العيدروس :هناك أشخاص استغلوا الاحتجاجات لتحقيق مخططات مشبوهة
الثلاثاء, 29-يناير-2008المؤتمرنت-حاوره - فوزي الكاهلي* - على بعد حوالي (1300) كم من الحدود اليمنية، وتحديداً في العاصمة السودانية الخرطوم التقت "الناس بالأخ محمد العيدروس – الأمين العام المساعد في المؤتمر الشعبي العام سابقاً، ومدير معهد الميثاق حالياً – وأجرت حواراً صحفياً معه تحدث فيه عن القضايا الساخنة في الساحة اليمنية بالمرحلة الراهنة.. وأجاب على أسئلتها بنوع من الأريحية ربما لم تكن لتوجد لو أن المقابلة أجريت داخل اليمن.
* أستاذ محمد.. أنت من القيادات المؤتمرية القادمة من حضرموت (أكبر المحافظات الجنوبية).. ولهذا نريد رأيك في الفعاليات الاحتجاجية التي تشتعل بين فترة وأخرى في شوارع وساحات معظم المحافظات الجنوبية منذ أكثر من عام؟ ورفع شعارات انفصالية في بعضها؟
-نحن جميعاً نبارك أي تحركات تهدف إلى ترسيخ حقوق الناس، وإلى التعامل مع كل القضايا بجدية ونؤيد التحركات بشكل حضاري لتحقيق المطالب المشروعة وهذه يكفلها الدستور والقانون، وأما ما يحدث في المحافظات الجنوبية فليست تحركات عفوية وتلقائية، وأنا واحد من أبناء تلك المحافظات واعتقد أن بعض تلك التحركات ربما هي من النوع المشروع ولكنها بدأت تأخذ منحناً مغايراً حيث بدأ يستغلها أشخاص أو عناصر لتحقيق أهداف ومخططات مشبوهة وربما تكون خارجية، وللأسف بعض القيادات أو الإخوان في بعض الأحزاب يبدو أنهم لا يستوعبون خطورة التحرك بالريموت أو بأي وسيلة من الخارج، واليمن لها تجارب كثيرة في الاعتماد على الذات في حل مشاكلها الداخلية أو مع الدول المجاورة وبرغبة ذاتية.. والوحدة اليمنية تحققت برغبة ذاتية ودون تدخل خارجي وكذلك أنهت مشاكل الحدود بإرادة ذاتية وبالحوار مع الجيران.. وأعتقد أنه بدأت تظهر مؤشرات خطيرة للمنحنى الذي تسير فيه تلك الاحتجاجات.. وهي قد تكون مؤشرات خطيرة على البلد ولكنها أخطر على هؤلاء الذين لم يتعلموا من دروس الماضي وأما الوحدة اليمنية فهي راسخة ولا خوف عليها.
* وما رأيك فيما يسمى ملتقيات التسامح والتصالح الناشئة مؤخراً بنفس تلك المحافظات؟
- أولاً أنا استغرب من هؤلاء الداعين إلى التصالح والتسامح.. وأتساءل.. التصالح مع من.. ثانياً يجب أن يبدأوا بالتصالح أولاً مع أنفسهم فهم الذين افتعلوا تلك المشاكل، وهم الذين دمروا كل شيء جميل ودمروا الحياة في الجنوب قبل الوحدة وبالذات في 13 يناير 1986م.. واليوم نراهم يعلنون عن ملتقيات التسامح والتصالح.. وكان الأحرى بهم أن يتسامحوا ويتصالحوا بداية مع أنفسهم ليكونوا نموذجاً للآخرين.. وأنا كتبت مقالاً بإحدى الصحف منذ أيام وقلت أن هذه بضاعتنا ردت إلينا.. فلولا الرئيس علي عبدالله صالح واحتوائه لمأساة 13 يناير واحتضان بعض أطرافها لكانت استمرت الدماء تنزف لعدة سنوات.. ولكن الرئيس والعديد من الخيرين آنذاك كان لهم دور في وقف الصراع والتقريب والإخاء بين الخصوم ودفعهم للجلوس على طاولة الحوار ونتج عنه تسامح وتصالح في ذلك الوقت.. والابتعاد عن المهاترات اليوم مطلوب لأن الخلافات والمهاترات ستؤثر حتماً على وضعنا الاقتصادي وعلى نسيج العلاقات بين أبناء الشعب الواحد.
