عبدالعزيز الهياجم - على مدى سبعة عشر عاماً مضت كانت احتفالاتنا بالعيد الوطني على شاكلة واحدة وهي أنه في كل المحافظات كان على الناس أن تنصت فقط، والمحافظون هم وحدهم يصعدون على خشبة المسرح يلقون خطاباتهم ويستعرضون المنجزات التي صنعوها خلال عام ويتحدثون عن المشاريع الجديدة وتلتقط لهم الصور التلفزيونية والصحفية وهم يضعون أحجار الأساس هنا وهناك وما على الناس سوى أن تصفق وتكتم في كثير من الأحيان تحفظاتها وتعليقاتها بشأن الكثير من أحجار الأساس التي لم يتبعها شيء وبقيت مجرد أحجار.
هذا العام تأتي احتفالاتنا بالعيد الوطني خلافا لكل الأعوام السابقة ولأول مرة لا تكون الأيام التي تسبق عشية الثاني والعشرين من مايو ساحة لتنافس المحافظين على تصدر صفحات الصحف ومساحات الأخبار التلفزيونية والإذاعية يدلون بتصريحاتهم حول المشاريع والمنجزات ويلمعون صورهم.
لأول مرة الناس وحدها هي من تتكلم والمواطنون في كافة المحافظات وعبر ممثيلهم في الهيئات الناخبة هم فقط من كانت لهم الكلمة الفصل ومن وضعوا حجر الأساس لمستقبل الحكم المحلي وأسع الصلاحيات الذي طالما حلموا به وطالما انتظروه ولم يترددوا لحظة في أن «يعضوا عليه بالنواجذ» غير آبهين ولا ملتفتين لكل دعوات المترددين وأصحاب الرؤى الضيقة.
المواطنون في كافة محافظات الجمهورية اليمنية والذين كثيراً ما أبدوا امتعاضهم من المشاريع المتعثرة التي لا يبقى من ذكرها سوى أحجار الأساس كانوا يوم السبت الماضي وعبر ممثليهم المنتخبين في المجالس المحلية للمحافظات والمديريات يضعون (21 حجر أساس) لمشروع مستقبلي لن يتعثر ولن تعود عجلته إلى الوراء.. مشروع «عنوانه الحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي هو قابل للتطوير والزيادة وليس التراجع والنكوص.
وفي عيد وطني بهيج ومشرق كانت أصوات الناس وصناديق الاقتراع هي من تحدد وتختار محافظين جددا بدقة وعناية وبمواصفات تعتمد على أن المطلوب من هؤلاء هو أرقام وتحولات وشواهد تنموية وخدمية على الأرض وليس خطابات وتصريحات إعلامية.
ومن محاسن ومزايا هذه التجربة الديمقراطية وهذه الانتخابات أنها فتحت باب الأمل لكل مجتهد ولكل إنسان طموحه خدمة الوطن والمواطن.. فهي جاءت بمدير مدرسة سابق ليكون محافظاً.. وجاءت بمدير مكتب محافظ (قبل 36 عاماً) ليصبح هو المحافظ .. وجاءت بمدرس بسيط قبل أكثر من ثلاثين عاماً ليصبح محافظاً.. وهؤلاء وغيرهم كان معيار تقبل الناس لهم هو أولوية حيثيات الاختيار.
وعلى مدى سنوات مضت كنا نسمع في عديد من المحافظات شكاوى الناس وتذمرهم من هذا المحافظ أو ذاك عبر نوادر و«نكات» لا تخلو من السخرية وكان أمام الناس أداة تغيير واحدة هي اللسان» كأضعف الإيمان.. أما اليوم فقد غدت صيغة الانتخابات والحكم المحلي واسع الصلاحيات والانتقال من المركزية إلى اللامركزية المالية والإدارية هي الأداة القوية بين الناس لأحداث التغيير المنشود واختيار الشخصيات الكفؤة والنزيهة القادرة على الوفاء بمسئولياتها تجاه المواطن في هذه المحافظة أو تلك سواء عبر توفير المتطلبات الأساسية من المشاريع الخدمية أو التنموية كالمياه والصحة والتعليم والطرق أو عبر الارتقاء بمستوى هذه الخدمات أو عبر توفير المناخات الأمنية والقضائية الجاذبة للاستثمارات والمشاريع الواعدة التي توفر فرص العمل للشباب وتكبح جماح البطالة وتتصدى لمعدلات الفقر باتجاه العد التنازلي وليس التصاعدي.
حقا إننا أمام مشروع مستقبلي الناس وحدها من وضعت أساسه المتين وهي من ستجني ثماره في القريب العاجل بإذن الله تعالى وبإخلاص الشرفاء من أبناء هذا الوطن.
[email protected]
*عن صحيفة الثورة