ماذا يريد اللبنانيون من الرئيس لحود؟ عشية اليوم الأخير من المهلة القانونية لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي يصادف اليوم الخميس (5/5/2005)، وقبل ساعتين فقط من منتصف ليل اليوم الذي سبقه، استفاق رئيس الجمهورية على استعمال حقه الدستوري في توجيه رسالة الى المجلس النيابي، تم تسليمها على عجل في ذلك الليل الى رئيس المجلس النيابي. وفي هذه الرسالة عدة نقاط ملفتة. اولاً، الالتزام باجراء الانتخابات في مواعيدها المقررة، وثانياً، ان قانون الانتخاب لعام 2000 نافذ المفعول حالياً أدى الى (نشوء حالة عدم استقرار سياسي في البلاد، ونشوء واقع تمييزي بين المناطق التي لا يساوي بينها القانون المذكور، وامكانية تأثير ذلك على التمثيل النيابي الصحيح...) وثالثاً، دعوة مجلس النواب الى اجراء الانتخابات (في ظل قانون يؤمن أفضل تعبير عن ارادة الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة). من حق اللبنانيين أن يسألوا اليوم رئيس بلادهم، بكل احترام، عما يريده فعلاً. ذلك ان الرسائل التي يوجهها اما مباشرة واما بواسطة المحسوبين عليه منذ التمديد له لنصف ولاية وبخاصة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومضاعفات هذا الحدث المفجع محلياً واقليمياً ودولياً، تبدو متضاربة، وتعكس حالة من التخبط، وتتناقض مع كل ما كان يبشر به رئيسهم في فترة ولايته الاولى الدستورية من خطاب القَسَم والى آخر يوم منها. ومن حق اللبنانيين ايضاً ان يتساءلوا: أيهما رئيس دولتهم الحقيقي... هل هو أميل لحود في خطابه السياسي في فترة ولايته الاولى، رجل الاصلاح و(قطع يد السارق) ودولة القانون والمؤسسات، والذي بنى لنفسه سمعة لا طائفية وفرت له شعبية كاسحة أوصلته الى رئاسة الجمهورية? أم هو أميل لحود في فترة ولايته الثانية المحددة له لنصف ولاية، المرتبك والمتخوف على المصير الشخصي والذي يحاول الالتحاق بطائفته? * * * الرئيس لحود يعترض اليوم على قانون اميل لحود الانتخابي الذي وضعه العام 2000 وأدى في حينه الى (نشوء حالة عدم استقرار سياسي في البلاد)، وتحديداً لدى الطائفة التي ينتمي اليها ولدى المسيحيين بصفة عامة، ولكنه تجاهل يومها مرجعياتهم الدينية التي يتقرب اليها اليوم، واضطهد رموزاً وزعامات. ليس من حق أحد ان يستخف بذكاء اللبنانيين او ذاكرتهم أو أن (يستهبلهم)، وبخاصة بعد هذا الطوفان البشري الذي خرج الى الشوارع والساحات معترضاً ومندداً بكل المرحلة التي كان فيها رئيسهم الاول هو رمزها وعمادها. وكان من الممكن ان يصدق اللبنانيون ما يقوله رئيس دولتهم اليوم لو أنه اصدر بياناً اعتذارياً تضمن نقداً ذاتياً عن تلك المرحلة، معترفاً بالاخطاء والخطايا، وواعداً بالتصحيح وتصويب المسار. غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث. وكل ما يوحي بأنه تغيير في السلوك والاقتناعات يتم الآن بالتسلل والتهريب والارتجال. واذا كان الرئيس لحود ينقلب اليوم على أهم فضيلة عرف بها في الماضي من انه غير طائفي وبعيد عنها وفوقها، فما الذي يضمن انه لن ينقلب على كل المفاهيم و(الثوابت) التي نادى بها سابقاً. * * * ليت الرئيس لحود يسأل نفسه في خلوة ضمير: ماذا يريد اللبنانيون اليوم من إميل لحود?! |