|
توقعات عربية متشائمة تغلف زيارة بوش على الرغم من أن أياً من مضيفيه العرب لا يتوقع الكثير من جولته الشرق أوسطية التي تستمر تسعة أيام، إلا أن بوسع الرئيس الأمريكي جورج بوش أن يتوقع قدرا كبيرا من الحفاوة الرسمية، تلك الحفاوة التي يتقنها القادة العرب إلى أقصى حد. فسترفرف الأعلام، وستأخذ الشوارع زينتها، كما ستبعد عن الأنظار الرؤى والمواقف التي لا تحفل بالمداهنة والتملق، ولن ينتقى سوى الضيوف الذين يعبرون عن وجهات النظر الرسمية. ولكن الأمر بالنسبة للشارع العربي يختلف، إذ إن بوش غير مرحب به على الإطلاق. وبعد غزو العراق أصبح هذا الرجل أحد أكثر الرؤساء الأمريكيين الذين لا يحظون بشعبية في المنطقة، وهو ما أدت إليه كذلك الحرب التي أطلقها الرئيس الأمريكي ضد ما يعتبره “إرهاباً” والتي يعتبرها العديد من العرب “حملة صليبية” ضد المسلمين. وخلال احتفال انقلب إلى نقاش حامي الوطيس حول جولة بوش في المنطقة، قال حمدين صباحي النائب المصري المعارض إن بوش غير مرحب به في الشرق الأوسط “أقولها واضحة بوش غير مرحب به”. وليس ثمة توقعات، سواء بين القادة أو بين المواطنين العاديين، بأن تؤتي جولة بوش أي ثمار يعتد بها في ما يتعلق بقضيتي العرب الرئيسيتين: القضية الفلسطينية والوضع في العراق. بالنسبة للحكومات العربية، باتت أيام إدارة بوش معدودة بعدما انطلق قطار الانتخابات الرئاسية بالفعل أوائل العام الحالي. وعلى صعيد القضية الفلسطينية، صارت ثقة العرب بالولايات المتحدة سواء كوسيط أو حتى كلاعب رئيسي في الحضيض، بعدما تلاشت حالة النشوة التي أحاطت لقاء أنابولس للسلام، وعاودت العقبات المعتادة الظهور مجددا، في ظل استمرار العدوان “الإسرائيلي” والعطاءات المتواصلة للتوسيع الاستيطاني. أما بشأن العراق، فمن المرجح أن يكرر بوش على مسامع حلفائه الأنباء الجيدة الخاصة بتحسن الوضع الأمني في هذا البلد بفضل زيادة عدد قوات الاحتلال الأمريكي هناك. ولكن ليس بمقدور القادة العرب تجاهل الأنباء السيئة التي لا تزال تتوارد من العراق. فبالنسبة لهؤلاء القادة، أصبح العراق بمثابة مغناطيس يجذب المتطرفين، كما صار البقعة الأكثر عنفاً في العالم. وعلى صعيد آخر، تضررت علاقات التحالف المصري - الأمريكي طويل الأمد جراء ضغوط واشنطن المتصاعدة على القاهرة لكبح جماح عمليات تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر شبه جزيرة سيناء المصرية، فضلا عن الضغوط الرامية لتحسين السجل المصري في مجال حقوق الإنسان. ومن المرجح أن يؤكد المسئولون المصريون لبوش ما استمع إليه سلفا، ألا وهو أن مصر تقوم بكل ما في وسعها لوقف عمليات تهريب السلاح. أما فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان والإصلاح الديمقراطي، فيتوقع أن يجدد بوش حملته للإصلاحات الديمقراطية في الشرق الأوسط، ولكن من المتوقع أيضا أن يظل ذلك في إطار الخطابة والكلمات المنمقة. (د.ب.ا) |