السنفي: رقابتنا شفافة ونتكامل مع القضاء لمكافحة الفساد
الخميس, 17-أغسطس-2006المؤتمر نت – نبيل عبدالرب - بات الفساد الموروث يشكل عقبة أساسية في طريق سير العملية التنموية بسلاسة ما جعله محل استهداف دائم من قبل أجهزة الدولة المعنية بالرقابة والحد منه ابتداءً بكشفه وانتهاءً بمعاقبة مرتكبيه.
ولأن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أحد الأضلاع الأساسية في تأشير مواقع الاختلال في أداء أجهزة الدولة فقد أجرى "المؤتمرنت" مقابلة مع رئيس الجهاز د. عبدالله السنفي الذي أكد حرص جهاز الرقابة على حماية المال العام حسب الاختصاصات المنوطة به وفقا للقانون رقم (39) لسنة 1992م بما يحقق الشفافية والتكامل مع الجهات المعنية وفي مقدمتها القضاء ومجلس النواب، مشيراً إلى كشف الجهاز لـ518 قضية فساد في الفترة 1999-2005م غير 679 أبلغ بها.. تفاصيل وموضوعات ذات علاقة نتركها للحوار:
- مادور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في محاربة الفساد في الشقين النظامي والمحاسبي؟
• تعد مسألة تحقيق رقابة فعالة على الأموال والممتلكات العامة والتأكد من حسن إدارتها من حيث الاقتصاد والكفاءة والفعالية ومحاربة مظاهر ومقومات الفساد في طليعة الأهداف التي يسعى الجهاز إلى تحقيقها تأسيسا على ما منحه إياه المشرع من مهام واختصاصات حددت بموجب قانونه رقم (39) لسنة 1992، واستشعاراً منه بحجم وثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه فإن الجهاز لا يألو جهدا في سبيل توفير الحماية القانونية للمال العام، لذلك ليس بغريب أن يلعب الجهاز دوراً ملموساً في كافة الأنشطة والفعاليات في مجال مكافحة الفساد ومواكبة توجه القيادة السياسية بزعامة فخامة الأخ رئيس الجمهورية – حفظه الله – الجاد بضرورة محاربة الفساد بمختلف صوره وأشكاله ونبذه من جذوره، وذلك عبر مباشرة مهامه واختصاصاته وصلاحياته والقيام بمهام الفحص والمراجعة وفقا لقانونه لكافة الجهات الخاضعة للرقابة وكشفه أثناء ذلك لبؤر الفساد وإبلاغ نتائج مهامه إلى الجهات الإدارية والقضائية وتضمين ذلك تقاريره وإحصائياته الفصلية والسنوية المرفوعة للسلطات العليا بالدولة، ويتمثل دور الجهاز في الشق المحاسبي في تحقيق الرقابة على مختلف الجهات في مجال الإيرادات والمصروفات من خلال مراجعة وتفتيش مستندات ودفاتر وسجلات المتحصلات والمستحقات العامة والمصروفات العامة ومراجعة القروض والسلف والمساعدات والتسهيلات الائتمانية ومراجعة المنح والهبات والتبرعات ومراجعة الحسابات الختامية ومراجعة الميزانيات العمومية للوحدات الاقتصادية والمعانة.
أما فيما يتعلق بالشق النظامي فإن الجهاز يختص بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته بشأن المخالفات المالية، وفحص القوانين واللوائح والنظم المالية والإدارية والمحاسبية للتحقق من مدى كفايتها واقتراح وسائل تلافي أوجه القصور فيها.
إن محاربة ظاهرة الفساد أمر ليس بالهين وإدراكاً لذلك فقد حرص الجهاز على إقامة علاقة تكامل وشراكة مع الجهات الأخرى المعنية بمكافحة الفساد وفي مقدمتها السلطة القضائية "نيابات ومحاكم الأموال العامة" نظراً لوحدة الهدف المشترك والمتمثل في حماية المال العام، وقد شهدت هذه العلاقة في الفترة الأخيرة حراكاً واضحاً خاصة بعد انعقاد اللقاء التشاوري السادس الذي جمع كوادر الجهاز والقضاء، وترجمة توصياته إلى الواقع من خلال إقامة العديد من الدورات التدريبية المتبادلة وصولاً إلى إيجاد لغة مشتركة من شأنها التعاطي مع قضايا المال العام على النحو الذي يتفق والخصوصية التي منحها إياه الدستور والقانون.
