رؤى اليمن الحكيمة
الأربعاء, 29-مارس-2006 محمد حسين العيدروس - احتلت قمة الخرطوم مساحة شاسعة من الصدى السياسي على المستويين العربي والدولي، لأنها قمة تحديات جسيمة، واختيار صعب وضع القادة العرب أنفسهم فيه بكل الملفات المعقدة التي تترجم واقع الحال العربي اليوم.
ولا شك أن الدور اليمني الذي يحمل لواءه الأخ الرئيس علي عبدالله صالح ليس موضع جدل عند أحد لأنه قائم على ثوابت مبدئية يمنية إزاء مختلف قضايا الأمة وهمومها أكدتها قيادة اليمن السياسية على امتداد فترة العهد الميمون للأخ الرئيس، وترجمتها في مختلف المناسبات والمحافل الدولية لكن مع وضوح هذه الرؤية ظلت الساحة العربية تعول على الموقف اليمني بالأمل الكبير، لأنه متميز ببعد النظر، وبروح المبادرة الاستباقية للأحداث، وبالمصداقية والجرأة النابعة من ضمير الانتماء العربي والاحساس بالمسئولية تجاه الآخر.
ولو تأملنا في ملفات القمة لوجدناها من الحساسية والخطورة التي جعلت من الحكمة، وبعد النظر، والجرأة ضرورات محلة للغاية من أجل تفادي الانزلاق إلى الهاوية المحدقة بجميع أقطار وطننا العربي بلا استثناء.. إذ أن المسألة لم تعد متوقفة على القضية الفلسطينية، وقضية احتلال العراق بل أضيف إلى ذلك قضية دارفور السودانية، والضغوط الدولية على سوريا، والوضع السياسي في لبنان إلى جانب التوترات القائمة في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
وبطبيعة الحال فإن الموقف الرسمي اليمني الذي حمله الأخ الرئيس إلى الخرطوم هو موقف معلن في جميع الـظروف، والفترات التاريخية، ولطالما ظلت قيادة اليمن السياسية على ضوئه تؤكد حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وبالسلام العادل والمتكافئ الذي لا ينطلق من فوهات المدافع والدبابات الاسرائيلية، أو المواقف الدولية المنحازة، وكذلك الحال بالنسبة للوضع في العراق الذي لم تمر مناسبة إلا وجددت اليمن رفضها للاحتلال، وتأكيدها لحق الشعب العراقي في امتلاك إرادته السياسية الوطنية، وتحذيرها من أي فتنة مذهبية أو عرقية، فيما أعلنت اليمن تضامنها الكامل مع سوريا، وتحذيرها المستمر من السياسات الابتزازية الرامية لإذلال الإدارة الوطنية للقيادة والشعب السوري.
لقد كانت رؤية الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، ولا تزال، للتطورات في المنطقة مبنية على أساس الدعوة إلى مواقف عربية موحدة وصادقة، وإلى بلورة آليات عمل عربي مشترك بعد تجاوز الصيغ الجامدة في مؤسسات جامعة الدول العربية والتحول إلى صيغ جديدة، وتقاليد سياسية مغايرة لتلك المتقوقعة حول بيانات الاستنكار والشجب، وهو الأمر الذي سعى الأخ الرئيس إلى تحريك مياهه من خلال مبادرته باقتراح الانعقاد السنوي للقمة العربية، والذي يجري العمل به لثقته بأن تقليص الفجوة الزمنية للقاءات القمة من شأنها تعميق الحوار، والتباحث، وتبادل الرأي بين قادة وزعماء الأمة، وبالتالي فهو تذويب لحالة القطيعة بين الأقطار، وترسيخ لجسور العلاقات العربية ـ العربية التي كانت تتعرض من حين لآخر لبعض سوء الفهم الذي تعمل القوى المعادية للأمة على استثمار تلك الأجواء في تصعيد المواقف، وتأجيج الخلافات وضرب مصالح الجميع.
