الديمقراطية.. الوسيلة والهدف
الإثنين, 09-يناير-2006كتب - رئيس التحرير - خمسة عشر عاماً من عمر التجربة الديمقراطية في البلاد، والتي ارتبطت بقيام دولة الوحدة وباستمراريتها، والديمقراطية وسيلة هامة من وسائل تعزيز مبدأ حكم الشعب لنفسه من خلال مشاركتهم المباشرة في الانتخابات والتعبير عن آرائه في كل القضايا وذلك من خلال الأحزاب والصحف ومنظمات المجتمع المدني..ا لخ، والغاية من الديمقراطية تحقيق ذلك المبدأ.
واليوم ومع مرور خمسة عشر عاماً من عمر التجربة الديمقراطية -التي مكنت المواطن اليمني من ممارسة حقه في التعبير والرأي، وفتحت الباب واسعاً لتأسيس الأحزاب السياسية والصحف ومنظمات المجتمع المدني- هل حققت الديمقراطية في ممارستها القائمة الأهداف الرئيسية لها؟
في محاولة الإجابة على السؤال نقول:
مكنت الديمقراطية من منح المواطن تشكيل حزب.. أو إصدار صحيفة أو تأسيس جمعية أو منظمة..الخ، وذلك بحسب ما جاء في القوانين المنظمة لذلك الأمر، وهذا الأمر واضح، ولأن الغرض من الأحزاب والصحف وغيرها من أشكال العمل السياسي والاجتماعي هو المشاركة الإيجابية في إدارة الدولة، والعمل على تشكيل رأي عام يخدم الآراء والأفكار والرؤى التي تطرح خدمة لتطوير المجتمع بصورة عامة، فإن القضية الأساسية التي توفرها الديمقراطية لا تقف عند حرية تأسيس حزب أو إصدار صحيفة، أو تشكيل منظمة..الخ، لكن الأهم في الظروف التي توفرها الديمقراطية هو الإجابة عما نريد من الأحزاب والصحف التي تم تشكيلها.. وكيف يجب أن تعمل لتحقيق أهدافها، ومن أين تبدأ العمل لتحقيق تلك الأهداف؟..الخ.
فالواقع يشير إلى أن هناك من أسس أحزاباً إلى جانب الأحزاب التي كانت قائمة، وأصدر صحيفة ومارس معارضة وانتقاداً لكل شيء دون أن يقول لماذا ينتقد؟ كما أنه لا يقدم بدائل للقضايا التي ينتقدها، وهناك من أصدر صحيفة خاصة به وكتب فيها ما يريد، وفتح صفحاتها لكل من كتب دون تحديد هوية وغاية محددة من إصدار الصحيفة.
فالديمقراطية ليست أحزاباً تمارس النقد من مواقع المعارضة، وكفى، ولا هي إصدارات صحفية تمارس النقد وتنشر أي شيء ولأي شخص دون مقاييس.. الديمقراطية وسيلة هامة لتحقيق المبدأ السلمي في تداول السلطة ومنبر حر للآراء والأفكار على طريق الإسهام في تشكيل رأي عام يخدم بناء الوطن وتنميته، والأحزاب والصحف لابد وأن تكون علاقتهما بالوطن ومواطنيه قوية الصلة من خلال ما يجب أن تطرحه الأحزاب والصحف من قضايا تهم الوطن ومستقبل مواطنيه، إلا أن هذه القضية لا تزال مع الأسف بعيدة عن الممارسة الحزبية والإصدارات الصحفية القائمة اليوم. ولتأكيد صحة ما نقوله بهذا الصدد ندعو القارئ الكريم أن يسأل نفسه اسئلة مثل: هل يرى أن الأحزاب في المعارضة مرتبطة بالناس وقضاياهم وأن الصحف على كثرتها تناقش مشاكلهم بجدية؟
لذا نقول إن الديمقراطية مكسب وحدوي عظيم لطالما انتظرناه وحلمنا بتحقيقه. فحرام بعد أن تحقق لا نستفيد منه الاستفادة القصوى، وحرام أن تتحول الديمقراطية من وسيلة للتغيير نحو الأفضل، تتحول فقط إلى شكل من أشكال التنفيس القاصرة.