المؤتمرنت -الثورة -حاوره: محمد دماج - الدكتور أحمد عبيد بن دغر الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام شخصية سياسية تمتلك الخبرة والتجربة التي تمكنه من إعطاء رؤية تحليلية عميقة لمسارات الأوضاع بمتغيراتها وأحداثها مستوعباً المعطيات ومحدداً المتطلبات في كيفية مواجهة التحديات والأخطار التي يجابهها الوطن في هذه المرحلة الصعبة والمعقدة.. ومن الراهن يستشرف الآتي بمضامين تحمل ابعاداً ودلالات تربط الأسباب والعوامل الداخلية بماهو اقليمي ودولي..
في حوارنا هذا معه تناولنا جملة من القضايا والموضوعات السياسية المرتبطة بحاضر ومستقبل اليمن..
المؤتمرنت يعيد نشر الحوار عن صحيفة الثورة
رؤية واقعية
محاضرة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في كلية الشرطة أكدت أن الوحدة اليمنية حقيقة وطنية تاريخية لشعبنا والمساس بها خط أحمر مبيناً فيها طبيعة العناصر التي ترفع الشعارات المناطقية والانفصالية.. ما هي قراءتكم لمضامينها؟
- استمعت إلى المحاضر ثم قرأتها مطبوعة، وكالعادة كان فخامة الأخ الرئيس متجليا وحاضر البديهة، لديه رؤية واقعية للأوضاع في بلد يتحمل هو المسؤولية الأولى فيه، ويقوده منذ اثنين وثلاثين عاماً. لذلك لديه خبرة كافية في التعامل مع القضايا الأكثر تعقيداً، وبالتجربة والممارسة المدعومة بالقراءة الواقعية للأوضاع يصوغ الأخ الرئيس أفكاره ومبادئه والتي تتحول إلى أفكار ومبادئ يؤمن الغالبية من السكان بها.
تمسك الرئيس في هذه المحاضرة في حديثه الطويل مع طلبة كلية الشرطة بالقيم والمبادئ والثوابت التي شكلت أهدافاً وغايات كبرى لليمنيين منذ انبثاق الثورة ومروراً بتحقيق الوحدة وحتى اليوم. هذه القيم كانت حاضرة دائماً في تفكيره، وقد أراد أن يذِّكر الجميع بها باعتبارها قيم الشعب اليمني وقناعاته.
وبنفس الوقت أراد أن يرد على الموتورين من دعاة الملكية أعداء الثورة، ودعاة الانفصال أعداء الوحدة، بأن الشعب الذي صنع الثورة، وحقق الوحدة قد امتلك من الإرادة، والخبرة ما يمكنه من الدفاع عنها ضد خصومها، وهو مصمم الآن أكثر من أي وقت مضى للدفاع عن انجازاته ومكاسبه، ولن يتركها عرضة للمؤامرات والدسائس، هذا هو جوهر ما جاء في محاضرة الأخ الرئيس إلا إنه في هذه المحاضرة تحدث عن أمور كثيرة لا حاجة لذكرها.
سلوك بمستوى الخيانة
< الأعمال التي تقترفها العصابات الاجرامية من العناصر الانفصالية ضد المواطنين وأرزاقهم وصلت في تخريبها وإرهابها إلى قتل الأبرياء وحرق المحلات التجارية ونهبها وقطع الطرقات على أساس مناطقي جهوي.. بماذا يمكن تفسير مثل هذا السلوك وأخذه هذا الشكل من التصعيد؟
- للأسف لا يدرك هؤلاء عواقب ما يقترفونه من أعمال إجرامية مخلة بالقانون والمصلحة العامة، والأمن والاستقرار، هم يعتقدون أنهم إنما يسيئون إلى السلطة وفي الواقع هم يقومون بأعمال ضررها يتجاوز كل الحدود. هم لا يدركون أن سلوكياتهم السيئة ترقى إلى مستوى الخيانة التي من المفترض أن يعاقبوا عليها.
أما عن الأسباب فهي كثيرة، لكنني اعتقد أن أكثرها تأثيراً هو ضعف الولاء الوطني في نفوس هؤلاء، واعتقاد البعض منهم أنه يمكن العودة بالوطن إلى عهد التشطير.
