الشعيبي: نصيب المعارضة من الوظائف والترقيات أكثر من المؤتمر
الأربعاء, 14-ديسمبر-2005 المؤتمر نت / حوارـ عبدالله سعيد - يتزامن هذا الحوار مع انعقاد المؤتمر العام السابع للمؤتمر الشعبي العام بعد هيكلة تنظيمية نوعية شملت فروع وقطاعات المؤتمر في عموم المحافظات اليمنية.
وفي المؤتمر السابع الذي سبق لسياسين أن وصفوه بـ (التاريخي)، و(النوعي)، يأتي هذا الحوار إضافة وقراءة وشاهدة يسجلها باحث وأكاديمي سياسي على مسيرة المؤتمر منذ انطلاق بواكيره في أغسطس من العام 1982م وحتى اليوم.
ثم يعرج الحديث عن الكوامن الخفية في بقاء المؤتمر على رأس السلطة خلال عقد ونصف بفرادة ديمقراطية لا غبار عليها.
ويتحدث الدكتور عبدالعزيز الشعيبي استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء عن عثرات الأحزاب السياسية في اليمن وتنفيرها لمثقفيها وبقاءها على هامش الحياة السيايسة كأحزاب ضعيفة في فكرها وبنيتها وخطابها العام.
- كيف تقيم تجربة المؤتمر الشعبي العام خلال عقد ونصف من الحكم الديمقراطي؟
• أولا فيما يتعلق بتجربة المؤتمر الشعبي العام خلال الفترة الماضية يمكن القول أن المؤتمر جاء بداية بالحياة السياسية الديمقراطية، وكان السبّاق وكنا نعلم أن هناك كثير من الشتات في الرؤي السياسية كما هو في الأحزاب السياسية التي كانت تعمل سرا، ولذلك كان دور المؤتمر في وقت من الأوقات في بداية الثمانينات، أن جعل لهذه للحياة السياسية معنى، وفي النور بدلا عن السرية.
من ناحية ثانية استطاع المؤتمر الشعبي العام الاسهام الكبير بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح في تحقيق أهم منجز تاريخي وهو ( الوحدة اليمنية) وهي قضية تزامنت مع قضية الديمقراطية وهذه لها دلالاتها، ومعانيها الكبيرة في الحياة السياسية بمعنى آخر أن هذا الارتباط الوثيق بين قضية الوحدة والديمقراطية جعلهما صنوان لا يمكن أن ينفصلا عن بعضهما.
فالوحدة هي أساس متين تمد جذورها في التاريخ اليمني ولا يمكن قياسها بالفترة الزمنية وكذلك الديمقراطية التي أكد عليها القرآن الكريم، بمعنى أن الوحدة والديمقراطية ظلت منذ القدم هي الهدف الدائم، وفي نفس الوقت الوسيلة الدائمة للحياة اليمنيين.
سواء في تعاملاتهم مع بعضهما البعض، أو حياة اليمنيين بشكل عام في تعاملاتهم مع الآخرين، بهذه الروح الديمقراطية، والتي لا يمكن أن تمس بأي شكل التدخل في شئون الدول الآخرى.
وإذا كان للآخرين أن يستفيدوا من التجربة الديمقراطية في اليمن ويأخذوا منها فذلك شأنهم، وإن لم يكن فذلك أيضا شأنهم.
النقطة الآخرى أننا رأينا في تجربة المؤتمر الشعبي العام في الفترة الماضية وبقيادة الرئيس علي عبدالله صالح أن الكثير من المشكلات التي كانت تعترض الحياة السياسية اليمنية كان يتم معالجتها دائماً بصبر وحكمة وتأني، وبنوع من التسامح الجم فأنصب ذلك في مصلحة البلد بشكل عام.
أيضاً الحياة السياسية في المؤتمر الشعبي العام يمكن القول عليها بأنها حياة طبيعية، بمعنى أنها ليست معقدة وصارمة، بل تمثل حياة المواطن اليمني أكمل تمثيل، وهذا ربما لا يتوفر في كثير من الأحزاب السياسية الأخرى لانها تعتمد على نوع من الشدة والغلظة، في التعامل سواء، الأفراد داخل هذه الاحزاب أو حتى في تعاملاتها مع الاخرين
وهذا للأسف الشديد جعلها متقوقعة على نفسها، وتدور في إطار فكري يحرم على أعضاءها الخروج بأي شكل من الأشكال عن هذا الإطار، وهو الذي أوجد هذه النظرة المتشائمة والمبالغة في تهويل الأمور حتى أثقلتها على كاهل المجتمع.
