الناخب لم يعد مدفوعاً أو مدفوعاً له و(الأغلبية الصامتة) هي التي صوتت للمؤتمر
الثلاثاء, 06-مايو-2003المؤتمرنت نقلا عن الميثاق -
ا
أجرت صحيفة (الميثاق) حواراً مع الدكتور عبدالكريم الإرياني الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام تناول فيه بشكلٍ واضح وصريح نتائج الانتخابات البرلمانية، ورؤيته للأعباء، والمسؤوليات التي تقع على عاتق المؤتمر الشعبي العام الذي نال ثقة الأغلبية على نحو غير معهود في الديمقراطية اليمنية كما تضمن الحوار مهام المستقبل والمطلوب من حكومة المؤتمر القادمة وفيما يلي يعيد (المؤتمر نت) نص المقابلة التي نشرتها صحيفة (الميثاق) في عددها الصادر أمس:
* برأيكم ما الذي أضافته هذه الانتخابات للديمقراطية؟
- هذه الدورة وهي الثالثة في تاريخ اليمن الديمقراطي التعددي في رأيي أنها أضافت الكثير والكثير جداً.. إضافات إيجابية وبعضها قد تكون سلبية.
الإضافة الرئيسية الأولى والإيجابية في رأيي. اكتشاف وعي الناخب.. الناخب اليمني أصبح على درجة عالية من الوعي والاهتمام والتفاعل مع العملية الديمقراطية ولا أدل على ذلك من نسبة المشاركين: رجالاً ونساء والتي لم تقل عن 75% وهذا رقم لا أذكر أنني قرأته في أي انتخابات حقيقية تعددية تنافسية في نظام ديمقراطي حقيقي.. هذه هي الإضافة الأولى والتي أعتقد بأن على كل سياسي في أي حزب من الأحزاب التي شاركت من الآن وصاعداً أن يضع في باله أن الناخب أصبح ناخباً وحكماً، وليس مجرد مدفوع أو مدفوع له أو يسير بقوى اجتماعية خارج إرادته. فأنا اعتبرها إضافة هامة وتعطي الديمقراطية رسوخاً حقيقياً.
حدة التنافس
الإضافة الثانية هي حدة التنافس، حقيقة لو قارنا انتخابات 1993م و 1997م بما يسمى بالحُمَّى الانتخابية كانت أدنى بكثير، وهذا دليل أيضاً على أن كل حزب سياسي في اليمن أصبح مصراً على أن يكون فاعلاً في العملية الديمقراطية وأن لا يكون سلبياً وبعيداً عن هذه التفاعلات. فالتنافس كان شديداً على مستوى عال في بعض الأوقات من الحدة. وربما تكون هذه الحدة الزائدة إحدى السلبيات.
الإضافة الثالثة والتي قد لا تعجب الكثيرين.. لكن أولاً دعني أقول لك إن الذين صوتوا للمؤتمر الشعبي العام.. كأعضاء حقيقيين فاعلين للمؤتمر لا يزيدون عن 10% من مجموع الأصوات التي ستظهر في تحديد عدد من أدلوا بأصواتهم لصالح المؤتمر الشعبي العام.. هذه الحقيقة في رأيي تؤكد أن الناخب يستخدم فهمه ووعيه وذكاءه عندما يقرر أن يختار ليس فقط من يمثله. فقد يكون من يمثله في الدائرة مؤتمرياً ولم ينجح لكن ليس هذا المقياس.. الناخب اليمني بشكل عام أصبح يقارن ويقيس بين برامج الأحزاب وبين أدائها وبين ما يمكن أن تحققه له إذا انتقلت هي من موقع المعارضة إلى موقع السلطة الرسمية وخرج المؤتمر كحزب معارض. الذين صوتوا للمؤتمر هو ما يسمى عادة الأغلبية الصامتة ليست في هذا الحزب أو ذاك ولكنها صوتت للمؤتمر برنامجاً وفكراً وميثاقاً ووسطية وأداءً، واعتقد أنها ظاهرة قوية وليست عادية مقارنة بـ (93 و 97م)..
الدعاية القاسية
*وما السلبية التي رافقت العملية الانتخابية؟
- السلبية تقع على عاتق كل الأحزاب بما فيها المؤتمر.. الدعاية الانتخابية القاسية.. ومع ذلك سبق أن قلت لمن سألني.. وأنت كنت حاضراً عندما قلنا هل ننوي أن ننتج إعلاماً حاداً ضد الأحزاب أو ضد حزب معين وكان هناك قرار من اللجنة الإعلامية العليا بأن لا نكون نحن البادئين.
وفعلاً لم يكن المؤتمر البادئ في تلك الدعاية التي انتقدها أصدقاء اليمن.. ومع ذلك يقال (البادئ أظلم والمجوب كريم).
