باجمال في حوار: محتاجون أكثر الآن للرئيس
الأحد, 04-ديسمبر-2005المؤتمر نت - السياسية -
نص حوار (السياسية)الكويتية مع الاستاذ/ عبد القادر باجمال- رئيس الوزراء
كتب- محمد زين:
عندما عاد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح من جولته الاخيرة قبل أيام.. اجتمع بوزراء الحكومة وطلب منهم ان يكون مجلسهم في انعقاد دائم, وكانت محطته الاخيرة في واشنطن التقى خلالها بالرئيس الاميركي بوش وبعض كبار المسؤولين في الادارة الاميركية, فهمت من هذا القرار ان الرئيس اليمني ربما سمع كلاماً من المسؤولين الاميركيين الذين يطالبونه بأن يسرع في الاجراءات الاصلاحية دون أي ابطاء.
رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال يقضي في مجلس الوزراء ساعات طويلة من النهار, والليل وهو في اجتماع متواصل مع وزرائه, واجتماعات هنا وهناك مع عدد من اللجان التي انيط بها اتخاذ اجراءات سريعة ومدروسة لتطوير مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية!
والسيد باجمال يمتلك قدرة على الحديث في شتى المجالات, إنه قبل ان يكون صاحب فكر سياسي, فهو اقتصادي محنك, ولكن قبل كل ذلك هو أديب وشاعر وفنان يحدثك عن »الدان« الحضرمي والتواشيح الصوفية وهو بارع الى حد كبير في هذا المجال, التقيته في صنعاء اكثر من مرة, وجرى الحديث معه في بيته المتواضع, وفي احدى الغرف التي جلست في داخلها رأيت الجدران كلها مغطاة بمئات الكتب السياسية والتاريخية والادبية, انه قارئ نهم, ولا ادري من اين يجد الوقت الكافي لقراءة كل هذه الكتب وهي باللغتين العربية والانكليزية.
الجلوس مع عبدالقادر باجمال متعة, فلا تستطيع ان تقاطعه لانه يسترسل دون توقف وحديثه مشبع بالمعلومات والحكايات والذكريات, رغم انه مثقل بهموم ومشكلات الشعب اليمني, ولكنه متفائل بأن اليمن موعود بمستقبل زاهر ولكن لن يأتي هذا المستقبل الا بعد صبر ومعاناة يرى ان على اليمنيين تحملها حتى ينطلقوا فيما بعد الى المستقبل الذي يبشر بكل خير.
سألته في بداية حوار طويل:
السياسة: كيف حال اليمن, هل هو بخير?
باجمال: نعم اليمن بخير, نقول ذلك من منظارين, الأول هو منظار الواقع اليمني, مقارنة بما كان عليه قبل الوحدة تاريخياً, اكيد قضية الوحدة تمثل اكبر خير وقضية الديمقراطية تمثل اكبر خير وقضية التنمية تمثل اكبر خير, وهذا التحول الاقتصادي الاجتماعي السياسي يمثل في حد ذاته خيراً ليس فقط من منظور الواقع الاقتصادي الحياتي للمواطن بل من منظور اننا اذا اخذنا جملة الاعمال الخيرة سنجدها بطبيعة الحال انها اكبر من اي عمل آخر في البلد.
المنظار الثاني هو أن اليمن ورثت أيضاً الاشكاليات الموجودة منذ قيام الوحدة ورثت نظامين سياسيين, ورثت ايضاً تيارين سياسيين متطرفين يساراً ويميناً ورثت ايضاً التزامات تاريخية مبنية على انتماء الطرفين الى الشمال والجنوب, أي الى اطراف الحرب الباردة, هذه كلها التزامات قدرت ان تتخلص منها اليمن بحنكة وبذكاء من الرئيس بدرجة اساسية.
السياسة: ما المطلوب منكم حتى يظل الخير يعم جميع ارجاء اليمن?
باجمال: مطلوب منا اليوم ان نكيف انفسنا لكي يظل الخير العميم قائماً, نكيف انفسنا مع مقتضيات العصر ومع التحولات الكبيرة في الساحة, وفي رابطة الاقليم والعالم والدول العربية والاسلامية, وغيرها, وبالتالي لا نستطيع ان نقف عندما حصل في الماضي او ما يحصل الان, اننا نستقبل نقداً قادماً الينا من المعارضة, لكننا نستفيد منه لتصحيح اوضاعنا كحكومة, لكن في الوقت نفسه تدرك المعارضة انها المعارضة الوحيدة التي تعبر بشكل اكثر حرية واكثر ديمقراطية عن غيرها من المعارضات في البلاد العربية, صحافتها, منابرها, كل ما يمكن ان نقول ان لغة المعارضة ليست مرفوضة من حيث المبدأ لكنها من حيث طريقة صياغة فكر المعارضة.
السياسة: في بعض الاحيان, نجد المعارضة لا تفرق بين ما نسميه مصلحة وطنية عليا وبين مصالح ضيقة ذات طابع حزبي شخصاني?
