السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 10:07 م - آخر تحديث: 09:52 م (52: 06) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
أخبار
المؤتمر نت - المشترك يواصل اتهاماته غير القانونية للجنة الانتخابات
المؤتمرنت-عبدالملك الفهيدي-صلاح الحيدري -
بين فشل التقاسم وانتصار العليا للقانون..(المشترك) والسعي لعرقلة الانتخابات
مع اقتراب كل موعد انتخابات تشهدها اليمن تبدأ الخلافات الحزبية بين أطراف المنظومة السياسية وتزداد حدتها خصوصاً وإنها تجعل من اللجنة العليا للانتخابات بمثابة ( دم عثمان ) إلى الدرجة التي تصبح فيها اليمن حالة استثنائية بين دول العالم ذات النهج الديمقراطي.
ويتكرر ( الجدل البيزنطي ) بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة من جهة، وبينها وبين لجنة الانتخابات من جهة أخرى، بحيث أصبح ذلك ( الجدل )أشبه بتدشين غير معلن من قبل الأحزاب لحملاتها الدعائية الانتخابية قبيل كل عملية انتخابية.
ولعل التسخين الانتخابي المبكر والذي اعتادت أحزاب المعارضة أن تبدأ به قبل فترة طويلة من تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية التي تمت في اليمن منذ قيام الوحدة، وآخرها الانتخابات النيابية عام 2003م دوماً ما كان يحمل نمطاً واحداً هو إطلاق الاتهامات بعدم نزاهة الانتخابات قبل خوضها، وتضليل الرأي العام المحلي والخارجي بأوهام التزوير قبل البدء في أية إجراءات انتخابية.
ومع أن هذا التقليد يمثل جزءاً من سيناريو الأحزاب السياسية في إدارتها لحملاتها الانتخابية المبكرة ، فقد ظل حتى الانتخابات النيابية (حملات تشهير واتهامات تزوير وارتكاب مخالفات، فيما بينها).
وظلت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء الحالية وجهاز القضاء حتى انتخابات 2003م بعيدة عن نيران اتهامات الأحزاب لها، بعدم الحيادية والتشكيك بنزاهتها، أو ممارستها التزوير.. بل مثلت بأدائها الفاعل في تنفيذ قانون الانتخابات وإدارتها للعملية الانتخابية والرقابة عليها محط احترام وتقدير وكأفضل لجنة تم اختيارها منذ قيام الوحدة، وفقاً لتقارير قيمت أدائها خلال انتخابات 2003م، ومنها مكتب الأمم المتحدة في صنعاء، والمعهد الديمقراطي الدولي الأمريكي في صنعاء.
وعلى الرغم من مضي أكثر من خمس سنوات على الانتخابات المحلية وثلاث سنوات على الانتخابات النيابية واللتان أدارتهما اللجنة العليا للانتخابات الحالية، وفقاً لقانون الانتخابات الحالي، إلا أن الأحزاب السياسية، خصوصاً المنضوية في إطار اللقاء المشترك لم تتطرق لأي مطالبة أو ملاحظة حول تعديل قانون الانتخابات ولجنته الحالية، بل حتى حول النظام الانتخابي، كما تؤكد ذلك دراسة أعدها الصحفي سامي غالب، باستثناء الحزب الاشتراكي الذي كان يدعو على استحياء بنظام الأغلبية بالنسبة بدلاً من التمثيل النسبي.
إلا ان أحزاب المشترك تحولت في مواقفها مع بدء الاستعدادات للانتخابات القادمة حيث بدأت بوادر ( الجدل ) حين أعلنت اللجنة العليا للانتخابات اعتزامها تخفيض أعداد اللجان التي ستتولى إدارة عملية القيد والتسجيل وما لبث أن تحول الجدل إلى حوار لم ينته لتضطر لجنة الانتخابات إلى حسم الموضوع بتشكيل اللجان من خارج إطار الأحزاب السياسية.
وترجع عملية (الجدل البيزنطي) والاحتقانات السياسية التي تشهدها اليمن مع قرب موعد كل انتخابات إلى حقيقة غلبة (صفقات التقاسمات الحزبية) على الاحتكام للمعايير القانونية منذ بدء التحضير للانتخابات.
ويوضح استعراض المراحل التي دار فيها الخلاف كثيراً من المؤشرات على وجود أهداف تسعى أحزاب المشترك إلى تحقيقها بعيداً عن الآليات التشريعية والقانونية .