أما إذا أردنا البحث عن أسباب أخرى، وهي أسباب على أي حال لا تبرر أعمالهم في الوقوف ضد الوحدة، كما لا تبرر أعمالهم ضد المواطنين من المحافظات الشمالية، فيمكن اعتبار البطالة، والجهل، وقصور التربية الوطنية في المؤسسات التعليمية والتربوية من العوامل المهمة لظهور الدعوات الانفصالية، تغذيها أفكار مناهضة للوحدة تأتي من الخارج وعناصر امتهنت الخيانة، واستمرأتها ووجدت في هؤلاء الشباب ضالتها فحرضتهم على الاعتداء على المواطنين، وقطع الطرق، والقتل المتعمد، وممارسة كل أشكال العنصرية الممقوتة.
مشروع انفصالي رجعي
< ما هو المشروع الحقيقي الذي يقف وراء تلك الأعمال في ضوء ثقافة الكراهية التي تتمترس خلفها تلك العناصر؟
- هو باختصار مشروع انفصالي، مناطقي، رجعي، يحاول العودة باليمن إلى عهود الإمامة، والاستعمار، والسلاطين، إلى عهود التخلف والظلم والتمييز وعدم المساواة، وهو مشروع له حامله الاجتماعي المتمثل في ذات القوى التي استعادت بعض إمكاناتها وقدراتها ووجودها الاجتماعي والتي انهزمت بقيام الثورة 14 أكتوبر، وانظر يا أخي الكريم، رموز هذه الدعوات الانفصالية، وشخوصها ستجدهم من بقايا الاستعمار والرجعية، ومن أبناء السلاطين، في ظل تراجع القوى المعنية بالدفاع عن الجمهورية والوحدة، وحتى عن الاستقلال. خاصة وأن هؤلاء الموتورين دعاة الانفصال لم يعد يخفون رغبتهم في التعاطي مع المستعمر السابق باعتباره الحامي، والصديق، وحليف المستقبل، هم باختصار أصحاب نزعة انفصالية وعميلة، تحمل مشروعاً انقلابياً على الجمهورية والوحدة، والديمقراطية.
لصالح قوى استعمارية
< ماذا عن الأهداف والمرامي التي يسعى إليها أولئك الذين ينظرون لهذه التوجهات التمزيقية للوطن؟
- يستهدفون بوضوح وحدة اليمن، واستقراره، وأمنه، وهم بذلك يخدمون أجندة، ويعملون لصالح قوى استعمارية طموحة لممارسة دور ما في اليمن والمنطقة.. هي ذات القوى التي ناصبت اليمن العداء منذ قيام الثورة وحتى اليوم.
الحرب ليست هدفاً
< موافقة عناصر التمرد والتخريب لمحافظة صعدة على شروط الحكومة ونزول اللجان لتنفيذها ميدانياً إلى أي مدى يمكن القول إن الأمور تتجه إلى إعادة السلام والاستقرار إلى هذه المحافظة؟
- الحقيقة الحرب ليست هدفاً، ولا حتى وسيلة مثلى لحل المشكلات المعقدة بل هي آخر الوسائل التي تستخدمها الدول والمجتمعات في الدفاع عن مصالحها وأمنها وكيانها، وقد فرضت الحرب على الدولة، القيام بواجبها في الدفاع عن المصالح العليا للمجتمع، ووحدته واستقراره.
كان الحوثيون قد تمادوا في الإساءة إلى الشعب اليمني، ولذلك كان لابد من التصدي لهم. والتصدي لمشروعهم الإمامي الرجعي المتخلف، وعندما جنحوا للسلم، وأقروا بحق الدولة في بسط نفوذها على كل أجزاء الوطن وقبلوا بالنزول من الجبال، وتسليم الأسلحة المستولى عليها، واحترام مصالح وأمن الجيران، وعلى نحو خاص أخوتنا في المملكة الذين دافعوا عن أرضهم وشعبهم حتى دحروا هؤلاء المتمردين. حينها كان لابد من وقف الحرب، التي نأمل أن تكون آخر الحروب في صعدة، وأن يدرك الحوثيون أن التمرد على الدولة لا يجني على أصحابه سوى الدمار والأذى، لقد تحملت صعدة الكثير من الاضرار، وحان الوقت لتحقيق الأمن والأمان لأهلها، وإعادة بناء ما خربه الحوثيون، وقد أعلنت القيادة أن زمن الاستقرار والتنمية على الأبواب في هذه المنطقة، والأمر يتوقف على نيات الطرف الآخر الذي خرق وقف إطلاق النار أكثر من مرة، وبعض هذه الخروقات خطيرة قد تهدد إذا ما استمرت مسار السلم في صعدة.
