وطن..بلا منغصات!!
السبت, 07-يناير-2006. - حمل المشهد الكامل لعملية تحرير الاصدقاء من السياح الايطاليين الذين جرى اختطافهم من قبل عناصر ضالة وخارجة على القانون وكذا ما رافق تلك العملية من إجماع وطني على تجريم ظاهرة الاختطاف ومن يقترفها ويلجأ إليها رسالة قوية أكدت أن الدولة والمجتمع لن يسمحا بعد اليوم لأي كان بالمساس بمقدرات وأمن الوطن أو الإساءة لقيم شعبنا الأصيلة وأخلاقياته النبيلة.
- وقد برزت بوضوح ملامح هذه الصورة في ما اتسم به ذلك المشهد من تلاحم وتضامن شعبي واسع مع جهود قوات الأمن والقوات المسلحة التي قامت بتحرير السياح الايطاليين من خاطفيهم في عملية ناجحة لم ترق فيها قطرة دم واحدة الأمر الذي جسد حقيقة أن ظاهرة الاختطاف قد وصلت نقطة النهاية الحتمية وأن مرحلة جديدة من التكامل الشعبي والرسمي جرى تدشينها في مواجهة كل الأعمال والسلوكيات الخاطئة ما يوحي بأن صحوة اجتماعية قد حدثت تجاه ما تفرضه مقتضيات الذود عن سمعة ومصالح الوطن من مسئوليات وواجبات وأن أي تقصير أو قصور نحو هذه الواجبات إنما يعد إساءة بحق أنفسنا وانتقاصا من تطلعاتنا في الحياة الآمنة والمزدهرة تنموياً واقتصادياً واجتماعياً.
- وإذا كان ذلك المشهد قد أظهر بوضوح أن الأولوية باتت للعملية التنموية وتحقيق النهضة الشاملة فإنه الذي برهن بدقة متناهية على أن الشعب اليمني ليس لديه أي استعداد بعد اليوم لتبديد أي جهد في مداراة أية أعمال صبيانية أو مظاهر تطفل تستهدف ثوابته وقيمه ومصالحه الوطنية لقناعته بأنه قد حان الوقت لتحقيق الانتقالة النوعية التي يتأسس على قواعدها المستقبل اليمني الجديد والذي لامكان فيه لمعاول الهدم والتخريب والنوازع الشريرة التي تقود أصحابها لمخاصمة الوطن وإلحاق الأذى بأبنائه وزرع الأشواك في طريقهم.
- ولاريب ان مجريات هذا التحول هي من تبين أننا قد بدأنا مرحلة جديدة مكونها الأول والرئيسي سيادة النظام والقانون والتصدي الحازم لكل من تسول له نفسه الخروج على هذه القاعدة وردعه بصرامة مهما كلف ذلك من ثمن أو تضحيات بعد أن أصبح ذلك شرطاً ضرورياً لاستكمال مسيرة الإصلاح الشامل والمضي في اتجاه تحقيق الغايات التنموية وتعزيز مستويات الممارسة الديمقراطية في إدارة مؤسسات الدولة وإحلال مبادئ الشفافية وتوسيع المشاركة الشعبية في الحكم ومعالجة كل الاختلالات على نحو سليم غير قابل للمراوحة بين الرغبات الفردية ونزعات "الأنا".
- وأمام كل هذه الحقائق التي عبر عنها التلاحم الشعبي والرسمي في مواجهة ظاهرة الاختطافات يأتي استبشارنا بهذا التكامل والشراكة الوطنية التي تنتقل باليمن إلى واقع الدولة العصرية، والتي يصبح فيها النظام والقانون هو الإطار الناظم لعلاقات الدولة بالمجتمع وعلاقات أفراد المجتمع ببعضهم البعض ليستظل الجميع بمظلة القانون متساوين في الحقوق والواجبات .
وبلا شك فقد جاءت هذه الانطلاقة في توقيتها لتعلن بدء الربيع الذي تزدهر فيه الحياة اليمنية الجديدة في دولة عصرية يسودها النظام والقانون كمرجعية يخضع لها الجميع ومن يتمرد على تلك المرجعية أو يتجاوزها يطاله العقاب الصارم فلا يجد قبيلة تأويه ولاجاها يحميه ولا عشيرة تدافع عنه ولا عاصم له من القانون إلاّ الالتزام بالنظام والقانون.