الثلاثاء, 14-مايو-2024 الساعة: 07:15 ص - آخر تحديث: 02:16 ص (16: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
عربي ودولي

الايام - الفلسطينية

المؤتمر نت - الايام الاليكترونية
عاطف أبو سيف -
الإصلاح الفلسطيني: متى يصل القطار؟
كـم من وقت مضى ونحن نرفع راية الإصلاح ومحاربة الفساد دون أن يصل القطار إلى الـمحطة الـمرجوة؟ لقد سيطر خطاب الإصلاح على السياسة الفلسطينية للدرجة التي صار معها عنوان الـمرحلة وهدفها، وللدرجة التي تحوّل معها إلى مجموعة من الشعارات التي لـم ترَ النور.
على ما يبدو ثمة افتتان غير مشفوع بالحب بفكرة الإصلاح الفلسطيني وصل إلى حدّ عدم تشغيل ماكنة الإصلاح بالشكل الـمطلوب. وكأن شيوع فكرة تغيير وتبديل الوضع الراهن صارت من الشيوع للدرجة التي نسينا جوهرها. ولـما لـم توجد أجندة فلسطينية واضحة للإصلاح أو قائمة مشتريات shopping list تحدد ما نريده من الإصلاح فإن الفكرة الكبيرة صارت غائمة وصار من العَـصي تحقيقها. ففي "فتح" نفسها أكثر من رؤية للإصلاح. كما أن وجهة نظر القوى الوطنية والإسلامية تختلف عن وجهة نظر السلطة بالقدر الذي تختلف وجهة نظر الأخيرة عن مطالب البنك الدولي وصندوق النقد. ولوضع الامور في سياقها الدقيق فإن جـلّ دول العالـم الثالث عانت من هذا التناقض الذي تجلّى في غياب فكرة واضحة حول الإصلاح، والنتيجة معروفة: أكثر من عشرين عاماً منذ تصدير أفكار مؤسسات بريتون وودز حول التعديلات الهيكيلة structural adjustment لـم تؤتِ أُكلها. لكن إذا كان ثمة ما يمنح الآخرين فرصة الخطأ فإن الخطأ في السياق الفلسطيني لا يعني فقط تأخـر عربة الإصلاح بالوصول بل تأخـر قاطرة الحلـم الوطني ومشروع التحرر.
غياب أجندة الإصلاح هو من خلق حالة البلبلة في الشارع الفلسطيني، وصارت عملية الإصلاح مرتبطة بتغيير فلان واستبدال علان، ولـما كانت الأمور بهذه البساطة صار تغيير فلان يستثير غضب وحنق الـمجموعة الفلانية التي ترى أن فلاناً آخر لابد من استبداله. بكلـمة بسيطة صار الإصلاح قضايا شخصية، والأفكار الكبيرة حين تنزل إلى مستوى وجهة النظر الشخصية فإنها تفقد هيبتها. لذا فإن الإصلاح فقدَ جاذبيته في الشارع الذي هو أول وآخـر وأصدق الـمعنيين به، وصار فكرة غائمة. وصار الجميع يطالب بالإصلاح من باب أن الـمُطالب ليس فاسداً ومن باب أن مَن ينطق بالشهادة ليس كافراً والعصمة لنبي في النهاية.
صار الإصلاح الفلسطيني خبر الصفحة الأولى وغلاف الـمجلات، وصارت خطوات الرئيس والحكومة وجلسات الـمجلس التشريعي والتنقلات في الأجهزة الأمنية تقاس بمدى قربها أو بُعدها أو خلافها أو اتفاقها مع تصور صاحب القول ووجهة نظره حول ما يجب ان يكون عليه الاصلاح الفلسطيني. وبالتالي، وهنـا مكمن الـمفارقة، تحوّل الإصلاح إلى كابوس يقضّ مضاجع الحكومة والسلطة وصارت تهاب أن يتم تفسير كل خطوة تقوم بها على أنها مخالفة للإصلاح. وتحوّل الإصلاح من قوة دفع إلى قوة رعب وخوف، وصارت السلطة محاصرة بالتصورات الـمختلفة عن الإصلاح، وصار لزاماً عليها أن تجد طريقها وسط هذه الـمعمعة. والـمحصلة، كما هو الحال، القليل الذي أُنجز والقليل الذي تحقق.