باجمال: هذا صحيح ومعروف تماماً, وبالتالي فان الحوار بين المعارضة والدولة والنظام سيظل قائماً بل ومطلوباً وفقاً لاسس, الاساس الاول ان هناك مصلحة وطنية عليا تقتضي مواصلة اصلاحات بما فيها الاصلاحات السياسية التي اعلن جزءاً كبيراً منها الاخ الرئيس, وتتمثل في الاتجاه نحو غرفتين تشريعتين هما مجلس النواب ومجلس الشورى, الان ندرس هاتين الغرفتين, الأن ندرس نقاط عدة في طريقة التعامل مع هاتين الغرفتين, لكن الغرفة الثانية ستكون أقل شأنا كون ثلث اعضائها من المعينين لتحسين النوعية, ولهذا عندما ألغينا التعيين في مجلس النواب وقلنا مباشرة بالانتخابات كان هذا في عام 1993, لكن اقولها صراحة في الانتخابات المباشرة لم نحصل على النوعية التي تستطيع ان تؤمن لنا فكراً حداثياً ومعاصراً ومجدداً واكاديمياً ونخبوياً هذه طبعاً واحدة من الاسباب التي جعلت قضية خلق مجلس شورى امراً ضرورياً لتعويض النوعية المفقودة ربما في بعض الجوانب في مجلس النواب لا شك هناك نوعيات في مجلس النواب لكن مش كل الناس اللي تقدر تدخل انتخابات وتنافس في العمل واذكر بعض الاحزاب في افريقيا مثل حزب سنجور في السنغال فجماعة الحزب اتفقوا في قضية اساسية وهي هل يجب ان يكون الحزب جماهيرياً ام طليعياً شعبياً ام نخبوياً الى اخر هذه المسألة بما معناه الديمقراطية الواسعة والمنفلتة قد تعرقل النمو من حيث زيادة الوعي بمسؤولية الشراكة في الحكم, هذه المسألة الأولى, المسألة الثانية عندنا المجالس المحلية فهي ايضاً المترجم الاخر لنظام الشراكة بين الدول والمجتمع ويتبقى لتجربتنا الأولى فيها تسعة اشهر, اما المجالس القادمة فستبدأ الانتخابات لها بعد عشرة اشهر متزامنة مع الانتخابات الرئاسية.
الساسية: توسعة قاعدة المشاركة اليس لها سلبيات?
باجمال: اذا احصينا ايجابياتها على سلبياتها سنجد ايجابياتها كبيرة, لان مجرد قيامها يعتبر ايجابية, ناهيك انها اليوم اصبحت تمثل عنصراً مهما في التوازن الاجتماعي التمثيلي بين فئات المجتمع وايضاً في شراكة هؤلاء كلهم في ادارة السلطة المحلية, سوف نمنح هذه المؤسسات مزيداً من التفويض في السلطة ومزيداً من القدرة على ان تكون هي الفاعل الحقيقي في ميدان التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في مناطقها, وهذه ايضاً تحتاج الى تعديلات دستورية بما فيها مهمات مجلس الشورى, ايضاً هناك الان حوارات تجري حول تقييم نظم الدولة الاقتصادية, والاجتماعية والمالية والثقافية, هذه النظم مهمة جداً لانها تمثل فلسفة النظام السياسي والدولة في اليمن.
السياسة: ما دور المرأة في اطار هذه العملية السياسية?
باجمال: لا شك ان هناك دوراً مهماً ينبغي ان تلعبه المرأة في اطار هذه العملية السياسية, ونحن قلنا اننا نتمنى على جميع الاحزاب السياسية ان تتوافق مع المؤتمر الشعبي العام لتمكين المرأة من الحصول على نصيب او حصة من المقاعد لا تقل عن 15 في المئة في جميع الهيئات, نحن كهيئة تنظيمية في المؤتمر الشعبي العام حددنا 15 في المئة بوسائل عديدة, اما ان تكون المرأة قد انتخبت مباشرة من بين الرجال أو تحصل انتخابات بين النساء ليحققن هذه النسبة لانه لا يمكن ان تتعدل في كثير من الامور لكن على الاقل يكون للدولة مبادرة في ان تخترع الآليات والنظم, ومن باب اولى ان تبادر الدولة بكل فئاتها الاجتماعية والنخبوية والقائدة الموجودة في صفوف الحزب الحاكم الذي عليه ان يعلن عن هذه المبادرة بطريقة او بأخرى قائمة على الاقل في داخل مؤسساته القاعدية والقيادية, هذه صورة الوضع بصورة عامة لان التنظيم مهم بالنسبة للمجتمع وثانياً مؤسسات المجتمع المدني ينبغي ان تنهض اكثر فاكثر في اتجاه تركيز جهدها في التنمية الشاملة.
السياسة: دولة الرئيس, »الرئاسة المؤبدة« هل يمكن ان نطلقها على الرئيس علي عبدالله صالح?
باجمال: انا اعتقد ان رئاسة الرئيس علي عبدالله صالح هي رئاستان, رئاسة قبل الوحدة ورئاسة بعد الوحدة, وبالتالي فالوضع مختلف, هو جاء عشية مقتل الغشمي في ظروف شمل الاغتيال السياسي او الجريمة السياسية ثلاثة رؤساء في سنة واحدة, شمل الحمدي والغشمي وسالمين (سالم ربيع علي). اذن الحالة نادرة وغير موجودة الا لدى رجل عنده روح الوطنية ويستطيع ان يضحي بروحه, وعشية الوحدة بدأ تاريخ جديد لعلي عبدالله صالح, صحيح ان التاريخ يتواصل لكن هناك تاريخاً وحدوياً, يحقق نوعية جديدة في مفهوم الدولة ومفهوم السلطة ومفهوم العلاقات الاجتماعية السياسية للسلطة, فان نقول ابدية بهذا الشكل فهذا غير وارد.
السياسة: هناك من يتمنى ان لا يتراجع الرئيس عن قراره بعدم ترشيح نفسه لولاية اخرى?
