للمعارضة آداب

الأربعاء, 04-مايو-2005

بقلم /د. صلاح الدين محمد -
للمعارضة آداب
من المنطقي في أي تجمع بشري أن يكون هناك رأي ورأي معارض، لأن من سنن الكون اختلاف الآراء، ولكن من غير المنطقي وغير اللائق أن تكون المعارضة سببا بشكل مباشر أو غير مباشر في تدهور الحالة الأمنية لأي مجتمع، ففي بعض البلدان العربية كان ولا يزال للمعارضة دور أساسي في أن تدخل التاريخ من أي باب كان وفي المقابل تخرج بلدانهم من الجغرافيا، فمنذ الإعداد الدولي لضرب العراق بعد غزوه للكويت في مطلع تسعينيات القرن الماضي كان للمعارضة دور أظنها جنت ثماره الآن، أو هكذا تظن.. انتهى حكم وجاءت أحكام وسيطرت المعارضة على سدة الحكم في العراق، ولكن خرج العراق من سيطرة الحكم والأمن، ونفس الدور لعبته المعارضة في السودان وأصبح السودان على مقصلة التقسيم، ثم تلعب المعارضة اللبنانية نفس الدور في لبنان لعلها تصل إلى الحكم هناك، والآن تولد حركة «كفاية» وهي تجمّع لعدة أحزاب لا أرى الخير في كثير منها، هذه بعض أمثلة للمعارضة في بلاد المسلمين ولكن الظاهر في الأمر أنها اتفقت على إقصاء الحكام أو تهميش أدوارهم بشكل أربك الحكام، فمنهم من أطيح به، ومنهم من ينتظر.
ترى هل تلعب المعارضة الدور الذي تتمناه الشعوب؟ وهل النموذج العراقي قاد السفينة إلى بر أمانها أم إلى حتفها، وهل المعارضة في السودان أو لبنان أو مصر ستنهض حقا بشعوبها لتخرجها من مستنقع العالم الثالث أم ستلقي بهذه الشعوب الى تخلف واستعباد يعلم الله كم يطول مداه؟!، والسؤال الأهم، كيف استأسدت المعارضة هكذا، هل من تلقاء نفسها أم انها تساندها شعوبها؟ وهل للغرب المتربص يد في كل هذا؟ أعتقد ان كل من يقرأ هذا المقال يعرف الإجابة، إذن لماذا هذه الأسئلة من الأساس ما دامت الإجابة معروفة؟ كل ما أريد أن أصل إليه أو أطرحه هو ان للمعارضة آداباً يجب ان تلتزم بها وإلا صنفت بأنها معارضة عميلة شيمتها الخيانة، أولاً: على المعارضة ان تحاول جاهدة فتح قنوات الاتصال بينها وبين حكامها ولو بوساطة داخلية وتضع الإخلاص لله ولشعبها نصب أعينها، ثانيا: ألا تجعل كرسي الحكم مبلغ همها أو منتهى طموحاتها، فهناك الكثير مما يمكن أن تقوم به المعارضة من خدمات اجتماعية وتثقيفية وتعليمية لأن المعارضين في الغالب هم من مثقفي المجتمعات، ثالثا: على المعارضة أن تحرص على الجانب الأمني وسلامة بلدانهم، ولو ضحوا بأنفسهم.
وهذا لايعفي الحكومات من الالتزام هي الأخرى بآداب الحكم من انها راعية ومسؤولة عن الرعية بما في ذلك فتح قنوات حوار مباشر مع المعارضة، والمجالس الشعبية يمكن أن تلعب دور الوسيط في ذلك، لا أقول هنا انتخابات حرة نزيهة لأن هذا أمر نسبي، فالكل يؤكد نزاهة الانتخابات والأمر فيه شك ولا يعلم الحقيقة إلا الله، بل أقول إعطاء الفرصة للآخرين لفترات محددة يظهر فيها الحاكم أفضل ما عنده، فلا نريد حكومات متسلطة ولا معارضة شرسة لأنه في النهاية القاتل والمقتول في النار والشعوب هي الضحية والتخلف هو النتيجة الحتمية، وعلينا أن نكون على بينة من أن العدل المطلق لا يوجد إلا في السماء ولكن علينا حكومات ومعارضة وشعوب أن نجتهد لنكون أقرب إلى العدل.
وتحضرني الآن قصة عن رسول الله [ حين دخل عليه أعرابي يريد من الرسول أن يرد الدين الذي عليه، فأخذ الرسول من ردائه وطالبه بدفع الدين، وهنا انتفض عمر بن الخطاب من مكانه لينقض على الأعرابي فقال له الرسول [ ما معناه، يا عمر اطلب مني سداد الدين واطلب منه حسن الخلق في الطلب.
ببساطة على الحكومات حسن تحمل الأمانة وعلى المعارضة حسن الخلق حتى لا يترك الأمر لتدخل جهات أجنبية فلا تبقى أمانة ولا خلق.