خطوة على الطريق الصحيح الإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء يوم أمس والهادفة إلى تصحيح أوضاع الجامعات الأهلية، مثلت خطوة هامة على طريق تطوير التعليم الجامعي بشقيه الحكومي والأهلي. خاصة وأن مسألة كهذه باتت مرتبطة بطموحات وتوجهات الدولة والمجتمع، وسعيهما للنهوض بواقع التعليم عن طريق إضفاء منهجية التخطيط الاستراتيجية التي يمكن من خلالها تقويم البيئة الداخلية لنظامنا التعليمي بما فيها من كفاءات وموارد بشرية واقتصادية وبما تمتلكه من خطط تشغيلية، والتوقف عند مستوى أدائها والمناخ الذي تتحرك في إطاره، وما يفرزه هذا المناخ من مشكلات ومصاعب، أو ما يكتنفه من ضعف في الآليات المؤسسية. - وما تميزت به القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء يوم أمس أنها التي بنيت على رؤية تقييمية تنظر للجامعة كمنارة تدفع بالمجتمع للتقدم نحو الأمام ودون الانشداد إلى الخلف. ومن هذه القناعة يبدو من الواضح بأن قرارات الحكومة بإغلاق كليات الطب في جميع الجامعات الأهلية باستثناء جامعة واحدة، إلى جانب إغلاق فروع هذه الجامعات بالمحافظات حتى تتوفر فيها الشروط الملائمة التي تؤهلها لأداء رسالتها التعليمية، إنما هي التي تهدف بدرجة أساسية العمل على ايجاد تعليم أفضل بالتوازي مع تحفيز القطاع الخاص الذي اتجه للاستثمار في التعليم الأهلي على حشد المزيد من طاقاته لما من شأنه الارتقاء بتلك الجامعات الخاصة، وبما يجعل منها مؤسسات تعليمية ذات كفاءة عالية قادرة على تخريج الأجيال المتسلحة بعلوم المستقبل وتقنيات العصر، بل وإعداد المبدعين الذين يسهمون في مختلف ميادين الحياة. واتساقاً مع هذه الحقائق فقد روعي أن لا تأتي الإجراءات المتصلة باصلاح الجامعات الأهلية بمعزل عن إيجاد الضوابط الكفيلة بتحسين الأداء في الجامعات الحكومية باعتبار أن أي تغيير جوهري في مفاهيم وأساليب التعليم الجامعي لا بد وأن يعتمد على المعالجات الشاملة التي لا تتيح أي مجال لتمدد الثغرات وجوانب الضعف والقصور. ومن الثابت بل والمؤكد أن اعتماد مثل هذه المعايير هي من ستساعد على حسن استخدام الموارد التي تنفق على التعليم وتوجيهها التوجيه السليم، إلى جانب أن ذلك هو من سيهيئ للدولة وكذا القطاع الخاص الذي اتجه للاستثمار في مجالات التعليم الفرصة السانحة لإعادة صياغة النظام التعليمي في بلادنا على أساس يقود إلى التفكير بدلاً عن التلقين وصولاً إلى ما يعزز الجودة النوعية للنظام التعليمي وربطه بمتطلبات التنمية الشاملة. وعليه، فإن لواجب التعاطي مع مثل هذه الخطوات بإدراك واع لحقيقة أنها لا تستهدف أحداً ولا تروم سوى الارتقاء بالعملية التعليمية ومؤسساتها والحيلولة وهدر الامكانيات في تعليم نمطي عاجز عن مواكبة تحولات العصر ومتغيراته في شتى المناحي. ولأن التعليم في كل الأحوال - يشكل الركيزة الأساسية للتنمية فإن أي خلل يتسرب إلى إحدى حلقاته لا بد وأن ينعكس بتأثيراته السلبية على حركة المجتمع بما يعيق قدرته على التطور وتحقيق غاياته المنشودة. وعليه فقد حان الوقت بالفعل لكي يعمل الجميع على النهوض بالتعليم العام والجامعي حتى يغدو النافذة التي نطل منها على المستقبل والغد الأفضل. |