قبل أي انتخابات:العادة المتأصلة عند أحزاب المشترك
الخميس, 09-مارس-2006كتب / محمد علي سعد ـ - عادة متأصلة عند أحزاب المعارضة من البلاد، هي عادة التشكيك باللجنة العليا للانتخابات واتهامها بالانحياز للمؤتمر الشعبي العام، وبأنها تزوِّر وتغربل وتلخبط الانتخابات.. هذه العادة السيئة وهذه السلسلة من الاتهامات التي تطلقها الأحزاب بحق اللجنة العليا للانتخابات قد حفظناها عن ظهر قلب، لأنها تتكرر عند كل انتخابات برلمانية أو رئاسية، أو محلية..الخ.
فالمعارضة دائماً ما تمارس دور المشكك والضحية التي تجني عليها لجنة الانتخابات.. وهذه الأيام ونحن مقدمون على الانتخابات الرئاسية والمحلية والمقرر عقدها في سبتمبر القادم، في هذه الأيام التي تتزايد فيها الخطوات الإجرائية التي تقوم بها اللجنة العليا للانتخابات على طريق التحضير والإعداد الإيجابي لإجراء الاستحقاق الانتخابي نجد أن أحزاب المعارضة في المشترك تزداد لهجتهم التهجمية بحق اللجنة العليا للانتخابات، وتزداد مفردات الاتهامات والتخوين لدورها ولأعضائها لحد مطالبة أحزاب المشترك في المعارضة تشكيل هيئة قضائية للرقابة على الانتخابات، وهو أمر مناف للمشروعية الدستورية، ولدور وأداء اللجنة العليا للانتخابات، الأمر الذي دفع المؤتمر الشعبي العام الإدلاء بتصريح حول ما طلبته أحزاب المعارضة في المشترك، جاء فيه:
اعتبر مصدر قانوني في المؤتمر الشعبي العام طرح أحزاب اللقاء المشترك لتشكيل هيئة قضائية للرقابة على الانتخابات بالصورة التي يريدونها - فيما لو تم الأخذ بها - إلغاء اللجنة العليا للانتخابات، وانقلاباً على المشروعية الدستورية ، مشيراً إلى أن الصلاحيات التي يطالبون بها للهيئة هي صلاحيات الضبط القضائي.
واعتبر المصدر في تعليقه على رؤية أحزاب المشترك التي أعلن عنها يوم الأربعاء 8/3/2006م في مؤتمر صحفي أن تلك الشروط مدعاة لتأجيل أو عرقلة الانتخابات، معتبراً إشارة قحطان في المؤتمر الصحفي لأحزاب المشترك إلى أن الانتخابات الرئاسية لن تكون كسابقاتها مؤشراً على أن تلك الأحزاب لن تمارس حقها بالمشاركة انطلاقاً من الدستور والقوانين، ولكنها - وفقاً لما أشار إليه محمد قحطان- ستتمسك بخيار الاتفاقات الثنائية.
وخلص المصدر إلى أن مثل تلك المطالب هي دعوة من اللقاء المشترك إلى تأجيل الانتخابات وأن المشكلة في الأحزاب المنضوية في إطاره تعود إلى عدم اتفاقها ، على مرشح، معتبراً ما أعلنوه محاولة تبريرية للتغطية على الخلافات القائمة بينهم، فضلاً عن تأكيدهم لعدم احترام إرادة الناخبين عبر صناديق الاقتراع.
وكانت أحزاب اللقاء المشترك اعترفت ضمنياً برفض المؤتمر الشعبي العام الاتفاق معها على مخالفة القانون من خلال تقاسم تشكيل اللجان الانتخابية.
وأكد بيان اللقاء المشترك أن المؤتمر الشعبي وافق على الحوار وعلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة؛ رافضاً الحديث عن اللجنة العليا للانتخابات كونه ليس مخولاً بمناقشتها.
وكان المؤتمر الشعبي العام أعلن رفضه التدخل في أعمال اللجنة العليا للانتخابات باعتبارها هيئة دستورية تتولى إدارة الانتخابات وفقاً للقانون.
وجددت أحزاب المشترك رفضها المطلق لتشكيل اللجان الانتخابية من خريجي الجامعات، وطالبي التوظيف المسجلين لدى الخدمة المدنية.
وأعلنت أحزاب المشترك أنها لن تقاطع الانتخابات، وقال محمد قحطان الناطق باسم المشترك: أنتم تريدوننا أن نعمل بالمثل القائل "سأقاتل حتى أهرب" مشيراً إلى أنهم سيناضلون بوسائل سلمية وبأيديهم أوراق كثيرة كالمظاهرات والاعتصامات وغيرها.
والخلاصة تفيد أن العادة المتأصلة عند المعارضة هي التشكيك والتخوين للآخرين، عموماً، وللجنة العليا للانتخابات على وجه الخصوص، وأصل هذه العادة المتأصلة عند أحزاب المعارضة في المشترك قبل أي انتخابات تكمن في الأزمة التي تعيشها المعارضة في المشترك اليوم هي نتاج طبيعي لأزمتها منذ نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في إبريل 2003م.
