|
دور الإعلام والهيئات الإسلامية في معالجة الإساءة وآلياته المقدمة لقد أتسم الإعلام المعاصر بالخوض في مختلف القضايا المجتمعية من منطلق تجسيد أهم وظائفه في تناول وعرض ومناقشة هموم المجتمع وسلوكيات أفراده ومتابعة كافة المتغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها بحرية تعبير كفلتها الدساتير وقوانين الصحافة وبخاصة في البلدان الديمقراطية التي تعتمد التعددية الحزبية السياسية منهجا لها. وهنا يتميز الإعلام باستغلاله الحرية الممنوحة للتوسع في التناولة بالقدر الذي تسمح به سعة الأهداف الموضوعة التي تتخطى أحيانا كافة القيود لتصل إلى الإفتراءآت والمغالطات نتيجة نقص المعرفة أو الجهل بتفاصيل الحالات المستهدفة بقصد أو بدون قصد لغرض الإثارة أو التعصب العقائدي أو غير ذلك . ولعل حساسية الأديان تقف على رأس المواضيع التي تشد الانتباه وتتأثر سلبا بهكذا مغامرات صحفية تتدارى وراء حرية التعبير لغرض الإساءة المقصودة للمعتقدات الدينية ،ومن ضحايا الإعلاميين في الآونة الأخيرة الدين الإسلامي،الذي يتعرض لسوء فهم محتواه وتجنيد الأحداث بصورة عدائية تشوه من عناوين القيم والمثل العليا التي يتمتع بها. . وأمام هذه المحاولات الإعلامية الملفتة التي تتستر بحرية التعبير لابد من تفحص دور الإعلام المضاد والهيئات الإسلامية في الوقوف أمام الأسباب الكامنة وراء الإساءات المتعمدة للدين الإسلامي الحنيف ورموزه لوضع المعالجات المناسبة للحد من هذه التصرفات الطائشة ، وهذا هو موضوع هذه الورقة البحثية التي ستعتمد المنهج الوصفي طريقة في تحليل واقع هذه الإساءات ومصدرها وأسبابها للوصول إلى الهدف الرئيسي في تحديد طرق المعالجة الإعلامية للإساءة بالآليات الكفيلة بالحد منها عبر القنوات الإعلامية ذات المحتوى الموضوعي والإقناعي بسماحة الدين الإسلامي وقيمه ومثله وأخلاقياته للإنسانية جمعاء. . وسيجيب البحث على تساؤلات المشكلة في الجوانب الآتية : - لماذا تتمادى بعض الجهات الإعلامية الغربية بغطاء حرية التعبير في الإساءة إلى الدين الإسلامي؟. - هل المسلمون في أوضاعهم الحالية يدركون خطورة المساس بعقيدتهم بمسئولية كاملة؟. - ما هي الآليات المساعدة لدور الإعلام والهيئات الإسلامية في معالجة الإساءة القائمة للدين الإسلامي ورموزه؟. - إلى أي مدى يستطيع الإعلام الإسلامي التصدي لأية محاولات إساءة محتملة مستقبلا؟. ولمعاينة فرضية البحث المتمثلة بإمكانية إيجاد معالجة إعلامية لكافة الإساءات ، ينبغي تقسيم الورقة البحثية إلى جانب نظري يتناول طبيعة الإساءات ومصدرها وحرية التعبير ونشر الأفكار وتعدد الثقافات بالتوافق مع معطيات العصر والمتغيرات السياسية ونظرة الآخرين إلى الدين الإسلامي الحنيف وواجبات الإعلام والهيئات الإسلامية في التحليل والمواجهة..الخ. وجانب عملي يتناول عمق الأداء الإعلامي المهني باستغلال فنونه لإيصال الأفكار المطلوبة للتصدي للإساءات بالطرق العلمية السليمة وفق خصائص كل وسيلة إعلامية على حدة. الإطار النظري: شهد العقد الأخير من القرن العشرين الميلادي تصاعدا تدريجيا للحملات الإعلامية الموجهة ضد الدين الإسلامي تعززت بكثافة محمومة مع بداية القرن الحالي وبالتحديد عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبحشد حملة منظمة من الأكاذيب والإدعاءات لتشويه صورة الإسلام والمسلمين الدينية والأخلاقية والقيمية . وهذه التغطيات الإعلامية برأي المهتمين (1) تعد بحق حدثا مفصليا في تأريخ أمتنا المعاصر وعلاقتنا بالغرب‘ فقد مرت بمرحلة تغطية الحدث بوصفه شأنا داخليا، ثم الهجوم الإعلامي على أسامة بن لادن وحركة طالبان وربط هؤلاء وبين الإسلام كشخصيات متهمة بالحادث وخلفياتها العرقية والدينية وكذلك استثمار الحادث بإشارة أصابع الاتهام إلى الإسلام كدين ويلقون باللائمة على العالم الإسلامي كأمة.