المؤتمرنت - جمال مجاهد - 97 مليون دولار غيّرت حياة سكان مدينة تعز أعلن البنك الدولي أن إجمالي حجم المساعدة المقدّمة من المؤسّسة الدولية للتنمية \"IDA\" التابعة للبنك لمدينة تعز في إطار مشروع الوقاية من السيول بلغ 81 مليون دولار، منها 10 ملايين دولار لمشروع تعز التجريبي الطارئ لإمدادات المياه، و40 مليون دولار من خلال مشروع إمدادات المياه والصرف الصحي الحضري.
وقال البنك الدولي في تقرير حديث له- حصل عليه \"المؤتمر نت\"- إن إجمالي تكاليف المراحل الثلاث لمشروع حماية تعز من السيول، شاملة مساهمات الحكومة، بلغ نحو 97 مليون دولار تم تقديمها خلال السنوات 1991- 2010 لتمويل عدد من الأنشطة، من بينها أشغال مدنية تمثّل 83% من إجمالي تكاليف المشروع.
وعقب تأمين تعز من أخطار السيول الموسمية المدمّرة، وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي في مايو 2010 على منح تعز مساندة إضافية من المؤسّسة الدولية للتنمية للمساعدة في الارتقاء بمستوى عدد من المناطق العشوائية بتكلفة إجمالية قدرها 22 مليون دولار.
وأشار التقرير إلى نتائج \"مشروع تعز للتنمية البلدية والوقاية من السيول\"، حيث أتاح التمويل المتتابع الذي قدّمته المؤسّسة الدولية للتنمية بمبلغ 16 مليون دولار في البداية، ثم بمبلغ 45 مليون دولار، ثم 20 مليون دولار، إقامة منشآت هامة للسيطرة على السيول في مدينة تعز والمناطق المحيطة بها.
وبحلول موعد إقفال المرحلة الثانية في يونيو 2008، كانت أجزاء كبيرة من مدينة تعز، ومن بينها وسط المدينة، قد تحوّلت إلى أحياء آمنة يمكن العيش بها بمعزل عن السيول، وكان أثر المشروع ملموساً على حياة سكان تلك المناطق وسبل رزقهم. وكان من بين المنشآت التي أقيمت خلال هاتين المرحلتين المتتاليتين شق 10 كيلو مترات من القنوات المكشوفة، و21 كيلو متراً من القنوات المغطّاة، و85 كيلو متراً من الطرق الممهّدة بالحجارة أو الإسفلت، و54 كيلو متراً من خطوط المجاري، و21 حوض ترسيب، و3.2 كيلو متر من الحوائط الداعمة \"التكسيات\" أعلى من مستوى الشوارع.
وبالإضافة إلى ذلك، أسهم المشروع في تحقيق عدّة نتائج تمثّلت في تراجع عدد الوفيات من ستة أشخاص في المتوسّط سنوياً إلى الصفر، وتحسين وتأمين قدرة المشاة والعربات على التنقّل ما بين المساكن وأماكن العمل والمدارس، وغيرها بالنسبة لآلاف السكان الذين يقيمون على جنبات الوادي، وارتفاع قيمة الأرض بأكثر من 100%، وتقليل الأضرار التي تلحق بالممتلكات السكنية ومؤسّسات الأعمال من 160 و660 حالة على الترتيب سنوياً إلى الصفر، وتخفيض تكاليف الصيانة السنوية للمرافق العامة مثل شبكات الهاتف، والكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، والطرق.
كما أسهمت منشآت السيطرة على السيول وتوصيلات المجاري التي ترافقت معها في تحسين الأحوال الصحية والصرف الصحي بتقليل تدفّق مخلّفات المياه إلى الأودية، التي كانت قد صارت مكاناً ملائماً لتكاثر البعوض المسبّب لمرض الملاريا. وساعدت الطرق الممهّدة بالحجارة والإسفلت- التي أنشئت ضمن المشروع بطول 85 كيلومتراً- في تحسين التدفّق المروري داخل المدينة وقلّلت من الاختناقات.
