حملة انتخابية في اميركا بطلها العراق ينبىء الجدل حول وضع برنامج زمني لانسحاب القوات الاميركية من العراق الذي سجل في واشنطن خلال الاسبوعين الماضيين، بحملة شرسة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني/نوفمبر. وعملت الغالبية الجمهورية التي تعاني من تراجع شعبية الرئيس الاميركي جورج بوش والحرب في العراق والقلقة من انعكاسات قضايا الفساد، على استغلال الخلافات الداخلية في المعارضة الديموقراطية، وذلك خلال سلسلة عمليات تصويت في الكونغرس عبر الجمهوريون خلالها عن رفضهم تحديد اي برنامج زمني للانسحاب من العراق. كما عمل الجمهوريون على تأجيج هذه الخلافات حول الموضوع الرئيسي الممهد للحملة الانتخابية، عبر طلب التصويت على مشروع قانون اعده الديموقراطيون ولم يتقدموا به بعد يتعلق بالعراق، قبل الانتقال الى الهجوم العنيف على المعارضة. ويشرح الرجل الثاني في الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ان الديموقراطيين محتارون في الموضوع العراقي حول "الانسحاب السريع"، او "اختيار موعد عشوائي للرحيل"، او "الرحيل التدريجي". وفي الواقع، عبر زعماء المعارضة الديموقراطية الذين يملكون طموحات رئاسية، عن مواقف متناقضة خلال الايام الاخيرة، غير عابئين بخطر نشر انطباع بان حزبهم لا يملك اي برنامج حكومي. وتقرب المرشح الديموقراطي السابق جون كيري من الجناح اليساري في الحزب عبر الدعوة الى انسحاب اولا للقوات القتالية بحلول 31 كانون الاول/ديسمبر المقبل، ثم بمرحلة اخرى من الانسحاب في الاول من تموز/يوليو 2007. في المقابل، قالت الاميركية الاولى سابقا هيلاري كلينتون "ليست استراتيجية جيدة مسألة الاستمرار في الالتزام لفترة غير محددة كما يفعل الرئيس ولا تحديد موعد ثابت" لعودة القوات. وفي محاولة للتخفيف من حدة الخلافات، تقدم اركان المعارضة الديموقراطية بموقف الحد الادنى، اذ طالبوا بان تبدأ الادارة الاميركية باعادة القوات الى البلاد اعتبارا من هذه السنة، ونجحوا في جمع اصوات 38 من 45 من اعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين الخميس. وقال السناتور كارل ليفين "نعتقد ان وقت التغيير (السياسي في العراق) قد حان. 80% منا صوتوا في هذا الاتجاه، انه تأكيد قوي على وجود توافق بين الديموقراطيين". الا ان بعض الخبراء لا يزالون يبدون تشكيكا. وقال المحلل السياسي اريك ديفيس في جامعة ميدلبوري (فرمونت، شمال شرق) "لا اعتقد ان الديموقراطيين خرجوا بوضع جيد من كل هذا". واضاف "يجب ان يتمكنوا من التوصل الى موقف وان يقولوا: اذا فزنا، هذا ما سنفعله". الا ان استطلاعات الراي تبدو اكثر تساهلا مع الديموقراطيين، مشيرة الى انهم لا يزالون يسجلون تقدما بين الناخبين. وقال مدير مركز "بيو" للابحاث كارول دوهرتي ان "عدم وجود موقف موحد للديموقراطيين لا يؤثر عليهم سلبا"، مع اقراره بان استمرار هذه الخلافات في المستقبل يمكن ان يتحول الى مشكلة. وراى ان "من حظ الديموقراطيين ان الانتخابات التشريعية تجري بعد اكثر من اربعة اشهر"، مشيرا الى ان "الناس لا يهتمون كثيرا بالجدل الحاصل". كما ان الراي العام تتنازعه ايضا آراء متناقضة حول الحرب في العراق. فهناك غالبية بسيطة (52%) تعتبر انه لا بد من وضع برنامج زمني للانسحاب، الا ان الاميركيين لا يزالون منقسمين بين من يريد عودة للجنود في اسرع وقت ممكن (45%) والذين يريدون بقاء الجنود في العراق الى حين استقرار الوضع (50%). ويقول دوهرتي ان الجدل حول العراق في الوقت الحاضر من شانه توفير عناصر للاستخدام في الحملة الانتخابية في الخريف المقبل. كما انه سمح بجس النبض حول شعارات جديدة. فالديموقراطيون يوزعون ورقة بيضاء كتب عليها "خطة الجمهوريين حول العراق" وانبثق من ذلك شعار: "لا خطة، وبالتالي لا نهاية"، الذي يهدف الى التنديد برفض الادارة والغالبية تحديد موعد لانهاء الحرب. |