العوالق وتكوينهم السياسي الحديث
الثلاثاء, 01-مايو-2007المؤتمرنت -
تأليف :خالد عبد الله طوحل
الدكتور خالد عبد الله طوحل، أحد الباحثين اليمنيين الشباب، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة عدن، بكالوريوس في التاريخ، ماجستير تاريخ معاصر ودكتوراه في التاريخ الحديث، له عدة مساهمات وإصدارات في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر. ولعل الكثير من القراء لم يطلعوا على تاريخ «العوالق» وتكوينهم السياسي الحديث.
في البداية نتعرف على العوالق وينتسب الباحث لهم، ويبدوا أن العوالق من التجمعات القبلية الفاعلة في تاريخ اليمن، وأن الدراسات حولهم قليلة أو نادرة كما يذكر الباحث «العوالق في جغرافيتهم أو تاريخهم فعل بشري امتد منذ الميلاد مروراً بسقوط سد مأرب وصولاً إلى الدويلات اليمنية في العهد الإسلامي ثم الدولة القاسمية الموحدة، وحتى يومنا الحاضر في إطار وحدة اليمن».
تمهيد الكتاب يتحدث عن العوالق وامتدادهم في الممالك اليمنية القديمة، والباحث خالد عبد الله طوحل يتابع تاريخهم من القرن الرابع قبل الميلاد ثم يتابع دولتهم في القرن السابع قبل الميلاد أيضاً ثم يتابعهم في التاريخ الحديث من القرن الثالث الميلادي وصولاً إلى القرن السابع عشر مروراً بالدولة القاسمية والزيدية.
في يعرفنا المؤلف على الجغرافية التاريخية للعوالق، مفصلاً لنا الجغرافية الطبيعية، ثم الجغرافية البشرية، ثم يعرفنا على التكوينات الكاملة للملامح الجغرافية التاريخية للعوالق المحدثين، ثم يعرض علينا التسميات في ظل الدويلات اليمنية المستقلة، «لقد شهدت فترة نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس، الحادي عشر الميلادي ظهور دويلات مستقلة من اليمن، اليعافرة، في صنعاء، والأئمة الزيدية في صعدة، وآل زياد في تهامة، وما جاورها، وبني معن في عدن، وحضرموت، وقد كانت الأوضاع السياسية في هذه المدة تتسم بطابع القلق والاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار».
وفي هذا الفصل أيضاً يعرض علينا الباحث الخلاف في نسب العوالق فمنهم من ينسبهم إلى حمير وبعضهم إلى آل سعد من فدحج أهل الكور والوديان، وبعضهم من ينسبهم إلى معن بن زائد بن رباح بن عولق الحميري، وقد رجح الباحث هذا النسب معتمداً على أهم المصادر وأكثرها قرباً إلى مفهومه وقناعاته.
في الفصل الثاني نقرأ تفاصيل التكوين السياسي الحديث، ابتداء من الارتباط مع بريطانيا بعد احتلال عدن وفي المهجر، «في منتصف القرن التاسع عشر حاولت الدولة العثمانية أن تبسط نفوذها الفعلي، وتحكم قبضتها المناطق التابعة بصفة اسمية لها وكانت الدولة العثمانية تخشى من النفوذ البريطاني في الجزيرة العربية والمناطق المحيطة بها، وقررت أن تفرض سيطرتها الفعلية على اليمن لأهمية موقعها الإستراتيجي مما يجعله خط الدفاع الأول عن بقية أجزاء الجزيرة العربية من جهة الجنوب».