وسعى هذا الإعلام إلى إبراز الإسلام بصفته المحرك الأساسي لشبكات الإرهاب العالمي بالتركيز على الآيات القرآنية والأحاديث المتعلقة بالجهاد والتعامل مع غير المسلمين ، وبدا الهجوم على دول العالم الإسلامي بتهمة التطرف والغلو وكراهية الشعوب الغربية. في الوقت الذي يعتبر الإسلام براء من هذه التهم والنظرة القاصرة لحقيقة مضامين الدين الحنيف وسماحته ويسره وعالميته ومساواته لبني البشر وحكمته في الهداية إلى الحق القويم دون إكراه بدليل هذه الآيات القرآنية الكريمة: (يأهل الكتاب لا تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق)(النساء 171). (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)(البقرة185). (وما جعل عليكم في الدين من حرج)(الحج78). (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)(الحجرات 13). (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا)( يونس19). ( ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم)(الروم 22). (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر)(آل عمران159). (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)(النحل 125). (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)(البقرة 256). (فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر)(الغاشية 21). (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)(الكهف29). (وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين)(النور54). ووقوفا أمام غياب ملامح الإسلام الحقيقية لدى المواطن والإعلام الغربي، وبالتالي الاستهداف والإساءة للإسلام عبر بوابة حرية التعبير ، فإن تنوع المفاهيم المسببة للانطباع الخاطئ لدى الآخرين يعود إلى جملة من الأسباب أهمها : أولا: حال الاختلافات السياسية والتعصبات المذهبية بين بعض المسلمين أنفسهم والتي تصل أحيانا إلى مراحل البغضاء والعداء والحرب الإعلامية والاقتتال، الأمر يغير مجرى التسامح والوسطية والاعتدال إلى طريق الغلو والعنف والتطرف والإخلال بالأمن الاجتماعي والسكينة العامة.متجاهلين مبادئ الإسلام الحنيف وشريعته وقيم وأخلاقيات المجتمع والآيات القرآنية الكريمة السابق ذكرها. ولأن العالم أصبح قرية صغيرة بفضل التواصل الإعلامي غبر القنوات الفضائية والإنترنت التي تكشف واقع هذا الحال المؤسف أمام الآخرين فهو بدوره يساهم في التشويش بين ترابط الأمة الإسلامية فيما بينهم ويشكك في وحدتهم ويترك ثغرات واضحة للولوج منها إلى إساءات مبررة أحيانا في إطار حرية التعبير الغربي تجاه هذه المتناقضات . ثانيا: التشدد الثقافي وعدم اعتراف البعض بالفكر الآخر بدوره يتسبب في إغلاق باب الحوار الإنساني بين الشعوب وخلق عداءا لا مبرر له وردود أفعال تسيء إلى الأمة الإسلامية ككل.في حين أن أهم ما يميز الحضارة الإسلامية هو ذلك البعد الإنساني في ملامح ثقافة الإسلام ويتجلى ذلك في: - إقرار مبدأ التساوي بين الشعوب في الحقوق الإنسانية،وإلغاء التفاوت بسبب القوميات واللغات والانتماءات والأعراف، واعتبار العمل الصالح هو معيار التفاضل. - تحريم الظلم والعدوان ودعوة المظلومين المضطهدين للدفاع عن حقهم المشروع في الحياة،واعتبار الجهاد أداة لحماية الكرامة الإنسانية،ولا جهاد في العدوان. - تحريم الإكراه في الدين والعقيدة والاعتراف بحق الآخر في عقيدته،واحترام الأديان السماوية والإشادة بدورها الأخلاقي والاجتماعي والإنساني لتحرير العقول من الأساطير والمعتقدات الخاطئة. والتعددية ظاهرة حية وصحية ولا خطر منها،وتدل على احترام متبادل بين الشعوب والحضارات والأديان، والحوار هو أداة التواصل الإنساني لتحقيق هدف معرفة الآخر كمشروع مؤشر على سلوك حضاري لتبادل المعرفة وإثراء التجربة الإنسانية والبحث عن الأفضل الذي يخدم الإنسان.، لاسيما وأن الحضارة الإسلامية تتميز باعتمادها على ثقافة شمولية، وهي ثقافة تستمد معالمها من القرآن الكريم والسنة الشريفة.ولا يقتصر أثر هذه الثقافة على تنمية العواطف الدينية والاهتمام بأداء العبادات وتغذية المشاعر الروحية، وإنما تمتد هذه الثقافة إلى كل السلوكيات الاجتماعية بحيث يصبح المسلم نموذجا حيا للشخصية الإنسانية.