تساؤلات حائرة!!
الإثنين, 28-يوليو-2003بقلم/ عبدالرحمن بجاش -
سلم وفد مجلسي النواب والشورى في العاصمة الألمانية رسالة مشتركة إلى البرلمان الألماني "البوندستاج"، تضمنت تأكيد اليمن على استعادة المواطنين اليمنيين اللذين تحتجزهما السلطات الألمانية ودون وجه حق.
وأكد مجلسا النواب والشورى أن اعتقال الشيخ/ محمد المؤيد ورفيقه بتهمة الإرهاب خرق للقواعد والقوانين الدولية وحقوق الإنسان.
جمعتني جلسة رتب لها بعناية _ لم يفسدها سوى التأخر عن الموعد_ بصديق متهم بالقضية ودار نقاش تخلله جدل خرجت في نهايته بألف علامة استفهام مقابل علامة استفهام واحدة دخلت بها إلى مكان الاجتماع.
قلت في بداية حديثي للصديق:نحن نحترم علاقتنا بألمانيا، ونحن ضد الإرهاب، ونحن برغم تخلفنا نحترم قوانين الآخرين، وفي نفس الوقت نطلب من أولئك الآخرين احترام شريعتنا وقوانيننا فكيف يأتي بلد بعد أن يمنح مواطن دولة أخرى تأشيرة دخول إلى أراضيه_ ما يعني أن لا مأخذ عليه_ ثم يقوم فجأة باعتقاله..!!
قال الصديق العزيز مدافعاً:الألمان ليس لديهم أي مآخذ على المؤيد ورفيقه ولكن تم احتجازهما بناء على طلب أمريكا.
فقلت كيف؟..قال: الألمان تصرفو بوحي اتفاقية تسليم المطلوبين بينهم، وأمريكا.
قلت: نحن نحترم الاتفاقيات والقوانين وهذه الاتفاقية بين طرفين، نحن هنا نتحدث عن مواطني طرف ثالث،بمعنى آخر وواضح، مواطني دولة ثالثة مستقلة ذات سيادة من حقها أن تدافع عن مواطنيها وتطبق عليهم قوانينها، فالمنطق والعقل اللذان يصدع الغرب بهما رؤوسنا ويتهمنا ببعدنا عنهما يقولان بأنه في حالة أن يكون على هذين المواطنين أي مأخذ من قبل دولة غير دولتهما ووصولاً إلى أراضي تلك الدولة فأقوى إجراء يفترض أن يتخذ بحقهما أن يعادا إلى بلدهما، وفي حالة ارتكابهما لجرم في أراضي تلك الدولة التي هم ضيوف عليها من حقها أن تقبض عليهما ولن يعترض أحد، ويمكن كما هو معلوم ونتيجةً لاحترامٍ مفترض قائم بين الدولتين أن تدعهما يقضيان مدة عقوبتهما في بلدهما. فما بالك أضفت _ وهنا طرف ثالث فيفترض من باب الحفاظ على علاقة الدولة المضيفة بالطرف الثالث أن تخرج هذين المواطنين من أراضيها وتتجنب الإحراج لكن أن تقبض عليهما بهذه الصورة التي حدثت فقد أدى ما حصل إلى _ أحسن القول
- الإساءة إلى علاقة تاريخية متميزة..
عاد محدثي إلى القول: إن المحكمة هي التي ستفصل في الأمر وألمانيا طلبت ضمانات قوية من أمريكا بعدم إعدامهما أو محاكمتهما.
قلت: نحن لا نتحدث هنا عن العقوبة، نحن نتحدث عن مبدأ أخلاقي قانوني عن سيادة واستقلال الدول..
فنحن في بلادنا المتخلفة حين منحت إحدى سفاراتنا تأشيرة دخول إلى أراضينا لعدد من السياح فقد منحناهم في تلك اللحظة الأمان وصرنا مسئولين عن حياتهم، وحين اعترض طريقهم نفر من الإرهابيين واحتجزوهم وقتلوهم لم نتردد في استخدام القوة ونقبض على كل من اعتدوا على الآمنين وقدمناهم للمحاكمة التي قضت بإعدامهم وتم التنفيذ. فكيف يمكن لبلد نحن نحترمه ونقدر علاقتنا به وفي نفس الوقت نحن مثله ندين الإرهاب ونحاربه أن نحتجز حرية مواطنين بلدهما مستقل وذو سيادة ويمكن له أن يحاكمهما إذا خالفا القوانين..
وعدت أقول لمحدثي: إن ما حدث يؤسس لسابقة سيئة، وهو في الأخير يؤكد ما قاله متحدث آخر في الجلسة: هيمنة يريدها عالم ما بعد أحداث 11 سبتمبر على بقية العالم..
عاد محدثي: بالتأكيد ما حدث عبارة عن سحابة صيف.
قلت: لا .. ليست سحابة صيف، بل هي سحابة معتمة تجعلنا نفكر مرتين قبل أن نخرج من بلداننا إلى أي دولة تحترم القانون.
وعلق زميل كان حاضراً.
كيف أضمن ألا يعتقل أولادي وهم يدرسون في دولة غربية فقد يأتي طرف ثالث ويطلب القبض عليهم وبموجب ما يقال من اتفاقيات لتسليم المطلوبين يقبض عليهما!!.
وأخيراً..
يبقى السؤال الأهم: من يعطي الحق لأي دولة أن توقع اتفاقية مع دولة أخرى، يخولان فيها لنفسيهما الحق في اعتقال أي مواطن ينتمي لدولة ثالثة.. مستقلة وذات سيادة.