إننا نجد أن الحياة السياسية داخل المؤتمر الشعبي العام تعتمد على البساطة وعلى روح وطبيعة اليمني أياً كان، أنا لا أقول بمثاليتها ولكنها على الأقل تمثلنا كيمنيين.
- تقصد أن انفتاح المؤتمر على الآخر وعدم تقيده بالأيديولوجيات كان واحدا من أهم العوامل في نجاحه؟
• نعم، وهذا صحيح، وهذه هي فطرة الإنسان، فطرته هي قضية الحرية، فإن تكبل حريتك بأي معنى من المعاني حتى في إطار الأسرة ستدفع الى نوع من الغلو، والقسوة، وفي نفس الوقت هذه المساحة من الحرية الفكرية، وهذا الخروج على هذا النحو أوجد متنفس كبير للمؤتمر الشعبي وللحياة السياسية بشكل عام وجعله يستفيد كثير من الأخطاء التي تكتنف الأحزاب السياسية الأخرى، ليس هذا فحسب، ولكن أنه إذا أردت أن تستقر كإنسان أو كبشر أو كمجموعة فعليك أن تنطلق من بيئة داخلية، وليس من بيئة خارجية، ولذلك فإن كثير من الأحزاب السياسية تنطلق من بيئة خارجية ولذلك لا تضمن بقائها ولا استمراريتها في كثير من الحالات، بينما في تجربة المؤتمر الشعبي العام فهي تجربة يمنية خالصة، ليست وافدة من الخارج... وسيتم التعامل مع تجربة المؤتمر الشعبي العام كحقيقة ثابتة لا تقبل الجدل ولا تقبل الافتراء والكذب.
- ظل المؤتمر الشعبي العام واحداً من الأحزاب القليلة المتماسكة دون أن يصيبه التصدع او يغادره مثقفيه.. أنت كباحث في العلوم السياسية كيف تنظر لظاهرة تصدع الأحزاب؟!
* يمكن أن هذه سمة غالبة في الأحزاب السياسية العربية بشكل عام، وهذه مسألة تشرذم وانشقاق، وهذا يأتي نتجية لعدم نماءها داخلياً، او لعدم نبوغ أفكار هذه الأحزاب من أصل محلي، ولذلك لم يمكنها التوسع والانتشار، وأحيانا لم يكن هناك حاجة إلى هذه الأحزاب، ولكنها جاءت نتاج لظروف سياسية معينة.
تجربة المؤتمر الشعبي العام مختلفة عن تلك التجربة، حيث جاءت في ظروف سياسية نعلمها جميعاً وهي قضية الصراع الذي كان دائر بين شطري اليمن، ثم أن هذه الأفكار التي كانت تدار بطريقة سرية فجاء المؤتمر لكي تتوحد هذه الرؤى في إطار واحد ولمصلحة الكل، ولذلك تمسك الجميع بالمؤتمر.
النقطة الثالثة وهي قضية الحجر على الأفكار أو الانغلاق على الآخر، وعدم الخروج والانفتاح عليه، هذه كلها ليست موجودة في قاموس المؤتمر، فكان ذلك دافعاً لرغبة حقيقية لدخول المؤتمر، ولاحظنا هذا الكم الكبير للمؤتمر على مستوى الساحة اليمنية كلها.
- كثير من المثقفين غادروا أحزابهم وانتموا الى المؤتمر فطرحت فكرة البحث عن ملذات السلطة كدافع ومحرك فهل هي فعلا كذلك، أم الانتماء كانت نتيجة للبحث عن الوسطية والاعتدال وعدم التقيد الأيديولوجي؟!
* هذه مسألة لا يمكن الجزم فيها، ففي مسألة الحزبية قضية في غاية الأهمية، وهي مسألة الالتزام؟
- الالتزام السياسي
• نعم، وأنا عضو في المؤتمر الشعبي العام من العيب علي بعد ذلك أن أترك هذا الحزب، وأذهب الى حزب آخر، ثم أبدأ بطرح عيوبه التي كان يمكن أن أقولها وأنا عضو فيه، ليست هناك مشكلة فالقضية الديمقراطية إن لم تنبت من الأحزاب السياسية نفسها فلا خير فيها،ويؤسفني أن يكون هذا شيء موجود في كثير من الأحزاب الأخرى داخل الساحة اليمنية .
فبعض الأحزاب ليس فيها ديمقراطية على الإطلاق ، بل تحول الأمر إلى قداسة لشخصيات بارزة في هذه الأحزاب، وهذا شيء يتنافى مع مبادئ الحرية ،ومع مبادئ الديمقراطية، ومع مبادئ الإنسانية في كل حال.
