المؤتمر نت-قراءة-هشام سعيد شمسان -
الغساسنة عرب يمانية ويعرب أول من حياه قومه بتحية المَلك(2-3)
الفصل الرابع- من هذا الكتاب- يأتي مرتبطاً بالفصل السابق، وامتداداً لملوك سبأ التبابعة،وأخبارهم، إلى أن ينتهي الخبر بانقراض أمرهم، وإحالة الأمر إلى ملوك الأذواء من ولد "زيد الجمهور" "ومنهم "ذو يزن" من ولد "مالك بن زيد" وفي هذا الزمن كانت اليمن قد وقعت تحت حكم الأحباش الذين استبدوا بأهل اليمن أيما استبداد، لا سيما بعد استقرار "أبرهة" في مُلك اليمن، وهو باني "كنسية القليس" المعروفة والقليس، كلمة "يونانية" – كما يذكر المحقق في الهامش- وتعني "الحج" وكان إلى جانبها كنيستان هما "قليس ظفار" وقليس عبدان، وجميعها بنيت أثناء دخول المسيحية اليمن في القرن الرابع الميلادي.
- وبورود اسم أبرهة نتذكر اسماً آخر هو "سيف بن ذي يزن" الذي عان من أبرهة كثيراً ومن ذلك انتزاع زوجته ريحانه منه والزواج بها.ويجعل ابن خلدون سيف بن ذي يزن في خبرين، وشخصين:
أولهما: ذلك الذي يذهب إلى كسرى يستنجده على الأحباش، فيتنكر له كسرى وفي قول آخر يعده بالنصر لكن ذلك لم يحدث بسبب من انشغال كسرى بحروبه مع الروم، وثانيها: سيف بن النعمان بن قيس بن عبيد بن سيف بن ذي يزن وهو الذي وفد على "كسرى" يستنصره، وهو نفسه الذي أباد الأحباش- كما قيل – في يوم غيمان، وشملت ملوكيته كل اليمن، وكان ذلك بعد مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بسنتين كما يقول المحقق- نقلاً عن ابن كثير وبمقتل "معد يكرب" وأخيه شرحبيل أبناء ذي يزن على يد الحراس من الأحباش، تكون نهاية الأخبار عن حمير وملوكهم لدى ابن خلدون.
أما عن الفصول :الخامس، والسادس، والسابع، فتأتي مخبرة عن شعوب حميرمن القحطانية وحضرموت وجرهم، والخبر عن قضاعة وبطونها وكذلك عن القبائل التي كان الملك فيهم بالعراق، والحجاز، والشام، وأخبار عن ملوك الحيرة من آل المنذر، وفي ذلك إثبات- من خلال الدراسات للتاريخ القديم، والأمم السامية- بأن عدة موجات من قبائل جنوب الجزيرة العربية هاجرت من اليمن إلى العراق، والشام وأسست فيها المماليك والحضارات، ومن أولئك على سبيل التمثيل الأكاديون، آشور، وقبائل من كنعان، والعمالقة عام 3500 ق.م. فالأكاديون تأسست مملكتهم المشهورة بالعراق في الفترة من (1750 ق.م) (2250ق.م) وأسس العمالقة الكنعانيون مملكتهم ببلاد الشام من الفترة (2400- 3200 ق.م).
جاء الفصل الثامن: تابع للفصل السابع، وفيه الإخبار عن ملوك كندة، ويتبعه الفصل التاسع، مخبراً عن أبناء جفنة، من ملوك غسان بالشام،ودولهم، وكيف أنساق الحكم إليهم. والغساسنة – كما يخبرنا الكتاب- هم الأراميون الذي انتقلوا من اليمن، إلى الشام في العصر الأول لدولة تبابعة سبأ عام (1500، عام 1200ق.م). ويقع تحت مصطلح الأراميين الفينيقيين، وهم أيضاً من العرب اليمانيين. ومن الغساسنة الذين آل إليهم ملك "جفنة" بالشام "عمرو، والذي شهر بـ (مزيقيا)، ويعد "عمرو" مزيقيا. كما يذكر الكلبي- أول من عاقب بالنار حرقا.. وعن سبب التسمية يذكر المحقق بأن غسان هم من عدة عشائر من "الأزد" كانوا يسكنون بمنطقة فيها وادي سيل يسمى "غسان" فسموا "غسان" نسبة إلى الماء الذي كانوا يقيمون عليه ويشربون منه. ويختتم الفصل العاشر الخبر عن قبائل اليمن من قحطان الذي كان له الملك في أرض العراق، والحجاز، والشام، وهم المنحدرون من أبناء"قيلة" والمعروفون بـ" الأوس" والخزرج".. وقيلة" هذه هي أمهم "بنت كاهن بن غدرة بن قضاعة بن مالك بن حمير" وهم جميعاً من "الأزد" وحكايتهم مع الإسلام معروفة.
