علي باب مصر يعلو الضجيج منذ الوهلة الأولي لقراءة الأحداث الاخيرة في مصر.. تبدأ في استكشاف حالة من الوعي بوجود خطر يتهدد مصر وأنها انتقلت الي حالة التصادم الشعبي والمسلح مع تعبيرات هذا الخطر المختلفة. لا يخفي ان النظام في مصر قد وضع نفسه في موقف حرج عندما سعي الي صراعه مع كافة الاتجاهات السياسية وبرع في اصطناع الاعداء.. عندما سعي بقوة الي تحقيق ايقاف المشروع القومي للاصلاح وارساء قواعد الديمقراطية الحقيقية.. الذي نادي به بعض الكتاب والمثقفين في اوائل الثمانينات وفي ثنايا هذا الصراع غير المتكافيء علي مدي السنوات..بقي النظام قويا في هذا الامر وثابتا واستطاع ان يناور كثيرا لتحقيق بعض المكاسب والقبول احيانا ببعض المقترحات الهلامية التي جعلت نتيجة الصراع مختلفة بعض الشيء. منذ رفض أو تردد النظام المصري في تطبيق نظام انتخابي نزيه مرورا برفض مطالب الاصلاح بقي الغليان في صدور الكثيرين وتشكل رأي عام شبه مطلق لا يقل قوة عن رأي النظام تمثل في الجماعات الاسلامية التي عاثت في الارض طوال حقبة التسعينات واحرجت النظام امام الرأي العام العالمي.. رغم انه غاب عن اذهان الكثيرين.. ان الاغلبية العظمي من ضحايا الارهاب كانت درع النظام وسيفه المتمثل في رجال الامن..ومع ذلك راهن النظام علي الرفض وعدم الانصياع للرغبة الشعبية الجارفة في التغيير والقضاء علي رموز الفساد ورغم اني لست مع العنف ولكني مضطر لان اقول بكل اسي انه كان عنفا مبررا في ظل قوانين غير متوازنة للقوي وان الجماعات الاسلامية في حينها ربما احتاجت إلي تكتيكات اقل عنفا مع اضطرابات واضرابات اكثر طولا وعصيانا مدنيا ينجح في حماية مجتمع وشعب مصر. نجح النظام في تفتيت الجماعات الاسلامية وساهم في اثارة الخلافات بينها كما ساهم في تحجيم مصادر التمويل الخارجي بينما ازدهر العمل في تقوية اجهزة الامن والتوسع علي حساب المصريين بمعني اخر كان هناك تناقض اكبر بين اهداف النظام ووسائله في تحقيق الامن. الي ان عادت بعض حوادث التفجير تطل برأسها علي باب مصر.. ولكن الفرق هذه المرة هو ان هذه الحوادث ليس لها طابع دين ،بل طابع طبقي بعد ان سادت حالة من عدم الاستقرار التي عمت كافة الاوساط السياسية وتجاوزها مرحلة الخوف من قوات الامن الجرارة. أيضا ساهم في ظهور هذه الحوادث تردي الاوضاع ووجود عزلة بين فئات اجتماعية كبيرة ونقمة بين فئات اخري من الطبقة الفقيرة.. بعد اضمحلال الطبقة الوسطي التي ازدهرت وترعرعت خلال فترة النظام الاشتراكي. ثم جاء النظام الحالي الذي مارس سياسة عزل وتشويه اجتماعي اقتصادي انساني سكاني تجاه مجتمع بأكمله.. فرط في كيانات اقتصادية كانت تحفظ الي حد كبير احدي صور التوازن الاجتماعي فأطل الاحتكار بوجهه البشع علي ربوع بر مصر.. اوقف تعيين الخريجين الجدد فزادت اعداد العاطلين الي ما يفوق الحد.. غير الخريطة الزراعية لصالح مجموعة من المستثمرين تشجيعا بحجة التصدير ثم غرقت الاسواق تحت تلال من الكنتالوب والفراولة وهرعنا الي تسول القمح والمحاصيل الرئيسية من معظم دول العالم ففقدنا استقلالنا الاقتصادي واصبحنا رهنا لرضاء البعض وغضب البعض ،توسعنا في انشاء المدن الفاخرة وألقينا بمليارات الجنيهات تحت رمال الصحراء واهملنا انشاء المساكن الاقتصادية التي تؤوي شباب المتزوجين وساكني المقابر وخيم الايواء العاجل، تحولت مجانية التعليم الي نقمة بعد تفاقم كارثة الدروس الخصوصية من الحضانة الي الجامعة. وهكذا اشتعلت ردود الفعل وسط شعب لم يعد قادرا علي تحمل هذا النظام واستمراره ولأول مرة نري المظاهرات تشتعل في اكثر من محافظة واكثر من مدينة وتنوعت مظاهر التظاهرات والتضامن والتأييد وامتدت الي فئات لم تشارك بالعمل السياسي من قبل مثل أساتذة الجامعات ورجال القضاء. لذلك اعتقد ان الخطر علي وشك ان يداهم مصر،ومن الصعب ان ينتصر النظام هذه المرة امام شعب بأكمله ولكن السؤال هل هناك فرصة للأخذ بعقيدة سياسية واجتماعية تميل للمشاركة والاستقرار السياسي والتجانس الاجتماعي واحترام الفرد والقانون؟ |