الثلاثاء, 14-مايو-2024 الساعة: 12:57 م - آخر تحديث: 02:16 ص (16: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
عربي ودولي

الحياة - اللندنية

محمد جابر الأنصاري -
احتفلوا بالثانية... لكن «العبرة» في الأولى!
منذ بدأت الدعوة الأميركية الراهنة لنشر الديموقراطية والإصلاح بالمبادرات شبه الإيمانية وشبه الرسالية للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وأنا أستعيد من حين لآخر تجربة الرئيس الأميركي ودرو ولسون الذي حكم الولايات المتحدة بين 1913 و1921، وذلك لاقتناعي بأن تجربة ولسون الذي دخل تاريخ العالم المعاصر بدعوته الشهيرة إلى حق » تقرير المصير» لكل الشعوب جديرة بأخذ العظة والعبرة منها لأنها بدأت بوعود وردية للعالم كله، وانتهت بذبولها بين خرائب الحرب العالمية الثانية - التي احتفلوا أخيراً بانتصارات الحلفاء فيها - وهي حرب ما كانت ستحدث على الأرجح لو أن الأقوياء في نهاية الحرب الأولى لم يلتفوا على مبادئ الرئيس ولسون ونقاطه الأربع عشرة ليحققوا مصالحهم الضيقة ويثأروا من ألمانيا - التي لم تكن حملاً وديعاً في أي حال - ولو أن الرئيس ولسون من جانبه أعطى أهمية كافية لإعادة بناء أوروبا وخصوصاً ألمانيا بعد دمار الحرب الأولى بخطة اقتصادية سخية إلى جانب سخائه النظري في إعلان المبادئ..! وهو ما يواجه الإدارة الأميركية الحالية إذا أرادت أن تكتسب دعوتها للديمقراطية أسساً أكثر ثباتاً في المجتمعات المعنية التي تعيش الملايين فيها «تحت خط الفقر»، حسب البنك الدولي.
والواقع أن مبادرة الولايات المتحدة إلى «مشروع مارشال» لإنعاش أوروبا بعد انتهاء الحرب الثانية كان نتيجة اكتوائها واكتواء العالم معها بالتقتير الذي قابلت به نداءات الحكماء الأوروبيين والأميركيين أنفسهم للإنفاق على إعادة اعمار أوربا بعد الحرب الأولى التي انتهت بمعاهدة فرساي 1919 وانطوت على إجحاف وإرهاق كبير لألمانيا خصوصاً وللشعوب الأوروبية عموماً، الأمر الذي أدى في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين إلى كارثة مزدوجة بقيام أكثر دكتاتوريات العصر الحديث استبداداً وبطشاً وذلك في ظل اضطرابات أهلية سببها الأكبر الضائقة الاقتصادية التي لم تقتصر على بلد واحد وتمثلت في الانهيار المالي العالمي عام 1929، ثم الانحراف بعدها إلى الحرب العالمية الثانية التي تنطوي بلا شك على الكثير من الدروس والعبر، إلا أن دروس تسوية نتائج الحرب الأولى هي التي تبدو أقرب اليوم إلى ما يخطط في المنطقة العربية أو ما يُعرف بالشرق الأوسط الكبير.
مختصر هذه الدروس يمكن إيجازه في التالي، وبإمكان القارئ المعاصر أن يلحظ الشبه بينها وبين ملامح التوجهات السياسية الراهنة بشأن التسوية في المنطقة:
- أولاً : كان الرئيس الأميركي ودْرو ولسون بنزعة ديموقراطية شبه دينية يدعو إلى نشر الديموقراطية في العالم ومقاومة قوى الاستبداد، خصوصاً بعد قراره دخول أميركا إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولى سنة 1917، مطلقاً نقاط دعوته التي تضمنت حق تقرير المصير لشعوب العالم ورفض مبدأ «الاتفاقات السرية» بين الدول قاصداً بذلك ما يشبه «سايكس بيكو» بين بريطانيا وفرنسا بعد افتضاح أمرها على يد لينين بقيام الثورة الروسية. ومن حيث الجوهر فليس ثمة فارق يذكر بين دعوة ولسون ودعوة بوش الحالية لنشر الديموقراطية.
- ثانياً: بالمقابل، وللتناقض بين النظرية والتطبيق، كانت قوى الأمر الواقع حينئذ المتمثلة في بريطانيا وفرنسا وايطاليا «تستوعب» تلك الطروحات النظرية للرئيس ولسون وتلتف عليها فوق الأرض مجهضةً الاحتمالات العملية المناقضة لمصالحها كقوى استعمارية تقليدية بحيث لم يجد الرئيس ولسون في النهاية مناصاً من التقابل مع حلفائه هؤلاء في «منتصف الطريق» بما أدى في الواقع إلى إجهاض ما نادى به من أفكار «سلمية أو تحررية» أو إلى إقرار «سلام شامل بلا نصر» أي بلا غالب أو مغلوب. ثم إن «عصبة الأمم» التي كانت فكرته وأصبحت هاجسه لمنع حروب المستقبل حولها حلفاؤه