صديقي/ طالب السليماني العولقي في رحاب الخالدين
السبت, 03-أغسطس-2024 أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور - ودّعت محافظة شبوة، واليمن عموماً صديقنا العزيز/ طالب بن محـمد مهدي السليماني في موكبٍ جنائزيٍ مهيبٍ وحزينٍ لوداعه الأخير في يوم الخميس بتاريخ 27/ يونيو /2024م، هذا الوداع المر هو أمرٌ رباني خصّه الله سبحانه وتعالى لشخص الفقيد/ طالب السليماني رحمة الله عليه، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه ومُحبيه وطلابه الصبر والسلوان، إنّا لله وإنا إليه راجعون.
تعود معرفتنا وزمالتنا وصداقتنا بالفقيد العزيز/ طالب بن محـمد بن مهدي إلى منتصف السبعينات من القرن العشرين، حينما كنا تلاميذاً وطلاباً في مطلع شبابنا، وكنّا ندرس حينها في مدارس نصاب وعتق الإعدادية والثانوية، وكان الفقيد يسبقنا بعامين دراسيين هو وعدداً من الأصدقاء ونتذكر منهم الصديق المهندس/ عيدروس القفله السليماني والفقيد/ ناصر عمران السليماني والصديق/ سالم أحمد سالم الحامد السليماني ولا حقاً المهندس الفقيد/ محـمد عيدروس السليماني، لكن علاقتنا معهم جميعاً كانت علاقة زمالة نوعية في زمن الشباب والمراحل الدراسية الجامعية اللاحقة وما بعدها بطبيعة الحال.
منذ أن كان الفقيد شاباً يافعاً متقداً بحيوية الشباب في مرحلة من مراحل انضمامه إلى طلائع مقاتلي وفدائيي الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل من قِبل المحتل البريطاني، وكان قد نّفذ مع العديد من شباب الجبهة القومية العديد من العمليات الفدائية والتحريضية ضد الوجود الاحتلالي البريطاني، وكان من بين الشباب الذي لعبوا دوراً نشطاً في مقاومة الاستعمار البريطاني تعبوياً ثقافياً، وكوفئ مع عدد من الشباب من قيادة الحزب والدولة في الثمانينات من القرن الماضي بوسام حرب التحرير الشعبية وهو وسام شرف يمني رفيع المستوى، مُنح له لقاء دوره الفدائي الفريد.
في نهاية السبعينات من القرن العشرين كُلِّف الفقيد بقيادة فريقٍ علميٍ / إداري لتأسيس أُسس ومبادئ الإدارة العامة للخدمة المدنية على مستوي أجهزة الإدارة العامية للسُلطة التنفيذية في المؤسسات الحكومية على مستوى عاصمة المحافظة شبوة وصولاً إلى المديريات، كشكلٍ من أشكال تفويض السُلطات بين عاصمة المحافظة وعواصم المديريات.
من خلال التجربة المباشرة وغير المباشرة لمعرفة سلوك وطبيعة وخصوصية شخصية فقيدنا/ طالب السليماني:-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً :-
يمتاز فقيدنا بسلوكٍ انضباطي حاد في تعامله مع زملائه وأصدقائه وصولاً لأفراد أسرته الكريمة.
ثانياً :-
يمتاز الفقيد بسلوك التعامل الصادق والوفاء الجميل مع من يتعامل معه من زملائه في محيط عمله وفي أثناء دراسته حينما كان طالباً في المراحل المختلفة من دراساته.
ثالثاً :-
يمتاز الفقيد بالجدية الحادة في تنفيذ التزاماته المهنية والوظيفية ، وتجده مثابراً صبوراً من أجل تنفيذ ما كُلِّف به من مهام ومن تكليفات في عمله أو أثناء دراسته.
رابعاً :-
يمتاز الفقيد بميزة الصبر الجميل ، والثبات على تلك الخاصية النادرة في زمننا المضطرب من جميع النواحي.
خامساً :-
حينما انتُخب في المجلس المحلي في محافظة شبوة أظهر قدراُ عالٍ من الانضباط والالتزام بنشاطه وعمله والتقارير التي يطلبها منه المجلس ضمن خطط وبرامج المجلس.
سادساً :
حينما يكلف الفقيد بالزيارات الرسمية إلى خارج الوطن ، أظهر انضباطاً عالٍ بسلوكيات الوفود الرسمية المحترمة التي تنقل صورة جيدة عن الانضباط والسلوك الجيد لأبناء المحافظة واليمن بشكلٍ عام ، وكان ملتزماً بتقديم الوثائق والتقارير المطلوبة رسمياً من أي عضو في أي وفد يغادر الوطن بشكل رسمي.
سابعاً :-
أنجز أعظم الأعمال في حياة أي إنسان عامل ، حيث أنه وفَّر فرص عملٍ بلغت أكثر من عشرين ألف فرصة لأبناء محافظة شبوة ، وهذا الإنجاز الإنساني الكبير في ضمان لقمة العيش لجميع تلك الأسر لحمايتهم من جور الزمان وضنك العيش والتأمين كي لا ينزلق هؤلاء الموظفين إلى مربعات الفقر والجوع والحرمان ، أليس هذا العمل يُعدُّ من الأعمال النبيلة لأي موظفٍ في هذه الدولة من أقصاها إلى أقصاها.
الخلاصة :-
نشكر القائمين من الشباب الذين وثَّقوا وجمعوا الوثائق والمقالات والتقارير عن فقيدنا العزيز/ طالب السليماني فجميع تلك الذكريات الموثقة الجميلة تُعدُّ من تاريخه الثري الناصع وحياته المتعددة الجوانب ، ونضاله المتشعب في مختلف المجالات، كل تلك الذكريات التي تم توثيقها ورصدها وطباعتها ستكون وثيقةً تاريخية هامةً في تاريخ الشخصيات اليمنية المؤثرة في محافظة شبوة وفي تاريخ اليمن عموماً ، ولن تبقى حيّة مؤثرة في حياتنا القادمة سوى هذه الوثائق والكتب والمخطوطات لأنها الشاهد الحي المتواصل عن تاريخ الأفراد والجماعات وحتى الأمم.
رحم الله الفقيد الصديق/ طالب السليماني وأسكنه فسيح جناته وإنّا لله وإنا إليه راجعون .
ونسأل الله العلي القدير أن يجعل فقيدنا وصديقنا/ طالب السليماني ممن قال فيهم
بسم الله الرحمن الرحيم
((يا أيتُها النفسُّ المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً فادخلي في عبادي وادخلي في جنتي)) صدق الله العظيم.
وفوق كل ذي علم عليم
*رئيس مجلس وزراء تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية / صنعاء