ثقافة التخلف في مجتمع غربي زعيم الجماعة السلفية في اليمن (والسلفية بالمناسبة طارئ جديد ووافد من الخارج) أفتى بأن تعليم الفتاة في مدارس التعليم الحديث حرام، وإن كان ولابد من تعليمها فإن عليها أن تبقى في البيت، ويؤتي لها بأشرطة مسجلة تستمع إليها لتحفظ منها القرآن الكريم وما يتوجب لمعرفة أمور دينها .. ولا يجوز للمرأة أن يسمح ولي أمرها أن تذهب إلى أبعد من ذلك مع تشديد الشيخ على ضرورة أن يتم تزويج الفتاة وهي في عمر 12 سنة وإذا تأخر تزويجها فلا يجوز أن يتأخر إلى ما بعد سن الخامسة عشر سنة من العمر، ويكون ذلك نهاية المطاف للمرأة فلا تخرج من بيتها بعد ذلك إلا إلى القبر.! وصاحب هذه الفتوى معذور، بوصفه ينتمي لمدرسة إسلامية كان يفترض بها أنها ميتة منذ الف ومائة عام، وبوصفه رجل يعيش في منطقة قاحلة معزولة، وبوصفه ذلك الرجل الذي سد كل نوافذ العصر أمام وجهه وعقله ولم يقرأ كتاباً واحداً في الفلسفة والفكر السياسي الحديث.. حتى عندما وضع شكري مصطفى كتابه التوسمات" ليكون الدليل النظري للجماعة المسلمة" وأمر بنسخة بخط اليد ولم يصوره أو يطبعه بدعوى أن آلات التصوير والمطابع كافرة ! فإن الرجل يعذر لأسباب كثيرة ومنها أنه كان يعيش في مصر التي تصنف ضمن قائمة الدول المتخلفة. وإذا كان لا بد من اختيار نموذج آخر من نماذج الإسلاميين في هذه الجهة من العالم التي تسمى عالم الشرق الزاخرة بنماذج كهذه سأذكر خصومة الجماعات الإسلامية مع نظام الحكم في إحدى البلدان الإسلامية لأن سلطة البلدية كما قالت الجماعة تمنح تراخيص لاستيراد وسياقة السيارات الكافرة بينما احتجزت أحد الجماعة مع جمله لأن كان يركب جملاً في طريقه إلى مقر دراسته في الجامعة.. هذا يبدو كافياً.. خاصة عند يتعلق الأمر بجماعة إسلامية في مجتمع شرقي.. لكن لا يبدو الأمر مبرراً ولا مقبولاً عندما تكون هذه الجماعة تنتمي جغرافياً إلى مجتمع يمثل قمة التطور الحضاري _ كبريطانيا مثلاً_ وتعيش وتنشط في وسط اجتماعي، وثقافي، وسياسي_ تتوفر فيه أرقى التكنولوجيا، وأكثر النظريات، والتوجهات، والمدارس تحرراً، وانفتاحاً.. هذا الأمر يتعلق بأبي حمزة المصري زعيم جماعة أنصار الشريعة التي مقرها بريطانيا، وتنشط هناك، وتُصدر أذاها إلى كثير من جهات العالم العربي والإسلامي.. في فبراير الماضي كتب أحدهم في صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية مقالاً انتقد فيه أبي حمزة المصري، ونشرت الصحيفة بجانب المقال رسماً كاريكاتورياً يصور الرجل في وضع ساخر ومضحك.. لم يُستفز أبو حمزة من ذلك كله سوى أمرين، فقد كتب رداً نشرته الصحيفة في 27 فبراير الماضي احتج فيه على: أن الصحيفة سمحت للكاتب بالسخرية من إعاقة أبي حمزة، أما بالنسبة للكاريكاتير فقد كتب الرجل يقول " أما بالنسبة لمن رسمني بالكاريكاتير فمن المعلوم لأكثر الناس أن أشد الناس عذاباً يوم القيامة هم الذين يصورون خلق الله بأيديهم لأن رسول الله قال " أشد عذابا يوم القيامة المصورون"! والعبرة هنا أن الأقفال قد استحكمت حتى على رجل يعيش في بلد غربي لديه أجهزة أرضية، وفضائية تصور كل ما يجري في الأرض بينما قائد جماعة أنصار الشريعة في ذلك البلد مُصٌّر على تحريم فن "الكاريكاتير" في صحيفة.. فانظروا إلى فكر التخلف من داخله إذن .. فهو لا يتغير سواء كان يعيش في الأرض أو فوق الثريا.. |
| إقرأ في المؤتمر نت |
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2003-2024 