باجمال: علينا ان ننظر لاجندة علي عبدالله صالح, هذه الاجندة لا تنتهي فهي وحدوية ديمقراطية, هناك اجندة تختص به, عليه ان يكملها وعليه ايضاً ان يجهز الوطن اليمني كله, والمؤسسة الخاصة بالدولة لمرحلة قادمة, يكون رائد هذه المرحلة التي ينبغي ان تبنى بناء واسعاً بمنظور فكري جديد مستوعب لكل المتغيرات, ولهذا فان الافراد يذهبون ويأتون ويبقى الوطن, ونحن نلاحظ الان في الخطاب السياسي وكذلك الاعلامي انهم يريدون تحويل اليمن الى حقل تجارب وممن يقول ان عليه ان لا يتراجع, لاننا الوطن العربي الوحيد, وربما العالمي الوحيد, الذي مرت عليه كل التجارب, تجربة شمال وجنوب اشتراكية, رأسمالية وحرب باردة وحرب مختفية وحرب معلنة, وحدة وما بعد الوحدة, ونحن قطعنا شوطاً في تأسيس قواعد نظامنا السياسي حتى بعد الوحدة عندما انتهينا من التقاسم والله يرحمه المناضل عمر الجاوي عندما قال »الهاكم التقاسم« في مقالة كتبها يعني الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام تقاسما البلد واصبح هناك لا دولة الا دولة من يقول »فين حقي« نصف بنصف, وانا لا اعتبر فترة التقاسم تلك منذ عشية الوحدة في 22 مايو 1995 حتى تعديل الدستور وانهاء الحرب في 1994 مستمرة فمن منتصف 95 بدأنا ندرس الامكانات اكثر لمفهوم الدولة اليمنية الحديثة, دمج الجيش, دمج القوات المسلحة, دمج المؤسسات المدنية, بحيث اصبحت القضية الوطنية ووحدتها هي القضية الاساسية خلال تلك الفترة اعتبرها نهاية مرحلة وبداية مرحلة اذن عهد علي عبدالله صالح يبدأ بمرحلتين مرحلة ما قبل الحرب وما بعد الحرب في مدى اخر لمفهوم اخر, لاننا دخلنا في برامج اصلاحات اقتصادية وسياسية كبيرة, ما كان قبلها مجلس شورى, وما كان قبلها مجلس محلي وما كان قبلها انتخابات مباشرة للسلطة المحلية, وما كان قبلها انتخابات مباشرة لرئيس الجمهورية, هذه كلها حصلت من سنة 1995 وما فوق, يعني البداية كانت في عام 1997 وما فوق, مما يعني عملياً اننا الان في هذه التشكيلة الجديدة لمؤسسات الدولة وبنائها, وبالتالي نحن محتاجون لعلي عبدالله صالح, ليكمل معنا ومع الشعب ومع الناس ويرتب البيت ترتيباً كاملاً, وكل الوطنيين وكل الشرفاء وكل الصادقين سيكونون معه من دون شك وانا رجل احب التفاؤل ولا احب النزعة التشاؤمية, لان التشاؤم لا يعطي فسحة من الامل ولا يبني مستقبلاً ولا يبني الا كل ما هو عدمي وظلامي.
السياسة: دولة الرئيس, قضيت بضعة ايام في عدن وتجولت في شوارعها واسواقها, الناس هناك متذمرون وينتابهم شعور بالاحباط من ان الوحدة لم تغير من احوالهم, احسست انهم يعانون والاكثرية متذمرة, وعدن مدينة اقتصادية يفترض ان تكون الحياة فيها نشطة ومنتجة?
باجمال: عدن بعد الوحدة, دخل اليها اقوام كثيرون من جميع مناطق اليمن, وعندما ترى الكثرة, تراها في كل تلاوينها, عدد سكانها تضاعف, هذه المضاعفة جاءت من كل انحاء الريف اليمني, اليست هذه المجاميع هي التي دخلت مدينة عدن ووسعتها وكنا نعرفها جبلاً وساحلاً وسهلاً? الذين جاؤوا من المهجر, ودخلوا عدن, اي نافسوا على فرص الحياة المعيشية فيها وسكان عدن موظفون الفوا شعار اسمه تخفيض الرواتب واجب وقبلوه, صح انهم قبلوه على مضض الا انني واحد من الذين يشتغلون في النظام وانا مسؤول واشعر بان الناس يستلمون مرتباتهم لكن ايضاً ليس لديهم امل في ان يكون لديهم تقدم في تلك اللحظة. انهم يعيشون وكأنهم مازالوا تحت حكم نظام شمولي يذهبون الى الشغل ويرجعون من الشغل, ولا ينتظرون الا اوامر الحزب, ممنوع التفكير عليهم, الا في اطار الحزب, هؤلاء الان هم الذين تكونت عندهم ثقافة الموظف من ابناء الاشتراكية القديمة يحسبون الحسبة اياها وهي ان السكان هم النخبة, اليوم تغير وضع هذه النخبة في ظل التحول نحو الرأسمالية, ودخلت مع الجماهير مطالب جديدة منها ما نسميه الوسواس ويقولون لك فقدنا »حقنا« في المكان جاؤوا وهلوا علينا من كل مكان واصبحوا اصحاب نفوذ, وبطبيعة الحال, عندما تتحول من وضع اجتماعي الى وضع اجتماعي اخر ومن وضع سياسي الى وضع سياسي اخر ومن وضع ثقافي وفكري الى وضع اخر تصبح هناك ازمة في منعرج ضيق يمر به الناس حتى يخرجوا الى الساحات الفسيحة, فلسفياً واقتصادياً انا ليس لدي تفسير غير هذا التفسير.
السياسة: دولة الرئيس الاستيلاء على اراضي الغير, وقضية التعويضات مشكلات لم تجد الحل حتى الأن?
باجمال: ان الشكوى في قضية الاراضي في عدن شكوى حقيقية لابد ان نكون ايضاً مع الناس لكن المشكلة ان البعض نظر الى عدن على انها منطقة كريتر او عدن الصغيرة, لكن لو نظرنا الى عدن الان وانها مخططات واسعة يمكن ان تشمل كل الناس فلن تكون هناك مشكلة الان نحن نخطط لقضية التعويضات عن التأميم ووجدنا القطاع الخاص الذي يساعدنا في حل المشكلة والان نحن خارجون باتجاه »ابين« وفي اتجاه »لحج« فهناك امكانات واسعة لكي تنمو مدن بكاملها, والحل هو تخطيط جديد وفتح باب الاستثمار لمن يريد ان يبني هذه المدن وما عندنا مشكلة على الاطلاق والتفكير الاساسي هو ان مشكلة الاراضي ليست مشكلة »المعلا« أو »التواهي« بل هي مشكلة لها جذورها التاريخية من ايام السلاطين والمشيخات المحيطة. بعد اليوم لا يوجد شيء من هذا ولذلك اشعر في هذه النقطة ان البعض يستولي على ارض الناس ومشكلات كثيرة من هذا النوع, لان عدن عرفت ما يسمى ب¯»النظام الانكليزي« وعرفت ايضاً »بالجرانت« وعرفت »بالاوقاف« وعرفت »بالحدود« العشائرية للسلطنات والمشيخات دعمت ملكية الاطراف وبعدين عادوها ثم امموها ثم اعادوها, يعني صارت الناس زي المنطقة الرابعة بين عدن الصغرى وعدن الكبرى, انا اتصور ان عدن مساحتها كبيرة, وسوف تدار الان عن طريق شركة دبي للاستثمار وقريباً سوف نوقع الاتفاقية معها, وستدار ايضاً عن طريق ثلاثة مواقع رئيسية عن طريق ميناء الحاويات وعن طريق احواض السفن وعن طريق قرية الشحن, تصور ان عدن مثلها مثل سنغافورة عندها ميناء وعندها مطار واتصالات.
