قراءتان لاغتيال الشيخ......................معتز سلامة يطرح اغتيال الشيخ أحمد ياسين أسئلة عديدة؛ ذلك أن الوقت الحالي ليس هو ذروة العمليات الاستشهادية في فلسطين! ومن غير الممكن القول ان إسرائيل لم تتح أمامها فرص سابقة لاغتيال الشيخ، أو انه لم يكن لتتوافر أمامها فرص لاحقة لذلك بدلا من اغتياله قبل القمة العربية بأسبوع. كما أن اغتيال الشيخ لم يكن هو الخيار الوحيد؛ فقد كان من الممكن ترحيله إلى الخارج، أو اعتقاله كما جرى اعتقاله في السابق، أو حتى فرض حصار حول منزله حتى وفاته. القراءة الأولى (السطحية) للحدث، توحي بأن حادث اغتيال الشيخ يستهدف: إنهاء خيار المقاومة في غزة إلى الأبد، وترك قنبلة دائمة الانفجار بعد الرحيل، وإدخال الأجهزة الفلسطينية في صراع داخلي، ومنها بالتأكيد التغطية على أوضاع شارون في الداخل، وإعادة العملية ل”المسار الصحيح”، بعد تأكد “إسرائيل” من خطأ “مسار الجدار العازل” ومحكمة العدل الدولية. القراءة الثانية (الأكثر عمقا) لاغتيال الشيخ تأخذ في الاعتبار الصراع الأشمل بين إدارة بوش والمنطقة. فمن غير المتصور أن اغتيال رمز بحجم الشيخ ياسين تم من وراء ظهر هذه الإدارة. هنا يطرح السؤال: ماذا يحقق اغتيال الشيخ إلى إدارة المحافظين الجدد وإلى المشهد العام في المنطقة والعالم؟ أول ما يتبادر إلى الذهن أن حادث الاغتيال يعيد تسليط الضوء على فلسطين، وما أحوج إدارة بوش إلى ذلك الآن. فمنذ قدومها إلى الحكم وهي تسعى إلى جعل “العراق أولا”. الآن هناك حاجة إلى جعل “فلسطين أولا”، ليس بمعنى “فلسطين التسوية”، وإنما “فلسطين الصراع” والعمليات الاستشهادية. أصبح العراق عبئا ثقيلا على الإدارة في ضوء الحملة الدولية المتزايدة ومراجعات ما بعد الحرب وأكاذيب ما قبل الحرب، وفي ضوء حملة كيري في الداخل، وصحوة الرأي العام الدولي، وخصوصا بعد الإطاحة بأول ركن في ثالوث الحرب (أزنار)، الآن هناك حاجة لبعث كل خيوط “الإرهاب” في المنطقة قبل الانتخابات الأمريكية، والرئيس الأمريكي يعتبر أن إدارته إدارة حرب وأنه في ساعة الحرب. لقد طرحت الإدارة مشروعا إصلاحيا اتخذ العرب إزاءه موقفا هادئا، وبرزت دلائل على ديناميكية وعقد سياسي واجتماعي عربي جديد قبل قمة تونس. وإدارة الحرب لا يناسبها التعامل مع استجابات مدنية سلمية. إن اغتيال الشيخ ياسين يعيد المشهد الدرامي إلى المنطقة على نحو ما كان قبل وبعد 11 سبتمبر/ ايلول، ويوفر وقودا للنار في فلسطين وربما العراق لأشهر مقبلة، وهو جو كفيل بجعل بوش في “ساعة الحرب” حتى الفوز بانتخابات البيت الأبيض. صحيفة الخليج |