ونظراً لكون ظاهرة الفساد قد تعدت الحدود فقد حظيت الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد بأهمية خاصة من قبل الجهاز باعتبارها تعبر عن إرادة المجتمع الدولي وكونها تعكس مجموعة شاملة من المعايير والتدابير والقواعد التي تساعد الدول الأطراف ومنها بلادنا في تعزيز نظمها القانونية والتنظيمية لمكافحة الفساد بما في ذلك التدابير الوقائية وتجريم أفعال الفساد وتحقيق تقدم ملحوظ بمطالبة أطراف هذه الاتفاقية بإعادة الأصول التي يتم الحصول عليها عن طريق أفعال فساد إلى البلد الذي أخذت منه، ولأهمية أحكام ومقاصد هذه الاتفاقية فقد أقام الجهاز بالتعاون مع السفارة الفرنسية والمكتب الإنمائي للأمم المتحدة بصنعاء خلال الفترة من 28-30/5/2006م ندوة تعريفية بالاتفاقية وبمشاركة واسعة من مختلف الجهات ومنظمات المجتمع المدني والمهتمين بهذا الشأن.
- كم عدد قضايا الفساد التي كشفها الجهاز خلال السبع السنوات السابقة؟
• عدد قضايا الفساد التي اكتشفها الجهاز وأعد فيها تقارير وأحالها للجهات الإدارية والقضائية المعنية والتي لا تزال قائمة ومنظورة أمام تلك الجهات خلال السبع السنوات الماضية 99-2005م (518) قضية وهناك عدد آخر من القضايا تم التصرف فيها من قبل القضاء وفقاً للاختصاص.
- وعدد القضايا المحالة للجهات الإدارية والقضائية كل على حدة؟
• عدد القضايا المحالة للجهات الإدارية خلال السبع السنوات الماضية 99-2005م ولا تزال منظورة لدى تلك الجهات ولم يبلغ الجهاز بالإجراءات التي اتخذتها حتى التاريخ عدد (28) قضية، أما القضايا المحالة للجهات القضائية خلال ذات الفترة عدد (490) قضية، مع العلم بأن بعضها لا تزال منظورة أمام النيابات المختصة والبعض الآخر أحيلت من قبل النيابات إلى المحاكم الابتدائية المختصة والتي بدورها اتخذت الإجراءات المناسبة وفقاً للاختصاص.
- كم عدد القضايا التي أبلغ الجهاز بها خلال نفس الفترة؟ وما مصيرها؟
* عدد القضايا التي أبلغ الجهاز بها خلال السبع السنوات الماضية 99-2005م والتي لا تزال محل متابعة 679 قضية، وهناك قضايا أخرى تم التصرف فيها من قبل القضاء وفقاً للاختصاص.
- ما الآليات المتخذة من الجهاز في متابعة قضايا الفساد المحالة للجهات المعنية؟
• إن آلية متابعة قضايا المال العام التي يكتشفها الجهاز ويحيلها للجهات المعنية الإدارية والقضائية تتمثل بمتابعة تلك القضايا بثلاث طرق ووسائل وهي:
أ- عبر الاجتماعات واللقاءات الثنائية أو الموسعة كاللقاءات التشاورية بين القيادات بالجهاز والمختصين مع القيادات لدى الجهات الإدارية والقضائية والمختصين لديها.
ب- عبر المتابعة المكتبية من خلال تحرير خطابات لتلك الجهات أو الجهات الأخرى المعنية أو للسلطات العليا بالدولة.
ج- عبر المتابعة الميدانية من خلال تكليف الباحثين القانونيين برئاسة الجهاز وفروعه بالمحافظات وأمانة العاصمة بالنزول إلى النيابات والمحاكم والجهات الإدارية المختصة المنظور أمامها تلك القضايا بغية حث تلك الجهات على سرعة البت بتلك القضايا وكذا الوقوف على الإجراءات التي اتخذتها حيال أي من تلك القضايا ثم قيدها في السجلات الخاصة بها، ومن ثم رفع تقارير فصلية وسنوية لفخامة الأخ رئيس الجمهورية - حفظه الله – بالنتائج التي تم التوصل إليها خلال تلك المتابعة.
