المتطرفون يستخدمون النساء المتعلمات ضد حركة الدفاع عن حقوق المرأة
الخميس, 27-مايو-2004المؤتمر نت - برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة النساء الواعظات في أوساط طالبات الجامعات وربات البيوت، بالإضافة إلى الجلسات الدينية الخاصة بالنساء تحت أشراف ملالي حزب التجمع اليمني للإصلاح وشيوخ الجماعات السلفية المتشددة.
وتتلقى الطالبات الجامعيات وربات البيوت في هذه اللقاءات والاجتماعات أفكارا متطرفة تحرض على كراهية الحياة المدنية والحضارة المعاصرة والمنتجات الحديثة والاستعداد الجدي للموت بهجر الدنيا والاعتزال عنها وعدم الاستماع للموسيقي والامتناع عن مشاهدة التلفزيون وعدم استخدام الصور الفوتوغرافية باعتبارها من البدع الكافرة والمنكرات التي يجب أزالتها باليد أن خاب النصح.
وفيما يجرى العمل بنشاط كبير داخل صفوف النساء واستخدامهن لكبح حركة الدفاع عن حقوق المرأة، تبدو الأحزاب السياسية- باستثناء التجمع اليمني للإصلاح – نائمة أو عاجزة أو كان الأمر لا يعنيها، فيما يغيب أيضا عن ساحة المواجهة مع هذا النشاط المؤتمر الشعبي العام ومنظماته التي لا تعطي اهتماما لخطورة هذه الظاهرة.
بيد أن الصورة ليست بهذه القتامة إذ أن ثمة نقاط ضوء تحاول اختراق ليل صمت الأحزاب، حيث يسود شعور بالقلق لدى بعض ناشطات الحركة النسوية والمجتمع المدني.
في مقدمة هؤلاء الناشطات تأتي الأستاذة سعاد القدسي رئيسة ملتقى المرأة للدراسات والتدريب التي تناولت خطورة هذه الظاهرة في حوار أجرته معها الزميلة صحيفة( الأسبوع) في عددها الأخير.
يبدو قلق سعاد القدسي من خلال المعلومات التي تكونت لديها حول هذه الظاهرة التي تنتشر بقوة وسط الشباب من الذكور والإناث في الفترة الأخيرة، الأمر الذي دفع ملتقى المرأة للدراسات والتدريب إلى التصدي للمفاهيم المغلوطة عن الإسلام والتي تقوم الجماعات المتطرفة بنشرها في أوساط النساء.
من مظاهر تحرك الملتقى قيامه بأعداد برنامج خاص بحقوق النساء في الإسلام تم تدشينه مطلع هذا العام من منظور إسلامي بحث، ولا ريب في أن تحركا مدروسا. ومنهاجيا كهذا يشكل البداية الصحيحة لتأسيس حركة مضادة تتصدى للأفكار المتطرفة المغلوطة التي ينشرها الملالي والمتطرفة المغلوطة التي ينشرها الملالي والمتطرفون في أوساط الشباب من الجنسين.
ردود أفعال
تستغرب سعاد القدسي انتشار هذه الظاهرة في أوساط الطالبات الجامعيات.. لكنها تحاول فهم المشكلة بدلا من أدانتها.. فلو نظرنا إلى المشكلة نظرة سطحيه سيكون الاستغراب هو النتيجة.. بل أننا يمكن أن نخاف على حالنا ومستقبلنا حين نرى المتطرفين يستخدمون الفتيات المتعلمات كأدوات لمعاداة حقوق النساء لا تعتقد سعاد القدسي أن الفتيات الجامعيات يقلبن أن يتعلمن أولا ثم يستخدمن علومهن ومعارفهن لتكريس جهل النساء وإجبارهن على معاداة حقوقهن المشروعة.
على العكس من ذلك تؤمن سعاد القدسي بأن الرغبة الحاصلة لدى الفتيات المتعلمات بالتوجه نحو الجماعات المتطرفة جاءت نتيجة للعنف المعنوي الذي تلاقيه النساء من الرجال المتعلمين، بالإضافة إلى ردود أفعال الأسر السلبية والمرتبطة بتعقيدات ومصاعب الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
في هذا السياق تؤكد سعاد القدسي حاجة المجتمع المدني لتفهم هذه الظاهرة ودراستها والتصدي لها بوسائل مدروسة بدلا من ردود الأفعال السلبية.. ولذلك تبدى سعاد ارتياحها لتزايد الميول الرامية لدراسة هذه الظاهرة على المستوى المحلي والعربي مشيرة إلى أن ملتقى المرأة للدراسات والتدريب يخطط لإجراء دراسات جديدة لمعرفة توجهات المجتمع المدني تجاه هذه الظاهرة وتأثير العوامل الخارجية عليها.
