سالم صالح.. لا اتطلع لمنصب نائب الرئيس ونكن التقدير للفريق عبد ربه منصور
الخميس, 15-يناير-2004المؤتمر نت-متابعات-البيان -
أجرت صحيفة البيان الإماراتية حواراً مع الأستاذ سالم صالح محمد مستشار رئيس الجمهورية تناول فيه عدداً من القضايا على الساحة ولأهمية ما جاء في الحوار يعيد(المؤتمرنت)نشره
وفيما يلي نص الحوار:
ـ تتحدث بعض الأوساط السياسية اليمنية عن ان تعيينكم مستشارا لرئيس الجمهورية عقب عودتكم من الخارج يعد خطوة أولى نحو توليكم منصب نائب الرئيس خلال الفترة المقبلة لاعادة صياغة الأوضاع.. ما مدى صحة ذلك؟
ـ في واقع الأمر فاننا ننظر الى قرار التعيين باعتباره يحمل عدداً من الدلالات أهمها انه مثل خطوة مهمة على طريق تحقيق الانفراج السياسي العام وهذا ما عبر عنه قرار العفو الرئاسي عن قائمة الـ 16.
وعلى الصعيد الشخصي وبصفتي أحد الذين حققوا يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 فان ذلك يعد احدى خطوات رد الاعتبار الضرورية لشركاء اساسيين ساهموا في تحقيق الوحدة ومثلوا احد اطرافها الذين تنازلوا عن سلطتهم طواعية لصالح هذا الهدف العظيم، واود الاشارة الى ان تعييني مستشاراً للرئيس ليس له علاقة بما يشاع في الاوساط السياسية والاعلامية اليمنية حول منصب نائب رئيس الجمهورية الذي يتولاه شخص قدير نكن له كل الاحترام والتقدير هو الفريق عبدربه منصور هادي ونتمنى له كل التوفيق في المهام الموكلة اليه.
ـ هل تفكر بالانضمام الى حزب المؤتمر الحاكم وهل تلقيت عرضا او اتصالا او ضغوط في هذا الاتجاه؟
ـ في تصوري لم يعد العمل الوطني مرهونا بالانتماء الحزبي ـ وتجربتنا في هذا المجال تمنحني اليوم بعضاً من الحرية في المراجعة والتأمل للتجربة الشخصية والعامة واسهاماتنا المختلفة وادوارنا ومواقفنا خلال العقود المنصرمة.. الامر الذي يساعدنا على تحديد خياراتنا ورؤانا الجديدة في الموقف من العمل السياسي او الحزبي.
وبكل صراحة اجد نفسي اليوم في موقع «المتأمل» بعد رحلة شاقة مضطربة ومضنية.. ولم اعد في موقع الطامح لتحقيق اهداف واماني شخصية ولم اعد احمل من الاماني سوى ان نقضي ما تبقى من العمر في تحقيق شيء مفيد لاهلنا وناسنا وللوطن.
ولم يعد ضروريا ان ينتهي حال السياسي في بلداننا اما بالقتل، او الموت جوعا او جنونا او متسولاً على قارعة الطريق، او دخول السجون.. اذ ان الحياة خارج هذه الخيارات مليئة بالأشياء الجميلة رغم كل شيء خاصة عندما تتحقق للانسان ضرورات الحياة الكريمة ولا أجد عيبا في انه عندما يصل المرء الى حالة العجز عن تقديم شيء مفيد ان يترك الامر لغيره وينسحب بسلام وعندها يكون قد صان تاريخه الوطني وصان كرامته ونفسه.
ـ كيف تعامل الحزب الاشتراكي اليمني مع القرار الرئاسي بالعفو العام عن قائمة الـ 16 وهل استطاع الحزب ان يعيد ترتيب أوضاعه السياسية؟
ـ الحزب الاشتراكي رحب كثيرا بالقرار الرئاسي لانه ينسجم مع مسألة هي من أهم مطالبه ومساعيه وتحقق بذلك هدف كان يأمل في تحقيقه منذ انتهاء حرب 1994م، ولعل القرار الرئاسي مثل خطوة كبيرة على طريق تحقيق انفراج سياسي شامل يسهم في تطبيع وتسوية الأوضاع السياسية التي تدهورت كثيراً بين مختلف القوى السياسية بسبب الحرب، الامر الذي يقرب من مسافات الحوار بين الحزب الحاكم واحزاب المعارضة بما فيها الحزب الاشتراكي بصورة اساسية.
