مصطلحات لايحتويها قاموس الديمقراطية في اليمن(د.الحاجبي)
الأحد, 22-أكتوبر-2006المؤتمرنت/ د.عبدالغني الحاجبي - باريس - الحديث عن الفوز والخسارة يتطلب منا أولاً أن نفهم فائدة هذا التنافس. ولنأخذ مثلاً التنافس الرياضي في كرة القدم، ولننظر لهذه اللعبة الأكثر شعبية في العالم بنظرة ذات أبعاد واسعة. إذا أجريت بطولة لأندية كرة القدم في بلد ما وكان الدوري كما في المصطلح الرياضي "ساخناً" بلا شك فإن التقييم الدولي يتعدى نطاق النادي إلى المستوى الرياضي الوطني. بالطبع سيفوز أحد الأندية لكن من هو المنتصر؟ اللاعبين؟ النادي؟ أم الرياضة؟ الجواب مرهون بنظرة الإنسان نفسه، فمنهم من يعطي النصر لأحد اللاعبين أو بعضهم، ومنهم من ينتصر للنادي، ومنهم من يجد في ذلك نصراً للرياضة في البلد بشكل عام. وهذه المقاييس هي نفسها التي تقاس بها الانتخابات الرئاسية والمحلية في اليمن. فأصحاب النظرة الضيقة سيجدون في نتائج الانتخابات نصراً لعلي عبدالله صالح وأصحاب النظرة القاصرة سيرون فيه نصراً للمؤتمر الشعبي العام ولكن أصحاب العقول الفذة الذين يملكون نظرة أفقية تتخطى تلك الحدود سيجدون في الانتخابات اليمنية نصراً للديمقراطية وللشعب اليمني كله سواء كانوا من الحزب الحاكم أو من المعارضة أومن المستقلين.
التنافس في أي مجال يخلق جوا من الحراك والتطور والتميز. وفي أي بلد كان، نجد أن التنافس التجاري يعود بالمصلحة للمواطن لأنه يوجِد تنوع في السلعة وبأسعار جيدة، التنافس الرياضي يؤدي إلى تطور الرياضة، التنافس المهني يؤدي إلى تميز في المهنة، وهكذا التنافس الديمقراطي يؤدي إلى تطور العملية الديمقراطية ونمو الوعي الوطني لدي الناس. فمن هو الفائز إذاً في الانتخابات الأخيرة؟ علي عبدالله صالح؟ أم فيصل بن شملان؟ أم المؤتمر الشعبي العام؟ أم المعارضة؟ ليس هذا ولا ذاك بل الشعب اليمني كله هو المنتصر لأن الشعب لم ينتخب علي عبدالله صالح لشخصه بل أختاره لبرنامجه الانتخابي الواضح الذي يلبي تطلعاته نحو مستقبل أفضل.
أما مصطلحات الفشل والخسارة والهزيمة التي يتحدث عنها البعض في مساجلاتهم الصحفية أو مقابلاتهم فإن قاموس الديمقراطية في اليمن لا يحتوي عليها لأن الفشل والخسارة والهزيمة تطلق إذا تعطلت العملية الديمقراطية برمتها وهذا لم يحدث بل حدث العكس فقد انتصرت الديمقراطية وانتصر الشعب اليمني كله وليس هناك من خاسر أو فاشل أو مهزوم.
وهاهو الشعب قد بدأ يلمس حقائق ذلك البرنامج من خلال تصريح الأخ رئيس الجمهورية بعد إعلان النتائج بمحاربة الفساد والمفسدين، وهذا هو الهم الأكبر لدى الشعب صغيره وكبيره حتى المفسدين أنفسهم. كما أن الزيارات المتوالية التي يقوم بها الأخ رئيس الجمهورية في هذا الشهر الكريم إلى محافظات وقرى وعزل الجمهورية لتلمس هموم المواطنين والتوجيهات التي أصدرها مؤخراً لتثبيت الأسعار تحمل البشائر على البدء في الإصلاحات التي يتضمنها برنامجه الانتخابي.
فالتنافس على كرسي الرئاسة ومقاعد المجالس المحلية في الـ20 من سبتمبر 2006 وما رافق الحملة الانتخابية من تفاعل جماهيري قد أثبت للعالم أن مستوى الوعي الديمقراطي في اليمن قد أنتقل نقلة نوعية وهذا بحد ذاته انتصاراً حقيقياً للشعب اليمني بكامله وليس لشخص الرئيس علي عبدالله صالح لأنه ليس إلا رمز لهذا الوعي ولهذا الانتصار الجماهيري. وبما أن الشعب قد أختار البرنامج الانتخابي للمؤتمر الشعبي العام فعليه الوقف بإخلاص إلى جانب الرجل الأول في السلطة لتنفيذ برنامجه الذي أنتصر له. ولا ننسى أن أحزاب المعارضة تعد جزء من هذا النصر وسَجَّل لها التاريخ، كما هو الحال أيضاً للمؤتمر الشعبي العام وللشعب اليمني كله، دوراً فاعلاً غير مسبوق.
لكن كي تكون أحزاب المعارضة شريك ايجابي في هذا النصر في المستقبل يجب عليها أن لا تعتبر مهمتها موسمية تبدأ ببدء الانتخابات وتنتهي بانتهائها، بل عليها أن تقف إلى جانب المواطن. فالشعب لا يريد من الأحزاب، معارضة كانت أو الحزب الحاكم، أن تتنافس فقط على الأصوات في الانتخابات وتختفي باختفاء الموسم بل يريد منها أن تقف إلى جانبه على الدوام وأن تتنافس على تلمس همومه واحتياجاته في كل قرى وعزل ومدن الجمهورية اليمنية. فعلى الأحزاب بما فيها الحزب الحاكم الاستمرار في تثقيف وتوعية المواطن وبرمجة تطلعاته وآماله إلى أشياء واقعية وملموسة وذلك في متابعة تنفيذ الإصلاحات التي جاء بها البرنامج الانتخابي للمؤتمر الشعبي العام، وهو البرنامج الذي أختاره الشعب، وسيدرك المواطن حينها مصداقية الأحزاب من عدمها.