السياسة: دولة الرئيس, التقيت في عدن بعدد كبير من الشباب وقد تخرجوا من الجامعات منذ اربع سنوات ولا يجدون عملاً, لا في الحكومة ولا في الشركات, انها مشكلة كبيرة وتنذر بالخطر?
باجمال: هي مشكلة كبيرة لان القطاع الخاص اليمني لم ينشط لاستيعاب هذه المخرجات والدولة لا تستطيع ان تكون مثل أي دولة اشتراكية في العالم سابقاً راعية للكل, بمعنى راعية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً تدرس الناس وتعلمهم وتوظفهم, هذه اشكالية كبيرة لكن مازلنا نأمل ان تحويل جزء كبير من الانشطة الاقتصادية للمجالس المحلية سيتيح فرصة اكبر لانخفاض البطالة, على سبيل المثال في وادي حضرموت البطالة اقل منها في مناطق اخرى بسبب ان النشاط الاقتصادي يتحسن هناك, لكن في عدن تجد ان البطالة نسبتها اكثر, الان »ابين« مقدمة على مشروع مثل مشروع مصنع الاسمنت هي وحضرموت ولحج ولا شك ان هذه المصانع ستخلق فرصاً للعمالة وكذلك تشغيل مصانع الغزل والنسيج سيضع حداً لهذه المشكلة: اليوم هناك عدد كبير يشتغلون في قطاع الاسماك, وبدأ هذا القطاع في استيعاب الناس, لكن هناك عادة قديمة يقول لك »انا مش صياد انا فلاح« »أنا مدرس وابي واهلي مدرسين« مما يعني ان فكر التنوع عند الناس فيما يتعلق بخلق وظائف جديدة حتى عندهم هم انفسهم غير موجودة والمشكلة الثانية ان الموظفين لا يريدون ان يعملوا الا حيث ولدوا, وهذا مستحيل, اليمن يجب ان تتوسع اكثر وعلى الناس ان تعمل في كل الوظائف الزراعية والاسماك الى اخره, وعلينا ان نقلع عن عادة طلب وظائف قريبة من البيت, ونحن نشعر ان البطالة واحدة في القضايا الاقتصادية التي ينبغي ان نلامسها, ولكن في الوقت نفسه نحن طرحنا ثلاث مناطق صناعية منطقة في عدن واخرى في المكلا وكذلك في الحديدة.
السياسة: دولة الرئيس كما تعملون على محاربة الارهاب لماذا لا تضعوا برامج لمحاربة الفقر?
باجمال: نحن الان بصدد وضع برنامج تنمية المدن الساحلية, واهم برنامج هو برنامج عدن كمدينة ساحلية والحديدة لايجاد فرص العمل وهي جزء من برامج محاربة الفقر في اليمن, وهذه كلها في تقديري مهمة جداً, لكن عندما تنظر اليها من زاوية معينة ستجد ان موظفي الدولة عشية الوحدة كانوا كلهم من مناطق جنوبية و70 ألفاً فقط من المحافظات الشمالية اما الذين توظفوا في زمن الوحدة فوصل عددهم الى 200 ألف لان النظام الاشتراكي حولهم كلهم الى موظفين, وبالمقابل في نجد لهم موازنة خاصة بالتأمينات الاجتماعية لان النظام الاشتراكي في النهاية لا يوجد فيه صندوق للضمان الاجتماعي, بل صندوق حسابي اذا ما انتهت خدماتك تعطى لك حقوقك ومن الدولة, يعني النظام الذي ورثناه عقد المسألة كثيراً, صحيح ايام الاشتراكية في عدن كان الكل يشتغلون ولكن جاء وقت لم تقدر الدولة فيه على دفع مرتباتهم, وعندما زادت مرتبات الناس انهارت الدولة? ليش انهارت الدولة لان الناس كلهم من موظفي الدولة, انت لو عندك مزرعة صغيرة او مصنع صغير وبعدين ما دفعت مرتبات للناس, فالناس ستغادر والمصنع سيصبح مجرد اطلال, وبسبب هذا ورثنا طابوراً طويلاً من أناس منتمين الى اتحاد الفلاحين واتحاد النساء وكل هؤلاء هتيفة في مهرجانات بالروح بالدم!
السياسة: دولة الرئيس, بالنسبة للجرعات الاقتصادية التي تفزع الناس هل انتهيتم منها ام ان هناك جرعات اخرى في الطريق اليهم?
