الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:47 م
ابحث ابحث عن:
اقتصاد
السبت, 10-يوليو-2004
المؤتمر نت -
دول مجلس التعاون خامس أكبر سوق لصادرات الاتحاد الأوروبي
تعتبر دول مجلس التعاون خامس أكبر سوق لصادرات الاتحاد الأوروبي، حيث بلغت قيمة هذه الصادرات نحو 34 مليار يورو عام 1999، في الوقت الذي قدرت فيه واردات الاتحاد الأوروبي من دول المجلس بأقل من نصف هذا الرقم، كما أن الفائض التجاري الضخم الذي يتمتع به الاتحاد الأوروبي في تعاملاته التجارية مع دول المجلس اليوم هو عكس ما كان عليه الوضع في فترة السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن العشرين عندما كان هناك عجز ضخم نتيجة أسعار النفط المرتفعة في ذلك الوقت.
ويشكل النفط الخام نحو ثلثي واردات الاتحاد الأوروبي من دول مجلس التعاون، والباقي عبارة عن منتجات تكرير النفط والبتروكيماويات، وهناك مجال لزيادة الواردات من الغاز الطبيعي.
أما الاتحاد الأوروبي من جانبه فيقوم بتصدير مجموعة متنوعة من المنتجات لدول مجلس التعاون منها الطائرات والمركبات والمكنات والمعدات الكهربائية والمنتجات الدوائية ومعدات المستشفيات.
جاء ذلك في محاضرة للأكاديمي البريطاني الدكتور رودني ويلسون عن العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي من حيث الفرص والتحديات صدرت أخيراً ضمن سلسلة محاضرات الامارات عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية, واستعرضت العلاقات خلال الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين, كما سلطت الضوء على حاجة اقتصاديات مجلس التعاون الى مجال متنوع من الشركاء الاقتصاديين في أعقاب أحداث 11 سبتمبر عام 2001، حيث ان الاتحاد الأوروبي على الرغم من محدودية نفوذه السياسي يمثل شريكاً غربياً بديلاً عن الولايات المتحدة وله سياسات اقتصادية متميزة تجاه الدول المجاورة لدول مجلس التعاون.
وأشار ويلسون الى ان الدول الأوروبية عانت من عجز تجاري كبير مع دول المجلس نتيجة ارتفاع اسعار النفط بين عامي 73-74 وكذلك عام 79. ومع ذلك كان يتم تعويض مشتريات النفط بتصدير السلع المصنعة وتوفير الخدمات, وفي الوقت الذي هبط فيه سعر النفط خلال عقد الثمانينات من القرن العشرين انخفض حجم العجز التجاري لدى معظم الدول الأوروبية مع دول الخليج تدريجياً وبحلول عقد التسعينات تغير العجز التجاري الى فائض تجاري بالنسبة الى دول الاتحاد الأوروبي الرئيسية.
وفي ما يتعلق بإنشاء منطقة تجارة حرة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي لا يوجد موعد محدد، حيث ان الشرط المسبق لهذه المسألة هو قيام الاتحاد الجمركي لمجلس التعاون، ومن المفترض أن ينشأ هذا الاتحاد بحلول عام 2005. ووافقت دول مجلس التعاون على ضرورة وجود رسمين للتعرفة الجمركية الخارجية المشتركة: الأول بنسبة 5,5 في المئة على السلع الأساسية، والثاني بنسبة 7,5 في المئة على سلع الرفاهية, وفي ضوء التقدم الذي تحقق في ديسمبر 2000، اقترحت مملكة البحرين أن يتم تقديم موعد الاتحاد الجمركي الى عام 2003، وتقدمت بعرض ينص على تخفيض تعرفتها الجمركية على المركبات المستوردة من 20 في المئة الى 7,5 في المئة، ثم دعت الدول الأخرى في مجلس التعاون الى أن تحذو حذوها.
