيش وسط ظروف صعبة بين حلم لم يكتمل نجاحه وبحث دائم عن دعم رسمي حكومي أو غير حكومي لخوض عمل نوعي و ريادي .

ألا يحق لنا أن نطالب المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي تهتم بالشأن النسائي وتمكين المرأة في مجال التنمية وتوفير الموارد المادية لتكون عنصراً فعّالاً داخل المجتمع بردم الهوة بين التنظير والتطبيق وإحداث التناغم بين الأقوال والحركة على الأرض لتعطي قيمة ومصداقية لأقوالها، أم بشرى تناشدكم مد العون ومساعدتها، فأرونا ماذا أنتم فاعلون ؟!
لعمري، لم أكن أتوقع أن هناك نساء يتمتعن بهذه القوة والصلابة والثقة بالنفس وتحدي قسوة الحياة ، بات أملنا اليوم عظيماً بأم بشرى ومثيلاتها من نساء اليمن.

غادرت المحل وتركت أم بشرى مشغولة بعملها، دون أن تتركني هي لحظة واحدة، لقد طبعت في نفسي أثراً بالغاً بكلماتها المفيضة بالتعبير، وثقتها بالنفس ووعيها وقوة إرادتها، حينها شعرت برغبة أن أتكلم عنها بصوت مسموع .
أجل ، نساء بلادي بخير ، شجاعتهن تُخلق من قلب المعاناة، وسيبقين خيرة نساء الأرض طالما هناك يد تمتد إليهن تشدهن إلى بر الأمان .








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024