باجمال: اولاً كلمة جرعات مرفوضة من قبل الحكومة ومن الفكر الاقتصادي, الان ما يجري هو عملية اصلاحية شاملة تمثلت في حزمة سميناها حزمة الاصلاحات تتضمن تعديل النظام الجمركي وتخفيض الرسم الجمركي الى 5 في المئة ثم الغينا ضريبة الانتاج الى ضريبة مبيعات ثم عملنا قانوناً للاجور ورفعنا الحد الادنى للاجور الى 20 ألف ريال مائة دولار ثم طرحنا ايضاً مجموعة من القواعد المتصلة بالقوانين وخاصة القوانين المالية او التجارية, هذه كلها حزمة واحدة عملناها, هذه الحزمة لها ثلاث مراحل حتى نطبقها, بدأنا بهذا العام والعام القادم, وطبعاً كل سنة من هذه المراحل سوف تؤدي الى استقرار اكثر في حياة الناس, وبالتالي في مداخيلهم, وفي معاشات الناس اللاحقة, لان هذا هو جزء من المعاش, تصور ان انساناً يروح الى التقاعد فالهدف ان لا يكون عالة على اولاده, بل ان يكون قادراً على ان يعيش بشكل او باخر في الوقت الذي بدأ اولاده يعوضون عما فقده هو من سابق ما خسروا, احنا زودنا بسبب الاختلالات الموجودة في اسعار البترول, ووصلت الزيادة الى نحو 22 في المئة شاملة كل المخصصات المرصودة للتنمية محلياً غير المخصصات الاخرى من المنظمات الدولية والمؤسسات والمانحين, واكبر رقم وصلنا اليه العام الماضي كان 15 في المئة.. التحسن الان يتيح فرصة اكبر للتعامل مع عمالة اكثر, هذا جانب, فيه عنصر خارجي مهم جداً يلعب دوراً في الموضوع وهو اسعار النفط نحن قدر الامكان ليس من مصلحتنا, صحيح اننا نحصل على سعر جيد في الاسعار الا ان زيادة الاسعار في ضوء عملية الدعم لم تصل الى حالة الاستقرار السعري, ونحن لا نقر زيادات باستمرار الا اذا كانت تعويضاتها الاجتماعية والتنموية والخدمة المدنية تعويضات ملائمة ومعقولة جداً.
السياسة: دولة الرئيس, الناس يرفضون هذه الجرعات الاقتصادية بدليل انهم خرجوا الى الشوارع في مظاهرات صاخبة?
باجمال: بالتأكيد لا توجد هناك اي حكومة تتمنى ان يتظاهر الناس عليها كل حكومة تريد ان يدعو لها الناس بالخير والاستمرار, هذه قضية تاريخية يعني قضية مسؤولية وطنية ولا يمكن تجاوز المسؤولية عنها, يعني انا اشوف وضعي الاقتصادي اذا ما استمريت عليه ينهار واسكت على هذا الوضع لمجرد انني اريد ان اجامل الناس او ان اوطد علاقة بيني وبينك, ولهذا اقول عندنا مدى الى 2007 ولن يكون هناك اي شيء, بالعكس سيكون الوضع افضل من ناحية مداخيل الناس!
السياسة: دولة الرئيس, هل اليمن من وجهة نظركم واعد بالمستقبل والازدهار خلال السنوات القليلة المقبلة وهل انتم راضون على اقبال المستثمرين من اجانب وعرب, وهل هناك حراك اقتصادي واستثمارات حقيقية ام مجرد كلام ووعود?
باجمال: انا مازلت على امل كبير جداً وبالذات في الاستثمارات المتوسطة, اما الاستثمارات الكبيرة فهي قرارات لا يوجد فيها مستثمر واحد بل مستثمرون كثيرون وبالتالي فهي من نصيب شركات عملاقة, نحن الان عندنا نحو 26 شركة تشتغل في مجال الاستثمارات النفطية والمعدنية والغازية مشروع الغاز سوف يستوعب الاف البشر عبر مساحة كبيرة لا تقل عن 240 كيلو متراً مربعاً من المنبع الى التصدير في منطقة بين مأرب وشبوه, قطاع السياحة في اليمن ربما يحتاج الى ثقافة سياحية او الى وعي سياحي لكنه كبر من حيث عدد الفنادق ومن حيث امكاناته لكننا الان مقدمون على تخصيص عدد من الجزر للاستثمار في هذا المجال, الجزر اليوم هي الامكانية الكبيرة للسياحة في اليمن ويوجد 133 جزيرة وعندنا 2250 ساحلاً من اجمل السواحل تمتد من البحر الاحمر وحدودنا مع السعودية الى البحر العربي وحدودنا مع عمان ولدينا جزيرة سقطرى تساوي جزيرة البحرين خمس مرات وتقع من حولها مجموعة جزر فيها التضاريس الطبيعية الهائلة, كنا في يوم من الايام في زيارتها بصورة مشتركة انا والشيخ صباح الاحمد, وكان مبهوراً عندما جاءنا من مسقط ورأى بعينيه, اليوم عندنا ايضاً امكانات في المعادن, وهناك اتفاقية خاصة بالزنك والذهب وعدة مجالات اخرى ولهذا ليش انا قلت ان القطاعات المستثمرة في الصناعات الخفيفة والمتوسطة تعتبر مجالاً واسعاً لبقية المناطق الصناعية الحديثة حتى اننا نفكر في منطقة صناعية في صنعاء, لان صنعاء يسكنها مليون ومائتي الف نسمة, ولهذا اتصور ان الاقبال سوف يزداد تدريجياً كلما ظهرت الشركات الكبيرة, يعني اذا وقعت الاتفاقية مع جماعة دبي فمن المؤكد انهم ومعارفهم سيكونوا عنصراً جاذباً للمنطقة الحرة في عدن.
السياسة: دولة الرئيس, لماذا دبي, رغم ان الكويت تقدمت بعروض لتأجير المنطقة الحرة في عدن?
باجمال: عقد الكويت يختلف عن عقد دبي من ناحية الفترة الزمنية والعائدات وهذه قضية اساسية, الناحية الثانية ان عقد دبي مش عقد يقتصر على الميناء بل وراءه شركات قاطرة الى عدة انشطة: المنطقة الصناعية واحواض السفن وقرية الشحن والمطار, ثم ان العائدات القريبة زمنياً سوف تأتي عن طريق شركة دبي, وخلال ثلاث سنوات ستنهض الى مليون ونصف حاوية, انا لا انظر الى العائد المالي فقط من زاوية كم سأحصل لكم, بل الى كم عملية استثمار ستنهض في محيط المنطقة.
السياسة: رئيس الوزراء متى يتم التوقيع مع دبي?