* وماذا عن أخطاء السلطة المتراكمة في المحافظات الجنوبية منذ عام 1994 والتي تعطي نوعا من المبرر لهذه التحركات الاحتجاجية؟
- كل سلطة في العالم لها أخطاء، والأخطاء لا تعالج بالاحتجاجات، ومن الأخطاء التي يعترف بها الجميع وجود بطالة.. وهذه المظاهرات والاعتصامات وبعض المشاكل المفتعلة هل ستساعد على حل مشكلة البطالة.. حقيقة هذه المشاكل ستنفر العديد من المستثمرين مع أن المستفيد الأول من انتعاش الاستثمار هم العاطلون عن العمل.. ونحن نعترف بوجود مشاكل قائمة ومن حق المواطنين المطالبة بحلها..
* بأي وسيلة أو كيفية يطالبون؟
- يطالبون عبر الاعتصامات والمسيرات دون ضجيج ودون تهديد ووعيد للسلطة وللوطن.. واعتقد أن السلطة لا تملك عصى سحرية لحل المشكلات خلال يوم أو يومين.. فهناك مشكلات يعرف حتى الذين يحركون تلك المظاهرات أنها مشكلات عميقة وتحتاج إلى وقت لحلها سواء المتعلقة بالوضع الاقتصادي أو بمسائل أخرى.. والقضية الأولى التي أخرجت المظاهرات والاعتصامات في البداية هي قضية المتقاعدين وتم حلها تقريباً..
* وتوجد قضية الأراضي؟
- قضية الأراضي تم تشكيل لجان لمعالجتها بعد دراسة ملفاتها وحصر أغلبها.. وهذه المشكلة أيضاً لن تحل في يوم وليلة لأن عقود تمليك قطعة الأرض الواحدة قد أعطيت لأكثر من شخص.. والكثير من قضايا الأراضي تحتاج إلى صرف تعويضات.. وعموماً نحن ضد الظلم واغتصاب الأراضي وانتزاعها، ومشكلة الأراضي موجودة في العديد من بلدان العالم.. ونحن في المؤتمر الشعبي نريد لهذه القضايا حلولاً جذرية.. ولا ننسى أن بعض مشاكل الأراضي نشبت منذ ما قبل الوحدة في عهد الحزب الاشتراكي.. ولا ننسى كيف كان يتم تأميم الأراضي ولا يستطيع مالك الأرض التصرف بها أو حتى أخذ حبة تمر من النخلة في أرضه.. ومع أنه قد بدأت حلحلة قضايا الأراضي ومعالجتها بشكل مرن وهادئ إلا أن كثيراً من المتنفذين بعد الوحدة ربما حصلوا أو أخذوا أراضٍِ عبر أجهزة السلطة.. فلم يسطوا عليها بالقوة والسلاح ولكن لديهم وثائق رسمية من السلطة لامتلاكها وهذه قضية أؤكد لك أنها خطأ 100%.. وللعلم كانت قد شكلت لجنة برئاسة نائب رئيس الجمهورية لحل هذه القضية ولكنها تحتاج لمزيد من الوقت لإنهائها ويكون حلها مبنياً على الدراسات الوافية لكي لا نخرج من قضية مع شخص ثم ندخل إلى مشكلة أخرى مع شخص آخر لأننا سنظل في دوامة وفي دائرة مغلقة ونعيش في مشاكل متواصلة ولهذا نحتاج إلى العقلانية في الحلول، وأنا أطالب السلطة وكل أجهزة الدولة بالتنفيذ السريع والعاجل لحل هذه المشكلة بناءاً على توجيهات رئيس الجمهورية ولكن لا تكون تلك التوجيهات مدخلاً للتلاعب أو لمماطلة الناس أو تضييع حقوقهم..
* كقيادي في المؤتمر الشعبي العام.. نريد أن نعرف منك ماذا يحدث حالياً داخل المؤتمر.. هل هو صراعات داخلية.. أو تجاذبات بين عدة أجنحة أم ماذا؟
- أولاً أقول أن بعض الأحزاب هي التي أشاعت هذا الكلام وهو ليس له أساس من الصحة فلا يوجد أي خلافات داخل المؤتمر على الإطلاق..