المرحلة الاولى جدل حول فقرة في القانون
وفيما بدأت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء تحضيرها المبكر نهاية العام الماضي لإجراء الانتخابات الرئاسية والمحلية المقررة نهاية العام فقد أثار إعلانها اعتزام تخفيض أعداد اللجان التي ستتولى إدارة عمليات تصحيح السجل الانتخابي من (11) ألف لجنة إلى (4280) لجنة، بهدف تخفيض التكاليف المالية الباهظة.. تباينات عدة أطلقتها الأحزاب والتي أكدت عدم قانونية ذلك الإجراء وعدم وجود ضمانات كافية لإنجاح عمل اللجان في تأدية مهامها، وعدم قدرتها على الانتقال بين المراكز.
وهو الأمر الذي دفع اللجنة العليا للانتخابات لدعوة الأحزاب السياسية لحوار معها لمناقشة هذا الموضوع، وقد قوبلت تلك الدعوة بالترحيب من الأحزاب وفي المقدمة أحزاب اللقاء المشترك.
وأفضت عملية الحوار بين الأحزاب مع اللجنة العليا للانتخابات إلى اتفاق على إجراء تعديل قانوني يبقي على عدد اللجان الانتخابية كما هي، ويتيح للجنة تخفيض مدة عمل اللجان من شهر إلى (15) يوماً للضرورات الفنية بتعديل الفقرة (أ) من المادة (24) من قانون الانتخابات والذي وافق عليه مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ 29 ديسمبر الماضي قبيل إصدار رئيس الجمهورية قراراً بالتعديل.
ويتيح هذا التعديل تخفيض التكاليف الإجمالية لعمل اللجان الانتخابية من (35) مليار إلى (17) مليار ريال، أي بمعدل النصف.


المرحلة الثانية افشال مقترحات تشكيل اللجان
وفيما كان الجميع يتوقع أن ينهي هذا التعديل الجدل الذي أثير مع بداية تنفيذ اللجنة العليا لأعمال التحضير لتشكيل اللجان الانتخابية التي سيناط بها مسئولية تصحيح جداول الناخبين التزاماً بالمواعيد القانونية المحددة بمراحل الانتخابات، سيما وأن قانون الانتخابات خول لها بموجب أحد نصوص القانون رقم (13) لعام 2001م الحق الكامل في تشكيل لجان إدارة الانتخابات الإشرافية والأصلية والفرعية، ولجان القيد والتسجيل وتحديد نطاقها ومقراتها، غير أن أحزاب اللقاء المشترك التي يتزعمها حزب التجمع اليمني للإصلاح وفي إطار سيناريو التحضير لحملاتها الانتخابية المبكرة انتقلت إلى مرحلة ثانية وهي تصعيد المطالبة بضمانات كافية لإنجاح عمل اللجان في تأدية مهامها.
ودعت اللجنة العليا كافة الأحزاب لحوار ثانٍ بدأ نهاية العام الماضي من أجل الوصول فيما بينها الى رؤية توافقية بشأن توزيع حصص كل حزب من اللجان الانتخابية ليتسنى للجنة العليا الإيفاء بمسئوليتها الدستورية في تنفيذ المراحل الانتخابية في مواعيدها المحددة، خصوصاً مع اقتراب الموعد المحدد في القانون لبدء عملية القيد والتسجيل.
و قبلت الأحزاب السياسية تلك الدعوة لتبدأ مرحلة جديدة من حوار طال أمده دون اتفاق على معيار لتوزيع نسبة كل حزب من اللجان فالخلاف بدأ مع أول جلسات الحوار بين ممثلي الدوائر السياسية للاحزاب بعد إصرار أحزاب المشترك الذي يتزعمه حزب الإصلاح على إخضاع التشكيل لتقاسم حزبي مشروط وهو ما جعل اللجنة العليا تلجأ إلى مطالبة الأحزاب بالتوصل إلى اتفاق موقع فيما بينها يتم بموجبه تشكيل اللجان باعتبارها جهة حيادية وليست طرفاً في اختلافات واتفاقات الاحزاب، فأنتقل الحوار إلى جلسات بين أمناء عموم الأحزاب منذ مطلع شهر يناير .
