السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:32 م - آخر تحديث: 02:25 م (25: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المستقبل للوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
البروفسور وهيب عبدالرحيم باهديله في رحاب العُلماء الخالدين
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
14 أكتوبر.. الثورة التي صنعت المستحيل
قاسم‮ محمد ‬لبوزة‮*
زخم الثورة وحاجته لسلوكٍ ثوري
إياد فاضل*
خواطر في ذكرى تأسيس الموتمر الشعبي العام
د. أبو بكر عبدالله القربي
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ليبارك الله المؤتمر
راسل القرشي
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
رؤية وطنية تلبّي احتياجات الشعب
أحلام البريهي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
دين
المؤتمر نت -
د . تيسير رجب التميمي -
دين الاعتدال والوسطية
الوسطية تمثل الاعتدال والتوازن والبعد عن التشدد والتهاون، وهذا منهج حياة ينبع من فهم الإسلام الذي بعث به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة ورسول الإنسانية، الإسلام الحقيقي النقيّ قبل أن تشوبه الشوائب .


وقال صلى الله عليه وسلم: “إِياكُمْ وَالْغُلُو فِي الدينِ فَإِنمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ بالْغُلُو فِي الدينِ” (رواه الحاكم في المستدرك)، وضربَ لنا صلى الله عليه وسلم لذلكَ مثلاً محسُوساً، فقد “خَط خَطّاً وَخَط خَطيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَط خَطيْنِ عَنْ يَسَارِهِ، ثُم وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَط الأَوْسَطِ فَقَالَ “هَذَا سَبِيلُ اللهِ” ثُم تَلاَ: “وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتبِعُوهُ وَلاَ تَتبِعُوا السبُلَ فَتَفَرقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ” (الأنعام 153)، فمتى ابتعدَ الإنسانُ عن الإفْراطِ والتفريط فقد اعتدلَ على أوْسَطَ الطريق .

ويرتبط بالوسطية مفهوم التسامح، وهو من السماحة، وتطلق في اللغة على سهولة التعامل فيما اعتاد الناس فيه المشادّة، فأصلها يرجع إلى التيسير والاعتدال، وهي من سمات الإسلام، فكثيراً ما يوصف بأنه العقيدة السمحة والدين السمح .

والوسطية يقابلها التطرّف، وهو مجاوزة حد الاعتدال والبعد عن التوسط، وهو مشتق من الطرَف أي الناحية، أو منتهى الشيء . وغالباً ما يستخدم ليعبر به عن التشدد وتجاوز الحد في الدين . ويرتبط بالتطرف مفهوم الغلوّ، ويعني الزيادة والارتفاع ومجاوزة الحد في القول والعمل والاعتقاد . والغلوّ في الأمر أو الدين أمر مذموم، قال تعالى: “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَق وَلا تَتبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلوا كَثِيراً وَضَلوا عَنْ سَوَاءِ السبِيلِ” (المائدة 77) .

فالحق إذن أن تفعل ما أراد الله على قدر الطاقة والإمكان، وتترك ما نهى عنه على وجه الإجمال، وهذه هي الوسطية والاعتدال بين الإفراط والتفريط .

والتوجيه القرآني كان دوماً يحث على الاعتدال، قال تعالى: “لا يُكَلفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا . . رَبنَا وَلاَ تُحَملْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ” (البقرة 286)، ويؤكد مبدأ التيسير، قال تعالى: “فَإِن مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِن مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً” (الشرح 5-6) .

وقد جاء الفقه الإسلامي ليؤكد ضرورة تمثل روح التيسير والسماحة، ونلمس ذلك من القواعد الفقهية التي أصلها العلماء، فمنها مثلاً : المشقة تجلب التيسير، لا ضرر ولا ضرار، الضرورات تبيح المحظورات، وحتى التكاليف الشرعية ذاتها تقوم على اليسر ورفع الحرج عن الناس، بدليل الرخص التي شرعها الله سبحانه وتعالى لتخفيف المشقة عنهم أثناء قيامهم بالعزائم التي شرعها الله سبحانه، كرخصة التيمم، ورخصة الجمع والقصر في الصلاة، وإباحة الفطر في رمضان للمرض أو السفر، وغيرها .

والإسلام جاء ديناً وسطاً في تعاليمه وصياغة شخصيات أتباعه بين المادية والروحانية، وهو منهج يشمل جميع مجالات حياة الإنسان : في العقيدة والعبادة والتعامل، فقد كَثُرَتْ الآياتُ القرآنيةُ والأحاديثُ النبويةُ في الأمرِ صراحة أو دلالة بالوسَطية والحَث عليها ومَدْحِ أَهْلِها :

فالمؤمن يعيش بين الرجاء والخوف، قال تعالى: “إن رَبَكَ لَسَرِيعُ العِقَابِ وَإِنهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ” (الأعراف 166)، وقال صلى الله عليه وسلم: “لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ جَنتِهِ أَحَدٌ” (رواه مسلم) .

وفي العبادة قال سبحانه وتعالى “وَاذْكُرْ رَبكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُو وَالآَصَالِ” الأعراف ،205 وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا” (رواه البخاري)، وقال: “هَلَكَ الْمُتَنَطعُونَ قَالَهَا ثَلاَثاً” (رواه مسلم)، أي المتعمقون المجاوزون الحد في أقوالهم وأفعالهم .

وفي الاقتصاد قال سبحانه: “وَالذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً” (الفرقان 67)، وقال أيضاً: “وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُل الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً” (الإسراء 29)


أما عن كيفية التعامل مع التطرف فيكون بمعالجة أسبابه، وهذا كفيل بتعزيز مفهوم الوسطية، وذلك من خلال:

* تنمية النقد الذاتي ومحاسبة النفس، والبحث في أعماقها عن أسباب أي خلل أو تراجع .


* تأهيل المربين الذين ينشئون الأجيال الجديدة المبشرة بغد أفضل .

* تصويب المفاهيم الخاطئة، والتذكير باختلاف العلماء واحترامهم الرأي الفقهي المخالف وأصحابه .

* تعزيز الحوار القائم على الاحترام وحرية التعبير واستهداف الحق، الحرية التي تعني المسؤولية والالتزام وتجنب الكبر والإساءة والتجريح .

* التسليم بأن الحوار فرض لازم وجه الله سبحانه بني آدم إليه ليتعارفوا ويتعاونوا على البر والتقوى .



* قاضي قضاة فلسطين



عن الخليج الاماراتية








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "دين"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024