أصابع خارجية تحرك خيوط اللعبة
رغم حرص الأستاذة سعاد القدسي على التناول الموضوعي لهذه الظاهرة وتركيزها على ضرورة استكشاف جذورها في البيئة المحلية، الا أنها تشير بأصبح الاتهام لدور العوامل الخارجية والنشاط الاستخباري الخارجي في نشر الثقافة المتطرفة بين أوساط النساء، وتقرر بثقة لا حدود لها أن الجماعات المتطرفة في اليمن تم- ويتم – استخدامها وتمويلها من قبل بعض أجهزة المخابرات الخارجية لصالح أنظمة لمن ترغب في ذكر أسمائها.. كما تقرر سعاد أيضا أن الغرب استخدم أيضا جماعات متطرفة إسلامية لتحقيق أغراض سياسية تخدم مصلحه الاستراتيجية.. كما تتهم سعاد دولة ما – لم تذكر أسمها- بتمويل الجماعات السلفية المتشددة والحركات المتطرفة بأموال التبرعات الخيرية تعرف سعاد القدسي أن ثمة نساء داعيات يقتحمن البيوت دون استئذان بينما الإسلام ينهي عن هذا الفعل.. وتنظر سعاد إلى محيط أسرتها وعائلتها فترى شبابا كفروا أقرباءهم وعنقوا مهاتم ومارسوا العنف تجاه أخواتهم.
بدنيا وضربوهن دون رحمة.
حيال هذا الخطر تحذر سعاد القدسي الناس أفرادا وجماعات- بل وحتى الدولة ومخابراتها- من هذا الخطر، وتدعو إلى ضرورة اكتشاف القوى التي تقف خلف هذه الظاهرة التكفيرية المدمرة.
كامرأة يهمها مستقبل بني جنسها وتماسك وتوازن مجتمعها ينتاب سعاد القدسي شعور بالقلق بعض الفتيات عن الزواج بعد أن نذرن أنفسهن للدعوة في سبيل الله.
أنها لا تى في هذه الظاهرة زهدا ورهبنه بل لعبة خطيرة تتم لصالح أطراف خارجية، وتقف وراءها أطراف داخلية خفية لها مصالح.
وجه الخطورة في هذه الظاهرة أن الأطراف الداخلية التي تحركها تلعب هذه اللعبة بالمكشوف وبحرية تامة، ولا تلعبها بسرية، كما هو حال الأطراف الخارجية التي تمول هذه اللعبة وتحرك خيوطها من الخارج.
تتساءل سعاد بقلق عميق: لماذا يترك هؤلاء بحرية تامة دون أن يحاسبهم أحد بينما يضرب لاخناق على كل من يبادر إلى التغيير، ويدعو إلى الديمقراطية وبناء المجتمع المدني ويدافع عن حقوق الإنسان والحريات العامة.
وتتساءل أيضا عن الجهة التي تأتي منها الأموال التي تحرك هذه اللعبة والوجهة التي تذهب اليها هذه الأموال في نهاية المطاف؟
أن الذين يشتغلون في هذه اللعبة الخطيرة يحتاجون إلى الأموال وتكاليف النقل ويحتاجون إلى نفقات تغطي إصدار الكتب المتطرفة التي توزع على الناس مجانا وتستهدف في نهاية المطاف تحويل مجتمعنا إلى بؤرة للإرهاب والتطرف!!.
تلاحظ سعاد القدسي أن اللعبة تنتشر بشكل أوسع منذ عشر سنوات عملت خلالها تغيرا كبيرا في المجتمع خصوصا بعد حربي الخليج الأولى والثانية، حيث عاد ما يقرب من مليونين.
بعض الأثرياء أصبحوا مصدر تمويل داخلي لهذه اللعبة بالإضافة إلى التمويل الخارجي.. أما النخب الحديثة في المجتمع والدولة على حد سواء فهي صامته وسلبية وكان الأمر لا يعنيها.
زاد عدد ضحايا هذا النشاط المتطرف من الفتيات المتعلمات.. أنهن كثيرات.. هكذا تقول سعاد القدسي التي لفت نظرها انخراط الفتيات في هذا التوجه حتى ان اغلب طالبات مدارس الريف صرن وجها واضحا للفكر المغلوط.
وتواصل سعاد تساؤلاتها: كيف حصل هذا التغيير ولصالح من؟ انه يهدد بطمس ثقافتنا وتسريب مفاهيم مغلوطة باسم الإسلام، وتهميش حقوق النساء!! بمعنى أن المرأة المتعلمة لا يمكن أن تتحول إلى قنبلة لتفجير وتدمير مكاسبها، ولذلك فإن سعاد القدسي مقتنعة بان هناك استراتيجية تخطط لهذا النشاط المتطرفة.. ثم تحذر قائلة:
" لو استمر الوضع على هذا النمط دون كشف القوى الخفية التي تحرك وتمول هذه الحركات فسوف يولد جبل مشحون بالكراهية والحقد والعدوانية والشر، وسيخلف جماعات متناحرة يحارب بعضها بعضا دون مبرر"
ثمة أمل يراود سعاد القدسي بأن تتحرك النخب الحديثة في الدولة والمجتمع المدني لوضع خطة كفيله بدرء هذا الخطر.. وبحسب سعاد فإن مكانة المرأة المتميزة في المجتمع يجعلها هدفا لتحرك أنصارها والتحرك المضاد لأعدائها في آن واحد، مشيرة إلى أن تحرك المرأة ضد مصالحها ليس جديدا، فالفرس والروم قديما استخدموا المرأة لتدمير وتشويه وجه الحضارات القديمة.. ولذلك أدركت القوى المتخلفة التي تسعى إلى التغيير السلبي للمجتمع أهمية استغل المرأة لترجيح كفه ميزانها، واستخدام النساء لعرقلة مشاريع التحديث.. فهل تتحرك القوى الحديثة تجاه المرأة وتناصرها أم أنها ستترك المجال مفتوحا لاعداء التجدد والتقدم.. أعداء الحياة؟
نقلاً عن الأسبوع