في هذه الاثناء، كانت دول مجلس التعاون قد ناقشت سلفاً امكانية قيام اتحاد نقدي، على خطى نموذج الاتحاد الأوروبي في تبنيه لليورو, وبما أن التجارة بين دول مجلس التعاون تغطي 7 في المئة من إجمالي النشاط التجاري لهذه الدول، فإن هناك فجوة ضخمة بين الطموحات والواقع.
وأشار الأكاديمي البريطاني الى انه يُعتقد في دول مجلس التعاون أن سلع الاتحاد الأوروبي باهظة الثمن بالمقارنة مع السلع الآسيوية, وتتمثل صادرات دول مجلس التعاون في النفط الخام بشكل رئيسي، وفي النفط المكرر والمنتجات البتروكيماوية ولكن بمستويات أقل بكثير، بينما تأخذ صادرات الغاز الطبيعي أهمية كبرى في حالة كل من دولة قطر ودولة الامارات العربية المتحدة, وعلى مدى الفترة التي انقضت على دخول اتفاقية الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون حيز التنفيذ، ظلت نسبة صادرات دول مجلس التعاون المتجهة الى الاتحاد الأوروبي منخفضة مقارنة مع سبعينات القرن العشرين عندما كان الاتحاد الأوروبي يعتمد بصورة كبيرة على نفط الخليج,وتعتبر نسبة صادرات مملكة البحرين ودولة الكويت وسلطنة عمان ودولة قطر ودولة الامارات العربية المتحدة، المتجهة الى الاتحاد الأوروبي، شيئاً قليلاً لا يكاد يذكر في الوقت الحاضر, إن المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي تقوم بارسال كميات كبيرة من النفط والمنتجات البتروكيماوية الى الاتحاد الأوروبي، لكن هذا يُعد أقل من خمس صادراتها الاجمالية.
وقال ان حصة الاتحاد الأوروبي من صادرات دول مجلس التعاون، التي أخذت في التراجع منذ سبعينات القرن العشرين، تعكس الطلب المتزايد على النفط من قبل دول شرق وجنوب آسيا التي كانت تنمو أسرع كثيراً من اقتصادات أوروبا, ان عملية التنمية تتطلب استهلاك المزيد من الطاقة في الدول الآسيوية مع اكتساب التصنيع لقوة دفع، بينما نجد ان التحول من الصناعة الى قطاع الخدمات في أوروبا غالباً ما يعني توفير الطاقة.
وقال «لقد شجع الاميركيون تأسيس مجلس التعاون، وكان هذا الى حد كبير رد فعل على الاحداث التي جرت في ايران عام 1979».
على اي حال، بذل الاتحاد الاوروبي الكثير في سبيل اعطاء جوهر لاجندة مجلس التعاون, وباعتبار ان المجلس منظمة اقليمية، فقد شدد الاتحاد الاوروبي على انه مستعد للتفاوض معه كمجموعة عوضا عن التفاوض مع كل دولة بصورة منفردة, وهذا يعطي دول مجلس التعاون هدفا اقتصاديا خارجيا مشتركا، ويعني الى حد ما ان الاجندة الاقتصادية قد اصبحت ذات اهمية نسبية اكثر من اجندة الولايات المتحدة التي تتعلق بالشأن الامني.
وترتبط الولايات المتحدة باتفاقيات ثنائية طويلة الامد مع المملكة العربية السعودية، وقد تم تمديدها بعد تحرير دولة الكويت من العراق, على اي حال، كانت تلك الاتفاقيات مع كل دولة في شكل منفرد بدلا من كونها مع مجلس التعاون بعامة, وفي هذا الصدد يعتبر الاتحاد الاوروبي من الناحية التنظيمية افضل من الولايات المتحدة لتعزيز مصالحه التجارية، بما ان الاخيرة تركز في شكل ضيق على الامن فقط.