واكدت اللجنة أنها لن تتحمل المسئولية عن حدوث أي أعمال تزوير أو اختلالات سيشهدها السجل الانتخابي بعد هذا الاتفاق إلا أن الحوار بين الأحزاب لم يصل إلى نتيجة بسبب عدم الاتفاق على معيار يتم بموجبه تشكيل اللجان. نتيجة رفض التجمع اليمني للإصلاح كافة المقترحات وتعمده إفشال التوصل إلى اتفاق لحل الخلافات بشأن تشكيل اللجان الانتخابية التي ستتولى تصحيح جداول الناخبين حيث أصرت أحزاب المعارضة -وعلى رأسها الإصلاح- بالأخذ بمعيار التقاسم الحزبي المشروط بأن يكون ثلث للمؤتمر وثلث للمشترك، وثلث يتفق عليها إلا أن المؤتمر رفض هذا المقترح باعتباره يمثل استبعاداً لحق بقية الأحزاب المعارضة في الحصول على نسبة في تشكيل اللجان وعددها 14 حزبا وتنظيما سياسيا.
وبالرغم من طرح المؤتمر لخيار تشكيل اللجان من خريجي الجامعات في أخر جلسات الحوار مع بقية الأحزاب إلا أن الإصلاح أصر على عملية التقاسم المشروط إلى حد أن طلب الإصلاح على لسان أمنيه العام المساعد عبدالوهاب الانسي أن يعطي المؤتمر الفرصة لأحزاب المشترك لتشكيل اللجان ويكتفي هو بتشكيل لجان رقابية.
ومع هذا الفشل الذي تعمد أن يضعه حزب الإصلاح في كل جلسات الحوار التي تمت بين الأحزاب وقبل أن تلجا اللجنة العليا للانتخابات إلى استخدام صلاحياتها القانونية في تشكيل اللجان وفقاً لما حدده قانون الانتخابات، حاولت اللجنة عرض بعض المعايير خصوصاً مع قرب المواعيد القانونية لتنفيذ مراحل العملية الانتخابية.حيث اقترحت على الأحزاب في 24 من شهر يناير معيار لنسب مشاركة الأحزاب في اللجان الإشرافية والأساسية والفرعية لمرحلة مراجعة جداول الناخبين، تمثلت بمعيار المشاركة المتساوية لتكتل المؤتمر الشعبي العام، والمجلس الوطني للمعارضة، وتكتل أحزاب اللقاء المشترك، وكذا اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، في اللجان الإشرافية والأساسية.
وخصصت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء نسبة 33.33% من رؤساء وأعضاء اللجان الإشرافية والأساسية للمؤتمر الشعبي العام، والمجلس الوطني للمعارضة، و33.33% لأحزاب اللقاء المشترك، ونفس النسبة للجنة العليا للانتخابات كطرف مستقل.
كما اعتمدت اللجنة العليا تشكيل اللجان الفرعية وفقاً لنسب الأصوات التي حصل عليها كل حزب، وتنظيم سياسي في انتخابات مجلس النواب.
غير أن هذا الأمر قوبل بالرفض من قبل أحزاب اللقاء المشترك جملة وتفصيلاً، بعد إعلان اللجنة العليا لذلك، وهو ما حدا باللجنة العليا لدعوة أحزاب المشترك لاحترام القانون، ولقراراتها النابعة منه باعتبارها هيئة دستورية تشرف وتدير وتراقب الانتخابات العامة والاستفتاء، وأكدت اللجنة العليا أنه في حالة عدم تجاوب اللقاء المشترك فإنها ستضطر إلى تشكيل اللجان من خريجي الجامعات .

التحول نحو اللجنة العليا
ومع مضي اللجنة العليا في هذا الاتجاه القانوني بعد أن تعذر الوصول إلى حل تحسمه الأحزاب، وإدراك الأحزاب في اللقاء المشترك أن لا تراجع عن المضي قدماً في التحضير للانتخابات، وفق مواعيدها المحددة، سارعت تلك الأحزاب لنقل صراعاتها مع اللجنة العليا للانتخابات،من دائرة الخلاف على تشكيل اللجان إلى مطالب جديدة بإلغاء اللجنة العليا للانتخابات الحالية وتشكيل لجنة أخرى والتشكيك بنزاهة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، واتهامها بعدم الحيادية والانحياز لصالح حزب المؤتمر الشعبي العام، مطالبة بتقاسم عضوية اللجنة العليا، وتعديل قانون الانتخابات ،ووصلت تلك الاتهامات إلى مطالب رئيس الدائر السياسية في حزب الإصلاح بحبس أعضاء اللجنة.