بالنسبة للاشتراكي فمعلوم انه تعرض لضربة قاسية ومؤلمة كادت ان تخرجه من ساحة العمل السياسي ومازال يعاني منها حتى يومنا هذا، وسيحتاج بالطبع الى مزيد من الوقت والجهد ليستعيد عافيته وقواه وبالتالي ترتيب أوضاعه التنظيمية والسياسية والتي تردت أكثر بعد اغتيال القائد جارالله عمر امينه العام المساعد في يناير 2003 حيث كان يمثل اهم قيادات الحزب في هذه المرحلة لذلك يمكن القول ان الحزب يحتضر.
ـ يشير بعض المراقبين السياسيين الى ان هناك أزمة صامتة بين صنعاء والرياض حول تبادل متهمين بالارهاب وبعض القضايا الاخرى ما رأيكم بذلك؟
ـ في واقع الأمر نشعر ان العلاقة بين صنعاء والرياض تمر بأزهى صورها وتزدهر يوميا، ولعل اتفاقية المعاهدة بين البلدين قد خلقت وأسست لهذه الاجواء وحسمت كليا مجمل نقاط الخلاف التي كانت قائمة بين البلدين.
ولا اعتقد ان هناك امورا أخرى يمكنها ان تشكل نقاط خلاف جوهرية وان وجدت فستظل ثانوية وفي اطارها الطبيعي والقابلة للحل.
ـ حرب الارهاب هل ساهمت في تقارب يمني اميركي على صعيد العلاقات السياسية والتعاون الامني ام انها خلقت أزمة بين الحكومة والقوى السياسية؟
ـ نعم ساهمت في هذا التقارب بل وفتحت الابواب لتعاون واسع وشامل في العديد من المجالات، ويحاول اليمن ان يستفيد من هذا التعاون في تطوير قدراته الذاتية وامكانات السيطرة على حدوده الواسعة وبالذات البحرية منها، وكما هو معروف فان اليمن بلد فقير ومظاهر الفقر والبطالة الشديدة للشباب في ازدياد ملحوظ لهذا فان هذا التعاون معني بتقليص الهوة التي تزداد اتساعاً وتقديم المساعدة الحقيقية في حل المشاكل القائمة وسد منابع الفقر والجهل تحديدا، اذ انه لا يكفي ان نضرب ونقمع بل مهم ان نقدم المساعدات الحقيقية للقضاء على منابع التطرف والعنف ولعل أهمها الفقر والجهل وانعدام العدالة.
كما انه ليس بخاف على احد ان هناك صداقة تاريخية بين الشعبين والبلدين منذ زمن بعيد كما توجد جالية يمنية كبيرة وكثير منهم من يحمل الجنسية الاميركية ويقيم فيها منذ عقود وانخرطوا في المجتمع الاميركي.
اما القوى السياسية فهذا الامر لا يشكل بالنسبة لها أزمة مع السلطة، باعتباره امراً يقلق الكل ويهم الجميع، ومن مصلحة الجميع سلطة ومعارضة التعاون بشأنه على الرغم من التحفظات التي تبديها المعارضة بين الحين والاخر بهذا الخصوص.
ـ هل هناك تنسيق امني بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بمكافحة الارهاب وتسليم المطلوبين؟
ـ امر كهذا لاشك انه موجود ومعروف انه تم القاء القبض على عدد من العناصر الخطرة على اساس هذا التنسيق انما السؤال الذي يطرحه المواطن هو: ما هو مدى وفعالية هذا التنسيق وما هي ثمار هذا التعاون في خدمة المواطنين خصوصا وان هناك اجراءات تقوم بها بعض البلدان بمنع تنقل وسفر ودخول المواطن اليمني اليها؟ والكل يعرف ان من يقوم بالارهاب كمنظمات او افراد ليس للمواطنين علاقة بهم لهذا ينبغي اخلاء طرف المواطن الواقع تحت مطرقة الارهاب وسندان اجراءات الاجهزة بحجة مكافحة الارهاب.