كما أن الجهاز يدرج في تلك التقارير الملاحظات التي يرى أنها تشكل أسباب حدوث مثل تلك الجرائم الماسة بالمال العام أو التي تؤدي إلى تكرار حدوثها وكذا الأسباب التي تقف وراء تأخير البت بتلك القضايا من قبل الجهات المحالة إليها، وفي ذات الوقت يوصي بالمعالجات التي يرى أنها ضرورية وكفيلة بتلافي تلك الملاحظات وحلها ومنع تكرار حدوثها مرة أخرى.
- ما صحة ما يقال من أن هناك تقريرين يصدرهما الجهاز أحدهما معلن والآخر سري؟
• لا صحة لمثل ذلك القول فكما أسلفنا فإن مهام واختصاصات الجهاز محددة تفصيلاً في قانونه رقم (29) لسنة 1992م ولائحته التنفيذية ورقابة الجهاز تمثل حجر الزاوية في مجمل أنشطته باعتبارها تساهم في إعداد السياسات والأهداف والخطط والبرامج والتأكد من أن تلك الخطط تترجم أهداف الجهة الخاضعة للرقابة وبهذا الشأن حري بنا القول أن مفهوم الرقابة قد تجاوز معناه التقليدي فهو لم يعد ينحصر في كشف الاختلالات بل يمتد إلى تقييم نشاط هذه الوحدة أو تلك الخاضعة لرقابة الجهاز للوقوف على مدى تحقيق أنشطتها وأهدافها وهو ما يتيح للسلطات المختصة في الدولة إمكانية اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية المال العام.. وغاية كهذه يسعى الجهاز إليها عبر آليات عمله المتبعة وتعد تقاريره المرفوعة من قبله بمثابة خلاصة للنتائج التي توصل إليها عن أعمال المراجعة حسب نوعها "مراجعة مستندية: مراجعة القوائم المالية، مراجعة الحسابات الختامية، تقييم الأداء، المهام الخاصة الأخرى" وقانون الجهاز ولائحته التنفيذية حدد أنواع التقارير الصادرة عنه والجهات التي يرفع إليها تقاريره ولا توجد هناك تقارير سرية وعلى العكس من ذلك فتقارير الجهاز منها ما يرفع لفخامة الأخ رئيس الجمهورية – حفظه الله – ومجلسي النواب والوزراء ومنها ما يوجه للجهات القضائية والجهات الإدارية ذات العلاقة وكل تلك التقارير يصدرها الجهاز وفق منهجية فنية ومهنية وتأكيدا على ذلك فإن الجهاز يلقي نتائج الحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة وموازنة الوحدات الاقتصادية للقطاعين العام والمختلط وموازنات الوحدات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة أمام مجلس النواب وفي إطار جلسات علنية للمجلس تتداولها وسائل الإعلام المختلفة بشفافية مطلقة، وذلك بموجب النص الدستوري واللائحة الداخلية.
- ما أكثر مواطن الاختلال التي لاحظتموها في أداء الأجهزة الحكومية؟
• الجهاز باعتباره هيئة رقابية عليا مستقلة يقوم بتقييم أداء الجهات الخاضعة لرقابته، ويوصي باتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها تقويم الإعوجاج إن وجد في تلك الجهات وقيامه بعمليات الفحص والمراجعة بما يمكنه من تلمس مظاهر الاختلالات عن قرب وهو في ذلك يثبت أن ما يخلص إليه من نتائج ليس الهدف منها تصيد أخطاء الآخرين بقدر ما يسعى إلى جعل هذه الجهات قادرة على أداء مهامها وتحقيق الغاية والغرض من إنشائها وإجمالا يمكن تحديد مواطن الاختلال في أداء هذه الأجهزة وفقاً لما يلي:
1- القصور في البناء المؤسسي
2- ضعف أنظمة الرقابة الداخلية وغياب نظام المساءلة الإدارية
3- غياب التوصيف الوظيفي ونقص اللوائح التنظيمية
4- تداخل الاختصاصات وتضاربها وتشتيت المسؤولية على نحو يصعب تحديدها.
