الجمعة, 10-مايو-2024 الساعة: 08:09 م - آخر تحديث: 07:58 م (58: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة
المؤتمر نت - معلم في العدين
أحمد الحسني -
حمامات العدين.. كرامات الولي ونذير الطبيعة
في مثل هذا الوقت من العام قبل سنوات قليلة لم يكن بإمكانك أن تستمتع بزيارة أحد الحمامات الطبيعية الثلاثة في العدين لأن الطريق إلى جميعها تمر على سائلة " وادي " ( عنـّه ) الهادرة بالسيول التي تسببها الأمطار الغزيرة طيلة فصلي الصيف والخريف .
كان هناك إتساق بين الظروف الطبيعية هنا والإنسان تتساقط الأمطار فيتجه الجميع إلى مزارعهم إنه موسم العمل وبعد فراغ الجميع من حصاد محاصيلهم وتخزينها تكون الطريق آمنة بانقضاء موسم الأمطار والسيول فيبدأ الناس بالتوافد مع أسرهم على الحمامات للاستجمام والاستشفاء في مهرجان للبهجة عظيم ..
يوجد في العدين ثلاثة حمامات طبيعية تتوزع على منحنى يبدأ بحمام الشعراني حوالي 6 كم جنوب شرق مدينة العدين ويتجه غرباً مع مياه سائلة عنه حتى ينتهي في حمام الأسلوم 15كم تقريباً شمال غرب مدينة العدين ..

حمام الشعراني :

ليست التسمية نسبة لمالك أو مستكشف ولا يعرف الناس سبب هذه التسمية وقد يكون التصوف الذي ازدهر في هذه البلاد منذ أزمنة سحيقة وراء هذه التسمية حيث جعلوه جزءاً من كرامات الولي المصري الشهير عبد الوهاب الشعراني وعطية منه لمزارعي هذه المنطقة الذين يجودون بسخاء لـ (( أهل الله )) ويتبركون ويتداوون بإنارة الشموع في أضرحة الأولياء وتضو يع قبابهم بالبخور والطيب خصوصاً أن موسم الحمام يبدأ مع الانتهاء من جمع المحاصيل وخزنها وهو ما يتضح من الأهزوجة التي يرددها زوار الحمام (( حمّي وبرّد .. يا شعراني )) . هذا الحمام عبارة عن كهف مظلم أسفل جبل (( حرض )) أقيم عليه جدار ساتر تتدفق إليه المياه الحارة من جوف الجبل مكونة بركة يغتسل فيها الناس وتنبعث منه الغازات الكبريتية التي يتعرقون بها .

مع انتهاء فصل الخريف يتوافد الناس مع أسرهم ويقيمون في ساحته عششاً صغيرة من القش وأحجار السائلة تقيم فيها الأسرة مدة اثني عشر يوماً هي الجرعة اللازمة ـ حسب اعتقاد الناس ـ لتحقيق الفائدة من الحمام الكفيلة بالشفاء من الأسقام ويستمر التوافد حتى تبدأ غيوم نيسان بالتوافد على سماء المنطقة مؤذنة ببداية موسم العمل وتزمجر الرعود محذرة للناس من السيول الجارفة فيحزم من بقي أمتعته تاركين للسيول عششهم التي قضوا فيها أياماً سعيدة مع أسرهم وأقاموا علاقات مع أسر جديدة تعرفوا عليها وناقشوا فيها همومهم المعيشية وتبادلوا فيما بينهم التجارب والمهارات وتقايضوا بالمحاصيل وعقدوا صفقاتهم التجارية البسيطة تحت ظلال الأشجار العملاقة التي تحيط بالحمام ..

حمام الأبعون :

عند مغادرتك حمام الشعراني متجهاً إلى حمام الأبعون لن أنصحك باعتلاء جذع شجرة موز من تلك التي يلقيها المزارعون في السائلة علفاً للمواشي بعد قطع ثمرتها كما يفعل الأطفال في هذه المنطقة وهم يلعبون في فصل الصيف حيث يتخذون من هذه الجذوع قوارب فردية تحملهم عليها مياه السائلة مسافة معينة يخرجون بعدها من الماء حاملين قواربهم على ظهورهم عائدين إلى نقطة البداية وهكذا..