الأوروبيون إلى أداة دولية منحتهم «حق الانتداب» على مستعمراتهم السابقة! بحيث تغير اسم العملية من «استعمار» إلى «انتداب» معترف به دولياً لكن المحتوى الحقيقي لذلك كان هو هو مع فارق شكلي بسيط تمثل في إخراج قانوني احتوى «المستجدات». ومن مفارقات التاريخ، بل سخريته، أن الرئيس الديموقراطي ولسون لم يستطع إدخال الولايات المتحدة عضواً في «عصبة الأمم» بسبب معارضة الحزب الجمهوري الأميركي لدخولها، بل رفضه أيضاً التصديق على معاهدة فرساي 1919 التي أصبحت لقمة سائغة، أو بالأحرى تركت العالم، بما فيه ألمانيا، لقمة سائغة للحلفاء الأوربيين «المنتصرين»، أما مبادئ الرئيس ولسون فدخلت التاريخ حبراً على ورق يستطيع أي «معجب» بها أن يضعها في كأس ماء ويشـربه بكل «حرية»!
ومن واقع الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي اليوم فإن ثمة حقائق قوة يتم خلقها وفرضها على الأرض أمام دعوة الرئيس بوش لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القادرة على البقاء والاستمرار بمفاصل متصلة على الأرض.
والمؤمل ألا يحول متطرفو اسرئيل دعوة الرئيس بوش إلى «شربة ماء» كما حدث لدعوة سلفه الأسبق ودْرو ولسون. ولذا فإنا ننصح الرئيس وأركان إدارته، وخصوصاً الوزيرة كوندوليزا رايس بما لديها من ثقافة في السياسات المعاصرة، بقراءة تجربة الرئيس ولسون، خصوصاً نهايتها الفاجعة، وتجنب الأسباب التي أدت إلى ذلك، في ما يختص اليوم بمشروع الرئيس بوش لإحلال سلام حقيقي في الشرق الأوسط. ونحن على ثقة بأن الرئيس الأميركي الشاب قادر على تجنب مصير سلفه القديم بما يمتلكه من إرادة وعزيمة قوية لتحويل مبادئ دعوته إلى واقـع قابل للتحقيق. فلقد كان الرئيس ولسون رجلاً مسناً لدى إطلاقه معركة السلام في نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم أقعده المرض، الذي لم يعلن عنه، إلى حين انتهاء فترة رئاسته عام 1921 ونجاح معارضيه الجمهوريين داخل الولايات المتحدة في إجهاض أفكاره ليس لوقوفهم ضدها، ولكن لما رأوه من تنظير مجرد لا يخترق الواقع واستسلام لإرادة الحلفاء الأوروبيين في أطماعهم الاستعمارية. إلا أن الرئيس ولسون - والحق يقال - كان قبل عجز الشيخوخة رئيساً قديراً بخلفية إدارية وأكاديمية عميقة. كما أنه جنب بلاده الانسياق للحرب العظمى في السنوات الثلاث الأولى من وقوعها، وكان شعار حملته الانتخابية لولايته الثانية: «لقد أبقانا ولسون بعيداً عن الحرب»!
- ثالثاً: رغم ثقافة ولسون وخبرته، فإنه لم يستوعب - كما ألمحنا - أهمية إعادة بناء أوروبا اقتصادياً. لذلك فإن «مشروع مارشال» الأميركي لإعمارها تأجل عقوداً عدة، ودفع المجتمع الدولي والإنسانية ثمن هذا التأجيل الناجم عن التقتير في تحمل مسـئولية التنمية في العالم، بقيام الدكتاتوريات الدموية واشتعال الحرب العالمية الثانية بكل مآسيها. ويجمع معظم المؤرخين على أن هذا السبب يمثل أهم أسباب هذه الحرب، التي كان من الممكن تفاديها، لو أن ولسون كان أبعد بصيرة في معضلة التنمية كشرط لا بد منه للديموقراطية.
وهنا نصل إلى «العبرة» الأهم بالنسبة للحملة الأميركية الراهنة من أجل الإصلاح والديموقراطية: ما لم تبلور الحكومة الأميركية مشروعاً عملاقاً للتنمية في العالم العربي الإسلامي إلى جانب حماستها اللافتة للمبادئ الديموقراطية، فإننا نخشى أن يعيد التاريخ نفسه وتضيع هذه الفرصة. وربما كان «منتدى المستقبل» الذي انعقد في المغرب في ديسمبر 2004 وينعقد في نوفمبر هذا العام في البحرين، الإطار المناسب للتفكير في مثل هذا المشروع الإنمائي الواسع إذا أريد للديمقراطية أن تكتسب ركائز اجتماعية قادرة على حمايتها.
يضيق بعض المنفعلين والواقعين تحت أحداث اللحظة بقراءات التاريخ ذات الصلة بما هم فيه.
ولا بد من التكرار: من لا يتعظ بأخطاء تاريخه، مكتوب عليه دفع ثمنها من جديد!
فهـل من متعظ؟!








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "عربي ودولي"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024