باجمال: خلاص وخلال اسابيع تكون الاتفاقات جاهزة, فالمنطقة الصناعية تغطي اكثر من 50% من طلباتها وبدأ الناس يشتغلون, لكن عندما تأتي دبي وشركة دبي العالمية للاستثمارات فسوف تنهض.. قصدي سوف تكون قاطرة لمجموعة من الانشطة من حولها, فنحن ايضاً نريد ان نوسع الموانئ والمطارات حتى ندخل السياق الاخر, لكن اهم شيء في تقديري الان هو اننا نتباحث على جزيرتين في البحر الاحمر, واحدة دخل فيها قطاع خاص محلي مع شركة عربية والجزيرة الثانية نناقش الان مقترحات بشأن تطويرها.. ثم هناك ثلاث الى اربع وخمس جزر الان فاعلة للتطوير في داخل البحر الاحمر والبحر العربي, وتشكل ارخبيلا متكاملاً.
السياسة: دولة الرئيس منظمة الشفافية الدولية قالت في تقرير لها ان اليمن من اكبر دول العالم فساداً, وهنا عندما نأتي الى اليمن وخاصة الى صنعاء بالذات نجد الغالبية من الناس يشكون من الفساد ويتحدثون عنه?
باجمال: انا اريد ان اقول حاجة مهمة جداً في مفهوم الفساد, اصحاب المنظمة هؤلاء يتلقون تقارير من اصحاب مصالح متعددة واصحاب صراعات في هذه المصالح وربما هم ايضاً احد عناصر ما يمكن ان نسميه ظاهرة الفساد, اولاً بالمنطق لو جيت تشوف انت موازنة الحكومة السنوية هذه الموازنة لا تزيد عن خمسة بلايين دولار, اي انها موازنة هزيلة, ثم يتحدثون بعد ذلك عن فساد خارج المنطق وخارج المعقول عبر تقارير كيدية سياسية اكثر من كونها حقيقة يومية, هذا اولاً. ثانياً فان احدى الدولة المجاورة في منطقة الخليج بلغ حجم العجز عندها عشرة بلايين (دولار) ويصل استيرادها لصنف واحد من اصناف البضاعة سبعة بلايين دولار ومع ذلك نرى تنمية حقيقية في اليمن وكل يوم ترى الجديد, انا لا استطيع ان اقول ان المشتغلين في قطاع الدولة ملائكة ولن يستطعيوا ان يكونوا ملائكة, عندنا اشكاليات في قضايا الارض, وهي مصدر من مصادر الفساد ولكننا ورثنا قوانين في ظرف من الظروف وقبلناها كما هي, واليوم لابد ان نغيرها, المنظومة البنكية المصرفية تحتاج الى تعديل, كل هذا »كوم« كما يقول المصريون وبقية المنظومة القضائية العدلية »كوم« ثان, ايضاً هناك اشكالية في الاحكام التجارية, مثلاً في المحاكم هذه قضية عدل وليست قضية فساد بمعناها المطلق, اقول فيه قضية فساد مصدره اين, القضاء التجاري في اليمن لم يكن موجوداً اصلاً.
كان القضاء يفصل بين متخاصمين في التجارة, وفي طلاق زوجين في الوقت نفسه, لم يكن هناك قضاء مختص والان لدينا عجز فني وعجز في الكفاءة, واضطررنا مرة اخرى الى ان ندعو اجانب ليعملوا في المحاكم التجارية ولهذا عندما نتكلم عن عوامل ثقافية واجتماعية شديدة الحساسية تجاه قضايا معينة, مثل قضايا الاراضي, قضايا العقود التجارية وقضايا المقاولات, نكون واقعيين جداً في ما يتعلق بالمناقصات, انا عندي ما يثبت ان هناك تدخلات كثيرة بعضها جاء حتى من سفارات ومن شركات لارساء المناقصة على طرف معين نحن نقول لا لن نرسي هذه المناقصة على هذا الطرف لفارق السعر, والكلام ليس عن مسألة شفافية بل عن انباء نكتشف لاحقاً ان لا علاقة لها بالشفافية.
بعض المنظمات الدولية تكتب تقاريرها عن بعض البلدان بسبب نكايات سياسية ومصالح اخرى فقدتها بعض الشركات, يمكن عندنا نقص وعجز في قضية الاتصال بالعاملين في هذه الشركات او المؤسسات مالنا قليل وفلوسنا قليلة, واعلامنا محدود ما نقدرش نصرف, هذه قضية كمان كبيرة, انا اريد ان اتكلم هناك الكثير من البلدان تصرف من دون مناقصات وهناك بلدان عندها شركات مقاولات ثابتة تكلف للقيام بهذه الاعمال ما حدش قال انه مافيش شفافية عندهم, نحن على الاقل عندنا الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتقارير تقدم الى رئيس الجمهورية والبرلمان وانا اتحدى اي انسان يدخل البرلمان اليمني ويسمع ان ما يقال سوف يغير من وجهة نظره كاملة بمجرد ان يشوف ما يحصل في البرلمان, مثل هذا العمل اليس هو منتهى الشفافية وتجيء لنا هذه الى المنظمة لتقول اليمن فعل كذا وكذا, الا يكون تقريرها مكتوباً بقصد سياسي لا بقصد فني?
اليمن والعراق وفلسطين مثلاً الخطأ فين? الخطأ ان الذين يستلمون هذه التقارير لم يزر احد منهم اليمن ويناقشني فيها زي ما كنا نناقش الاميركان في قضية حقوق الانسان وفي كل تقرير من تقاريرهم, اليوم يقول لك انا كتبت تقريراً ووزعته لكن التقرير النهائي الذي سيصدر عني سيخضع للمناقشة بيني وبينك, قبل ان اوزعه.
السياسة: دولة الرئيس كيف هي علاقتكم مع الأميركان يقال ان طلباتهم خلال زيارة الرئيس الاخيرة لواشنطن كانت اكثر من طلبات اليمن?