*ما الذي يترتب على المؤتمر وقد حقق هذا الفوز الساحق؟
_ أعتقد كما قلت في السابق دلالته أن الأغلبية الصامتة وليس عضوية المؤتمر أو كفاءة قيادته فقط هي التي أوصلت المؤتمر إلى هذا المستوى الذي كان أكثر بكثير مما كنت أنا وزملائي الذين كنا نجري بعض التحليلات لم نكن نتوقع بأن يفوز المؤتمر هذا الفوز غير العادي، ولكنه فوز يضع عبئا وعبئا ثقيلا على المؤتمر الشعبي وقيادته وأعضائه فلا يجوز أن يخيبوا ثقة الناس بهم.. وعلى المؤتمر أن يعيد ترتيب أموره لكي يكون أكثر التصاقا فلا يجوز أن يخيبوا ثقة الناس بهم.. وعلى المؤتمر أن يعيد ترتيب أموره لكي يكون أكثر التصاقا بالجماهير ولكي يكون افضل أداء.. فأنا أعتبر النجاح على أهميته أنه يضع على المؤتمر عبئا كبيرا جدا وبالذات على قيادة المؤتمر واقصد بها الأمانة العامة بالذات .
الصلة بالناس.
كيف يفسر المؤتمر تراجعه في نصف دوائر أمانة العاصمة تقريبا؟
- أنا أنظر إلى نجاح المؤتمر على مستوى الجمهورية بشكل عام وماجرى في أمانة العاصمة يحتاج إلى دراسة وتحليل. الذي أستطيع أن أقوله لو بحثت عن الفائزين الذي يمثلون التجمع اليمني للإصلاح هم أفراد كانوا على صلة دائمة بعامة الناس" 52" أسبوعا في السنة .. ناس لهم صلة بالناس تكاد تكون يومية أسبوعية- يمتطون المنابر ولاشك أن لديهم قدرة على الإقناع أكثر من قدرة المؤتمر في تقديم برنامجه السياسي.. فهؤلاء أناس بنوا رصيدهم على مدى فترة طويلة مرشحو المؤتمر بدأ الناس يحتكون بهم قبل الاقتراع بثلاثة أسابيع بالكثير.. هذه الظاهرة أيضا تضع عبئا على قيادة المؤتمر في أمانة العاصمة وأنا كنت طرفا فيها, تضع علينا مسئولية بكل تأكيد يجب أن ندرسها وأن نتعامل بأمانة وصدق.. لا يجوز أن نحاول تشويه أو تبرئة أنفسنا باتهام الآخرين لكن حقيقة نهنئ الفائزين وكما قلت بطبيعة مهنتهم هم كل جمعة على صلة مباشرة بالجمهور وبنوا لأنفسهم رصيداً أمام الناس وهذا شيء طبيعي.
* الانتخابات بطبيعتها تنطوي على تغيير.. برأيكم ما أبرز ملامح التغيير لهذه الانتخابات النيابية؟
- أهم تغيير في رأيي وهي تقديرات أولية أن نصف الأعضاء أعضاء جدد على مجلس النواب، وفي هذا إيجابية وسلبية.. إيجابية أنها تدل على ديناميكية المجتمع اليمني الذي اختار هؤلاء..المجتمع لديه ديناميكية مستمرة وبالتالي حكم حكما بالتجديد.. والأحزاب لا شك قدمت هؤلاء المرشحين الجدد، فعادة الديمقراطيات الراسخة، هي أن الأحزاب تتجنب في كل دورة انتخابية أن تأتي بناس جدد على العكس كلما واصل العضو انتخابه وبقاءه في المجلس التشريعي كلما تتراكم لديه الخبرة والكفاءة.. هذه ظاهرة أعتقد أيضا أنها تمتاز بها الجمهورية اليمنية وتحتاج أعتقد إلى تقدير.. لأن الأحزاب حكمت حكما يعتبر صحيحا أن بعض أعضائها يجب أن يستبدلوا وهي ظاهرة إيجابية وتدل على الديمقراطية داخل الحزب المعني عندما يغير، لأن الحزب الذي ليس فيه ديمقراطية تحكمه قيم داخلية تفرض عدم التغيير.. لكن الحزب الذي يفكر تفكيراً منفتحاً يندفع نحو التغيير..
عبء على حكومة المؤتمر
* وما أولويات الأجندة اليمنية بعد التشكيل الحكومي؟
- أقول نفس الشيء عن الحكومة القادمة كما قلته عن الأمانة العامة للمؤتمر إن النصر الكبير الذي تحقق يضع عبئا أيضا كبيرا وكبيرا جدا على عاتق حكومة المؤتمر الشعبي العام في أن تلبي طموحات الناس وأنا أعتقد أن الست سنوات الماضية قد لبت الكثير والكثير جدا من طموحات الناس ..صحيح الواقع الاقتصادي العالمي له سلبياته.. لكن أعتقد أن حكومات المؤتمر التي تشكلت بعد عام 97م استطاعت برغم كل الظروف الصعبة أن تحقق إنجازات غير مسبوقة في كل القطاعات التنموية وبالذات ما يتعلق بحاجات الناس وحياتهم ويصبح على الحكومة القادمة أن تعمل أفضل مما عملته الحكومات السابقة وهذا واجب بكل تأكيد واجب يجب أداؤه نحو الشعب الذي أعطى المؤتمر الشعبي العام هذه الثقة غير المسبوقة.