وتكمن الإشكالية الحقيقية اليوم ان التبريرات التي تقدمها أحزاب اللقاء المشترك لهذا التصعيد الذي طال اللجنة العليا بالتخوين في اتجاه واحد هو إعاقة اللجنة العليا للانتخابات عن أداء مهامها، ووضع العراقيل لتتعثر العملية الانتخابية المحلية والرئاسية هذا العام، أو السعي نحو تأجيلها وتجاوز الاستحقاقات الدستورية.

اللجنة تحسم الخلاف بالقانون
وأمام اقتراب المواعيد القانونية للعمليات الانتخابية وبعد فشل حوار الأحزاب دعت اللجنة العليا للانتخابات الأحزاب السياسية إلى لقاء أخير يوم السبت الخامس والعشرين من الشهر الماضي وطرحت على الأحزاب السياسية خيارين لتشكيل اللجان الانتخابية وذلك طبقاً للنسب التي شهدتها عملية انتخابية سابقة وتتمثل بـ(44%) من حصة اللجان للمؤتمر الشعبي العام و(40%) لأحزاب اللقاء المشترك و(8%) لأحزاب المجلس الوطني للمعارضة و(8%) حصة اللجنة العليا للانتخابات ،أو الخيار الأخر المتمثل بتقسيم الحصص بالتساوي بحيث يأخذ المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المجلس الوطني للمعارضة ثلث نسبة اللجان ومثلها لأحزاب اللقاء المشترك وثلث للجنة العليا للانتخابات ، على مستوى اللجان الإشرافية والأساسية والفرعية .وهو مقترح قدمه نائب رئيس اللجنة العليا للانتخابات.
وقالت اللجنة انه في حال رفض الأحزاب السياسية الخيارين السابقين فإنها ستلجأ إلى تشكيل اللجان من طالبي التوظيف المتقدمين لدى وزارة الخدمة المدنية من حملة الشهادة الجامعية لتسيير أداء الانتخابات المحلية والرئاسية التي من المقرر إجراؤها في شهر سبتمبر القادم .
ورفضت أحزاب المشترك تلك الدعوة معلنة رفضها للمعايير التي اقترحتها اللجنة الأمر الذي حدا بالأخيرة إلى اتخاذ قرار بتشكيل اللجان من خريجي الجامعات وطالبي التوظيف لدى الخدمة المدنية وفقاً للقانون.

وجاء قرار لجنة الانتخابات ليشكل علامة فارقة في تاريخ الانتخابات اليمنية، فهو أول قرار تتخذه رابع لجنة تتولى إدارة عمليات انتخابات يمنية منذ إقرار التعددية في اليمن عام 1990م بعيداً عن صيغ التفاهمات السياسية التي دأبت على أتباعها الأحزاب السياسية في اليمن مع كل انتخابات، والتي ارتكزت على صيغ تقاسمات حزبية بعيدة عن القانون.
ورغم أن القرار سيسجل للجنة أنها أول لجنة انتخابية تنجح في إنهاء ( سياسة الصفقات ) الحزبية، إلا أنه قوبل بمواقف متباينة، ففي الوقت الذي أعلن فيه المؤتمر الشعبي العام الحاكم قبوله للقرار على مضض واعتبار الامتثال له واجباً، كررت أحزاب اللقاء المشترك المعارضة رفضها للقرار واستمرت في مطالبتها بتغيير اللجنة العليا،واتهامها بعدم الحياد.
وبين موقف القبول (المؤتمري) وموقف (المعارضة) الرافض والمطالب بتغيير اللجنة، وبين قرار الأخيرة تشكيل اللجان من خارج الأحزاب يمكن قراءة المشهد الذي يبدو أنه يشهد تحولاً في مسار إدارة القضايا السياسية وأبرزها قضية الانتخابات وفقاً لمحورين الأول قانوني، الثاني يتمثل في الأبعاد السياسية للموضوع.
ذلك أن الاستنادات والتبريرات التي اعتمدتها (أحزاب المشترك ) وربط مواقفها بالقانون تمثل إحدى المظاهر السلبية للمساهمة في ترسيخ ( ثقافة ) الشك بجدوى القانون خصوصاً مع انعدام وسائل التثقيف القانوني، والأمية الحقوقية في أوساط العامة من جانب، ومن جانب آخر تعكس تأثير التراكمات السلبية لسيطرة أسلوب التقاسمات على تطبيق القانون، ولذلك يبدو من المهم قراءة تلك الأطروحات في ضوء السياق القانوني لها.