(1). كما يجدر الإشارة في هذا الصدد إلى ما صدر في ختام أعمال الدورة ال32 لمؤتمر وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في اليمن خلال الفترة 28-30 يونيو2005 م إعلان صنعاء،وما أكدت فيه الوفود المشاركة على قيم الإسلام وتعاليمه السمحاء وتفاعله الحضاري وما يمثله من صفحة بيضاء مشرقة في تأريخ الحضارة الإنسانية. ومما ورد فيه: - حماية التنوع وحق الاختلاف والخصوصية الثقافية والحضارية والدينية المكفولة في صلب حقوق الإنسان المعترف به عالميا ،وهي واجبة الاعتبار في فهم وتطبيق الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويجب ألا يكون هذا التنوع مصدرا للصراع بل على العكس ينبغي أن يكون مصدر إثراء ومنطلقا للحوار الهادف إلى مد جسور التواصل بين الأديان والحضارات. - تأكيد مسئولية الأمة الإسلامية نحو الأقليات الإسلامية بما يسهم في تنميتها واندماجها في مجتمعاتها الأصلية دون مساس بمعتقداتها وثقافتها والتأكيد على حماية حقوقها بعيدا عن التطرف والغلو.(2) إن التقارب بين الثقافات لا يعني بالضرورة انتفاء المتناقضات والقناعة بمحتوى ومضامين الكثير منها ، بل وأحيانا تكثر التأويلات والشكوك في طبيعتها ومصادرها وجوهرها وموضوعيتها والخوف من أهدافها الخفية أو المعلنة،إلا أن الحاجة إلى التواصل الإنساني يظل قائما للاستفادة من الأفكار المفيدة والتفاعل المعرفي والتقارب بين الشعوب، أو بحسب تعبير النقاد أنه بالرغم مما يسود بين الثقافات في العالم من نزعة شكية ومن حالات الريبة والحذر،وعلى الرغم من أن أصواتا من داخل هذه الثقافة أو تلك لا تكف عن الدعوة إلى القطيعة والتخويف من مخاطر ما يسمى بالغزو الثقافي فإن جدلية التأثير المتبادل بين هذه الثقافات أصبحت من الأمور المسلم بها، وهي حالة غير جديدة ولا استثنائية وممتدة عبر العصور،وفي مقدور الثقافة العربية أن تقدم أتم نموذج لهذا التفاعل سواء في ماضيها أو حاضرها فهي ثقافة واثقة من نفسها. وعندما بدأ تواصلها بالآخر،وكان ذلك في لحظة زمنية فارقة من تأريخ البشرية، وضعت إستراتيجية غير مكتوبة تكاد تتجسد في النقاط الآتية: - اختيار ما تنقل. - تطويع ما تنقل. - توظيف ما تنقل. - رفض العداء للآخر الذي تنقل عنه. وفي ظل هذه الإستراتيجية المبكرة بدأت الترجمة من اللغات الأخرى واجتهد العرب في نقل ما يحتاجونه لا ما يحتاجه غيرهم.وهكذا تحددت جدلية التبادل والتفاعل منذ البداية منذ التأسيس لثقافة غربية شاملة الاستفادة في حدود ما تتقبله العقيدة والبيئة والمصلحة العامة للأمة.(1) كما أن ليست الثقافات كيانات أحادية منفردة، فكل الثقافات والأديان تسمح بالتأويلات المتعددة،الأمر الذي يتيح الفرصة أمام الدول المختلفة – حسبما تقتضيه أهدافها – لاستخدامها بطرق مختلفة. وهذا ينطبق على النظم الاقتصادية وعلى الاختيارات السياسية، وبكل تأكيد على التحالفات العسكرية.إن بإمكان المرء تبرير أي شيء يريده انطلاقا من الاعتبارات الثقافية أو الدينية.والقيود عادة لا تفرضها ألثقافات أو التقاليد،وإنما يفرضها المتنفذون في السلطة في مجتمعات معينة من خلال تفسير ثقافاتهم بشكل يتناسب مع مصالحهم.(2) ولهذا فإن الانفتاح الثقافي قد يكون عاملا مساعدا في توضيح الرؤية إزاء الكثير من القضايا الدينية والإنسانية وكسب ثقة الآخر بتحاور منطقي قد تكلل نتائجه بالهداية لدين الله القويم، أو على الأقل تجنب الإساءة المتعمدة بسبب سؤ الفهم. . ثالثا:القصور الإسلامي الإعلامي والحضور الباهت في وسائل الإعلام الغربية في نقل الحقائق الثابتة لمميزات الدين الإسلامي وكشف زيف الإدعاءات الكاذبة التي تحاك ضده لأسباب تحتاج إلى توضيح ووصول إلى المواطن الغربي. ولعل استغلال وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية كفيلة بالقيام بهذه المهمة بالتعاون مع الهيئات الإسلامية في نقل المحتوى المفيد وبالطرق العلمية والعملية السليمة. . النظرة إلى الآخر في العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي من المعلوم أن الحوار هو أقرب الطرق للتعرف وتبادل المعرفة مع الآخر مع الوضع بعين الاعتبار الاحتفاظ بالقناعات والخصوصيات ، لاسيما تلك المتعلقة