تتضمن اتفاقية التعاون لعام 1989 نحو ست وعشرين مادة، وتشمل تقوية اواصر العلاقة بين الاتحاد الاوروبي ودول مجلس التعاون بوضعها ضمن اطار عملي مؤسساتي وقانوني, حيث تحتل الطاقة المرتبة الاولى، اذ من الواضح ان تأمين الامدادات امر مهم، وتحتل الصناعة المرتبة الثانية في ضوء اهمية مجلس التعاون كسوق لبضائع الاتحاد الاوروبي المصنعة ولمبيعات معدات الانتاج.
واستخلص ويلسون ان عوامل الطلب الاساسية تحدد الى حد كبير اتجاه التجارة، وان الترتيبات المؤسسية مثل اتفاقية الاتحاد الاوروبي مع مجلس التعاون يمكن ان يكون لها اثر هامشي في افضل الحالات.
الاستثمار
وعن قضية الاستثمار قال ويلسون ان المادة السابعة من الاتفاقية المبرمة بين الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون تتناول الاستثمار من الناحية العملية والتحركات نحو تحرير تشريعات الاستثمار في دول مجلس التعاون الى حد بعيد عن طريق اجراءات احادية خارج الاطار العملي للاتفاقية, وتسمح جميع دول مجلس التعاون بحرية حركة رؤوس الاموال الى الخارج، ولا توجد هناك اي قيود على تحويلات رؤوس الاموال الاستثمارية بين دول المجلس, من ناحية ثانية، لا يوجد تنسيق بين دول المجلس في ما يتعلق بالاستثمار الداخلي، وهذه مسألة تعني كل دولة بمفردها بما ان لكل دولة قوانين مختلفة, ومع ذلك هناك رغبة للابقاء على التحكم في مستويات انتاج النفط والغاز الطبيعي، وينظر الى النفط على اساس اهميته في سياق تأثير اوبك في اسعار النفط العالمية، وبالنسبة الى المملكة العربية السعودية باعتبارها منتجا منظما للنفط.
وتوجد في كل من مملكة البحرين ودولة الامارات العربية المتحدة اكثر الشروط تحررا بالنسبة الى الاستثمار الاجنبي الداخلي، حيث يسمح لغالبية اصحاب الملكية الاجنبية بان ينشطوا في معظم المجالات الاقتصادية بما في ذلك العمل المصرفي والخدمات المالية على شرط ان يكون المستثمر من غير المقيمين, اما الدول الاخرى في مجلس التعاون فقد اصرت حتى وقت قريب على ان تكون الحصة الكبرى للملكية المحلية، الى جانب السماح بالاستثمار الاجنبي عبر قناة المشروعات المشتركة, وقد تم التخفيف من حدة هذا الشرط في دولة الكويت وسلطنة عمان، واخيرا في المملكة العربية السعودية حيث تم سن قانون جديد للاستثمار مع بداية عام 2000. وقد تولت الهيئة العامة للاستثمار مسؤولية البحث ونشر المعلومات وجمعها بعد ان كان ذلك من شؤون مجلس الشورى السعودي، بالاضافة الى انها اخذت سلطات منح رخص الاستثمار من وزارة الصناعة والكهرباء.
ولايزال النمو الاقتصادي مرتبطا على نحو وثيق بتطورات اسعار النفط، وقد بلغ في المتوسط 0,2 في المئة سنويا فقط منذ عام 1980. وقد حقق الاقتصاد في المملكة العربية السعودية معدل نمو لا يزيد على 1,1 في المئة بين عامي 1998 ـ 1999، ويرجع ذلك الى حد كبير الى اسعار النفط المرتفعة, بينما حقق الاقتصاد البحريني، ومملكة البحرين تملك قليلا من النفط، معدل نمو بلغ 4 في المئة، بينما وصل معدل النمو في دولة الامارات العربية المتحدة الى 3,5 في المئة.