قرار لجنة الانتخابات – ومبرراته القانونية:
رغم أن لجنة الانتخابات لم تتخذ قرار تشكيل اللجان من خريجي الجامعات وطالبي التوظيف إلا بعد (6) أشهر من الخلافات والحوارات الحزبية التي لم تصل إلى اتفاق، إلا أن ذلك القرار استند إلى خلفية قانونية واضحة.
فاللجنة العليا وبحكم مسئوليتها الدستورية والقانونية في إدارة عملية الانتخابات هي المخولة قانوناً بتشكيل اللجان بصورة مستقلة، ويكتسب قرار اللجنة قوته القانونية من نص الفقرة (د) من المادة (24) من القانون رقم (13) لسنة 2001م بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء والتي تنص على أن إحدى اختصاصات اللجنة تتمثل في (تشكيل وتعيين رؤساء وأعضاء اللجان الإشرافية ولجان إعداد جداول الناخبين الأساسية والفرعية ولجان إدارة الانتخابات الأصلية والفرعية وتوزيعها في الدوائر الانتخابية في الأوقات المحددة لكل منها وتحديد نطاق اختصاص كل منها في داخل كل دائرة انتخابية وتؤلف كل لجنة من رئيس وعضوين على أن تشكل جميع اللجان المشار إليها بموافقة ثلثي أعضاء اللجنة العليا للانتخابات ،ولا يجوز تشكيل أي لجنة من حزب واحد ).
ويبدو النص القانوني واضحاً في تخويل اللجنة الحق في تشكيل اللجان الانتخابية بصورة مستقلة ومحايدة بعيداً عن التدخلات الحزبية.
ويقول رئيس اللجنة العليا للانتخابات خالد الشريف:" إن الأصل في صلاحيات اللجنة بتشكيل اللجان من المستقلين، باعتبارها محايدة، فإذا ما أرادت اللجنة أن تشكلها من الأحزاب، مراعاة للعملية السياسية، ومشاركة الأحزاب في العملية الديمقراطية، فإن عليها استثناء ألاَّ تشكلها من حزبٍ واحد، كما ينص على ذلك القانون".
ولعل المشرع اليمني حين ذيل نص الفقرة المشار إليها بعبارة ( ولا يجوز تشكيل أي لجنة من حزب واحد ) هدف إلى إيجاد ضمان وضابط قانوني لحيادية واستقلالية اللجان، وتأكيداً لأحقية اللجنة العليا في تشكيل اللجان بشكل مستقل وبعيداً عن التقاسم الحزبي، باعتبار أن الحياد والاستقلال هما الضابط القانوني الأول والأخير لضمان نزاهة العملية الانتخابية.
وفي المقابل فإن صفتي الحيادية والاستقلالية المشترط توفرهما في اللجان الانتخابية تنتفي تماماً في حال تشكيل اللجان وفقاً لمعيار التقاسم الحزبي، ويصبح عمل الأعضاء في اللجان مرتهناً بانتماءاتهم السياسية أكثر من كونه ملتزماً بالنصوص القانونية.
ومثل القرار القضائي الصادر عن محكمة جنوب غرب الأمانة مطلع يناير الماضي بعدم قبول الدعوى المرفوعة من حزب التجمع اليمني للإصلاح ضد اللجنة العليا بشأن تشكيل اللجان الانتخابية التي أدارت الانتخابات التكميلية في الدائرة (227) بمحافظة ريمة دليلاً كافياً على قانونية قرار اللجنة الأخير، وبرهاناً على أحقيتها في تشكيل اللجان بعيداً عن التقاسمات الحزبية.
ومن جانب آخر فإن القانون نفسه نص في مادته (142) الفقرة ( ب ) على أنه ( يجوز للأحزاب تشكيل لجان منها للرقابة على الانتخابات، ولا يحق لهم التدخل في أعمال اللجان الانتخابية).