* ولكن قرأنا تصريحات وحوارات صحفية مع قيادات مؤتمرية في الشهور الأخيرة تعكس فعلاً وجود خلافات؟
- تلك ليست تصريحات لقيادات في المؤتمر.
* ياسر العواضي (نائب رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر) ليس قيادياً أو محمد عبداللاه القاضي أو الميسري.. الخ؟
- نحن لدينا شفافية وكل واحد من حقه أن يقول ما يقول ولكن ما يقوله لا يعني وجود خلافات داخل المؤتمر.. ويمكن وصفه بأنه اختلاف أو تباين في الآراء فقط كما يحدث داخل الأسرة في البيت الواحد.. وأؤكد أنه لا يوجد أي خلافات أو انشقاقات لأن المؤتمر يجمع الجميع تحت مظلة واحدة يقودها فكر واحد ووثيقة واحدة..
* العام المنصرم 2007م شهد أحداثا ومتغيرات واضحة باليمن.. فكيف تقرأ المشهد ونحن بداية 2008م بناءاً على معطيات العام الفائت؟
- حقيقة المشهد السياسي هو بيد اليمنيين والأحزاب السياسية وأنا لا يخيفني كثيراً هذا الوضع السياسي القائم.
* ألا يحمل هذا الوضع مؤشرات خطيرة..؟
- لا يحمل مؤشرات خطيرة لأن ما يحدث وكما قال فخامة الرئيس إنها مجرد فقاقيع ستنتهي، وربما البعض لم يستوعب التعددية ولم يستوعب الديمقراطية بالشكل الصحيح، وأنا أؤكد لك بأن كل اليمنيين ملتزمين بالدستور والقانون، وفي الأخير سيسود الدستور والقانون على الجميع..
* قبل أيام قرأنا تصريحاً لقيادي مؤتمري قال فيه إن المعارضة تعرقل تنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي.. فهل أنت مع هذا الكلام؟
- حقيقة أنا لا أقول أن المعارضة كلها.. لأن برنامج الرئيس ليس برنامجا للمؤتمر الشعبي فقط بل هو برنامج للشعب كله والمفترض على كل أحزاب المعارضة دعم إنجاح هذا البرنامج، ولكن من حقها أن تقول أنه لم يتم تنفيذ شيء من هذا البرنامج، أو أنه لم تحصل تنمية بالبلد، ولم يحصل كذا وكذا لأن هذه هي لغة المعارضة في كل أنحاء العالم وليس معقولاً أن تأتي معارضة –أياً كانت- لتقول كثر الله خير حكومة المؤتمر لأنها عززت الأمن والاستقرار وكثر الله خيرها لأنها بنت مستشفى أو شقت طريقا أو أنها أنجزت أي شيء..
* صحيح هذا عن المعارضة.. ولكن ماذا عنكم في الحزب الحاكم هل تؤدون واجبكم (كما يفترض) تجاه المواطن الذي أعطاكم صوته في الانتخابات؟
- الحزب الحاكم يقوم بدور كبير في سبيل ذلك رغم الظروف العالمية التي طرأت على كثير من المسائل.. والحزب الحاكم حريص على الأمن والاستقرار بدرجة أساسية، وحريص هو وحكومته حتى على استقرار أسعار المواد الغذائية وتوفرها والتي يعرف الكل أنه يوجد ارتفاع عالمي، وأنا أقول أن كل سلعة أو مادة لا تنتجها البلد لا يستطيع أحد التحكم في سعرها، وحقيقة المؤتمر وحكوماته المتعاقبة وبتوجيهات فخامة الرئيس قد قدم الكثير والكثير من المشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية لهذا الوطن، ونأمل أن تتضافر جهود الجميع (سلطة ومعارضة) نحو البناء والتنمية لأن المؤتمر الشعبي ليس مخلداً في الحكم وربما غداً أو بعد غد يكون في المعارضة وهذه هي سنة الحياة طالما توجد تعددية سياسية..
*عن صحيفة الناس