تعقيدات
< هناك من يشكك في نوايا عناصر التخريب الحوثية ورغبتها في إنهاء هذه الفتنة مستدلين في الخروقات.. إذا صح مثل هذه الشكوك ما هي اتجاهات الوضع؟
- يبدو أن للخروقات أسبابها، وأولها وجود تناقض وعدم اتفاق بين العناصر الحوثية ذاتها حول السلام، ربما مازال البعض منهم يرفض العملية السلمية، ومتمسكا بأهدافه في النيل من النظام الجمهوري التي لا يقبلها المجتمع اليمني، ويعتبر أصحاب هذا الاتجاه خارجين على القانون ومتمردين على الشرعية، وثانيها تعقيدات الوضع على الأرض، فالسنوات الماضية خلفت وراءها أكواماً من الشك والدماء، ومع ذلك فإن ما حصل من خروقات في الأيام الأولى لوقف إطلاق النار هو ما يمكن فهمه في ضوء إدراكنا لتعقيدات الوضع على الأرض.. والانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلم، سيحتاج إلى بعض الوقت، كما سيحتاج إلى مزيد من الصبر على هؤلاء المارقين.
على الحوثيين وأنصارهم، والقوى الإقليمية التي تقف من ورائهم أن يدركوا أن هزيمة المشروع الإمامي في اليمن هو نتيجة حتمية تاريخية في سياق طبيعي، فليس هناك شعب حر يقبل العبودية من جديد بعد أن تحرر منها. وقد تحرر الشعب اليمني من عبودية الإمامة، ولا أظنه يقبل بالعودة إليها، فالحرية قيمة تتعاظم مكانتها لدى الشعوب، وهي قيمة تعلو على كل القيم الأخرى في حياة الأمم.
سوء الاداء
< يرى البعض أن التحديات التي يواجهها اليمن تعود إلى عوامل اقتصادية أما العوامل السياسية والأمنية فهي نتيجة وليس سبباً.. أين تتفقون وتختلفون مع هذه الرؤيا؟
- إلى حد كبير هذا استخلاص موضوعي، ومسلمة تبدو منطقية عند قراءة تفاصيل الحياة في اليمن، وما ينتج عنها من تداعيات ونتائج. الوضع الاقتصادي السلبي في حالة بلادنا يلعب دوراً أساسياً في دعوة الاحتقانات الأمنية، والحروب القبلية، والتمردات، وأعمال العنف، وهذا العامل السلبي يتجلى فيما تنشره الحكومة من معدلات التنمية، وانخفاض في الموارد وخاصة موارد النفط، وازدياد الأعداد التي تذهب إلى البطالة، وبقاء بعض الأحياء والمناطق الفقيرة دون تغيرات تنموية كبيرة، قياساً بما حدث من تطور مثلاً في عدن والمكلا.
ومع تراجع موارد الدولة، تراجعت عملية الاستثمار، وانخفضت معدلات النمو، وتراجعت التجارة، ويبدو الآن الضغط على أسعار صرف الريال بادياً في المعاملات اليومية، حيث تتراجع قيمته أمام الدولار بوتيرة ثابتة منذ سنتين على الأقل.