وإذا كان هذا النص القانوني يضمن للأحزاب حق الرقابة على الانتخابات فإنه في الوقت نفسه يؤكد على استقلالية اللجان من خلال نصه على عدم تدخل اللجان الرقابية الحزبية في أعمال اللجان الانتخابية وبمعنى آخر فإن أهمية تشكيل لجان رقابية حزبية على الانتخابات يؤكد أن اللجان الانتخابية بالضرورة لجان مستقلة و محايدة، وإلا فما الداعي لوجود اللجان الرقابية الحزبية في حال كانت اللجان التي ستدير الانتخابات مشكلة من الأحزاب خصوصاً وأنها عندما تشكل حزبياً ستضطلع بدور الرقابة من خلال قيام كل عضو في اللجنة بممارسة دور رقابي على بقية الأعضاء غير المنضمين لحزبه.
ويتضح من خلال ذلك أن قرار اللجنة العليا استند إلى نص قانوني واضح فضلاً عن كونه استند إلى مبررات أخرى تتمثل في تحمل اللجنة لمسئوليتها الدستورية والقانونية في الإعداد والتحضير والإشراف على إدارة العمليات الانتخابية في مواعيد محددة قانونياً تتعرض اللجنة في حال الإخلال بها لأي سبب من الأسباب للمسألة القانونية.
هذا فضلاً عن مبرر موضوعي آخر يتمثل بفشل الأحزاب في التوصل إلى أية اتفاقات بشأن تشكيل اللجان رغم استمرار الحوار بينها وبين اللجنة لمدة تزيد عن ستة أشهر، وبالتالي فإن استمرار اللجنة في انتظار توصل الأحزاب إلى اتفاق كان من شأنه تأخير المواعيد القانونية لسير العملية الانتخابية وهو الأمر الذي كان سيسهم في النهاية ربما إلى تأجيل إجراء الانتخابات في موعدها..

مواقف المشترك.. وعدم قانونيتها
وفي المقابل تكررت مواقف أحزاب اللقاء المشترك الرافضة لكل ما تتخذه اللجنة العليا من قرارات، متهمة إياها بعدم الحياد ومخالفة القانون.
وبدأت مواقف المشترك الرافضة لكل ما تقره اللجنة مع إعلان الأخيرة اعتزامها تخفيض أعداد اللجان التي ستتولى مراجعة وتصحيح جداول الناخبين، وقيد الأسماء للناخبين الجدد.
ورغم المبررات التي قدمتها اللجنة –آنذاك- من أن تخفيض اللجان يهدف إلى تخفيض تكاليف العملية من ناحية، وتجنب تكرار في أسماء الناخبين التي حدثت في الماضي، إلا أن أحزاب المشترك رفضت ذلك.
وبدأت اللجنة حواراً مع الأحزاب السياسية انتهى بإجراء تعديل قانوني للفقرة (أ) من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء رقم (13) لسنة 2001م يتيح للجنة تخفيض مدة مراجعة وتعديل جداول الناخبين من شهر إلى (15) يوماً في حالات الضرورة الفنية مع الإبقاء على فترة الشهر في نص المادة...
ومقابل التعديل قبلت اللجنة التراجع عن تخفيض عدد اللجان التي ستتولى إدارة عملية مراجعة وتصحيح جداول الناخبين، ومع إن الجميع توقع انتهاء الخلاف بين اللجنة والأحزاب بعد ذلك التعديل، إلاّ أن مواقف المشترك من اللجنة استمرت كما هي؛ حيث رفضت أحزاب المشترك دعوة اللجنة للحوار على آلية أو معايير لتشكيل اللجان، رافضة إعلان اللجنة للجدول الزمني لمراجعة تحرير جداول الناخبين.
وثمة مؤشرات كثيرة تؤكد عدم استناد أحزاب المشترك في مواقفها من قرارت اللجنة إلى أي مبررات قانونية، أولها رفض القضاء لدعوى الإصلاح ضد اللجنة بشأن تشكيل لجان إدارة الانتخابات التكميلية في الدائرة (227) بمحافظة ريمة من خارج إطار الأحزاب لعدم قانونيتها.
وتتضح الصورة بشكلٍ أكبر مع تراجع حزب الإصلاح عن الموافقة على شطب (2000) اسم وهمي في جداول ناخبي الدائرة ذاتها، كانت اللجنة قررت حذفها، الأمر الذي أكدَّ أن الإصلاح لا يهدف إلى تطبيق القانون بقدر ما يهدف إلى تحقيق مكاسب من وراء تزعم حملة التشويه ضد اللجنة.