وحين نقول الأزمة، فإننا نقصد بها أن معظم أحزاب اللقاء المشترك، والتي مارست نشاطها الحزبي والسياسي منذ قيام دولة الوحدة، حتى الساعة، لم تؤكد على توطيد علاقاتها بالمواطن وقضاياه توطيداً حقيقياً، ولكنها استخدمته كمشروع دائم لبرامجها الانتخابية وزايدت عليه، وعلى قضاياه كمادة صحفية وإعلامية لمواجهة المؤتمر وحكوماته.. لذا نجد أن أحزاب المعارضة في اللقاء المشترك حرصت على التعامل مع المواطن، باعتباره صوتاً انتخابياً لاغير.. تدعوه وقت الانتخابات، وتهمله حتى يحين موعد الانتخابات القادمة بعد عدة سنوات، ويستثنى حزب الإصلاح جزئياً من هذه الممارسة، لأن علاقاته بالمواطن ممتدة على أساس الولاء الروحي والنفعي.. لهذا نجد أن الإصلاح قد حصل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي عقدت في إبريل 2003م وهي الانتخابات التي تحالف فيها الإصلاح مع المشترك، لكن الإصلاح حصل على 46 مقعداً، والاشتراكي على (7) مقاعد، والناصري على (3) مقاعد، وحزب البعث العربي الاشتراكي على مقعدين، فيما حصل المستقلون على (14) مقعداً، فيما لم يحصل اتحاد القوى الشعبية على أي مقعد..
هذه الحصيلة لأحزاب المشترك التي خاضت الانتخابات البرلمانية تشير إلى ما يلي:
أولاً: ضعف صلة أحزاب المشترك بالمواطن.
ثانياً: بالرغم من دخول أحزاب المشترك الانتخابات البرلمانية متحالفة، إلا أن النتائج المتفاوتة كالمقاعد الكثيرة التي حصل عليها الإصلاح (46) مقعداً، مقارنة بسبعة مقاعد للاشتراكي، قد أكدت على أن التحالف لم يكن قوياً ولا صادقاً ولا أميناً بين أحزاب المشترك وإلا من أين جاء هذا التفاوت.
ثالثاً: عدد المقاعد المحددة التي حصلت عليها أحزاب المشترك كشفت الفارق الكبير بين خطابها الإعلامي والصحفي والسياسي والحزبي المدوي بشكلٍ كبير للغاية، وبين ضآلة ثقل تلك الأحزاب وتأثيرها المحدود على المواطن.
وعليه فإنه ومنذ إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التي جرت في إبريل 2003م والتي حقق فيها المؤتمر فوزاً كاسحاً وفاز بالأغلبية المريحة من مقاعد البرلمان (229) مقعداً، ومكنته من تشكيل الحكومة بمفرده.. منذ ذلك التاريخ وأحزاب المعارضة عموماً، وأحزاب اللقاء المشترك على وجه الخصوص تمارس سياسات أقرب إلى العدائية بحق المؤتمر وحكومته، وانتقدت بكل قسوة أداء الحكومة، واستخدمت كل أساليب التضخيم والمبالغة والبلبلة وهي تمارس نقدها بحق الحكومة والمؤتمر الشعبي العام.
ولا نبالغ إذا قلنا إن أحزاب اللقاء المشترك تعمدت لتحويل عدد من القضايا اليمنية التي كانت مثار نقاش في إطار الممارسة الديمقراطية بين المؤتمر وأحزاب المعارضة، ثم تحويلها من قبل أحزاب المشترك إلى قضايا قابلة أن تناقش بتدخل أطراف غير يمنية، حين اخترعوا عقد ندوات ومحاور نقاش حول تلك القضايا، وجعلوا رعايتها من أطراف غير يمنية بعد أن استفادوا من بعض مؤسسات المجتمع المدني التي تدور في فلكها.
وحين جرى التعديل الحكومي في منتصف فبراير الماضي، نجد أن أحزاب المعارضة في اللقاء المشترك فاقت من وهمها بأنها من القوة حتى تمارس ضغوطات لتدخل في حكومة ائتلاف مع المؤتمر.. وفاقت من وهمها بأن بإمكانها إن تكون موجودة في كل حكومة، وأي حكومة بالاستناد إلى ممارسة سياسة خلق الأزمات، أو بالاتكاء على العلاقات مع الخارج.. لذلك كله نقول: إن أزمة أحزاب المشترك تكمن في علاقاته الغير وطيدة مع الشعب الذي لا يعطيها صوته في الانتخابات، وأحزاب المشترك تسعى لتحسن علاقاتها مع فخامة الأخ علي عبدالله صالح –رئيس الجمهورية- رئيس المؤتمر- كي يحملها ويوصلها لكراسي الحكومة، مالم فإنها تظل تمارس خطاباً صحفياً وسياسياً وحزبياً تعتمد فيه على مهاجمة الآخر، ونقده واتهامه بكل الأخطاء التي تحصل ليس في اليمن وحسب، ولكن في كل الدنيا.
والسؤال: لماذا لا تحرص أحزاب المشترك على تحسين علاقاتها بالشعب وقضاياه حتى تنال ثقته وتفوز بالانتخابات، وتصل للحكومة بدلاً من الهجوم على اللجنة العليا للانتخابات، وعلى الناجحون وتكيل لهم وبحقهم الاتهامات، أو تكرار محاولاتها التسلق على نجاحاتهم للوصول لمراكز القرار.