معاول الهدم
الأحد, 09-مارس-2008المؤتمرنت - لعل إحدى حسنات الديمقراطية في هذا البلد أنها تكشف كل يوم عن مساوئ بعض الذين باتوا عاجزين عن الاستيعاب أو التعاطي مع أبسط مفاهيمها ومبادئها وآليات عملها . وبقدر ما يكبر هذا الوطن كل يوم بوحدته وبأبنائه المخلصين بقدر ما تنكشف المشاريع الصغيرة و الأقنعة عن وجوه أصحابها الذين يحاولون إثارة أحقاد الماضي بمفاهيم تشطيرية حيناً ، ومناطقية أحياناً أخرى ،تدفعهم الرغبة الجامحة في الوصول للسلطة ولو بهدم المعبد بأكمله ، وبرغم القناعة والإدراك التام أن وحدة الوطن لم تكن ثابتة وراسخة أكثر مما هي عليه اليوم إلا أن هناك بعض ( الفقاعات ) التي يحاول البعض إثارتها بين الفينة والأخرى لأغراض لا تخدم مصالح اليمن الواحد الموحد وإنما تخدم مآرب وأهداف شخصية وحزبية ضيقة بقدر ضيق أنفس أصحابها .
إن ما يجب أن يستوعبه الجميع أن من يحاولون إثارة الأحقاد والنزاعات من خلال خطاب سياسي مليء بالأحقاد والكراهية للآخر وللوطن إنما يسعون لإثارة القلاقل والفتن وإعادة مشهد ذلك الصراع الدموي الذي شهدته المناطق الوسطى إبان حقبة التشطير البغيضة والتي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء ولا يزال حتى الآن من يكتوي بنار ألغامها .
إن الوعي الشعبي الذي نجح في التصدي لكل أنواع المؤامرات التي استهدفت وحدته وسلمه الاجتماعي هو اليوم أكثر إدراكاً أن أصحاب الخطاب ا لمناطقي المليء بمفاهيم الحقد والكراهية هم بقايا ثقافة استعمارية وإماميه وتشطيرية متخلفة لم يعد لها مكان في يمن الثاني والعشرين من مايو .
وإذا كنا لا نأسف على حال أولئك الذين يتوهمون بأن يعيدوا مسار التاريخ إلى الوراء من خلال مشاريعهم المشبوهة التي تستهدف الوحدة الوطنية فإن ما نأسف عليه حقاً أن يجد أولئك المشبوهون ومشاريعهم المشبوهة أيضاً يد العون والمساعدة من بعض القوى السياسية التي تحاول إقناع نفسها أنها بدعمها لتلك المشاريع أو الترويج لمفاهيمها إنما تخطو نحو السلطة غير مدركة تماماً أن وعي الشعب لم يعد يتقبل أساليب الزيف والتضليل والكذب ولا تدرك أنها حينما تفعل ذلك إنما تسعى لإعادة إنتاج تجارب فشلت وفشل المراهنون عليها .
لقد آن الأوان أن تدرك تلك القوى السياسية التي رفض الشعب مراراً منحها ثقته خوفاً على مستقبله أن تعيد النظر في كينونة خطابها السياسي وتستشعر أن سبب فشلها يعود إلى نفور الناس من خطابها الذي لا يحمل سوى ثقافة التدمير للذات والعدمية وما تحمله تلك الثقافة من مخاطر على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، مالم فإنها إن استمرت في ذلك الخطاب فإنها لن تجني سوى الخسران من قبل الشعب الذي لن يأمن أن يمنح قيادة مستقبله إلا لمن كان وفياً لمبادئ وقيم الوطن ومصالحه العليا وفي مقدمتها صورة وحدته ونظامه الجمهوري والحفاظ على أمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي .
إن الديمقراطية بمفاهيمها والياتها الناظمة لأساليب الحكم والتبادل السلمي للسلطة إنما تمثل أسلوبا لعملية البناء والتنمية بما توفره من مناخات لتباين الرؤى الفكرية والبرامجية المتصلة بالحكم وإدارة الدولة وتقديم الخدمات للناس والنهوض بعملية التنمية في المجتمع وهي وفقاً لهذا المفهوم ابعد ما تكون عن المفهوم التي تحاول بعض القوى السياسية المعارضة استغلاله وتحويل الديمقراطية والحرية إلى معاول هدم .
إن هذه الأحزاب باتت تستغل الديمقراطية ومناخات الحرية التي تعيشها البلاد بشكل يسئ لها وللتجربة الديمقراطية أحيانا من خلال تحويل آليات ووسائل العمل الديمقراطي إلى وسائل نشر لأمراض الماضي وثقافته الشمولية إلى الأجيال اللاحقة الأمر الذي يستدعي الوقوف بحزم أمام هذه المظاهر التي باتت تمس بحاضر هذا الجيل ومستقبل الأجيال القادمة التي يجب أن نتحمل مسئولية إبعادها عن مخلفات الماضي سواء كانت نتاجا للإمام أو الاستعمار أو للتشطير أو الشمولية .
لقد وصل الحال لدى بعض القوى السياسية في المعارضة بعد أن فشلت في إقناع الشعب بمصداقيتها أو بنفعية برامجها أن تحاول الوصول إلى السلطة ولو كان ذلك من خلال إعادة إنتاج الفكر الطالباني في محاولة منها لتكرار تجربة طالبان في اليمن .
وعلى تلك القوى ومن سار في دربها أن تدرك أن لا أحد في هذا البلد سيسمح لها بتكرار نموذج طالبان أو تجربة العراق أو صوملة اليمن .
لأنه لا عودة إلى عهود التشطير فالوحدة راسخة رسوخ الجبال وكما قال فخامة الرئيس علي عبد الله صالح (شعارنا الوحدة أو الموت، الذي يعجبه وإلا يشرب من البحر الأحمر والعربي).