5- تدني أداء الأنظمة المالية والمحاسبية وعدم قدرتها على توفير الحماية الكافية لأصول وممتلكات الوحدة.
6- مخالفة أحكام القانون رقم (3) لسنة 1997م بشأن المناقصات ولائحته التنفيذية.
7- ضعف إجراءات الضبط الداخلي خاصة على الأنشطة المتعلقة بالمشتريات ومنح الامتيازات والإعفاءات ومنح الرخص والتسهيلات الائتمانية.
8- عدم الالتزام بالقوانين واللوائح والأنظمة النافذة.
9- خلو بعض هذه القوانين واللوائح من العقوبات الرادعة
10- عدم تفعيل دور مجالس التأديب وهو ما يؤدي إلى غياب الانضباط الوظيفي والتسيب الإداري.
- هل أنتم راضون عن مستوى علاقات العمل مع اللجان الفنية المتخصصة في مجلس النواب والهيئات القضائية؟
• نعم نحن راضون عن مستوى علاقتنا بتلك الجهات واللجان فبالرغم من جسامة المهام الملقاة على عاتق الجهاز وما يضطلع به من دور هام على صعيد حماية المال العام، إلا أنه ومع ذلك لا يستطيع مباشرة كل ذلك بمنأى عن علاقته بمختلف السلطات الدستورية والجهات الأخرى ذات العلاقة، فدوره الرقابي يحتم عليه إقامة مثل هذا التواصل والتنسيق وصولا إلى تحقيق ما يسعى إليه فالعلاقة التي تربطه بالسلطة التشريعية ولجانه المختلفة نظمت أصلا بموجب الدستور والقانون لذلك فإن الجهاز يعد تقريراً سنوياً بنتائج مراجعة الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة بها والمستقلة عنها إلى السلطات العليا بالدولة ومنها مجلس النواب في موعد لا يتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ ورود الحساب الختامي كاملاً للجهاز من وزارة المالية، كما يعد الجهاز تقارير دورية منتظمة عن النتائج العامة لرقابته وقد أعطى القانون لمجلس النواب الحق في تكليف الجهاز بفحص نشاط أي من الجهات الخاضعة للرقابة وإعداد تقارير أو تقديم بيانات عن أي منها، كل ذلك يعكس مدى الترابط بين الجهاز والسلطة التشريعية ولأهمية الدور المناط بمجلس النواب فإن الجهاز يمد المجلس بما يطلب منه من تقارير وبيانات تحظى باهتمام المجلس وتساعده في تعزيز رقابته على أداء السلطة التنفيذية.
أما فيما يخص العلاقة مع السلطة القضائية أوضحنا خصوصية هذه العلاقة فكلما توطدت كلما تعززت الحماية الرقابية والقضائية للمال العام وواقع الحال يؤكد أن مخرجات الجهاز تفقد معناها ومحتواها مالم تترجم عمليا من خلال الإجراءات والتدابير القانونية التي تتخذها السلطة القضائية لما لها من صلاحيات بموجب الدستور والقانون، وكذلك فإن القضاء "نيابات ومحاكم الأموال العامة" تستمد بياناتها والمعلومات بشأن قضايا المال العام من تقارير الجهاز وهو ما يظهر حالة التلازم بين الجهتين، وعلى كلٍ هناك قنوات اتصال دائمة ومستمرة مع القضاء تهدف الى تعزيز آليات مكافحة الفساد وإلى تحقيق الأهداف التالية:
1- تقييم آليات التنسيق الحالية ورفدها بآليات سليمة ومرنة
2- وضع نظم لتبادل المعلومات وإنشاء قاعدة بيانات مشتركة بين الجهاز والنيابة
3- توحيد المفاهيم المتعلقة بقضايا المال العام والبيانات الخاصة بها
4- وضع برامج تدريب وتأهيل مشتركة وتبادل الخبرات
5- العمل على إعادة النظر في بعض القوانين ذات العلاقة بمكافحة الفساد.