كما أنه تبوأ ريادة الدعوة للحكومات العربية إلى توثيق مصالحها الاقتصادية مع بعضها البعض، ومشابكتها في أطر تكتلات أو منظومات اقتصادية وتجارية على غرار تجربة مجلس التعاون الخليجي، أو تجمع صنعاء وغيرها من المسميات التي من شأنها أن تعزز التنمية الوطنية لكل بلد، وتخلق تكاملا نسبيا يحرر الكثير منها من الحاجة إلى مساعدات القوى الأجنبية التي قد تترتب عنها بعض القيود، والالتزامات غير المرغوبة، وبالتالي فإنها تؤمن فرصاً جيدة للسلام والاستقرار في المنطقة.
إن المسؤولية القومية التي تتحملها اليمن تجاه الأمة ترجمتها قيادتها في ممارسات عملية جمعت فيها الفصائل الصومالية على وفاق سياسي وطني يحفظ لبلدهم وشعبهم قدرا من الأمن والسلام وفرص النماء، وبما يضع المنطقة بمنأى عن أي رهانات تدخل خارجية على غرار تلك التي تدعو إليها بعض الدول الكبرى للتدخل في المشكلة السودانية في دارفور، في الوقت الذي كان الأولى بالأمة أن تتبنى مثل هذه الأدوار التي تواجه بها أزماتها، وتحل بها مشاكلها مجتمعة دونما ترك الأبواب مشرعة لإثارة شهية التدخل الخارجي.
إن هذا البعد في فهم الواقع العربي، والتطلع إلى آلية صياغة قواسم عمل مشتركة على نحو فاعل هو ما يتصدر هموم اليمن القومية التي حملها الأخ رئيس الجمهورية إلى قمة الخرطوم، لكي يصبح الجميع أمام مسؤولية تاريخية أمام الله أولا، ثم أمام ضميره الإنساني حيث أن الحال التي بلغتها الساحة العربية هي حال مقلقة للجميع وآثارها تنعكس على الجميع أيضا ما لم يبادر زعماء الأمة إلى خيارات جريئة، ومواقف حازمة وواضحة.
ولا شك أن الأمة تمتلك إرادتها، ومصالحها، وعلاقاتها الواسعة مع أقطاب عديدة في المجتمع الدولي التي يمكن أن تأخذها في الاعتبار عند بلورتها لآليات عملها.. وهو الأمر الذي نجد أن قيادة اليمن السياسية تحرص على ترجمته خلال لقاءاتها مع زعماء الدول الصديقة في أوروبا وآسيا والقارة الأمريكية، فتبحث معهم ملفات القضايا العربية الساخنة، وتنسق مواقفها على أساس المصالح المشتركة والسلام العالمي، والعدالة الدولية.
فعلى امتداد التجارب السابقة كانت زيارات الأخ الرئىس إلى الدول الصديقة تضع ملفات القضايا العربية جنبا إلى جنب القضايا الوطنية، ولعل الأجندة المعلنة لزيارة الأخ الرئيس إلى الصين الشعبية تضع هذه المسائل في صدارة جدول أعمالها انطلاقا من احساس مسؤول بأهمية المبادرة إلى حشد المواقف الدولية لمؤازرة ودعم الحقوق العربية.
وحتما إن أي بلد يؤدي الدور الذي تتبناه اليمن اليوم لابد أن يستمد بعض إرادته من ساحته الوطنية التي تلقي على عاتق القوى الوطنية مسؤولية وضع التحديات العظيمة التي تواجهها الأمة نصب أعينها، وأن تراعي فيما تتخذ من مواقف سياسية حساسية المرحلة وخطورتها لأن أي طيش أو سوء استغلال للممارسة الديمقراطية ينعكس على المنطقة كاملا وليس على اليمن وحدها.