بالدين والعقيدة المتأصلة في وجدان الناس وعاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم. ولقد أصبح العالم اليوم يعمل في حدود قرية صغيرة في التواصل والمصالح المشتركة بين الشعوب والتي تقف على رأسها العلاقات الإنسانية والتعاون الاقتصادي والثقافي والتنمية في مختلف الميادين ، وبالتالي فإن التباين في الدين والعقيدة والثقافة أمر تفرضه طبيعة وواقع التنوع العقائدي والثقافي، الذي لا ينبغي أن يظل حائلا دون التفاهم وتحقيق الغايات الإنسانية المنشودة. ومن هذا المنطلق تنظم من حين لآخر مؤتمرات وندوات علمية وثقافية ولقاءات بين مختلف الأمم للتعريف والتعرف على ثقافة الآخر عبر محاورة معلوماتية تعزز الوعي والمعرفة وتردم فجوة الجهل بالأخر وتزيل منابع الفهم الخاطئ المتأصلة في أذهان الناس من خلال وسائل الإعلام والنظرة النمطية إلى الآخر، وخاصة في العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي. وفي هذا الاتجاه يتم التنويه عادة إلى أهمية الحوار بين العالمين الإسلامي والعربي لتجنب الغموض وسؤ الفهم بينهما كسبيل أمثل للتعارف المعرفي بين حضارات وأديان واتجاهات وقيم وسلوك وعادات وثقافات لتعايش أفضل وتواصل إنساني يعود بالفائدة على الجميع ، منها مثلا ما يمكن تلخيصه عن مجمل الآراء التي طرحت في ختام اللقاءات التحاورية بين طلاب جامعة صنعاء وطلاب جامعة برلين الحرة المنعقدة في 16 محرم 1430 هجرية الموافق 13 يناير 2009م في جامعة صنعاء بعنوان : النظرة إلى الآخر في العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي ، حيث مضت مختلف الآراء في الاتجاهات الآتية:- - من الأهمية بمكان اعتماد الحوار كأساس للتفاهم بين الشعوب كظاهرة حضارية إزاء كافة القضايا بتصور الآخر ورؤيته والأفكار المسبقة التي يحملها، سواء أكانت الثقافية أو الدينية، لأن أهمية استعراض وجهات النظر لا يعني بالضرورة قبولها. - لكل مجتمع ثقافته ودياناته وخصوصياته فلا يهدف الخوار إلى إلغائها ، بقدر الوقوف أمام سوء الفهم مع الوضع في الاعتبار الاختلافات السياسية والثقافية والدينية ..وغيرها، لاسيما وهذا التنوع يعزز الوعي للتفاهم مع الآخر بمواجهة صريحة وبعدل وإنصاف تجاه الحقائق الثابتة وإهمال الخلافات التي تملى على أي طرف. - لا يوجد صراع بين الحضارات ، ولكن يوجد صراع الجهل بين الحضارات الإنسانية جمعاء,أو بمعنى آخر الجهل عن الآخرين قبل الحوار( النظرة المسبقة، التصور الخاطئ عن الجانب الآخر، الصورة المشوهة للطرف الأول عن الطرف الثاني..)، أي أن الجلوس مع الآخر يزيل سوء الفهم ويفتح آفاق التفاهم والتواصل وتحقيق السلام والتراحم بين الجميع ووضوح المفاهيم الغامضة. - أهمية التعبير عن الأفكار بمنطق وموضوعية خالية من التطرف والعلو والغلو في إطار القبول بالآخر واحترام العقيدة ، خاصة وأن هناك مفاهيم متأصلة ونمطية عن الإسلام في الغرب والعكس،كما أن التحدث بصدق وصراحة واحترام كفيل بتغيير الأفكار القائمة وتجنب إلقاء اللوم على الآخر. - لابد من التغلب على عادة الدفاع عن النفس والشعور بالانهزامية أو الدفاعية أو الهجومية في الطرح ، وذلك تجنبا للتمترس وراء التعصب وعدم الاعتراف بالآخر. - يلعب الإعلام دور محوري في خلق رأي عام اجتماعي يعزز من تأصيل الصورة النمطية والمصالح الإستراتيجية في أذهان الناس عن الآخر. وبصفة عامة يعتقد المشاركون في هذا اللقاء ألتحاوري أن ليس هناك بديل عن الحوار للنقاش والتفاهم وإزالة سؤ الظن بالآخر وإشاعة المحبة والسلام بين شعوب العالم بتنوع ثقافاتهم ودياناتهم وحضاراتهم. ولأن الإعلام هو المرآة لمجمل الأحداث القائمة , وبما أن المواطن يرى هذه الأحداث بعين الصحفي ، فإن المحتوى المرصوص في باطن الأخبار والتقارير الصحفية والتعليقات على المواقف والأفكار من وجهة نظر السياسة الإعلامية الموجهة إزاء ما يحدث ، يرسخ القناعات لدى الجمهور وفق ما يراه أمامه وما تصله من معلومات . وذلك واضح من خلال الوصول إلى مكان الأحداث أو حجب جانب منها,. فقد نقلت قناة الجزيرة مثلا ( 15- 1- 2009م) رأي المواطن والصحفي الروسي إزاء ما يحدث من قتل وتدمير في غزة في المواجهة بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية حماس، ففي حين يؤكد الصحفي الروسي في حديثة للقناة بأن الإعلام الصهيوني مسيطر عل وسائل الإعلام في بلاده بنقل المواقف الإسرائيلية تجاه مجمل الأحداث وغياب كامل للإعلام العربي في روسيا، تشير مواطنة روسية في ذات الوقت بأنها مقتنعة تماما بوجهة النظر لما يحدث في غزة في الإعلام الروسي.