وعقب التعديل القانوني القاضي بتخفيض مدة عمل لجان مراجعة جداول الناخبين دعت اللجنة الأحزاب إلى لقاء للاتفاق على الأخذ بمعيار تشكيل اللجان، إلاّ أن أحزاب المشترك رفضت الدعوة، معتبرة إن اللجنة لا تملك الحق في تشكيل اللجان دون مشاركة الأحزاب، حيث أعلنت أحزاب المشترك رفضها لقرار اللجنة الذي كانت اتخذتها في يناير الماضي بتشكيل اللجان، وفقاً لمعيار نسب الأصوات التي حصل عليها كل حزب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وجاء في بيان صادر عن أحزاب المشترك بتاريخ 25 يناير الماضي أن ذلك الرفض يستند إلى نص الفقرة "أ" من المادة (24) من القانون الذي ينص على عدم جواز تشكيل اللجان من أي حزب واحد.
ويتضح الافتقار القانوني لذلك الطرح حين نجد أن بيان المشترك وقع في خطأين قانونيين، أولهما إنه أسند رفضه إلى نص الفقرة (أ) من المادة (24) من القانون، وهي فقرة لا علاقة لها بتشكيل اللجان، ولا تتضمن أي إشارة إلى تشكيلها، ذلك أن النص القانوني الخاص بتشكيل اللجان تضمنته الفقرة (د) وليس (أ) من المادة (24) من القانون، الأمر الذي يؤكد أن أحزاب المشترك تجهل حتى النصوص القانونية هذا من جانب.
ومن جانبٍ آخر فإذا كان ما ورد خطأً لم تتنبه إليه أحزاب المشترك عند صياغة البيان فإن ذلك يفسر مصداقية القول بأنها لم تكلف نفسها حتى مراجعة نصوص القانون، ويؤكد اتخاذها القرار بناءً على مواقف مسبقة لا صلة لها بالمبررات القانونية.
وإذا ما اعتبرنا أن بيان المشترك كان يقصد نص الفقرة (د) من المادة (24) وليس الفقرة (أ) كما ورد في البيان، فإن الخطأ الثاني هو تعمد أحزاب المشترك إلى تفسير النص القانوني لما جاء في الفقرة (د) بشكل مبتسر ومغلوط تماماً، فالفقرة (د) تنص على أن إحدى اختصاصات اللجنة العليا للانتخابات، هو (تشكيل وتعيين رؤساء وأعضاء اللجان الإشرافية ولجان إعداد جداول الناخبين الأساسية والفرعية ولجان إدارة الانتخابات الأصلية والفرعية، وتوزيعها في الدوائر الانتخابية في الأوقات المحددة لكل منها، وتحديد نطاق اختصاص كل منها في داخل دائرته الانتخابية، وتؤلف كل لجنة من رئيس وعضوين على أن تشكل جميع اللجان المشار إليها بموافقة ثلثي أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، ولا يجوز تشكيل أي لجنة من حزب واحد).
إذاًَ.. فالقانون حدد بوضوح أحقية اللجنة العليا في تشكيل لجان بعيداً عن الأحزاب، لكنه ذيل الفقرة بعدم جواز تشكيل أي لجنة من حزب واحد في حال تم تشكيل اللجان من الأحزاب.
والمقارنة بين النص القانوني وبين ما ورد في بيان المشترك يوضح عدم قانونية ما طرحه البيان، وتعمده اجتزاء العبارة الأخيرة وتحويلها كبديل للنص القانوني الكلي للفقرة الذي يعطي حق تشكيل اللجان للجنة الانتخابات وليس للأحزاب.
ويفتقد حديث المعارضة عن إدارة انتخابية مستقلة ومطالبتها بتغيير اللجنة العليا للانتخابات، لأسباب ومبررات كثيرة، أولها إن اللجنة الحالية تكتسب شرعيتها من القوة الدستورية والقانونية، فالمادة (159) تنص على ان" تتولـى الإدارة والإشراف والرقابة على إجـراء الانتخـابات العامـة والاستفتـاء العـام لجـنـة عليـا مستقلـة ومحايـدةً ويحدد القانون عدد أعضاء اللجنة والشروط اللازم توفرها فيهم وطريقة ترشيحهم وتعيـينهم ، كـما يحـدد القانون اختصاصات وصلاحيات اللجنة بما يكفل لها القيـام بمهامهـا علـى الوجـه الأمثل." .واللجنة الحالية من الناحية القانونية هي لجنة محايدة ومستقلة تم تشكيلها وفقاً للمادة السابقة، ووفقاً للمادة (19) من قانون الانتخابات الذي ينص في فقرته (أ) على أن (تشكل اللجنة العليا للانتخابات من سبعة أعضاء يتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية من بين قائمة تحتوي على 15أسم يرشحهم مجلس النواب ممن تتوفر فيهم الشروط المحددة في هذا القانون)،.وتنص فقرته (ب) على أن( يكون إقرار قائمة المرشحين لعضوية اللجنة العليا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.)