لقد تبنت قيادة اليمن السياسية الخيار الديمقراطي لأنه النهج الأكثر أمانا واستيعابا للإرادة الجماهيرية وهي اليوم تسعى بكل اخلاص لتكون هذه الديمقراطية شجرة مثمرة يعود خيرها على اليمن والأمة العربية جمعاء خاصة في إطار الشفافية التي تنتهجها في تداول الهموم والتحديات القائمة، وذلك هو النهج الذي وجدناه فيما طرحته القيادة السياسية اليمنية على هامش قمة الخرطوم.
لماذا التدخل في خصوصيات الاديان؟
محمد عبدالحليم
> ربط رئيس الوزراء الاسترالي جون هاورد مصير بقاء قوات بلاده في افغانستان بالمصير الذي ستؤول إليه محاكمة أحد المواطنين الافغان الذي يحاكم بسبب ارتداده عن السلام واعتناقه للديانة المسيحية ، وهو ما قد يؤدي الى الحكم بإعدامه اذا لم يعد عن ارتداده بحسب أحكام الشريعة الإسلامية في مسألة المرتد عن دينه المفارق لجماعة المسلمين .
ويعتبر التصعيد الاسترالي الذي عبرت عنه رسالة بعث بها هاورد للرئيس الافغاني حامد كرزاي آخر المستجدات في القضية التي تتدخل بغرض إيقاف أحد احكام الدين الإسلامي الشرعية والتي تعتبر ضمن خصوصيات الاديان والمفترض بالسياسيين في كل العالم مراعاتها واحترامها سواء بالنسبه للدين الإسلامي الحنيف أو المسيحية أو اليهودية وعدم التدخل لإبداء الآراء حولها ولدرء اندلاع الفتن بين معتنقيها بما يؤدي الى تهديد خطير للأمن والسلم والوئام الدولي.
ولكن قوات الاحتلال الامريكي لأفغانستان عملت منذ بدء المحاكمة خلافاً للمفهوم المتعارف عليه آنف الذكر والتركيز على المحاكمة باعتبارها محكاً للديمقراطية والحرية للنظام الافغاني الذي أقامته على إثر حربها على طالبان نهاية العام 1002م بهدف إقصاء حركة طالبان عن الحكم وظلت حتى الآن بحجة مطاردة فلول الحركة المتمترسين في محافظات الجنوب الأفغاني.
وبين الموقفين الأمريكي الاسترالي تأجحت مواقف بريطانيا وألمانيا وايطاليا والسويد وكندا والأمم المتحدة بين التذكير بالتسامح وحرية الاعتقاد للأفراد والأمل في تدخل الحكومة الافغانية في حكم القضاء أثناء المحاكمة في ما اتفقت المواقف جميعاً على الاحتجاج الشديد والتلويح بالاختبار والانسحاب وإيقاف الدعم ولو من بعيد.
الأمر الذي يؤدي الى التساؤل عن ماهية المساعدات الامريكية والنموذج المراد إقامته في افغانستان عقب اسقاط نظام حركة طالبان ، ولماذا يجري الآن التدخل في أحكام الشريعة الاسلامية للشعب الافغاني.
كما يدعو الاهتمام الذي يوليه الساسة الغربيون للمحاكمة أكثر من اهتمام بابا الفاتيكان نفسه الى طرح سؤال عن موضوع احترام الأديان وخصوصيات معتنقيها أكدت عليه مواثيق الأمم المتحدة والشرائع الدولية الأخرى فلماذا يتم إغفال تلك المواثيق والقوانين والشرائع الدولية والإنسانية عندما يتعلق الأمر بمسألة او موضوع من صميم الدين الاسلامي الحنيف؟!
وسؤال آخر: الى أي مدى يمكن للتصعيد في موضوع المحاكمة ان يزيد من الفصل بين البشر على أساس الدين؟!
وأخيراً ألا يضاعف ذلك من طرح الجميع للسؤال لماذا يكرهوننا؟!!
عن الثورة