لكن العامل الاقتصادي ليس وحده سبباً لهذه المشكلات في صعدة، أو في المحافظات الجنوبية والشرقية، هناك أسباب أخرى تتعلق بمستوى أداء المؤسسات الحكومية، القضاء، الأجهزة الأمنية، مستوى أداء المؤسسات التربوية والتعليمية. كما تتحمل الأحزاب والمنظمات والقوى السياسية بعضاً من هذه الأسباب لقصور واضح في أدائها، ولذلك فمهمة الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره، وأمنه هي مسؤولية الجميع دون استثناء، وأظنني استطيع أن أقول إن وعي المجتمع الآن بهذه المشكلات قد ارتفع، وقد أدرك الناس أن هناك مخاطر حقيقية تحيط بهم بمستقبلهم، ومستقبل أولادهم وأحفادهم. ولذلك يبدو المجتمع متماسكاً أكثر الآن وموحداً خلف القيادة السياسية.
علاقات أزلية
< الحديث عن مشاكل اليمن بتعقيداتها وصعوباتها لا يمكن أن يكون بمعزل عن المؤثرات الإقليمية والدولية.. ماذا عن الدور والتأثير الإيجابي الخارجي من أشقاء اليمن وأصدقائه في حل ومعالجة ما يواجهه؟
- الانتماء العروبي، الإسلامي، الجغرافيا، التاريخ، المصالح المشتركة، كلها عوامل تجعل العلاقات بيننا وبين دول الجوار العربي، علاقات أزلية دائمة، ولذلك فإن ما يفيدنا في هذه العلاقات يفيدهم وما يضرنا يضرهم والعكس صحيح أيضاً، وعلى سبيل المثال فإن اليمن هو جزء مهم من أمن المنطقة، ولا يمكن النظر إليه باعتباره أمراً يخصنا وحدنا. لذلك اتحدت مواقفنا تجاه أحداث معينة مرت وتمر بها اليمن، ووقف أشقاؤنا في دول الخليج إلى جانب وحدة اليمن، واستقراره وأمنه، وسيادته موقفاً واضحاً ومشرفاً. ومعالجة مشكلات اليمن تتوقف على أهله، على مواطنيه، وعلى قيادته بدرجة أساسية، وإن كان مساعدة الأشقاء في دول الخليج تحديداً مطلوبة وبالحاح في هذا الظرف، وأعتقد أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي يدركون هذه الحقيقة، وكل مساعدة لليمن اليوم اقتصادياً وسياسياً هي مساعدة غير مباشرة لمجتمعات هذه الدول ذاتها. إذ من غير المنطقي أن يتعايش الأشقاء في جوار واحد، ويكون الفقر سمة غالبة عند بعضهم، والغنى صفة غالبة عند البعض الآخر.
والأمر هنا ليس له جانب أخلاقي فحسب، وهو ما يأمر به الدين، وتدعو له أواصر الأخوة، فالمسألة من زاوية أخرى لها صبغة المصلحة المشتركة، فالمساعدة على معالجة آثار الفقر في اليمن تعني جواراً مستقراً، وكل استقرار في اليمن هو مصلحة خليجية.
وما ينطبق على الأشقاء ينطبق على بعض الجيران في الإقليم، ذوي النزعات السياسية المتطرفة، لقد استمرأ بعضهم زرع الفتن، وخلق الاضطرابات لدى جيرانهم، وهؤلاء لن يحصدوا غير خيبة الأمل، وأظنهم بعد وقف الحرب، يضربون كفاً بكف حسرة وندماً على ما اقترفوه من أخطاء. لن يغفرها لهم الشعب اليمني.
الامن المشترك
< أمن اليمن جزء من منظومة الأمن والاستقرار في منطقة الجزيرة والخليج وهذا ما أثبتته تداعيات فتنة صعدة.. أترون أن ذلك بات مستوعباً من الأشقاء بشكل أكبر من ذي قبل؟
- أحداث صعدة أكدت هذه الحقيقة، إذ سرعان ما انتقل ضرر المتمردين من داخل اليمن إلى الجوار السعودي، فنحن نعيش على أرض مشتركة متداخلة، وإذا استمر الضرر قائماً في اليمن فإن تداعياته المستقبلية قد تنتقل إلى الآخرين، وإذا اضطربت أوضاع اليمن أمنياً، فإن أمن الإقليم، والأمن الدولي سوف يتعرض للضرر بدوره، الحمد لله أننا جميعاً في الجزيرة العربية ندرك هذه الحقيقة، وعلينا واجب في المستقبل أن نحول هذه الحقيقة إلى ممارسة في التعاطي السياسي مع مشكلاتنا المشتركة.