وكذلك يمثل الاستثمار الاجنبي المباشر من دول الاتحاد الاوروبي بعدا استراتيجيا بالنسبة الى دول مجلس التعاون, فكلما ساهمت شركات دول الاتحاد الاوروبي بصورة مباشرة اكبر في مجال استثمار وادارة المنشآت الصناعية، زاد التهديد المحتمل لمصالحها في اي نزاع قد يتفجر في المستقبل مع الدول المجاورة للمنطقة, وفي هذا السياق، يمكن ان ينظر الى عملية جذب الاستثمارات الاجنبية كنوع من سياسة التأمين، لانه كلما تنوعت مصادر الاستثمارات تعاظم الدعم المحتمل على الساحة الدولية لحل النزاعات.
اما القضايا الراهنة فقد وجدت المفوضية الاوروبية في مراجعتها لسير العلاقات بين الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون في عام 1995 ان النتائج الملموسة لاتفاقية عام 1989 قد تجسدت ببطء، وكانت محدودة جدا, اما النجاحات الرئيسية التي تمت الاشارة اليها فقد شملت التعاون الجمركي، والمعايير والمقاييس, اما التعاون في مجال الطاقة فقد اقتصر على مناقشة تقرير مشترك عن الطاقة والبيئة, اما الانجاز الحقيقي الوحيد فقد كان المحمية البحرية ـ البرية في جبيل على الساحل السعودي المطل على الخليج العربي, وقد عقدت مؤتمرات صناعية مشتركة في الاعوام 1990 و1992 و1995 ولكن لم ينبثق عن هذه الاجتماعات الا القليل من الموضوعات ذات الصفة المحددة.
اما الرسم الجمركي الذي يفرضه الاتحاد الاوروبي على واردات الالمنيوم القادمة من مصانع الصهر في دبي والبحرين، والذي يبلغ 6 في المئة، فقد كان ايضا موضوعا للجدل، ولكن مرة اخرى لم يتم اتخاذ اي اجراء بهذا الخصوص لان بعض الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي زعمت ان هناك دعما للطاقة المستخدمة, وكان هناك الكثير من الدعم لمسألة تعليق فرض التعرفة التي اقترحتها بريطانيا في اجتماع عقد في وقت لاحق في مدينة بروكسل في مارس 2000، ولكن فرنسا رفضت العرض لتعارضه مع مصالحها المتعلقة بالالمنيوم، بينما امتنعت المانيا واسبانيا واليونان عن التصويت, وقد تقدمت سلطنة عمان بشكوى بخصوص الرسوم المرتفعة التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على الاسماك استنادا الى السياسة المشتركة المتعلقة بمصايد الاسماك.
ولقد كان الاتحاد الاوروبي يمثل نموذجا لمجلس التعاون, ومن جانب الاتحاد الاوروبي، كان هناك دائما دعم قوي لصالح التكامل الاقليمي في الخليج, لاشك في ان التعاون بقدر اكبر بين دول المجلس من شأنه ان يسهل ويبسط المفاوضات مع المنظمات الخارجية مثل الاتحاد الاوروبي, وفي الجلسة الثانية والخمسين للجنة التعاون المالي والاقتصادي في مجلس التعاون في يونيو 2000 تمت مناقشة مسودة تتعلق باستراتيجية المحادثات التي ستجرى في المستقبل.
اجمالا، بدأت الشروط المسبقة توضع في مكانها من اجل مزيد من العلاقات الاوروبية ـ الخليجية الناجحة، خصوصا منذ ان تم ادخال التفويض الجديد في يوليو 2001. وكذلك اعتبرت دول مجلس التعاون ان افتتاح مكتب للمفوضية الاوروبية في الرياض علامة ايجابية على نيات دول الاتحاد الاوروبي، حتى اذا كان ذلك قد تم في الوقت ذاته الذي اقدم فيه الاتحاد الاوروبي على اغلاق مكتب مجلس التعاون في مدينة بروكسل كاجراء اقتصادي, في الوقت الحاضر، يبدو ان هناك تبادلا بين عمق واتساع المحادثات، من جانب، وتزايد ضآلة المقايضات، من الجانب الاخر, كما ان هناك حاجة لخطاب اوسع افاقا، ولكن يجب الا يكون ذلك على حساب معالجة المشكلات الراهنة.

عن : الرأي العام




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر