العنف.. الثقافة المشوهة.. والسلوك المرضي
الثلاثاء, 01-يوليو-2003المؤتمر نت -
ثقافة العنف والتطرف والتخريب التي مازالت تسيطر على عقليات بعض المنتميين إلى جماعات غير قادرة على التخلص من موروثاتها الفكرية والثقافية وما تزال تعكس نفسها في سلوكيات أولئك المنتميين إلى تلك الجماعات تتطلب ليس الوقوف أمام مظاهرها والشخوص التي تمارس العنف كسلوك فحسب بل يتطلب ذلك النظر بتمعن وببصيرة ثاقبة لمختلف الجوانب والابعاد التي مازالت تشكل دوافع وراء قيام هؤلاء بممارستهم للعنف.
وما حدث خلال الأيام الماضية في أبين من اعتداء قام به متطرفون ينتمون إلى جماعة متشددة يؤكد أن ثقافة العنف والتخريب لم تعدد بحاجة إلى عملية استئصال مادي ملموس من خلال الأجهزة الأمنية والقضاء على الأشخاص الذين مازالت أذهانهم محشوة بالقيم الفكرية والثقافية التي ترى في قتل الأبرياء فعلا مشروعا يستند إلى رؤى وأدلة دينية مغلوطة فحسب بل إن ذلك بحاجة إلى عملية استئصال فكري وثقافي قائم على تغيير الأفكار والرؤى الثقافية والفكرية المشوهة التي ما تزال راسخة في أذهان وعقول أولئك من الذين خضعوا خلال فترات سابقة إلى تعبئة روحية وثقافية دينية خاطئة بهدف استخدامها في تحقيق مصالح امتدت من مصالح الدول الكبرى إلى مصالح لأشخاص وجماعات سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي دون أن يكون لأولئك الأشخاص أي مصالح سوى أنهم يخضعون في تنفيذ أعمال العنف إلى مبررات ثقافية ودينية مغلوطة ومشوهة.
ولعل التأكيد المستمر لفخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لمخاطر العنف والإرهاب ووصفمها بأنهما ظاهرة لادين لها ولاأرض وأنها شر يهدد العالم اجمعه في أكثر من محفل ومناسبة يوضح عمق الرؤية السياسية التي تدرك حجم المخاطر السلبية التي تنجم عن ممارسة العنف مهما كان ذلك الفعل أو نتائجه.
ذلك أن السلوك العنيف يمتد بسلبياته إلى ألا صعده الحياتية المختلفة والمتنوعة لأي مجتمع, ولم يعد القول بأن الحديث عن ثقافة العنف والتطرف مبالغة سياسية ترمي إلى تحقيق أهداف لهذه الجهة أو تلك أو تماشيا مع التغيرات الدولية الراهنة وتزعم الولايات المتحدة لمكافحة ماتسميه بالإرهاب, أو أن ذلك يعد نوعا من الخضوع لها ذلك أن هذا القول أصبح عاريا عن الصحة لأن تكرار السلوكيات المتسمة بالعنف والتطرف يدعو إلى التأكيد على أن الدعوة إلى استئصال روحي ومادي لثقافة العنف وشخوصها, ومكانها وزمانها بات يشكل ضرورة وطنية ملحة ومامشهد إطلاق النار على قافلة طبية عسكرية في محافظة أبين الأسبوع الماضي وجرح أفرادها الذين كانوا ذاهبين لتقديم الخدمات الإنسانية للمواطنين الا دليل على أن ثقافة العنف وإن كانت خطرا يهدد الأمن فهي أيضا سلوك مرضي ثقافي وفكري اخطر ما يتسم به هذا السلوك هو أنه لا يفرق بين ضحية وأخرى فالجميع في نظره متساوون, والجميع يستحق القتل حتى ولو كانوا ( ملائكة الرحمة).
ولكي لا يطول الحديث فإن من المهم زيادة التأكيد على أن ثقافة العنف والتطرف بحاجة إلى ذلك الاستئصال الفكري والثقافي المعتمد على نشر ثقافة التسامح التي شكلت وما تزال وستظل عنوانا للإسلام ومنهجه الداعي إلى المحبة والسلام ولعل أبلغ برهان على ذلك هو حديث الرسول صلى الله وعليم وسلم" القائل: لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عندالله من إراقة دم امرئ مسلم).