ـ العلاقات بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي تراوح مكانها ولم تشهد تطورا سياسياً واقتصادياً يختصر الزمن ويقرب صنعاء لهذه المنظومة الاقليمية.. كيف تقيمون ذلك؟
ـ يقال ان لكل شيء أواناً ولهذا ومن معرفتنا لاوضاعنا فلا يجوز ان نخضع مثل هذه الامور للرغبات والاماني او للشكليات والمسميات بل لابد ان نعطي شروط الاندماج حقها في النضوج والاكتمال في كل بلداننا وليس في واحدة منها وذلك ضمانا لنجاح التجربة حتى لا تمنى بالفشل او الهزيمة، وامر اخر هل يحقق هذا التكتل اماني واحلام شعوب المنطقة وابعاد تطورها الاستراتيجية ام ان ذلك يأتي في اطار خدمة اطراف وقوى سياسية ليس من مصلحتها قيام تكتلات سياسية واقتصادية حقيقية لامتنا وشعوبنا.. يا اخي الكريم اوروبا التي اعلنت اتحادها ووحدت عملتها قبل عامين تناقش اليوم دستورها الموحد بل ومشروع الفيدرالية الاوروبية ونحن نستكثر على بعضنا البعض حق الاقامة والتنقل بين بعضنا البعض بل ونمنع ابناءنا من العمل في بعض المهن بحجة «الوطننة» حتى في اوطاننا لم يعد هناك متسع لابنائنا كي يصنعوا احلامهم لتصبح الهجرة الى خارج الاوطان خير احلامهم اذن الى اين الرحيل؟ التكتلات العربية القائمة لا تأخذ اي ابعاد تنموية بل قامت على نظرية الامن فقط لهذا فالمطلوب اليوم ليس انضمام اليمن من عدمه بل اعادة النظر كليا بمتطلبات المرحلة والمتغيرات التي تشهدها المنطقة والبحث في صيغ اكثر واقعية مما هو قائم.
ـ ما حقيقة ما جرى بين اليمن والكويت مؤخرا وما قيل عن استدعاء السفير اليمني للخارجية الكويتية لتلقي الاحتجاج حول تصريحات اطلقها ضد بعض النواب وهل هناك توترات على خلفية المسألة العراقية؟
ـ يوجد في اليمن والكويت مجالس نيابية وصحف ورأي ورأي اخر وفي ظل هذا الهامش الديمقراطي من الصعب تكتيم افواه الناس ومنعهم من التعبير عن آرائهم ومع ذلك لا يوجد من ينظر بارتياح الى ما يمكن ان يعكر صفو العلاقات الثنائية بين البلدين والتي شهدت تحسنا ملحوظاً بين اليمن والكويت ومع بقية دول مجلس التعاون الخليجي وبعد ان تم قبول اليمن في بعض لجانه واصبح اليمن سوقا رئيسيا لمنتجات دول الخليج ولهذا الامر دلالاته، لذا ينبغي على المسئولين الترفع عن هذا الخطأ او ذاك وتجاوز ما يمكن ان يؤدي الى تعكير الاجواء والمصالح المتبادلة لشعوب المنطقة ولعل ما قاله احد قادة المنتخب الرياضي اليمني عند اشتراكه لاول مرة بالدورة 16 لكأس الخليج «نطمح ولا نشطح» اي اننا نطمح الى تحسين صورتنا وتقديم انفسنا بصورة افضل ونحن بذلك لا نشطح على احد وبالمقابل فاننا لابد ان يشطح علينا احد، هو اختصار مركز للموقف اليمني الناضج.
ـ كيف تنظرون لاعتقال صدام حسين وتأثيره على الاوضاع بالعراق ومستقبل المنظومة الاقليمية لمرحلة ما بعد صدام؟
ـ امر العراق كان مرتبطا برئيسه صدام حسين ونظام حزب البعث العربي الاشتراكي حتى لحظة دخول قوات الاحتلال واسقاط النظام فيه بالقوة ولهذه المرحلة لها ما لها وعليها ما عليها وهي في ذمة التاريخ، واليوم فان امر العراق مرهون بقوات التحالف المحتلة وما تمارسه هذه القوات في الواقع ومن المهم النظر الى ما يمثله هذا الاحتلال لجزء من الوطن العربي الكبير هذا الوطن الذي ينظر اليه رئيس الاركان الاسرائيلي بكونه وطنا مجزءا ولم يعد هناك شيء اسمه عالم عربي حسب تصريحه المنشور في صحيفة «الشرق الاوسط» الاحد 28 ديسمبر 2003م .
