سفهاؤهم وأئمتنا !! باسم الشرع والحفاظ على الدين تقيم الحكومات الأسلامية الحد على تجار المخدرات ومنتهكي الأعراض وتجلد بالسياط والكرابيج النساء الحاسرات والرجال السكارى وتشعل النيران ولا تطفئها على من يزل لسانه أو يجنح قلمه، لكن عندما يقدم الجنود الأميركيون على تحقير كتاب الله وتقذيره ورميه في المراحيض فان (نشامى) الأسلام يتحولون الى حمامات سلام تهدل بالكلام السمح وتترك الحدود وتختار الدبلوماسية ولا تستعجل اصدار الأحكام التي اعتادت أن تصدرها بالمحاكم الأستثنائية بحق من يفلت عقاله من مواطنيها ! الشعوب الأسلامية خرجت تصرخ بوجه السفه الأميركي الذي مزق كتاب الله وداسه باقدامه النجسة لكن الحكومات قررت أن (تتريث) و(تستقصي) الحقيقة لأن هذه (الفعلة) ربما كانت (دسيسة) أوقعها (العُزل) بين أميركا وأحبائها العرب والمسلمين ، ومع ذلك فان أميركا فاجأت (أحباءها) بأنها ستحقق في هذا الأمر ، وهذا (الأكليشيه) في العرف الدبلوماسي الأميركي يؤكد وقوع الحدث .. تماما كما جرت الأمور قبل التثبت من فضيحة سجن أبو غريب . ونحن لا نعرف ما الذي يمكن أن تدافع عنه الحكومات الأسلامية ومؤسساتها ومراكزها وسفاراتها وقنصلياتها وأئمتها ووعاظها اذا لم تدافع عن كتاب الله واذا لم ترد عنه فجور السفهاء وعربدة الصليبيين الجدد . والحكومات الأسلامية تعرف في قرارة نفسها أن ما فعله الجنود الأميركيون في غوانتنامو بالمصاحف لم يكن حدثا معزولا عن مناخ التحقير الأميركي العام للدين الأسلامي فالجنود على دين ملوكهم ، وملوك أميركا ، وعلى رأسهم بوش ، أعلنوها منذ اليوم الأول : أنها حرب صليبية !! .. قالها بوش بتلقائية وما أصدق بوش عندما يتكلم بتلقائية ، فان الفتوات منذ الأزل البعيد لا يكذبون ولا يتجملون لأن مخزون عضلاتهم يحصنهم ضد الخجل والأستحياء وارضاء مشاعر الآخرين . التدنيس الأميركي لكتاب الله الكريم هو خطوة أخرى متقدمة في مشروع فخامة الرئيس بوش لأعادة صياغة العقيدة الأسلامية وخلق نموذج اسلامي يواكب متطلبات عصر القطب الواحد ويتلاءم مع استراتيجية (مكافحة الأرهاب) التي تتبناها واشنطن ، ويرددها معها كالقطيع ، كل (كباتن) العرب والمسلمين ! ومن منا لايعرف أن أميركا ابتدأت فعلا تحقيق مشروعها بتقليص مناهج التربية الأسلامية في أكثر من بلد وتقليص حصص الدين وحذف آيات الجهاد ضد المشركين والآيات الفاضحة لليهود ، ثم اغلاق عشرات المؤسسات والمراكز والمعاهد الأسلامية والمنظمات الخيرية والأغاثية في بلدانها بحجة أنها أنها لا تملك تراخيص قانونية ، ورأينا كيف صار المسلمون في بلدانهم فجأة متهمين حتى تثبت براءتهم وكيف أصبحت دور العبادة هي الشغل الشاغل للأجهزة فتركت كل المخاطر الأخرى وتفرغت لمراقبة أبواب المساجد .. من دخلها ومن خرج منها ومن قضى وقتا طويلا فيها بعد الفرض في النوافل ! ..ضمن هذه الحقائق كان تدنيس الكتاب الكريم هو (بروفة) لكسر هيبة كلام الله أمام عباد الله ، وجعل الخطوة ، بالأعتياد ، عملا يدخل ضمن مألوفات الحياة التي يجب أن (تتعود) عليها الحكومات الأسلامية ، خصوصا أن أميركا تعرف أن المسلمين مهما غضبوا فان صرختهم لن تتجاوز المدى الذي وصلته يوم حريق المسجد الأقصى عام 1969 ، ومع ذلك كانت صرخة الأقصى مجرد فقاعة تبددت في هواء الأمر الواقع . الذين يعرفون الحقائق الواردة أعلاه لم يفاجأوا بتحقير الجنود الأميركيين لرمز قداسة الأسلام ، ذلك أن السقوط عادة ليس له مراحل فهو يتم مباشرة من القمة الى القاع دون محطة وسطى ، وحماة الأسلام في زمن (غوانتنامو) اختاروا نفس الطريق الذي مشى عليه أمراء الطوائف في الأندلس فكانت عاقبتهم معروفة وكانت امرأتهم العجوز مثل جهينة في خطابها عندما قالت لآخر ملوكهم : لا تبكي كالنساء ملكا لم تحافظوا عليه كالرجال !! نكشة : .. وا اسلاماه ! قل ولا تقل : .. لا تقل : ارتفع سعر (برميل) النفط ــ بفتح الباء ــ قل : (برميل) بكسر الباء |