المخطوطات في اليمن.. حقيقة للتاريخ وواقع أمام العدالة
الخميس, 09-أغسطس-2007المؤتمرنت - عرض/ هشام شمسان -
تكمن قيمة هذا الكتاب الوثائقي في أنه يقدِّم رصداً محزناً لواقع المخطوطات في اليمن، ولدارها الذي يمثل جهةً رسميةً، مخولة بحماية هذه النفائس التاريخية، والعلميَّة، من مخطوطات، ورقوق غايةً في الأهمية التي لا تقدر بثمن، إلاَّ أن هذه الدار –بحسب تعبير المؤلف- (بالرغم من أننا نعيش في عصر التقدم التكنلوجي الحديث، إلا أنها ما زالت مطمورة تحت كثبان الأتربة، وحبيسة الجدران البدائية.. وحتى الآن لا تمتلك لهذه الثروة فهارس توثيقية، وصار من الصعب معرفة حجم الكميات الموجودة، كما يصعب تقدير حجم الكميات التي خرجت منها.. وهذا يعني أنَّ الدولة لا تمتلك حصراً رسمياًّ بحجم المخطوطات حتى الآن..
الحقيقة يؤكدها تقرير خاص عن دار المخطوطات، قدمته لجنة مكلفة من قبل خالد الرويشان-وزير الثقافة السابق عام 2006م، عن أوضاع الدار والحالة التي هو عليها: فنياً، ومالياً، وإدارياً، وقد اعتمد المؤلف على هذا التقرير في تأكيد المعاناة والظروف السيئة التي تحيط بالدار، وتبعث على الإحباط، والألم، نتيجة الحالة المزرية التي وصلت إليها المخطوطات في هذه الدار، ومثيلاتها في الفروع الأخرى للدار، على امتداد الوطن.
ولأمرين مهمين قام المؤلف بنشر هذه الوثائق ضمن كتابه، أولاهما: الرغبة في توفير الوقت، والجهد على المعنيين بالخروقات القانونية، والتجاوزات الفاسدة، وثانيهما: معاينة وجه الحقيقة عن قُرب، لإسقاط الذرائع التي قد يتشدق بها القائمون على أمر الدار.. ولذلك جاء عرض المؤلف للحقائق، إظهاراً لحجم المأساة والخسائر الفادحة التي يتكبدها الوطن، نتيجة ما آل إليه واقع المخطوطات في بلدٍ عُرفت بامتلاك ثروةٍ ضخمة من التراث المعرفي، والإنساني، والحضاري الثمين، ولهذه الأهمية يرى المؤلف (ضرورة ملحة لنشر تلك الحقائق، محاولة منه لتسليط الضوء على محنة المخطوطات).
الكتابُ وضعه الباحث في قسمين: الأول، خصصه للوثائق، وكان أهمها التقرير المشار إليه آنفاً، والذي جعله في ستة ملاحق، ومن هذا التقرير نخلصُ إلى عدد كبير من الحقائق التي أكدتها اللجنة المكلفة، ومنها:
- عدم وجود إحصائية رسمية بعدد كمية المخطوطات في دار المخطوطات، منذ تأسيسها وحتى الآن.
- اقتناء المخطوطات يتم دون آلية من الدار، مسبقة، وكثير من المخطوطات التي يتم توريدها إلى الدار عن طريق صندوق التراث غير مسجلة في سجل الدار، تحت (وارد)، كما لا يتم تسجيل الجهة التي يتم الاقتناء منها.
- سوء تخزين المخطوطات؛ حيث لوحظ بأن بعضها مخزن في شنط معدنية، والأكثرية مخزن في كراتين.
- كثير من المقتنيات لا يتم ختمها بالختم الخاص بالدار، مثال: ذلك مقتنيات عام 2004م، و2006م، بينما مقتنيات عام 2003م مختومة.
- ضياع عدد كبير من المخطوطات المقتناة من صندوق التراث والتنمية الثقافية، تم معرفة ذلك من خلال استمارات الصرف بالحسابات والتوريدات، بالصندوق.
- جميع المخطوطات المقتناة من صندوق التراث لم ترمَّم حتى الآن.
- عدم وجود أي إشراف أو متابعة أو رقابة من قبل الهيئة أو الوزارة على الدار.
- يتم توريد المقتنيات عن طريق أمين عام الدار، وحده،وبدوره يبقيها مكدسة لديه في المكتب.
- افتقاد الدار إلى نظام آمن يكفل عدم تسرب المخطوطات، أو استبدالها من قبل الزوار، أو الموظفين؛ حيث لا يتم التفتيش الأمني للزوار، ومنع الدخول بالحقائب والأكياس.
التقرير طويل، والحقائق كثيرة.. إلا أن ما لفت المؤلف هو أنَّ ذلك التقرير حين قُدِم لوزير الثقافة، فقد أخفق وعجز عن تحقيق أي نجاح، بل إنه –كما يقول الباحث- فشل في معالجة الأمر، وبات –أي الوزير- يشكو كغيره من ثلةٍ فاسدة تقف أمام أي نجاح، وإنجاز ثمين، ولهذا كانت كبوته فادحة، بعد أن علقت عليه الآمال في حماية وإنقاذ ثروة المخطوطات من العبث والظلم..
ومن الوثائق ينتقل الباحث إلى نماذج من الدراسات، والكتابات المنشورة، التي تناولت ظروف المخطوطات، نحو: قضية التوثيق الرقمي للتراث الإنساني، وأهميته وطنياً، وعلاقة المخطوطات بالهوية اليمنية، والحديث عن المخطوطة التي روّجت لليمن (معجم السلطان الرسولي)، والطرق العلمية لتخزين الآثار والمخطوطات، والإبداع العلمي والفني في المخطوطات العربية، والإسلامية.. وغيرها من المقالات التي تبحث في أغوار المخطوطات وواقعها..
- الكتاب: واقع المخطوطات في اليمن.
- المؤلف: محمد حامد الآنسي.
- عام الإصدار: 2007 ط1.
- دار النشر: عبادي للدراسات والنشر.