هكذا اذن علينا ان نكون وهكذا ينظر الينا اليوم بعد ضرب العراق ولكن وهذا هو المهم كيف ننظر الى أنفسنا.
وهذا يعني اننا على اعتاب مرحلة جديدة يفرضها قانون الاحتلال ويمكن تسميتها بمرحلة ما بعد الاحتلال وليس ما بعد صدام وأهم سماتها كما هو واضح القمع والنهب لمقدرات وثروات امتنا وشعوبنا وسنظل هكذا لعقود ذليلون مهانون ولعل صورة الرئيس صدام حسين لحظة اعتقاله ابلغ تعبير عن الحال العربي برمته.
ـ هل تعتقد ان الانظمة العربية باتت معنية بإجراء اصلاحات سياسية جذرية تحت وقع الضغوط الاميركية وتلبية لاستحقاقات داخلية بالتغيير لاسيما في ظل المتغيرات التي تعيشها المنطقة؟
ـ بالطبع هذا ما يريده الاميركان من الانظمة العربية وغيرها ولكن بما ينسجم وخدمة مصالحهم القائمة ومصالح اسرائيل في المقدمة وليس من اجل خدمة الانسان وشعوب المنطقة فهذا امر مستبعد كليا. وأتخيل ان الانظمة ستعاني كثيرا من ضغوط الهيمنة ومتطلباتها وبالمقابل من ضغوط الاستحقاقات المتراكمة تجاه شعوبها وحقوقها في التنمية والتقدم والحرية وكل الخيارات احلاها مر لان التغيير لدى البعض اصبح اشبه في حكم المستحيل والصعب لان في ذلك نهاية النظام برمته، علما بان الشعوب واقعة ولزمن طويل تحت الضغط المزدوج للانظمة ولنظام القطب الواحد مما يجعل هذه الانظمة تفكر جديا بالاستحقاقات تجاه شعوبها وبمرحلة الحصاد المقبلة.
ـ هناك اصوات يمنية تدعو للاصطفاف الداخلي لمواجهة تطورات الاحداث بالمنطقة فكيف ينظر الحزب الحاكم وبقية القوى السياسية الى ذلك وهل تؤيدون مثل هذه المطالب؟
ـ الاصطفاف الوطني دعوة وجهها الرئيس علي عبدالله صالح في اكثر من مناسبة استشعارا منه بما يعتمل على صعيد الساحة العربية والعالمية وهذه الدعوة تتفق كليا مع رؤانا باعتبارها اهم اهتماماتنا منذ عودتنا الى الوطن او بالأصح كانت اهم دوافع العودة بالنسبة لنا، لأننا نرى ان الظروف القائمة والمستجدة تستدعي معاودة النظر في السياسات الداخلية والخارجية لأنظمتنا السياسية ويتطلب من الجميع النظر الى ما يجري بكونه يهم الكل حكاما ومحكومين والجميع معني بالامر احزاباً حاكمة ومعارضة.
ـ الى اين وصلت خطوات التنسيق بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام وما هو موقف احزاب اللقاء المشترك من ذلك؟
ـ وفقا لنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة يشعر المؤتمر الشعبي بأن وضعه مريح للغاية وهذا الوضع بالنظر الى ما حصلت عليه احزاب اللقاء المشترك يولد لدى البعض الشعور بالاستغناء عن مواصلة الحوار الذي كان قد بدأ فعلا وتعثر بسبب عملية اغتيال جارالله عمر الامين العام المساعد للحزب الاشتراكي، على الرغم من ذلك مازالت الجهود تبذل لإحياء الحوار وتفعيل ساحة المشاركة السياسية ليس فقط بين المؤتمر والاشتراكي بل بين بقية القوى السياسية اليمنية باعتبار ذلك ضرورة سياسية تقتضيها الظروف الداخلية والخارجية وتستجيب بصدق لدعوة الاصطفاف التي اطلقها الرئيس علي عبدالله صالح.