أنت أكبر من طفل والمسافة بين الحمامين أطول من مسافة المرح التي يقطعها الأطفال فربما تضيق بك مياه السائلة وترتطم بك صخرة أو تلقيك في أحد أحراش الشوك التي يصنعها المزارعون دفاعاً على مزارعهم من السيل الجارف .. إقطف فقط زنبقة أو زهرة حناء أو غصن ياسمين بري وألقه في مياه السائلة ليكون دليلك بين مزارع البن وقصب السكر والموز والمانجا والذرة الصفراء والجوافة ترفرف فوقك النوارس وتغازلك العصافير وبحنان تمد عليك الأشجار الباسقة ظلالها الورف قرابة عشرة كيلو مترات هي طول طريقك من حمام الشعراني إلى أن تقف عند أقدام جبال الأبعون التي تبرد أقدامها في مياه سائلةعنه وتشمخ بعيداً متزرة بالغيم ومزدانة بالمدرجات ضمن سلسلة جبلية تتصل بجبال وصاب السافل لتشكل في مجموعها مديرية حزم العدين السور الشمالي الطبيعي لبلاد العدين وهذا الحمام عبارة عن مجرى مائي (سائلة ) يتوافد إليه الناس مع أسرهم ويبنون فيه عششهم ويحفرون بركا صغيرة تمتلئ تلقائياً بالمياه الساخنة التي تنبع من العيون الصغيرة في أسفلها بعد إزاحة الرمل التي كان يطمرهاويمارسون طقوس الحمام كما في الشعراني غير أنهم هنا لا يرددون أهزوجة الشعراني فهذا الحمام لم ينسب لولي ولا لعاص وإنما لمنطقة (( الأبعون )) التي يوجد فيها,فارق آخر هو أنه يمكن لكل أسرة أن تجعل من العشة التي تقطنها حماما خاصا حيث تحفر في أرضية العشةبركتها الصغيرة وتستحم على مدار الأربع والعشرين ساعة لو أحبت .. في هذاالحمام فقط يمكن للفقراء أن يستمتعوا برؤية الذهب من خلال الرقائق الحجرية ذات اللون الذهبي التي يجدونها في قيعان البركة الصغيرة التي يحفرونها . مازال صديقي يصر على أنها تحتوي على المعدن النفيس رغم احتراق يديه بحمض الأسيتيك وهو يختبر تأثير الأحماض على بعض تلك الرقائق الحجرية التي أحضرها معه من الحمام مؤملاً من ورائها الثراء غير أن الطمع مع الجهل يحرق الأصابع ..

حمام الأسلوم

غير بعيد عن حمام الأبعون كيلومترات قليلة على امتداد السائلة تدور فيها أسفل جبال الأبعون تصل بعدها الى حمام الأسلوم وهو عبارة عن شلال مياه حارة يتساقط من أسفل جبل الأسلوم التابع لمديرية حزم العدين يتوافد الناس الى ساحاته وبنفس الطقوس في سابقيه و يغتسلون في مياه الشلال المتدفقة الحارة بعد أن تبرد لدرجة يحتمل حرارتها الجسم بفعل تعرضها للهواء أثناء السقوط فمياه هذا الحمام شديدة الحرارة.

لم تعد هذه الطريقة قائمة بعد أن تطوع أحد أبناء المنطقة وقام بحجز مياه الشلال لتعبر في سواقي تمتد الى (( المعرقة )) وهي غرفة بها حوض تصب فيه تلك المياه ويجلس المستحمون على حافة الحوض يتعرقون ويتعرضون للأنجرة الكبريتية التي تتصاعد منه وأقام حول تلك الغرفة بعض الغرف للسكن .. لقد حاول هذا المستثمر أن يجعل موسم الاستحمام على مدار العام ممكنا بعد أن لم يعد للناس مواسم خصب يعملون بها في مزارعهم بسبب قلة الأمطار والهجرة المستمرة من الريف إلى المدينة لكن الناس يتمنون أن يكون هناك موسم للرزق والعمل وموسم للاستحمام والاستجمام.. الله كريم والسدود في هذه المنطقة حاجة ملحة ..

تلك هي الحمامات الطبيعية التي وهبها الله لفقراء هذه المنطقة الذين كانوا يبنون حمامات (( السونا )) بجوار قصور الكبراء وينقلون إليها الحطب ولا يقدرون على دخولها إلا للتنظيف أو للتدليك ممن يجيده ولا أعلم أنه كان يوجد قبل مائة عام في اليمن والجزيرة العربية كلها حمام (( سونا )) شخصي تابع لمنزل ريفي غير ذلك الذي أقامه علي بن عبد الله باشا في دار حمير في مذيخرة جنوب العدين ولم يستحم به أحد بعده .. أما حمام (( السونا )) العام الوحيد في مدينة العدين الذي أقيم قبل مئات السنين بجوار الجامع الكبير ومدت إليه سواقي المياه من مسافات بعيدة فلم يبق غير بنائه شاهداْ على أن الترف والنظافة إرث حضاري لهذه المنطقة طواه النسيان ولم يبق غير حمامات الاستشفاء الطبيعية تصارع الأزمان وتنذر بزلزال أو بركان










أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024