وتنطبق نفس الحالة في البلدان الغربية بسيطرة اليهود على الإعلام الدولي بمهنية عالية وبالمقابل غياب وضعف أداء الإعلام العربي. انحراف حرية التعبير وأخلاقيات المهنة: إن بعض المؤسسات الإعلامية الغربية المدعومة من الإعلام الصهيوني العالمي أو تلك التي تمتلك اتجاها معاديا للإسلام والمسلمين لا تألو جهدا من التعرض لمواقف معادية واستغلال أي توجه منافض للإسلام أو أي خبر لا يؤيد المواقف الإسلامية بتأويله وتفخيمه كرأي حر متبع بغية إقناع القارئ أو المستمع أو المشاهد الغربي بسلامة الرأي والفكرة المعادية المطروحة. فقد أشار مثلا الموقع الإلكتروني swissinfo.ch بتأريخ 22 مارس 2007م تحت عنوان : اعترافات بانحراف الإعلام الغربي في حديثه عن الإسلام بأن الخبراء المشاركون في ملتقى لوغانو بسويسرا عن دور الإعلام والعلاقة بين الغرب والعالمين العربي والإسلامي، توصلوا إلى تأكيد انحراف الإعلام الغربي بتركيزه على إظهار الصور السلبية عن الإسلام. والورشة التي شارك فيها أخصائيون عرب وغربيون، عددت انحرافات الإعلام الغربي ودعت إلى ضرورة العودة إلى المهنية والموضوعية بعيدا عن الجري وراء تقديم الصور العدائية. كما حذرت سيلفيا إيغلي فون مات، مديرة المدرسة السويسرية للصحافة MAZ (مقرها لوتسرن)، التي ساهمت في تنظيم الملتقى أثناء مداخلتها في جلسة الافتتاح من أن "موضوع الإسلام والعلاقة مع الغرب ودور وسائل الإعلام، يعتبر من أكثر المواضيع تعقيدا التي تتناولها وسائل الإعلام".وأضافت "نعلم أن الموضوع محفوف بالكثير من الأفكار المسبقة، ولكن علينا أن نتحلى في هذا الموضوع بالذات بضرورة البقاء متفتحين أكثر، لإعادة النظر في طريقة تفكيرنا. ويجب ألا ننسى أخلاقيات المهنة ويجب أن نتجاهل التيارات السائدة لدى الرأي العام ولدى كل الأطراف". وفي معرض تقييمه لطريقة معالجة الإعلام الغربي للإسلام ولأحداث العالمين، الإسلامي والغربي، أوضح كاي حافظ، الخبير في وسائل الإعلام الألمانية، بأن "وسائل الإعلام الغربية تركِّـز على قضايا تصف الإسلام، ليس كدين، بل كإيديولوجية سياسية: أصولية وإرهاب واضطهاد المرأة وتخلف اجتماعي كبير". وذكّـر الخبير الألماني بأن "دراسة تم القيام بها في جامعة إيرفورت، عكست في 80% مما تناقلته وسال الإعلام، هذه الصورة السلبية عن الإسلام"، وأضاف كاي حافظ، "المشكلة لا تكمن في تغطية الصور السلبية عن الإسلام، بل في تجاهل كل الأوجه الأخرى له"، ثم انتهى إلى القول "عندما تركز وسائل الإعلام على العنف، يجيب الجمهور بكرهه للإسلام أو ما يسمى بالإسلاموفوبيا". أما الخبيرة الألمانية وصاحبة دراسات عن واقع الإعلام الغربي والعربي، كاتارينا نوتسأولد من جامعة إيرفورت بألمانيا، فترى بدورها أن "مفهوم الجهاد يُـستعمل دوما لتحديد العنف، كما أن عدم وجود مرجعية دينية مشابهة لقيادة الكنسية الكاثوليكية، يحُـول دون عثور وسائل الإعلام الغربية على متحدثين باسم الإسلام". وأشارت كاتارينا إلى أن من بين التعقيدات التي ساهمت في هذا الانحراف "نقص المعرفة بالإسلام" الذي "يحُـول دون قدرة الصحفي الغربي على التمييز بين التعاليم الإسلامية والتقاليد في المجتمعات الإسلامية" إضافة إلى "التحديدات التي أدخلت على حرية الصحافة فيما سمي بالحرب ضد الإرهاب". والمداخلين القادمين من بلدان غربية عرضوا حالات فاضحة لتعمد بعض وسائل الإعلام الغربية الإساءة إلى الإسلام أو للمسلمين، إما عن قصد أو عن جهل، وتهاون في التمسك بأخلاقيات المهنة.