باجمال: كلما كبرت وسيطرت الدولة الأولى وهيمنت على مقاليد القرار في العالم كان عندها طلبات, وهذه الطلبات تتركز في امور ولا تتركز في امور اخرى, هناك طلبات تتركز بدرجة اساسية على القضية المتورطة فيها اميركا, »الارهاب العراق, افغانستان وغوانتانامو« إلى آخر هذا, ونحن اكثر الناس والرئيس علي عبدالله صالح اكثر الرؤساء العرب تصارحاً مع الاميركان في هذا الجانب, وطلبات اميركا ليست مستحيلة بمعنى انها مرفوضة.. لا, اننا نتحاور على هذه الطلبات, وتزداد معهم مساحة الحوار ومساحة الاسئلة ومساحة الاجابة.. نحن عندنا عنصر اساسي ومهم جداً نحرص عليه وهو سيادتنا الوطنية فهي فوق كل شيء وقبل كل شيء وبعد كل شيء, ما عدا ذلك نحن جزء من حلف دولي للحرب على الارهاب.
السياسة: دولة الرئيس, بعد تفجير الباخرة »يواسكول« كانت ستحل بعدن كارثة كبيرة ولا ادري كيف عالجتم هذه المسألة?
باجمال: نحن من اكثر الذين حاربوا الارهاب في العالم, ومن وقت مبكر, لقد تمت اول عملية خطف في اليمن للملحق الثقافي الاميركي »ماكوني« وكنا نردد كل يوم ان الارهاب ظاهرة عالمية ولا احد كان يرد علينا وقلنا ان اليمن ضحية لهذا الارهاب العالمي وكان يأتينا الرد منهم بان ذلك ادعاء واننا في اليمن نحاول ان نلقي بمشكلاتنا عليهم وان العيب ليس في الارهاب وانما في مشكلة النظام السياسي عندنا والنظام الامني واتهموه بانه نظام غير متماسك ولا منضبط, وجاءت قصة كارلوس الذي استولى على قاعة اجتماعات وزراء الاوبك ولم يكن يقصد وزيراً بعينه فسحبهم جميعاً الى الطائرة, ثم تحول الارهاب الى صراع ساخن بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة على افغانستان وبعدها بدأ يتأكد ان الارهاب ظاهرة عالمية! ولكن عندما اصطدمت مصالح اميركا في عدن بعد تفجير الباخرة »يواسكول« حاولوا ان يتدخلوا في شؤوننا الداخلية وحاولوا ان يدخلوا الى عدن بالقوة واشترطوا ان يجروا التحقيقات بانفسهم دون اي تدخل من اجهزتنا الامنية ولكن اكتشفوا بعد ذلك اننا قد امسكنا بالخيوط كلها خلال 48 ساعة, واخبرناهم اننا قد اخذنا قرارنا في مسألة الارهاب, وفي وقت مبكر قبل ان تتخذه اميركا!!
السياسة دولة الرئيس, ما طلباتكم من اميركا وهل قدمت لكم مساعدات كافية لمحاربة الارهاب?
باجمال: نعم قدموا لنا مساعدات ولكن ليس بقدر ما نطلب لكن الحوار مستمر حول هذه المسألة, المجموعة الاوروبية تساعدنا, لان كلفة محاربة الارهاب كبيرة وتحتاج الى دعم ومساعدات, عندي 2250 ساحلاً وعندي مشكلة حرب دائمة في القرن الافريقي ويأتيني الاف من البشر يومياً من الصومال وارتيريا واثيوبيا, ومن كل مكان, اذن من يساعدني على مواجهة هذة القضية, انا اريد رادارات واريد حرس سواحل وحرس حدود.. كان رائعاً انني انهيت مشكلات الحدود مع المملكة السعودية قبل 11 سبتمبر اي اننا انهينا مشكلة قديمة متفاقمة من 66 سنة وهذا ليس قليلاً على اليمن لان اليمن حريص على ان يبادر الى خلق حالة من الاستقرار في المنطقة. انهينا مشكلاتنا الحدودية مع سلطانة عمان واتفقنا مع جيبوتي على ترسيم الحدود البحرية وليست هناك مشكلة, ما اقصده ان كلفة مكافحة الارهاب كبيرة والاميركان يعلمون هذا الكلام ونحن في حوار متواصل معهم حول هذه القضية, وكذلك الاتحاد الاوروبي ومع الاخوان والجيران فنحن الان نحاول ان نقضي على الفقر والفساد والارهاب, لان هذه العناصر الثلاثة مجتمعة تعمل ضد عملية التنمية وان كنت اقول ان مجموعة الفساد ناشئة من ظرف استثنائي في اليمن وليس ظرف طبيعي او انه بسبب النظام السياسي او النظام القضائي او الاداري, فانا مخطئ كل ذلك بسبب التناقضات التي حملناها من يوم قضية الوحدة الى اليوم او حتى منذ بداية الثورة السبتمبرية?
السياسة: دولة الرئيس, هناك قول شهير للرئيس علي عبدالله صالح يستخدمه في بعض خطبه وهو »نحلق لانفسنا قبل ان يحلقوا لنا« والكل اخذ يفسر ذلك من زاويته ولا ندري ما المعنى المقصود من هذه العبارة?
باجمال: التفسير, ان لا نتباطأ في اجراءات مطلوبة لبناء المستقبل وان لا يكون قرارنا مبنياً على نصيحة الاخرين في حين ينبغي علينا ان نتمتع بالحكمة والنصح لانفسنا الامساك بزاوية وناصية القرار السياسي الوطني جاء عن طريق المبادرة, اذا امتلكت المبادرة امتلكت قرارك السياسي, فلماذا تنتظر مبادرة الاخرين, فانت في هذه الحالة فقدت جزءاً من سيطرتك على قرارك السياسي, فالرئيس علي عبدالله صالح حريص كل الحرص على ان يكون صاحب مبادرة. ليش. لانه هو عنده وفي اعماقه قضية الاستقلال السياسي والقرار. وعندما يقول الرئيس صالح نحلق لانفسنا قبل ان يحلقوا لنا, يعني ذلك ان علينا ان نفتح عقولنا قبل ان يفتحوه لنا بالقوة!
السياسة: دولة الرئيس بعد ان تمت اتفاقية الحدود بينكم وبين المملكة العربية السعودية بساعات قليلة صرحت في الصحف ان ما بينكم وبين المملكة شراكة وليست حدوداً?