علاقة المعارضة بالمؤتمر
* كيف تقيمون علاقة أحزاب المعارضة بالمؤتمر الشعبي العام؟
- سئلت هذا السؤال وكان البعض يعتقد أن المؤتمر الشعبي العام قد انفعل وقرر أن ينغلق بسبب بعض الممارسات ،دعنا نقول عليها جارحة أو مؤلمة.. لكنني أعتقد أن القضية ليست قضية شعور أي عضو أو مسئول في المؤتمر الشعبي العام ، القضية قضية مصلحة الوطن.. مصلحة الوطن أن تظل جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية منفتحة على بعضها البعض متحاورة فيما بينها بما يحقق المصلحة الوطنية العليا.. وهي فوق أي تنظيم سياسي، وأنا أعتقد أن المؤتمر الشعبي العام سيظل هو الذي ينفتح على الجميع ويتحاور مع الجميع.. فيسعى إلى توليد الثقة وتقديرها مع جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية.. لكن هذه أمور تحتاج إلى طرفين وليس إلى طرف واحد.
هدف المعارضة
* برأيكم ما التأثير المحتمل للمعارضة في تصحيح أداء الحكومة؟
- هذا هو الهدف الحقيقي للمعارضة.. لكن مع الأسف الذي يستمع إلى جلسات مجلس النواب إلى الآن لم تترسخ الموضوعية في مناقشة القضايا.. هذا حكمي عليها وأعتذر للأعضاء.. لكن موضوعية النقاش ما زالت تحكمها بعض العواطف والأفكار المسبقة التي ليس هناك دليل على صحتها.. قيادة مجلس النواب تستطيع أن توعي الأعضاء في هذا المجال.. فقيادة مجلس النواب لها دور حاسم ورئيسي في تبصير الأعضاء عندما يخرجون عن المواضيع.. عندما يدخلون في قضايا ليست من صلب الموضوع.. عندما يتحدثون بما يتنافى مع اللائحة. صراحة ما أحوج مجلس النواب لأن يستوعب استيعابا كاملا لائحة المجلس فيما يدير المجالس هو لوائح، لو كان هناك قانون حصيف يقارن بما يدور مع ما تنص عليه اللائحة لحكم بأن كثيراً مما يقال هو خارج نصوص اللائحة.
هذه الظاهرة صراحة قد تزيد في المجلس القادم بسبب التغيير الكبير الذي حصل، وأنا أتمنى على قيادة مجلس النواب أن تضع أمامها ونصب أعينها هذا التأثير الضروري في تصحيح مسار المناقشات والمناقشين بحيث تترسخ القيم الموضوعية والحقيقية المقيدة بنصوص اللائحة وهي مهمة صعبة بسبب –كما قلت- التغيير الكبير الذي حصل في المجلس
تغّير الخارطة
- كيف تبدو لكم الخارطة السياسية في ضوء ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات؟
- لا توجد خارطة سياسية ثابتة في أي بلد في العالم.. ما دمت في بلد ديمقراطي يتبنى التعددية، فالحديث عن خارطة سياسية ثابتة لا يستقيم، الخارطة السياسية في المجتمعات الديمقراطية تتغير تغيرا كبيرا ،قارن الخارطة السياسية في الولايات المتحدة والأغلبية غير المسبوقة التي يتمتع بها الحزب الحاكم اليوم، لكن هناك انتخابات في عام 2004م لعدد من المشرعين في الكونجرس ربما تتغير.
رد الجميل
* ما الذي تنتظره من المؤتمر إزاء هذه الثقة الكبيرة من الشعب؟
- أنا أدعو الله أن يلهم المؤتمر الشعبي العام الذي حاز على هذه الثقة والثقة الكبيرة جدا أن يرد ذلك الجميل للشعب اليمني من خلال الحكومة القادمة ومن خلال تشكيل القيادات على كل المستويات التي تحتك بالناس وتعترف لهم بالجميل.. وكما تعرف المؤتمر السابع لا بد وأن يعقد، والانشغال بالانتخابات منع حالة التحضير للمؤتمر السابع.
والمؤتمر السابع لا بد وأن يشهد إعادة هيكلة متكاملة من مستوى المركز إلى الدائرة إلى المحافظة إلى الأمانة العامة واللجنة العامة واللجنة الدائمة بناء على اللائحة الجديدة فإذا وفق المؤتمر في إعادة هيكلة تكويناته المختلفة بصورة يرضى عنها الناس وتؤدي المهمة الملقاة على عاتقه أمام هؤلاء الذين منحوه هذه الثقة فأنا أعتقد أن المؤتمر هو الحزب الذي يضع عامة الناس وليس فقط أعضاؤه ثقة به.