جريمة تدنيس المصاحف في غوانتانامو قبل اكثر من خمسة وثلاثين عاما اقدم صهيوني متعصب على احراق المسجد الاقصى المبارك، وادعت اسرائيل ان هذا الرجل معتوه ولم تعط للامر اهتماما حقيقيا، وسجن الرجل فترة من الزمن، وقد يكون الان طليقا وحيا يرزق دون ان يأبه لفعلته الاجرامية أحد. وقبل اعوام قليلة اقدم مستوطنون صهاينة على تدنيس الحرم الابراهيمي الشريف في الخليل، ونفذوا جريمة بشعة اودت بحياة عشرات المواطنين الفلسطينيين الذين كانوا يؤدون فرائض الصلاة داخل الحرم. وهذه الجرائم الاسرائيلية لم تتوقف، بل ان شارون نفسه قاد قبل عامين هجوما لعشرات المستوطنين الذين دنسوا بأقدامهم حرمة المسجد الاقصى واسفر ذلك عن نشوب الانتفاضة الثانية. ولم تكف اسرائيل عن العدوان على المقدسات المسيحية والاسلامية والتعرض لحرية الاديان المقدسة وللمعتقدات دون ان يتصدى احد لايقاف هذه الاعتداءات المتواصلة. ويماثل هذه الجرائم الاسرائيلية الاعتداء الاميركي الجديد على حرمة القرآن الكريم وتدنيس طهارة نسخ منه بالقائها في «مراحيض» زنزانات سجن غوانتانامو في محاولة للتأثير على نزلاء هذا المعتقل الرهيب من «العرب الافغان» الذين اعتقلتهم القوات الاميركية خلال عدوانها على افغانستان وادعت انهم «خطر» على الامن القومي الاميركي، ولم تعاملهم معاملة اسرى الحرب، بل نزعت عنهم صفة «الانسانية» ومارست عليهم اشد انواع الاذلال والاهانة والتعذيب. وكان تدنيس المصاحف الذي يشكل اساءة بالغة لكل المسلمين في جميع انحاء الارض، والذي يعتبر جريمة غير مسبوقة قد اعتبر على لسان بعض المسؤولين الاميركيين أمرا خاضعاً للأخذ والرد باعتباره «غير مؤكد» مع ان المصادر التي اذاعت تلك المعلومات اميركية وليست منحازة الى معتقلي غوانتانامو او متصلة بطرف او بآخر بالمعتقدات الاسلامية. وهكذا وجدنا رايس تحاول التقليل من اهمية الجريمة والعدوان، وتتحدث عن احتمالية ان تكون المعلومات صحيحة وانها تخضع للتدقيق، وستنظر السلطات الاميركية المعنية في الجزاء المناسب اذا ثبتت هذه الاعمال التي وصفتها رايس بـ«البغيضة». ويبدو ان هذه الجريمة المدانة لم تثر أية ردود فعل غير عادية في كثير من البلدان العربية والاسلامية، باستثناء باكستان وافغانستان اللتين شهدتا مظاهرات استنكار عنيفة ضد ما حدث سقط فيها عدد من الجرحى. ومما يثير الاستغراب ان الاحداث والعمليات العدوانية التي باتت تستهدف القيم والمقدسات الاسلامية لم تعد تثير ردود فعل حادة كتلك التي كنا نشاهدها في القرن الماضي، وقد يعود ذلك الى اسباب موضوعية، واخرى غير موضوعية تتصل بالاحباط الذي اصاب الكثيرين من المسلمين والعرب، وتشاؤمهم من انعدام الفعل العربي والاسلامي، وادراكهم لطبيعة العجز الذي اصاب الكثير من الانظمة السياسية والذي امتد الى الشعوب وجعلها تلوذ بالصمت الذي هو صفة دائمة من صفات حكامها وحكوماتهم! ولعل العرب والمسلمين اصبحوا مثل الحائط المنخفض، يتعلم كثيرون القفز فوقه، وتلك هي دواعي هذه الممارسات التي شهدناها في ابو غريب وغوانتانامو والفلوجة والقائم على ايدي القوات الاميركية، مثلما تعبنا من متابعتها في فلسطين على ايدي جيش الاحتلال الاسرائيلي كل يوم. ما يحدث في غوانتانامو جريمة لا تغتفر، ينبغي التصدي لها، ومنع تكرارها والزام مقترفيها بالاعتذار عنها، ثم معاقبتهم بشدة على اقترافها. |