باجمال: نعم اطلقت هذا التصريح بعد توقيع الاتفاقية ب¯ 6 ساعات في مقابلة سريعة قلت اليوم ننتقل من الجيرة الى الشراكة, ونقصد بها اننا كنا جيران جغرافياً او سكان جغرافياً, لا احد منا اختار المكان »حقه« من نفسه وهذا قدر اليمن والسعودية ان يكونا الى جانب بعض وهذه الجغرافية لم تكن لوحدها نافعة لتأمين الامن والسلام والاستقرار والدخول في تنمية شاملة وانا فكرت من زاوية ثانية ان هذه الجغرافية كانت قواعدها مبنية في السابق على الشك وعدم اليقين والحذر الشديد, اليوم اصبحت مبنية على المصداقية ومبنية على شراكة حقيقية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى, وانا لم اكن متخيلاً ان 11 سبتمبر سيأتينا ليجعل من شراكتنا ضرورة وليس صدفة, فهناك فرق بين شراكة الصدفة وشراكة الضرورة اليوم الشراكة في ظل وجود تهديد علينا جميعاً عبر الحدود وعبر السواحل وعبر الاجواء, تصبح ضرورة والان هي موجودة على ارض الواقع!
السياسة: دولة الرئيس قصدت بسؤالي الشراكة الاقتصادية?
باجمال: انا اشعر ان المملكة العربية السعودية معنية بتحريك حضور دائم لليمن في مجلس التعاون الخليجي كله شراكة ففكرة دخول اليمن الى المجلس هي فكرة الشراكة الشاملة, اذن هذه الدراما الموجودة في عملية النظام الاقتصادي في المنطقة اذا دخلت فيها اليمن تحققت الشراكة الكاملة وهناك فرق بين شريك مضارب وشريك محافظ وشريك ذي حصة اقل او اكثر, انا يهمني الشراكة الاجتماعية الاستثمارية, فيما يتلعق بحركة رؤوس الاموال, وما يتعلق بحركة العمل وانا مع الاخوان في مجلس التعاون بان يساعدونا في زيادة كفاءة العمال اليمنيين حتى يكونوا عمالاً قادرين على تغطية سوق العمل في المنطقة ونحن اعلنا اننا سوف نتبنى كل انظمة مجلس التعاون, الانظمة الجمركية والانظمة الاستثمارية والانظمة الخاصة بالمعايير والمقاييس والنوعية والانظمة الخاصة بالعمل والصحة والبئية والانظمة الخاصة بالتعليم لان اكبر شراكة تتم في تعليم المجتمع وثقافته, والمملكة وحدها من الدول الاساسية والهامة القادرة على تحريك هذه الامور حتى تكتمل هذه المنظومة بعضوية اليمن, انادي واقول الشراكة لا تعني مجرد طلب, الشراكة تعني الدخول في المنظومة نفسها التي دخلتها اوروبا حيث أهلت كلاً من اليونان والبرتغال واسبانيا واليوم تؤهل تركيا وأيضاً بعض الدول الاشتراكية مثل التشيك والمجر ورومانيا وبهذا نريد المزيد من الاهتمام بوضع الاستثمار اليمني وضخ اموال استثمارية فيه واليمن شعب يتجاوز الواحد والعشرين مليوناً, ولديه تنوع في البيئة المختلفة, الساحلية, والصحراوية والجبلية والوديان وكل ذلك يتيح فرصة كبيرة لمجالات السياحة والاصطياد السمكي والانتاج النفطي والغازي ومجال المعادن كل هذا لابد ان يتحدد في شراكتنا لانه مجال فسيح للشراكة.
السياسة: دولة الرئيس مجلس التعاون الخليجي سيعقد في الثامن عشر من هذا الشهر في أبو ظبي هل من مبادرة يمنية جديدة ستعرضونها على اخوانكم الحكام?
باجمال: نحن عندنا لجنة مشتركة مع الامانة العامة للمجلس, وعندنا فريق عمل الان يعمل من اجل طرح اراء وافكار على الصناديق الخليجية وعلى البرامج المشتركة في مجالات التعليم والصحة والرياضة ومجالات اخرى. ما في شك ان المبادرة اليمنية لا تكفي, لابد من مبادرات مدعومة من قبل الاخرين وان تصدق النوايا وفي الاخير سنكتشف يوماً ان مصائرنا لم تعد مصائر متفرقة.
السياسة: دولة الرئيس, اخيراً, ماذا عن العلاقات اليمنية الكويتية, الا تتفق معي انها ليست في المستوى المطلوب وانها شبه جامدة?
باجمال: الحقيقة قابلت عدداً كبيراً من الاخوة الكويتيين في الاونة الاخيرة من مسؤولين وبرلمانيين واجدها فرصة كبيرة جداً لاقول ان هذه العلاقة ليست كما كانت متوجسة في الماضي, لكن جسراً من الثقة بدا يتأسس اكثر فاكثر وعلاقتنا بالشيخ صباح الاحمد علاقة قديمة جداً وهذا ساعد على نمو العلاقات وترابطها وفتح افاق كبيرة من التعاون.
السياسة: دولة الرئيس وماذا عن الاستثمارات الكويتية في اليمن?
باجمال: الاستثمارات الكويتية عندنا تحظى باهتمامات خاصة سواء في العقارات او الاستثمارات السياحية الفندقية والان هناك عدد من الشركات الكويتية تعمل معنا وتبحث في مسألة الشراكة والشراكة اليمنية الكويتية اصلاً شراكة قديمة جداً, هناك بيت الحمد ولديهم محلات كثيرة في عدن وفي السواحل الحضرمية ومازالت لهم علاقات ووشائج اجتماعية واسعة معنا وعلاقاتنا تاريخية ومازالت قائمة, وان كانت هناك بعض الشوائب وبعض المنغصات لا تزال موجودة هنا وهناك يبقى علينا ان نطور مفاهيمنا ازاء علاقاتنا مع بعضنا, واليمنيون والكويتيون على الدوام في مودة ومحبة, وكل يوم نكتشف اننا نجدد الماضي ولا نصنعه من جديد.