في هذا السياق، عرض الإعلامي نيكولاس جونز، من هيئة الإذاعة البريطانية، أمثلة عن صحف بريطانية أغلبها شعبية تتعمد الإثارة في اختيار عناوين مهينة أو مثيرة مرفقة بصور لا تقل عنها إثارة، ولكن نص المقال المرافق يكون موضوعيا في أغلبه. أما الخبير الألماني كاي حافظ، فأشار إلى تهاون الصحفيين في القيام بعملهم على أحسن وجه، خصوصا فيما يتعلق بالتأكد من صحة الخبر، وأورد مثالا لوزير الداخلية الألماني، الذي صرح في إحدى المؤتمرات بأن "ألمانيا في خطر من جراء موجة اعتناق الإسلام"، وهو الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام بعناوين مثيرة، دون التوقف لحظة للإطلاع على الإحصائيات التي اعتمد عليها الوزير في ذلك أو التثبت منها. وأشار كاي حافظ إلى أنه "عند الاطلاع على الأرقام، نجد أن تصريحاته لا تجد دعما علميا لها"، متسائلا: "ما الذي منع الصحفيين من القيام بهذه المراجعة، قبل ترديد تلك التصريحات والمزايدة عليها"؟ ويجدر التنويه إلى أن الورشة التي خصصت لإجراء دراسة مقارنة بين قناة سي إن إن الأمريكية وهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي في تعاملها مع أحداث العالم الخارجي أشارت إلى أنه "حتى الصحفيين الذين أتيحت لهم فرصة العمل في أنظمة ديمقراطية، لم يحسنوا استخدام هذه الحرية، بانسياقهم وراء الجو العام السائد والتوجه المفروض على وسيلة الإعلام والإحساس القومي والثقافة الصحفية المتشبعة بمجارات التوجه السائد للرأي العام". ويكفي القول أن هناك مجموعة عوامل وأسباب معظمها عقائدي وسياسي ومصلحي تقف وراء تجاوز حرية الصحافة وأخلاقياتها إما بطريقة مقصودة أو بجهل واضح حول حقيقة قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف . فمثلا ما يتعلق بإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام ‘ فقد جاء في القرآن الكريم ما ينفي هذه الإدعاءات ،وبل على العكس فقد جرم الإسلام كل أنواع الإرهاب وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق منها قوله تعالى (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)( . سورة الإسراء، الآية 33)، وقوله تعالى (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا..)( سورة المائدة، الآية 32). وفي كل الأحوال فإن أقصر الطرق لمواجهة الإساءة هي التبصير إلى المفاهيم الغائبة عن الإعلام الغربي بدحض كل الافتراءات والشرح المستفيض للمبادئ العظيمة للإسلام وأخلاقياته وتسامحه وعالميته باستغلال الوسائل الإعلامية المتاحة بالتعاون مع الهيئات الدينية المختلفة. الإطار العملي: لا شك أن وسائل الإعلام الجماهيرية الإذاعية والتلفزيونية والمقروءة والإليكترونية أصبحت في وقتنا الحاضر مصادر متنوعة للأخبار ونشر المعرفة على نطاق واسع وقدرة على التواصل في زمن قياسي مناسب بحسب طبيعة الإرسال ووسيلته، سواء كان مسجلاً للبث أو مباشرًا بنقل الحدث في ذات اللحظة التي يجري فيها. كما أن الإعلام يستطيع استثمار فنونه التحريرية – الإخبارية، التربوية- التنويرية والترفيهية في إعداد وجبة إعلامية متكاملة تحقق الأهداف الاستطلاعية والمعرفية والتربوية والدعائية والتحريضية والتسلية الموضوعة في الإطار الذي تحدده أولويات السياسة الإعلامية المتبعة ضمن إستراتيجية المؤسسات الإعلامية واتجاه البلد صاحب المصلحة، وهذا يعني أن الوسائل الإعلامية تدرك حقيقة الدور الكبير والفاعل الذي يمكن أن تلعبه في التأثير على سلوكيات المتلقي وإمكانية ملامسة زمام المبادرة في التوجيه والإرشاد والترويج للأفكار والسياسات والمعتقدات بناءًا على مستوى أداء القائمين على هذه الوسائل. ومن الطبيعي أن يتم استغلال الإعلام كعنصر هام ورئيسي (أحيانًا) في الصراعات المختلفة للتأثير على الجمهور المتلقي وكسب تأييده تجاه مشكلة أو قضية أو فكر أو ما شابه ذلك. لذلك فإن المحتوى الإعلامي المصفوف في باطن الموضوع المستهدف هو الذي يمكن أن يكون الأداة الفاعلة والورقة الرابحة التي يستطيع الإعلامي أن يلعبها إذا كان ماهرًا في التركيز على المضامين بالطرق والأساليب التي تكفل الوصول إلى الأهداف المبتغاة بأقصر الطرق المقنعة بما تمتلكه من وثائق