ونظراً لطبيعته ذات العمالة الكثيفة، فقد أوجد هذا المشروع بطريقة مباشرة وغير مباشرة فرص عمل تقدر بنحو 45 ألف فرد/ شهر لعمالة ماهرة أو غير ماهرة أثناء تنفيذه. ووفقاً لتقرير البنك الدولي فقد \"عانت مدينة تعز وما يحيط بها في مرتفعات اليمن الداخلية لسنوات طوال من سيول جارفة. وبعد قرابة عقدين من العمل مع المؤسّسة الدولية للتنمية، شهدت المدينة تراجع ما يلحق بالسكان ومؤسّسات الأعمال من أضرار إلى الصفر، في حين تقلّصت أعداد الوفيات بالمناطق المستهدفة من ستة أشخاص في المتوسّط سنوياً إلى ثلاثة فقط في عام 2005 ثم إلى الصفر بدءاً من عام 2006.
وترافق مع ذلك انخفاض حالات الإصابة بالملاريا من 80 إلى 24 حالة خلال تلك الفترة\". وتقع تعز، وهي مدينة يسكنها نحو 600 ألف نسمة، على سفح جبل صبر الشاهق. وقبل إنشاء المشروع، وبسبب الافتقار إلى وجود نظام صرف ملائم، كانت السيول الناجمة عن مياه الأمطار تغرق الممتلكات الخاصة والعامة، مخلّفة وراءها كميات هائلة من الحطام والوحل اللذين يحتاجان إلى أسابيع من جهود الإزالة والتطهير. وفضلاً عن ذلك، كانت هذه الأمطار تخلّف وراءها كل عام عشرات الموتى ومئات من المنازل والمتاجر ومرافق البنية الأساسية المهدّمة. وكان التحدّي يتمثّل في شق قنوات لتصريف مياه السيول وإعطاء سكان تعز الفرصة لكي يتمتّعوا بحياة عادية طيلة السنة. وكان الحل الوحيد لمشكلة سيول تعز يتمثّل إما في الاستثمار في بناء هياكل للسيطرة على السيول، وإما تهجير الأهالي. ولما كان هذا الحل الأخير غير عملي فضلاً عن كونه باهظ التكلفة، فقد اختير البديل الأوّل. وبدأ الإعداد للمرحلة الأولى في عام 1988، وفي عام 1991 وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على رصد 16 مليون دولار للمشروع. ووجّهت الاستثمارات الرئيسية في هذه المرحلة إلى أكثر مناطق تعز عرضة للسيول، وإن كان التركيز على وسط المدينة حيث يعيش ويعمل أكثر الأهالي.
وترك الاستثمار في بناء هياكل للسيطرة على السيول بأعلى مجرى السيل وأسفله إلى مراحل لاحقة. وعقب الانتهاء من المرحلتين الأوّلتين في يونيو 2008، بدأت تعز أخيراً تتعافى من آثار سنوات من السيول الموسمية المدمّرة. ويعدّ هذا المشروع نوعاً من المشاريع الطارئة أو مشاريع الحدّ من خطر الكوارث.
ولم يكن هناك اهتمام كبير أو قدرة من جانب المانحين على مساندة هذا المشروع. وتظلّ المؤسّسة الدولية للتنمية هي الشريك المانح الوحيد لهذا المشروع من خلال مراحله الثلاث المتتابعة.
وبحسب تقرير البنك الدولي قال أحد المنتفعين من المشروع وهو بقّال يدعى أمين جباري \"خلاص. كل شيء الآن تمام، بعد أن حفروا القناة وأقاموا جداراً واقياً، لم تعد السيول تأتي إلى هنا، استرحنا، لا سيول\". وبهدف الارتقاء بأثر المرحلتين الأولى والثانية من المشروع والتوسّع فيه، فقد حان موعد إقفال اعتماد التمويل الإضافي الأوّل وقيمته 20 مليون دولار في أكتوبر 2010. وتبدو آثار المشروع ملموسة حيث يتذكّر الأهالي كيف تغيّرت حياتهم قبل تدخّل المؤسّسة الدولية للتنمية وبعده. ولا يقتصر العرفان بالإنجازات التي تحقّقت على من يعيشون في تعز وحدهم، بل يمتد ليشمل كل من يعرف كيف كانوا يعيشون قبل هذه المبادرة. ولو كان هناك مشروع لا يختلف أحد من الناس عليه، فهو مشروع تعز للتنمية البلدية والوقاية من السيول.
|