الانفصاليون الجدد
< ما الأولويات لتجاوز التحديات والصعوبات التي تواجهنا في هذه المرحلة الدقيقة؟
- هذا سؤال كبير، لا يجوز اختزال الإجابة عليه، فاليمن اليوم، في هذا الزمن يواجه مشكلات معقدة، تمرد دام ست سنوات في صعدة، نأمل أن تكون حربه السادسة هي الأخيرة، وأن تتكلل جهود القيادة السياسية والمجتمع للقضاء على التمرد، وتجاوز آثاره الاقتصادية والاجتماعية بالنجاح. وهناك مشكلة في بعض مناطق المحافظات الجنوبية والشرقية، للأسف تنمو على نحو سلبي، ومعالجتها تتطلب جهداً أكبر من القيادة السياسية، وكل القوى الوطنية، للدفاع عن الوحدة أولاً وهزيمة مشروع الانفصال في صورته الجديدة الأكثر خطراً من 1994م ثانياً، وذلك بمعالجة أسبابه الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والأمنية، وبالاعتماد على المجتمع، وخاصة أهلنا في المحافظات الجنوبية والشرقية، الذين يعنيهم الأمر قبل غيرهم، وكذلك باعتماد سياسات يكون نصيبها من النجاح مؤكداً.
وهناك الإرهاب، ونشاط القاعدة اليوم يمثل خطراً على أمن اليمن، والأمن الإقليمي والدولي، وهزيمة الإرهاب مهمة رئيسية للدولة والمجتمع معاً، والمدخل لتحقيق نصر على الإرهاب، يتوقف على القضاء على خلايا القاعدة الحية والنشطة منها، والنائمة معاً.
وهناك الأزمة الاقتصادية التي تبدو معالمها واضحة في انخفاض موارد الدولة، وتراجع معدلات النمو، وضعف وتيرة الاستثمار الحكومي والخاص وانعكاس ذلك على استقرار أمن المجتمع، حتى يمكن القول إن ما يجري في صعدة أو في المحافظات الجنوبية والشرقية، وفي ظهور القاعدة على هذا النحو ليس سوى نتاج لهذا الوضع الاقتصادي، الذي تدركه الحكومة، وتعمل بكل ما أوتيت من إمكانات على تجاوز آثاره.
لذلك ليس هناك أجوبة جاهزة على سؤال كهذا. وإن كانت هناك إرادة حقيقية لدى القيادة لتخطي كل هذه الصعوبات مستندة إلى دعم شعبي كبير، وإرادة مجتمعية تظهر بوضوح في التفاف جماهيري حول الرئيس والمؤتمر الشعبي العام، وكل منظومة الحكم.
تحول ايجابي
< هل التحديات بافرازات وتداعيات أحداثها في الآونة الأخيرة قد أدت إلى تحول ايجابي على صعيد العلاقات اليمنية - الخليجية؟
- نعم.. لقد بتنا جميعاً ندرك بحسب قراءتي لتطور العلاقات الخليجية اليمنية حجم التداخل في مصالحنا المشتركة في المنطقة وكلما وعينا لهذه المصالح، تحسنت وتطورت العلاقات الأخوية في ما بيننا، وفي إجاباتي السابقة ما يكفي للتدليل على أهمية وضرورة علاقات أفضل دائماً بيننا وبين دول الخليج بدوله مجتمعة والأشقاء في المملكة العربية السعودية على وجه التحديد.
< هل القمة اليمنية - السعودية بما خرجت به من نتائج تسير إلى مثل هذا التغير أو التحول؟
- في مقابلة سابقة قلت إن هناك مرحلتين متميزتين في العلاقات اليمنية - السعودية مرحلة ما قبل اتفاقية جدة 2000م لترسيم الحدود، ومرحلة ما بعد هذه الاتفاقية، الأحداث الأخيرة في صعدة، وامتداداتها في الأراضي السعودية التي قامت بها عصابة التمرد الحوثي، أكدت هذه المقولة.