ودلائل ومنطق تحاوري في حلقات حملة منظمة ومنسقة ومبرمجة تلبي طموح الاهتمامات المستوحاة من عمق الظاهرة المطروحة. ولأن التأثير على الرأي العام الاجتماعي يقف على رأس الاهتمامات الإعلامية، فإن الوقوف أمام الإساءات التي تستهدف الدين الإسلامي ورموزه وتشويه صورته بإدعاءات باطلة في وسائل الإعلام الغربية ولأهداف سياسية تنم أحيانا عن جهل بسماحة الإسلام وباستغلال حرية التعبير في استحداث صور قاتمة لطبيعة الإسلام وسلوكيات المسلمين والتحذير منها وتسخير الأحداث القائمة في المنطقة للدليل على مصادر الإرهاب بين المسلمين أنفسهم وبين المسلمين والآخرين ، الأمر الذي يتطلب ردود أفعال إعلامية تجادل وتناقش وتثبت بالحجة والبرهان براءة الإسلام والمسلمين الملتزمين بتعاليمه من تهم الإرهاب والسلوك المشين والانطباع الخاطئ المدون في أفكار أصحابه الذين يجهلون تعاليم الإسلام السمحاء ، لأن الخطاب الإعلامي العقلاني والموضوعي واستطلاع رأي الجمهور إزائه من منطقه وانتماءاته ومعتقداته وتأريخه وقناعاته يسهل تخطي الخطوة الأولى لوضع برنامج إعلامي – توضيحي يستهدف القضية بكل أبعادها. ويستطيع الإعلام المعاصر أن يلعب الدور التوعوي المطلوب لمواجهة ظواهر الإساءة كواجب ديني ووطني للتبصير إلى الكثير من الظواهر والتفسيرات المعرفية للجوانب التي يجهلها القائمون على وسائل الإعلام المعادية وفي إطار حرية التعبير أيضا، بناءًا على ما تمتلكه كل وسيلة إعلامية من مميزات يمكن استغلالها في هذا المضمار، حيث تقف الفنون –الإخبارية- التحريرية على رأس قائمة البرامج التي تتولى إذاعة الأخبار الآنية والتعليق عليها بغية نقل الحدث الحي من موقعه والتعليق عليه في مسار توصيل أفكار معينة تقف وراء الهدف الرئيسي لتوعية المجتمع المتابع ومن مصادر مختلفة منقولة بعين الصحفي الباحث بدقة وموضوعية من الكتاب والسنة النبوية الشريفة، وبما يتلاءم مع توجه وأهداف مؤسسته الإعلامية وطبيعة وتفكير وواقع الجمهور المستهدف وثقافته ولغته ومستوى وعيه بكشف عورات الإساءة الخاطئة واستدراج الناس لمعرفة الأسباب الكامنة وراء هذه الإساءات من ناحية وإظهار ملامح الأفكار الحقيقية المدرجة في التعاليم الإسلامية دون مبالغة أو تعليق تهاجمي لا مبرر له من ناحية أخرى. ولهذا فإن كثير من المؤسسات الإعلامية تحرص أن يتواجد مراسلوها في مكان الحدث ليس فقط لاستيفاء الخبر من منبعه ولكن أيضًا للسيطرة على محتواه وإعادة تحريره وإلقائه والتعليق عليه باللون المطلوب كحقائق ترمي إلى إفادة المتلقي وتوعيته بما هو مسموح به أن يعرف. مع ملاحظة ما أشار إليه النقاد بأن التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال لاسيما في دول الشمال أوجد ما يسمى بعالمية الثقافة التي تزيد من الانتشار ألمعلوماتي للدول الغنية مالكة التكنولوجيا وصاحبة الحضور الإعلامي في كل بقاع الدنيا، كما أن هذه الدول المتمثلة في شركات الإنتاج والنشر والبث تقوم بدور حارس البوابة Gatekeeper وتختار ما تعتقده مناسبًا لها في المواقع وتمرره على الدول المتلقية . ونظرًا لأن الفضاء أصبح مفتوحًا إعلاميًا والعالم أمسى قرية صغيرة يسهل على المرء التقاط القنوات المتعددة، فإنه من الصعب التحكم في مسار اتجاه البرنامج التحريري بالأسلوب الذي يغاير الإعداد المسبق للقائمين على الوسيلة الإعلامية المنتقاة. ولهذا فإن إعادة صياغة الأخبار الواردة تتم بفضل الاعتماد على الذات في الوصول إلى مواقع الحدوث والتعليق عليها وحسن اختيار المعلقين عليها لترك الأثر المطلوب في تحديد اتجاه مسار مفاهيم الإساءات المحتملة وبرمجة إستراتيجية معالجتها ضمن أهداف قريبة وبعيدة المدى، خاضعة لمصالح تغيير الحدود والنظم السياسية المزعومة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحقوق الإنسان .