في أي بلدٍ غير فلسطين يحظى تبديل الضباط بضجيج إعلامي بهذه الضخامة للدرجة التي يصبح خبراً في الصحافة الدولية! وفي أي بلدٍ غيرها يصبح استبدال قادة الاجهزة الامنية موضع خلاف وطني كبير ووجهات نظر لا تتوحد! وفي أي بلد يسيطر على برلـمانه حزب واحد لا تتوحد كلـمته حول ماهية الحكومة وتركيبتها! حتى أننا تفوقنا على إيطاليا الـمشهورة في السياسة الأوروبية بسرعة تبدل الحكومات وأزماتها الـمتكررة في عدد الحكومات الـمشكّلة في سنتين. وفي أي بلدٍ يعرض فيه رئيس الحكومة على البرلـمان أكثر من 4 مقترحات لتشكيل حكومة في اقل من اسبوعين. وأي بلد لكي يتجنب الاتهامات بعدم الاستقامة يقوم بتشكيل حكومة تكنوقراط لا علاقة لها بالبرلـمان (مع الاقرار بأن هذا الاخير فقدَ شرعيته وصلاحيته منذ زمن) منتهكة بذلك أبسط فهم للديمقراطية والـمساءلة! وأين يوجد برلـمان يتصرف فيه اعضاء الكتلة الحاكمة بغير قرار حركتهم ويشرعون لقانون انتخابي يعارض توجهات وتوصيات قواعد الحركة وأُطرها التنظيمية الـمنتخبة؟! وأي بلدٍ تعقد انتخابات تشريعية ومحلية وتعقد مؤتمر حزبها الحاكم الأول منذ عقد ونصف العقد وتواجه استحقاقات الاستعداد لانسحاب الاحتلال من بعض أراضيها، كل هذا دفعة واحدة وفي غضون شهر واحد؟! وفي أي بلد يصبح تأجيل الانتخابات رغم كل هذه الاستحقاقات جناية كبرى لأن هذا يعتبر إيقافاً لعجلة الإصلاح؟! وفي أي بلد تكون كل الاحزاب السياسية في وادٍ والـمواطن في وادٍ آخر، والـمجتمع الـمدني ومؤسساته مشغولة بالبحث عن الدعم الخارجي فيما هي منهمكة أيضاً في تأسيس اجندتها وإدارة ظهرها للـمواطن شأنها شأن الاحزاب والتنظيمات، وتطالب بالإصلاح.
بالطبع فقط عندنا.
إننا بالفعل بحاجة للإصلاح وهو مطلب وطني لابد من إنجازه، لكن لا أن نحوله إلى فكرة كبيرة وحلـم عظيم صعب الـمنال. إن الإصلاح جزء من عملية البناء والتأسيس السليم للدولة القادمة. وجل الكيانات السياسية تواجه الأخطاء التي لابد من مجابهتها وتجاوزها، ولكن ان يصبح الاصلاح فكرة كبيرة صعبة الـمنال وفكرة موضع اختلاف واجتهاد فهذا فقط يحصل عندنا، لأننا ربما نحب الافكار الكبيرة والـمشاريع الكبيرة، ولأننا نجتهد في الاخـتلاف إلى حد عدم الاتفاق مع سبق الإصرار والترصد. ثمة ما يدعو في الوضع الفلسطيني إلى السرعة وتحقيق عملية نفض الـمؤسسة الوطنية بمهنية عالية وثمة في الواقع ما يكفي ومن العثرات ما يزيد الإلحاح لتحقيق ذلك.
يقول الخبراء عن الدستور الفلسطيني إنه واحد من أكثر الدساتير في الشرق الأوسط تقدماً وأصالة (اسرائيل ليس لها دستور) لكن للأسف فإن السلطة الفلسطينية جعلت من هذا الدستور كتاباً نظرياً جميلاً لـم تتم ترجمته على أرض الواقع. إن تفعيل الدستور وإعطاءه مكانته في الحياة السياسية الفلسطينية يعيد الاعتبار للسلطة وللقيادة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني. إن الاجتهاد في الكثير من القضايا لا يعود صحياً ويضرّ بسلامة الطرح. هناك مؤسسة لابد من تفعيلها وقوانين يجب ان تأخذ مكانتها في عمل الـمؤسسة، وفوق كل ذلك قانون لابد أن يكون سيّد الأحكام ومرجع الاختلاف، لا الـمزاج الشخصي والحزبي والفصائلي. إن أسمى درجات الاصلاح هو العودة للـمؤسسة وللقانون. إن السلطة الفلسطينية على مفترق طرق حاد الـمعالـم، لا يظهر من تفاصيله شيء، وأي خطوة غير صحيحة ربما تكون انزلاقاً في وادٍ عميق.