ومع الفصل الحادي عشر من الكتاب تدخل عصراً جديدا ًهو العصر الإسلامي، حيث الإخبار عن اليمانيين منذ دخولهم الإسلام، ثم تأثيراتهم العظيمة وأعمالهم الكبيرة التي كان لها صداها، وبصماتها على مر العصور التي تلت الرسالة المحمدية، ففي حين يتعرض الفصل الحادي عشر إلى زمن الوفود القادمة من اليمن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يتعرض كذلك إلى ما بعد ذلك كإعمال عمال لليمن من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم على سبيل المثال بآذان- عامل كسرى- الذي أسلم فأمره الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم على جميع مخاليف اليمن.
لكن وبعد وفاته جعل الرسول صلى الله عليه وسلم على كل مخلاف عاملاً كأبي موسى الأشعري الذي عُين عاملاً على مأرب، وشهر بن باذان الذي وُلي على صنعاء. ومما تعرض لذكره هذا الفصل خبر الأسود العنسي، وحكايته مشهورة إلا أن الكتاب يتعرض له بشيء من التفصيل كقتله لشهر بن باذان، والاستيلاء على زوجته ، وهو الذي تمت له الغلبة على ما بين صنعاء وحضرموت، إلى أعمال الطائف إلى البحرين من قبل عدن بادعائه للنبوة عام 11 هـ، ومناصرته من قبل أناس كثيرين ارتدوا عن الإسلام وتبعوه، ولسطوته الشديدة فقد اضطر رجل نحو "معاذ بن جبل إلى الهرب والخروج إلى "حضرموت" خوفاً منه، وقد ملك أبو الأسود العنسي اليمن كلها واستفحل أمره، وقد قيل بأن سبب استجابة الناس له هو أنه كان "كاهناً مشعوذاً يفعل الأعاجيب ويخلب بحلاوة منطقه، ولكونه كاهناً فإن هذه المرتبة في نظر "المحقق" لا يرد لها كلام ولا تُعارض. وقد انتهى به الأمر على يد "قيس بن مكشوح المرادي الذي قتله بسيفه.
ننتقل في الفصول التالية (12-16) إلى عصر الخلافة الإسلامية الراشدة، ودور اليمانيين في فتوح العراق وفارس في عهد عمر وعثمان، ثم في العهود التالية لهما. ويهمنا هنا أن نذكر طرفاً من أولئك المجاهدين، والقادة الذين شاركوا في تلك الفتوحات وعلى أيديهم تم تثبيت ركائز هذا الدين في أنحاء كبيرة من العالم، ومن أولئك حجر الكندي، والأشعث اللذين كانا من قادة معركة "نهاوند"المشهورة في العام (20)هـ وهي التي شهدها الفارس اليماني عمرو بن معد يكرب الزبيدي الذي توفي متأثراً بجروحه.
ومن الفتوح التي شارك فيها قادة يمنيون- بعد نهاوند- فتح همدان وقزوين، وأذربيجان، وقلعة كرمان وسجستان ومن أولئك جربر بن عبدالله البجلي الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه "خير ذي يمن" وهو الذي كان له دور كبير في القادسية والأمير هرثمة البارقي الذي يعد مؤسس العصر العروبي الإسلامي في الموصل والأمير الأشعث بن قيس الكندي وهو فاتح "اذربيجان" وتولى إمارتها عام 23هـ، كذلك أبو موسى الأشعري الذي افتتح أرجاء واسعة في بلاد فارس عام 23هـ، ، والربيع بن زياد الحارث فاتح إقليم سجستان عام 30هـ.