سياسي لاتا جر نفط
السبت, 31-يناير-2004 - ليس درساً في المهنة، ولكن الإشارة مهمة – هنا- إلى أن عدداً من الوسائل الإعلامية تتورط، من غير أن يكون لها ناقة أو حمار، في خدمة أهداف مشبوهة.
إن جنون التنافس على تحقيق سبق صحفي يجعل من بعض وسائل الإعلام فاهاً فاغراً يلتهم ماهب من التسريبات، دون التحقق من مصدره ومدى مصداقيته، فتقع في الخطأ الأخلاقي المسيء للمهنة.
لا أدل على التسرع في السقوط بقيم المهنة ما نشرته بعض الصحف العراقية مؤخراً عندما أطلت، بعد كبت طويل، بما أسمته قائمة المستفيدين من حصص النفط مقابل الغذاء. هذا إذا ما افترضنا حسن الظن بأن الصحافة العراقية تسرعت ولم نقل استؤجرت!
حسناً، ليست لدينا اعتراضات على وجود قائمة سوداء أو ذات لون آخر، إذ لا شك أن النظام العراقي أحتاج أيام حصاره إلى أصوات تناصر قضيته، لكن الخطأ التي وقعت بفخه بعض الصحف العراقية هو استقبال تلك القائمة وضخها إلى السوق دون تفكيك أجزائها وفحص محتوياتها لوعي ما يمكن أن يكون صحيحاً منها وما يصعب أن يغدو حقيقة قابلة للنشر.
ولا شك أن إدراج اسم الدكتور عبدالكريم الإرياني ضمن تلك القائمة وأسماء أخرى ذات وزن، يدل على أن الخلل يتجاوز الرغبة في السبق الصحفي إلى خلل العمل في خدمة الأهداف الاستخباراتية المشبوهة.
الصحافة العراقية التي حرمت ردحاً زمنياً طويلاً من الحرية ما تزال، رغم زوال نظام صدام فاقدة الحرية بنحو أكبر. والأمر-بالطبع- ينطبق على وسائل أخرى لم تضاجع يوماً نظام الدكتاتور المخلوع.
وبمعنى ما، فإن أغلال المتاجرة بالحرف قد ربطت الأعين حتى لا ترى حقائق أن الدكتور عبدالكريم الإرياني لم يمتهن التجارة يوماً كيما تنطبق عليه تلك الإشاعة المسربة وهو سياسي ممتلئ الرأس بالذكاء والفطنة ونزاهة الهدف؛ وخلال عقود من العمل السياسي والدبلوماسي المذهل في المناصب التي تبوأها عن جدارة، ظل اسم الدكتور عبدالكريم الإرياني نظيفاً من كل ما يشين. وبالتالي فإن إشاعة من هذا القبيل تظل مكشوفة على نحو سافر، بل ومثيرة للضحك.
هناك نقطة أخرى، فإذا كانت الصحافة العراقية التي خرجت من طغيان نظام بائد لا تمتلك قراراها نتيجة التفاف الحبل الاستخباراتي حول عنقها، فإننا لا نجد مبرراً لبعض الوسائل الأخرى ومنها صحافة يمنية سوى أنها مكبلة أيضاً ولكن بمواقف حزبية اندفعت بجموح لإعادة النشر قبل معرفتها بأن الهدف يتجاوز الدكتور الجليل إلى استهداف وطن.