وغير ذلك، التي يجد المتلقي صعوبة في فصل بعضها البعض لترابط الأحداث وتداخل أسبابها ورغبة رعاة عصر العولمة بإحداث تغييرات تخدم مصالحهم بالتركيز على سيناريو توعوي يمهد لاستقبال جزئيات تلك المتغيرات. ولعل إنشاء قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية موجهة وصحف ومجلات تحت مسميات مختلفة واستغلال خدمات الإنترنت والصحافة الإليكترونية هي الأدوات لتنفيذ هذه الخطط والبرامج. وعلى هذا الأساس فإنه من الصعب تجاهل هذه الأوضاع الإعلامية القائمة دون الدخول في منافسة حقيقية تستغل فيها الإمكانات المادية والبشرية والكوادر المؤهلة لجذب انتباه المستقبل العربي والغربي لتلك الجوانب التي تخدم مصلحة الإسلام والمسلمين. ويدخل في هذا الإطار أهمية إنشاء وسائل إعلامية جديدة ودعم القائم منها بالأجهزة المستحدثة والكوادر الصحفية المؤهلة وتبني خطاب إعلامي يعتمد التنوع وفتح الباب أمام الرأي والرأي الآخر والتواجد في مواقع الأحداث بصورة مستمرة، وحسن اختيار المعلقين والمحاورين القادرين على استيعاب الأوضاع السياسية والاجتماعية القائمة ودمجها في مجمل المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية بدراية وتفاعل ومنطق وموضوعية تقنع المتلقي بمجمل الأفكار المطروحة وتساهم في توعية إيجابية تجاه القضايا الحساسة المرتبطة بجوانب الإساءات المعلنة مع الوضع في الاعتبار حقيقة الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعاشة والمعتقدات والأفكار القائمة وتهيئة الجمهور المستهدف لتلقي الرسالة الإعلامية إزاء هذا الموضوع لأهمية تجاوز فلتر عدم الثقة تجاه المحتوى، ذلك أن بعض مضامين هذه البرامج يغلب على طابعها الترويج والدعاية لفكرة معينة، أو على الأقل قد يفهم بعض المستقبلين هذا المعنى. وهنا تلعب دورًا كبيرًا خلفية المتلقي حول المادة المتناولة وإيمانه المسبق بجوهرها ومضمونها أو بعبارة أخرى (فإن الاستعداد الفكري للمستقبل سيحدد مستوى تقبلها وتبقى حالتي الشك أو اليقين قابلة للتحكم وهي التي ترجح إحدى كفتي الميزان إيجابًا أو سلبًا) . ويعتبر الإعلام أحد الوسائل الهامة في التصدي لمحاولات الإساءة بكافة أنواعها بنشر التوعية والتأثير على قناعات الناس وسلوكياتهم. فقد انطلق بعض الخبراء للتأكيد على أن وسائل الإعلام تملك قوة ضاربة تمكن مستعمليها من التأثير على المجتمع مثلما يستطيع الكهرباء إنتاج طاقة عند اتصالها بفانوس. ويكون ذلك عن طريق حقن مجموعة من الأفكار ينتظر منها أن تنتج سلوكًا معينًا. وأن الجمهور لا يكتفي أمام وسائل الإعلام بموقف سلبي يتمثل في الاستهلاك فقط، بل يدخل في سلسلة من المناقشات ومن عمليات تبادل المعلومات على مستوى جماعات صغيرة كثيرًا ما يحدد من خلالها موقفه وما يتبنى سلوكًا معينًا(3 الهوامش: (1)- راجع مثلا:عثمان العامر.هويتنا الوطنية في الخطاب الصحفي الأمريكي.المجلة العربية للإعلام والاتصال العدد الأول 1426هجرية – نوفمبر 2005م.الجمعية السعودية للإعلام والاتصال.جامعة الملك سعود. الرياض.ص،186 (1). (1) (- محمد النبهان.أثر الحضارة الإسلامية في تعميق القيم الإنسانية. مجلة الثوابت.العدد 41 ، 2005م.المؤتمر الشعبي العام. صنعاء.ص 269 . (2) - محلة الثوابت.العدد 41 ، 2005م.المؤتمر الشعبي العام. صنعاء.ص151 (1) - عبد العزيز المقالح.جدلية التأثير المتبادل بين الثقافات.مجلة دراسات يمنية. العدد64، 2002م.مركز الدراسات والبحوث.صنعاء.ص11. (2) - فريد هاليداي. صدام الحضارات خرافة عالمية جديدة. محلة الثوابت.العدد 27.2002م. المؤتمر الشعبي العام.صنعاء.ص16 - عبدالرزاق الدليمي. الإعلام والعولمة. دار مكتبة الرائد العلمية. عمان. 2004. ص 17،18 (2):- أحمد عقبات. التلفزيون صحافة وفن. المركز الهندسي للاستشارات والطباعة والنشر. صنعاء 1994. ص91 (3) - محمد قنطارة. تأثير وسائل الإعلام في الرأي العام. المجلة التونسية. معهد الصحافة وعلوم الأخبار. العدد 24. 1993. ص19،18 *********************************************************** ** مقدم إلى المؤتمر العلمي الذي تقيمه رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع وزارة الأوقاف اليمنية في مدينة صنعاء خلال الفترة من12-14/1430 هجرية الموافق 7- 9-2/2009م.بعنوان (الإعلام المعاصر بين حرية التعبير والإساءة إلى الدين) |