الآن يطور البلدان علاقاتهما الاستراتيجية على كل المستويات، حيث تتأكد فوائد هذا التطور في هذه العلاقات لصالح البلدين والشعبين اليمني والسعودي معاً. وفي اعتقادي بأن زيارة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صلح إلى المملكة، ولقائه بأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان سوف يكون لها الأثر المستقبلي المتوقع على هذه العلاقة، سياسياً، وأمنياً، واقتصادياً، فالمملكة واليمن دولتان مهمتان في الجزيرة العربية، وعلى تقدم العلاقة بينهما سوف تتحدد أمور كثيرة ذات صلة وثيقة بأمن واستقرار الجزيرة العربية، ولشعوبها وهذا ما نأمله، ويأمله كل عربي يعنيه شأن الأمة العربية.
الموقف من الوحدة يحدد علاقة اليمن بالآخرين
< اجتماع لندن لدعم اليمن أفرز تحليلات وتوقعات قبل انعقاده.. وكذلك تقييمات لنتائجه بعد انعقاده نحن نريد أن نسمع رأيكم حول هذا الاجتماع من منظور سياسي اقتصادي أمني؟
- ما خرج به مؤتمر لندن لم يكن مفاجئاً لنا نحن في قيادة المؤتمر. كنا على دراية بأن أحداً لا يستطيع النظر إلى اليمن إلا كدولة واحدة موحدة، مستقرة وآمنة، فالوحدة اليمنية هي أكثر انجازاتنا عظمة في العصر الراهن، والجميع في العالم يعرف أن هذه القضية جوهرية لكل إنسان يمني، وهي فعلاً خط أحمر، والموقف منها يحدد طبيعة العلاقة بين اليمن والآخرين.
والحمد لله أن مؤتمر لندن قد ذهب إلى هذه الوجهة، لقد أكد على وحدة اليمن، وسيادته وأمنه، وكان ذلك موقفاً مشتركاً لدى الذين حضروا مؤتمر لندن، لقد استوعبت هذه الحقيقة جيداً، لهذا جاءت النتائج بما يتفق والإرادة الوطنية للشعب اليمني.
كان مؤتمراً ناجحاً في تقدير كل من راقب التحضير له، أو اطلع بموضوعية على نتائجه، لكن المؤتمر لم يناقش المسألة الاقتصادية التي هي كما قلت جذر المشكلات الأمنية في اليمن، وأس أسسها، لقد أحال مؤتمر لندن هذه المسألة إلى مؤتمر الرياض،. وهي تضع الأشقاء والأصدقاء بكل صدق في صورة الوضع الاقتصادي في البلاد على علاته.
وإنني أعتقد بأن مؤتمر الرياض سوف يكون هو الآخر مؤتمراً لصالح اليمن، وشعب اليمن، المهم في تقديري أن أي إجراءات للنهوض بوضع اليمن الاقتصادي هو في تحريرها من أي إجراءات بيروقراطية طويلة. وعلى الأقل فإن هناك آمالاً في أن تعمل الدول الشقيقة في الخليج على القيام بإجراءات تستوعب عاجلاً بعض العمالة اليمنية التي تبدو سبباً أولاً في بعض المشكلات الاجتماعية وربما الأمنية في البلاد.
مؤتمر
< هناك مؤتمر أصدقاء اليمن سينعقد هو الآخر في مارس القادم؟
- دعنا ننتظر نتائج مؤتمر الرياض أولاً، فعلى هذه النتائج تتوقف أمور كثيرة، فالأزمة في اليمن اقتصادية بدرجة أولى، وإن كانت لا تخلو من جوانب سياسية أو اجتماعية وثقافية، بسبب الموروث الثقيل الذي ورثته دولة الوحدة، من عهود الاستعمار والإمامة، ومرحلة التشطير، فإن لم ينجح مؤتمر الرياض في تقديم المساعدة الاقتصادية العاجلة، وطويلة الأمد لاقتصاد اليمن، فلن تفلح أي مؤتمرات أخرى في تحقيق الهدف الذي توخاه مؤتمر لندن. وهو حماية اليمن ووحدته واستقراره. وستكون ملهاة لا معنى لها.