نحن بحاجة لتحويل الفتنة بالإصلاح إلى أجندة، والأجندة لابد أن تكون مرتكزة على قيم ومفاهيم كبرى ترفع من قيمة الـمؤسسة ومن قيمة الـمواطن ولا تعتمد على ردات الفعل والضغوط الداخلية والخارجية. مثلاً لو أنه تم إقرار قانون لتقاعد العسكرين وتم تفعيله وتطبيقه وفق نظم وأعراف الـمؤسسة لـما احتاجت الصحافة لأن تلهث لتعرف من ستتم إقالته من كبار الضباط، إذ إن الإقالة التي اثـارت الكثير من الاحتجاجات غير واردة، حين ان القانون اوتوماتيكياً وبالتشغيل الذاتي يحيل البعض إلى التقاعد ويبقي البعض الآخر، وهذه سنـّة الحياة وهذا جوهر الـمؤسسة: التواصل. من هنا كان الخطأ الكبير في فهم الإصلاح بوصفه مجموعة خطوات وحزمة مطالب. ولكل شخص ولكل تنظيم، ولكل حركة، ولكل مؤسسة مطالبها، وبالتالي الضحية الوحيدة في كـل هذه الـمعمعة الإصلاح ذاته. قبل ثلاث سنوات قال الكاتب زيد ابو العلا إن الـمفارقة في الاصلاح الفلسطيني هي أن السلطة تطالب بالإصلاح، و"فتح" تطالب بالاصلاح، و"التشريعي" يطالب بالإصلاح، والقادة الأمنيون يطالبون بالاصلاح، والكتائب تطالب بالإصلاح، والـمعارضة تطالب بالاصلاح، واسرائيل تطالب بالاصلاح، وأميركا تطالب بالاصلاح، والدول الـمانحة تطالب بالإصلاح. النتيجة هي ان الشعب هو الفاسد إذاً.
هناك ضجيج كبير حول الاصلاح في الاجهزة الامنية وغياب واضح لفكرة اصلاح الجهاز البيروقراطي الحكومي: اي أجهزة الحكومة من وزارات ومؤسسات دولـة. هناك وزارات تكتظ بمن لا علاقة لهم بعملها وهم هناك فقط لأنه حدث ذات نهار أن استطاعوا الحـصول على توقيع لينتسبوا لهذه الوزارة او تلك او لأنهم على علاقة مع فلان او علان من كادر الوزارة او الـمؤسسة. هناك غياب فاضح للاختصاص في كوادر الوزارات. لابد من إعادة هيكلة القطاع الحكومي وعمل غربلة وإعادة توزيع لـموظفي الوزارات بحيث يتم نقل صاحب الاختصاص من الـمكان الخطأ الذي هو فيه إلى الـمكان الذي يجب ان يكون فيه وفق فهم دقيق وممنهج لـمبدأ الاختصاص الوظيفي. ما عدا ذلك فلا شيء يتحقق.
الإصلاح أكبر من استبدال رئيس جهاز أمني بآخر، وأعمق من تغيير وزاري بسيط، وأبعد من تبديل مدير عام هذه الوزارة بتلك، وهو أكبر من اتفاق فصائلي على قانون انتخابي يريده كل فصيل وفـق الأفضل بالنسبة لحظوظه في الفوز. ثمة غياب واضح للفهم، وثمة ضغوط كبيرة من جميع الاتجاهات، وثمة وقت ضيّق، والقطار عادة لا ينتظر، لأن مَـن يحـبّ أن يتأمل خـط السكـة الحـديد وحـده لا ينتبه إلى عجلات القطار إلا بـعـد أن تـذهـب.









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "عربي ودولي"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024