الشيخ عمر بن حفيظ:التحريض على اليهود والنصارى مأخوذ بموازينه في الشريعة الإسلامية)2-2)
الثلاثاء, 21-أكتوبر-2003المؤتمر نت / حاوره في سيئون : محمد طاهر - الشيخ عمر بن حفيظ : المساجد أماكن لتهذيب الناس ومنزلة الدين فوق جميع الأحزاب .
وصف الشيخ عمر بن حفيظ رئيس دار المصطفى للدراسات الإسلامية المساجد بأنها أماكن تهذيب وتطهير للأرواح ، وأن الإمامة والخطابة فيها منزلة رفيعة ينبغي ألا تنحرف لتبني النعرات الحزبية في بيوت الله .
وقال الشيخ عمر بن حفيظ في مقابلة (للمؤتمر نت) أن تجنيب استعمال العقل والحوار لإزالة المفاهيم الملتبسة عند بعض العلماء للوصول إلى نتائج طيبة هو الذي يدفعهم للتسرع إلى تكفير الناس وتفسيقهم بالباطل .
- كيف يمكن أن يتحقق الاعتدال والتوسط في الخطاب الديني؟
* يتحقق الاعتدال والتوسط بأخذ منهج الرسول الكريم الذي لا يأتي بمعنى التنازل والتساهل بأمور الدين كما لا يكون مع الغلو والتشدد في غير مجمع عليه، فالتوسط والاعتدال يجنب الخطاب الديني الغلو والتساهل ويخرج به إلى حد المحافظة على شؤون الشريعة كما هي وبما يرضي الله ورسوله.
- يدعوا البعض إلى عدم التحريض على اليهود والنصارى واعتبار الواحد منهم فريسة أينما وجد كما يفهم البعض من ذلك التحريض ما رأيكم بهذا؟
* بعض الناس يفهم خطأ تحريض بعض المنابر على اليهود والنصارى خطأ ويظن أن كل فرد من هؤلاء فريسة شرعية فيعتدي عليها في وطنه ولكن يبقى الحكم في الشريعة ثابتاً بمعنى أن من حارب وقاتل يجب أن يصد عدوانه وظلمه ويقابل بالقتال كما تذكر الأيات القرآنية "ألا تقاتلون قوما نكثوا إيمانهم وطعنوا في دينكم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة" والحكم واضح ولكن يجب أن يكون التبيين والتحريض مأخوذاً بموازينه وبحدوده. فلا تكون مجرد سباب وشتائم لا تؤدي نتائج مطلوبة، وهو المقصود في الشريعة ويستبدل بحسن الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وحث إخواننا على إخلاص التوجه إلى الله وهي أسباب حقيقية يندفع بها الشر والظلم ولا بد من التخفيف من ذلك واستبداله بالدعاء والاستقامة لصد عداوة الآخرين وليس بالتحريض عليهم.
- أحياناً يدفع هذا التحريض البعض إلى مهاجمة السائحين مثلاً بحجة أنهم أعداء وغنيمة مباحة؟
* عندما نراجع سيرة نبينا الكريم في المدينة المنورة لم يعمم خيانة العهد على كل اليهود في المدينة، فلم يخاطب بني قينقاع وبني النظير وإنما خاطب بني قريظة وجميعهم على نفس الدين والملة، بحيث لم يخرجهم أو قاتلهم، كلهم فالذين يقاتلوننا وجاءوا بأنفسهم للمواجهة فالمسألة حرب بيننا وبينهم ولكن ليس كل من هو على ملتهم في الأرض يحسب غنيمة لنا، بل الذي يدخل في بلد المسلمين بإذن المسلمين وإذن حكومتهم فهو من أهل الأمان "مؤمن" وهو مثل المعاهد والذمي فلا يجوز مسه ولا استحلال ماله ولا نفسه ولا عرضه وفي صحيح البخاري "من قتل ذمي أو معاهد لم يرح رائحة الجنة" والحديث عن المسلمين يقول "تتكافئ دمائهم ويسعى بذمتهم أدناهم" ويجب تقديم صورة طيبة عن الإسلام ليفهموا حقيقته عن قرب فالإسلام دين التسامح، وبمثل هذه التصرفات نؤكد ما يقوله أعداء الإسلام عن الإسلام.
- عندما هاجم بعض المتشددين المدمرة الأمريكية كول والسفينة الفرنسية في الموانئ اليمنية كان بذريعة جهاد المصالح الأجنبية في اليمن.. ماهو حكم الدين في هذا النوع من الجهاد؟
* من المعلوم أن الجهاد بضوابطه قائم على أسس لا يتأتى تجاوزها فالاعتداء على المؤمن والمعاهد والذمي ليس من الجهاد في شيء ولكن تحكم الجهل المرقم يؤدي بالناس إلى مثل هذه التصرفات فالقتال يجب في مواضع القتال بأمر أولياء أمور المسلمين وأذنهم ومثل هذه التصرفات مع كونها مخالفة للشريعة إلا أنها تجلب لنا مشاكل وأتعاب، فهم قادرون على استبدال السفينة بأخرى أو تلك المدمرة وإصلاحها. ولكن أبعاد ذلك تتمثل في الأضرار بصورة الإسلام وتسبب في التشديد على المسلمين هنا وهناك وفتح مجال للذين يريدون تشويه الإسلام.
- كيف يمكن الخروج من أزمة الخطاب الديني في اليمن؟
* هناك جملة من النصائح لتأكيد معاني الإخلاص لوجه الله تبارك وتعالى مع حسن التضرع إليه والابتعاد بالخطاب الديني خصوصاً في المنابر عن الأغراض والمصالح والمطامع وذلك يرجعنا إلى منبع رسالة نبينا الكريم وهذا الدين واضح والأخذ منه واجب لربط الصلة مع ربنا الخالق ولا بد للخطاب الديني أن يعمل على تنقية الضمائر وتنوير البصائر وترك استبعاد المنابر للآراء وجعل اجتهادات بعض الناس وآرائهم محل النص الصريح وبهذا الخطأ يتباعد المسلمين ويحمل بعضهم على بعض ولا نذم جميع المنابر ولكن ما انحرف منها يجب رده إلى مساره الصحيح وما شذ عن القيام بمهمته ينبغي تدارك الأمر برده إلى جادة الصواب ولا بد أن يتولى المنابر الذين يؤدون حق الأمانة بينهم وبين الله في نصح العباد وتصحيح كذلك منابر الخطاب مع الناس بتنوعها فيجب أن تتهذب منابر الدين لكونها الملجأ والملاذ لأهل الإسلام والإيمان وأن تتصف بالسعة والعظمة والسمو الذي يليق بشأن هذا الدين.