ثم ينتقل الباحث في نفس الفصل إلى الهجرة العولقية وتكونها المالي ثم محاولات العوالق في مد نفوذهم وتوسعاتهم إلى المدن اليمنية الأخرى، مثل حضرموت، بيحان، لحج، أبين، وغيرها، «فالصراع الرسمي بين العوالق السفلي وآل فضل يعود إلى التقاء بلاد العوالق السفلي مع بلاد الفضلي على الحدود وجغرافية تعارف عليها كل من العولقي والفضلي في أثناء تكوين الدويلات والسلطنات،
وظهرت أوجه الصراع بين العوالق السفلي والفضلي في الحروب التي تشنها الدولة ضد الأخرى في بعض المناسبات كحرب الحدود وحرب نهب السفن المنكوبة على شواطئ الحدود وغير ذلك». استراتيجية سياسة المحميات وتقسيم العوالق، هو عنوان الفصل الثاني، وقد قسمه الباحث طوحل إلى جزأين:
في الجزء الأول نقرأ عن بريطانيا وإستراتيجية المحميات، وهنا يفصل الباحث تلك الإستراتيجية السياسية، ثم سلسلة العلاقات البريطانية العثمانية من 1872 وحتى عام 1918، ثم العلاقات البريطانية مع حكومة المملكة المتوكلية اليمنية من عام 1919 وحتى 1959، «في فبراير عام 1956 استطاع الإنجليز أن يقبضوا على سيارتي حمول مشحونتين بالأسلحة كانتا مرسلتين للثوار في كور العوالق العليا،
وبدأ رجال القبائل في العوالق العليا بمهاجمة الحرس الحكومي والقبلي خاصة تلك التي في سلطنتي العوالق العليا والعوالق السفلى، حيث تمكن الثوار من إلحاق هزيمة كبيرة بالإنجليز في منطقة الربيزي، ففي عام 1956 تم القضاء على قوة عسكرية كاملة كانت في طريقها إلى الرباط، ولم يكن أمام الإنجليز من خيار إلا سحب الحامية العسكرية المتمركزة هناك».
أما الجزء الثاني فقد خصصه الباحث عن تقسيم العوالق وقيام كياناتها الثلاثة، مفصلاً الآتي:
الصراعات العولقية ـ العولقية.
الصراعات العولقية ـ مع المناطق المجاورة.
السلطنة العولقية السفلى.
المشيخة العولقية العليا وخليفة.
السلطنة العولقية العليا وسياستها في التقدم إلى الأمام للمدة من عام 1879 ولغاية عام 1963، تمكنت بريطانيا من فرض سياستها القائمة على تجزئة منطقة يمنية حفيدة، قتبان، وأوسان، ومأرب إلى كنتونات مصغرة تحت اسم العوالق العليا والسفلى، والمشيخة،
إلا أن الباحث الدكتور خالد عبد الله طوحل يرى غير ذلك فيقول: «أرى أن من ساعد على هذا التمزق والتجزئة هو التخلف والجهل الذي كان سائداً بين أجدادنا في العوالق واليمن عموماً، فالعوالق منطقة جغرافية وسكانية واحدة بل ويمكن القول اثنية أيضا، غير أن التخلف وشجون النفس، وهوس الرغبة في الحكم والسيطرة كانت كلها مجتمعة من الأسباب المساعدة لسيطرة بريطانيا على العوالق وتجزئتها وكذلك كانت اليمن».
الفصل الرابع الأخير .. نقرأ عن العوالق حتى استقلال اليمن، ودورهم في مقاومة الإمامة وحصار السبعين، ثم دورهم في الاتحاد الفدرالي 59-1967، ثم دور العوالق في الجبهة اليمنية ثم تقرأ أسرة في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية عام 1967 وأسرة في الجمهورية اليمنية عام 1990.
ويختم الباحث الدكتور خالد عبد الله طوحل كتابه التاريخي بالقول اعتقد أنني حاولت جاهداً أن أرصد شيئاً يؤرخ لهؤلاء العوالق في تاريخ الثورة وأن دورهم تمثل أيضاً في السلطة الوطنية الجديدة، وأصبحوا قوة فاعلة كما ارتكز عليها شموخ الوطن بدءاً من سبأ وقتبان.. الخ،
مروراً بالدويلات اليمنية وصولاً إلى تحقيق وحدتنا اليمنية المباركة، وبهذا أصبح العوالق ليسوا جزءاً من أسرة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وإنما جزء من الحلم الذي ظل يراودهم، وهو وحدة اليمن التي تحققت في 22 مايو 1990.
في ذيل الكتاب ملاحق بالوثائق التي استند إليها الباحث، وكذلك قائمة بالصور التي وردت في متن الكتاب، ونماذج لأعلام دولة العوالق واليمن وصور تاريخية لشيوخ وأمراء العوالق، وكذلك ملحقاً للخرائط، وقائمة بمصادر البحث.
عبد الإله عبد القادر
*الكتاب: العوالق وتكوينهم السياسي الحديث
*الناشر:جامعة عدن ـ 2007
*الصفحات:389 صفحة من القطع المتوسط
*المصدر-البيان الاماراتية