غالوي يحاكم متهميه ويهزمهم

الخميس, 19-مايو-2005

القدس العربي -
غالوي يحاكم متهميه ويهزمهم
كسب النائب البريطاني المستقل جورج غالوي جولة اخري، وبالضربة القاضية، ضد الادارة الامريكية، وجماعة المحافظين الجدد الذين يسيطرون علي دائرة صنع القرار فيها، عندما حول مسألة استجوابه من قبل لجنة الكونغرس المكلفة بالتحقيق في تجاوزات برنامج النفط مقابل الغذاء، الي محاكمة للسياسة الخارجية الامريكية وحربها الدموية الكارثية في العراق.
انقلب السحر علي الساحر فعلا، وخرج المتهم منتصرا، وبقيت الادارة الامريكية في قفص الاتهام، فالمسألة لم تعد كوبونات نفط استفاد من ريعها هذا أو ذاك، وانما مشروع احتلال دموي في العراق بدد كل الآمال في ترسيخ ديمقراطية حقيقية وازدهار اقتصادي نموذجي.
السيد غالوي اصاب كبد الحقيقة عندما قال ان الهدف من ملاحقته هو تحويل الانظار عما يجري حاليا في العراق من مجازر ترتكبها القوات الامريكية، فالوضع في هذا البلد العربي المسلم لا يمكن تصوره، فالكهرباء شبه منعدمة، والمياه النظيفة غير موجودة، والسيارات المفخخة تحصد ارواح عشرات الابرياء يوميا، وفوق هذا وذاك استشهاد مئة الف عراقي برصاص الطائرات والدبابات الامريكية منذ بداية الغزو.
لجنة الكونغرس لم تستطع ان تقدم دليلا واحدا علي حصول السيد غالوي علي دولار واحد من اموال العراق، وبنت كل اتهاماتها علي اساس تكهنات واتهامات ووثائق مزورة. ولهذا كان دفاع السيد غالوي هو الاقوي والاكثر تأثيرا في المشاهدين وخاصة في العالمين العربي والاسلامي.
وربما كانت نقطة القوة الوحيدة في استجواب السناتور كولمان رئيس اللجنة هي اتهامه للسيد غالوي بتلقي تبرعات من السيد زريقات رجل الاعمال الاردني المعروف بتعاملاته مع النظام العراقي، وحصوله علي كوبونات نفطية. ولكن السيد غالوي قال ان حملة مريم الانسانية تلقت ايضا تبرعات من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات، والامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، وهو لم يسأل هذين المسؤولين عن مصادر اموالهما.
انها حملة تستهدف الذين عارضوا الحرب علي العراق، واصروا علي الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وقوانينها، ولهذا نجد ان السيد كوفي عنان امين عام الامم المتحدة والرئيس الفرنسي جاك شيراك، والنائب غالوي ابرز ضحاياها.
انهم يفتشون في دفاتر الماضي لانهم لا يريدون الحديث عن الحاضر، او التطرق الي المستقبل، لان حاضر العراق مؤلم ويتناقض مع كل الوعود بالديمقراطية والاستقرار والرخاء الاقتصادي. فالعراق الجديد بات بلا هوية، ولا امن ولا استقرار، وتحكمه مجموعة من الفاسدين المتعاونين مع الاحتلال.
يتحدثون عن النفط وكوبوناته وينسون ان العراق الجديد هو ثاني اكثر الدول فسادا في العالم حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية وسمعنا دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي يوبخ حكام العراق الجديد بسبب فسادهم ويطالبهم بالكف عن مكافأة ابنائهم وانصارهم بالاموال والعقود والوظائف العليا في الدولة.
من اقدم علي حرب غير اخلاقية، وغير قانونية، وقتل مئة الف عراقي تحت ذريعة اسلحة دمار شامل ثبت عدم وجودها ليس من حقه ان يحاكم الآخرين او يستجوبهم، بل هو الذي يجب ان يستجوب ويحاكم كمجرم حرب.
المطلوب من الذين ايدوا هذه الحرب الاخلاقية وسهلوها وشاركوا فيها، وهيأوا لها اعلاميا وسياسيا ان يعتذروا لكل الذين عارضوها وتوقعوا نتائجها الكارثية، والسيد غالوي وشيراك وعنان هم علي رأس من يستحقون الاعتذار لا الاستجواب والتشكيك.