إذا كان هناك أخطاء في الأحزاب الساسية الأخرى فإنني أورد لهم مسألة في غاية الأهمية، وهي: إن المؤتمر الشعبي العام تعامل مع هذه الأحزاب دون أحقاد أو تعقيدات بل كان يترفع عن التعصب.
- لكنهم يشعرون باستأثار المؤتمر بالجهاز الإداري للدولة؟
* الإدارة يجب أن تنفصل عن المسائل السياسية، والمؤتمر يدرك إن بقاء الشوائب أو الضغائين داخل الأحزاب السياسية سيفقد الوظيفة روحها، ولن يكون هناك تعاون أو تعامل خلاق بين الإدارة وبين المواطن بشكل عام، إنما ستكون المعاملات تجري على أساس حزبي.
وأؤكد هنا أن كثير من القرارات والمعاملات التي صدرت عن حكومة المؤتمر لم تكن في إطار المؤتمر الشعبي العام أو لصالح أعضاءه فقط، وهذا رد بليغ على من يقول إن المؤتمر يستأثر على المناصب السياسية أو الإدارية في البلاد لصالح أعضاءه.
هناك كثير ممن حصلوا على درجات وظيفية وتعينات وهم ليسوا في المؤتمر.
أتمنى أن نكون واقعيين وصادقين وننظر إلى نسبة المؤتمر في الموظفين ونسبة الأحزاب الأخرى سنجد أن هناك تفوقاً لصالح هذه الأحزاب.
• كثير من صحف المعارضة طرحت أن الترقيات والعلاوات أحتكرت لصالح أعضاء المؤتمر؟!.
- هذا ليس صحيحاً على الإطلاق، وأحياناً المبالغة تصل عند صحف المعارضة إلى حد الكذب وأحياناً هذه الأمور المبالغة فيها تفقد المعارضة معناها ومصداقيتها
وإذا كانت النية صادقة من المعارضة؛ وكانت تريد الإصلاح فعلاً، وتريد إيجاد رؤى جديدة ونافعة للمجتمع، فلتأتي ولتقولها، لكن عندما لا تحسن بهذه المصداقية وتكون فيها مآرب شخصية نجدها تكيل الاتهامات تجاه السلطة.
• المؤتمر الشعبي العام استبق مؤتمره العام بعمل هيكلة تنظيمية واسعة شملت كل المحافظات. كيف تقيم انعكاس هذه الهيلكة على نتائج المؤتمر؟
- في اعتقادي أن خطوة الهيكلة كانت من الأهمية بمكان وكان لا بد منها، وإن كان لي بعض الملاحظات البسيطة، إن شاء الله يتم تلافيها مستقبلاً، ونركز على أهمية الهيكلة لتنقية كل الشوائب لإنها ستفرز من هم المنتمون حقيقة ومن هم المنتفعون، بمعنى ستفصل كثير من التوجهات فيما يتعلق بأفكار المنظمين إلى داخل المؤتمر، وإذا كان هناك أخطاء فكلنا مساهمون فيها، ولنعترف، ونحاول تصحيح هذه المسائل البسيطة حتى يصبح المؤتمر الشعبي العام أجمل وأقدر وأقوى من غيره بكثير.
ومع ذلك أقول دون تحيز ونحن في العلوم السياسية نستخدم المنهج المقارن، وإذا ما قارن المؤتمر الشعبي العام مع أمثاله في الساحة اليمنية فستجد أن الفارق كبير لصالح المؤتمر الشعبي العام.
ويكفي المؤتمر تمسكه الدائم في القضية التي أرسى قواعدها الأخ رئيس الجمهورية وهي قضية التسامح والانفتاح على الآخر، ثم قضية الديمقراطية الموجودة في داخل المؤتمر كتنظيم.
• برأيك ما هي المهام والأوليات التي يجب على حكومة المؤتمر الأخذ بها في المرحلة القادمة؟!
- دائماً أن أركز وأقول أن أزمتنا ليست سياسية على الإطلاق، بل أزمتنا اقتصادية، وإذا ما نظرنا إلى التجارب السياسية في العالم أجمع لوجدنا أنها خرجت من رحم التطور الاقتصادي، حتى وصلت إلى مستوى من الثبات والاستقرار، أمكن معها أن تفرض على صانع القرار شروط معينة للحفاظ على مصالح المجتمع.
ولو أخذنا ذلك بعين الاعتبار وركزنا على المسائل الاقتصادية ورفعنا بالمستوى الاقتصادي - وهذا مسئولية الجميع - سيكون حال مجتمعنا أفضل بكثير وأعتقد أن الدولة تسير الآن بهذا الاتجاه.