ما تيسر من سفر الثورة
الجمعة, 14-أكتوبر-2005المؤتمرنت- بقلم : رئيس التحرير - الثورة في حياة شعب من الشعوب هي فعل راف لما هو قائم، رافض للواقع ومعطياته، ومطالباً لتغييره تغييراً جذرياً يقلبه من النقيض إلى النقيض ، والثوار في حياة أي شعب من الشعوب، هم رجال حظوا بمكانة خاصة، ويحظون بتقدير كبير لما اجترحوه من أعمال كفاح ونضال مشرفة حين عاهدوا الله عز وجل، عاهدوا شعوبهم على الكفاح ضد الواقع المهين، سواء واقع النظام الرجعي الظلامي المتخلف، أو النظام الاستعماري الذي استباح الأرض وأهان السيادة، الثوار وحدهم من قام بفعل الثورة.. الثوار وحدهم من حملوا رؤوسهم على أكتافهم وخاطوا أكفانهم وهم أحياء يرزقون.. الثورة والثوار حالة توأمة لا انفصال فيها، لأنه لا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا فعل يذكر لأحدهما دون وجود الآخر.
اليوم ونحن نحتفل بالذكرى الثانية والأربعين لانطلاقة ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م المجيدة، والتي انطلقت شرارتها من قمم جبال ردفان في بداية عملية لإعلان مرحلة جديدة من مراحل شعبنا لنيل الاستقلال، مرحلة بدء الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني المحتل، كخيار أخير ووحيد لنيل الاستقلال الوطني الناجز لجزء غال من الوطن اليمني الحبيب.
فانطلاقة شرارة الكفاح المسلحة في 14 أكتوبر 1963م من قمم جبال ردفان الشماء، قد جاء بعد سلسلة طويلة من النضال الوطني اليمني اتخذ منذ بداية خمسينيات القرن الماضي أشكالاً عديدة وصوراً متعددة، تلك السلسلة اللا متناهية من نضالات شعبنا اتخذت أول الأمر شكل النضال السياسي النقابي، والتي قامت به النقابات الست، واتخذ شكل مطالبات وطنية وحقوقية وشمل الإضرابات والمظاهرات وأشكال المقاطعة لعدد غير قليل من القرارات البريطانية، والبضائع والتعاملات مع القوانين ورفضها، واتسع لتسيير المظاهرات الطلابية والاحتجاجات.
ووصل إلى إقامة عدد من الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الأهلية والأندية الرياضية التي رفعت مطلب الاستقلال كعنوان رئيسي وأوحد لنضالاتها الوطنية والسياسية والنقابية والطلابية والرياضية طيلة السنوات التي سبقت انطلاقة شرارة الكفاح المسلح في 14 أكتوبر 1963م من قمم جبال ردفان بقيادة الجبهة القومية.
وبتركيز شديد نقول إن مرحلة الكفاح المسلح قد جاءت امتداداً طبيعياً لرحلة طويلة من النضالات السلمية ومثلت خياراً جديداً لها.
وبتجرد نؤكد أن النضالات الوطنية المختلفة والتي شهدتها عدن وغيرها من المحافظات قد شارك فيها عموم الشعب وقياداته الوطنية، كأحزاب، ونقابات، وجمعيات، وتنظيمات، وأندية رياضية، وصحف..الخ، شملت كل ألوان الطيف السياسي على اختلاف أفكارها ورؤاها وأهداف نضالها، وكذا على مختلف مشاربها الفكرية.
ونذكر هنا أنه ما أن انطلقت شرارة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني بقيادة الجبهة القومية حتى أعلنت جبهة التحرير بتنظيمها الشعبي هو الآخر اللجوء إلى الكفاح المسلح من 14 أكتوبر 63م، حتى نيل الاستقلال في نوفمبر 67م، سقطت قوافل من شهداء الجبهتين العديد من أبناء الشعب، وثمة عامل هام وأساسي يجب أن يذكر ونحن نتحدث عن انطلاق الثورة المسلحة وأهميتها في التسريع بنيل الاستقلال، هذا العامل يتمثل في قيام وانتصار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، فانتصار الثورة في صنعاء أسهم بصورة كبيرة ومباشرة في توفير الظروف والأرضية الصالحة لانطلاق ثورة أكتوبر، تلك الظروف تمثلت في الدعم المادي والمعنوي والعسكري والسياسي اللا محدود لثورة 14 أكتوبر.
كما شكلت مدن ومناطق المحافظات الشمالية مراكز تجمع الثوار وملاجئ آمنة من ملاحقات الاستعمار ونقطة انطلاق لهم ومراكز تدريب داخل صنعاء، وتعز، ونقطة عبور إلى مصر للتدريب على أشكال الكفاح المسلح، وساعد انضمام عدد كبير من أبناء المحافظات الشمالية في صفوف الثوار على توسيع رقعة العمليات العسكرية ضد القوات البريطانية، وفعل ذلك الأمر اشتداد الثورة المسلحة وانتشار أخبارها في أرجاء الدنيا.
الخلاصة أن ثورة الشعب اليمني في الرابع عشر من أكتوبر 1963م ثورة بكل مقاييس الثورة، قامت وناضلت وقدمت أغلى التضحيات من أجل نيل الشعب للاستقلال الوطني بعد احتلال بريطاني للأرض اليمنية استمر زهاء (129) عاماً، وهو ما تحقق في 30 نوفمبر 1967م حين رحل عن الأرض اليمنية آخر جندي بريطاني معترفاً أن ثورة الشعب اليمني انتصرت، وأن احتلال بريطانيا هو من انكسر.