إلى ذلك يشترط القانون في مادته رقم (21) في من يرشح في اللجنة العليا للانتخابات أن تتوفر فيه الشروط الآتية :ان يكون قد بلغ من العمر (35)سنة ،،وأن يكون من أبوين يمنيين ،وأن يكون حاصلاً على الشهادة الجامعية أو ما يعادلها وأن يكون من ذوي الكفاءة والخبرة ،وأن يكون مستقيم الخلق والسلوك،وألا يكون قد صدر ضده حكم قضائي بات في أي من جرائم الانتخاب،أو في جريمة مخلة بالشرف والأمانة ،وإذا كان العضو المعين في اللجنة منتمياً إلى أي حزب أو تنظيم سياسي وجب عليه تجميد نشاطه الحزبي مدة عضويته في اللجنة،وألا يرشح نفسه في أي انتخابات عامه أو يشترك في الدعاية الانتخابية للأحزاب أو المرشحين مدة عضويته في اللجنة .
والملاحظ أن مختلف الشروط القانونية التي حددها القانون لضمان حيادية اللجنة متوفرة لدى أعضاء اللجنة الحالية وهو ما يفقد مطالب المعارضة بتغييرها أية مشروعية قانونية.
ومن جانب آخر فإن مطالبة أحزاب المشترك بتوفير الضمانات اللازمة لحيادية أجهزة الدولة والإعلام من الاستغلال فإنه هو الآخر يمثل مطلباً غير قانوني نظراً لأن القانون وفر كل الضمانات اللازمة تلك.
وتتمثل تلك الضمانات في إعطاء القانون حق التقاضي ضد اللجنة العليا في حال مخالفتها للدستور والقانون؛ حيث تنص المادة (138) من قانون الانتخابات على( أنه لكل ناخب التقدم إلى القضاء بعريضة طعن ضد اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء في حالة أي إجراء من قبلها يخالف الدستور والقانون وتبت مختلف درجات التقاضي في ذلك خلال ثلاثين يوماً بحيث لا تزيد مدة نظر الدعوى أمام كل مرحلة عن عشرة أيام).
كما تنص المادة (143) من القانون على عدم جواز استخدام إمكانيات الدولة لصالح حزب معين(لا يجوز تسخير إمكانية الدولة ومواردها وأجهزتها وآلياتها ومعداتها لصالح أي حزب أو تنظيم سياسي أو مرشح بصورة مباشرة أو غير مباشرة ،ويعاقب من يقوم بذلك بالعقوبة المنصوص عليها في المادة(133)من هذا القانون.)
وتأسياً على ما سبق فإن ما تطرحه أحزاب المعارضة حول اللجنة العليا للانتخابات يفتقر إلى المشروعية القانونية، ذلك أن القانون حدد وبدقة كافة الضمانات اللازمة لحيادية اللجنة واستقلاليتها، وتوفير الضمانات لإجراء الانتخابات بنزاهة، كما أعطى الحق للأفراد والأحزاب في مقاضاة اللجنة، أو اللجان المتفرعة عنها، أو المؤسسات الحكومية في حال ارتكبت أي منها مخالفة للقانون والدستور.
وإذا كانت مطالب المعارضة تفتقر إلى أي سند قانوني فإن المطالبة بتغيير اللجنة أو التشكيك في حياديتها واستقلاليتها يفتقر أيضاً إلى المبررات الموضوعية، خصوصاً وأن اللجنة الحالية هي التي تولت إدارة عملية الانتخابات المحلية والاستفتاء على التعديلات الدستورية عام 2001م، ثم الانتخابات البرلمانية عام 2003م، وبالتالي فإن مشاركة تلك الأحزاب في خوض تلك العمليات والاعتراف بنتائجها هو اعتراف مباشر بنزاهة تلك العمليات الانتخابية، ونزاهة الجهة التي أدارتها، بغض النظر عن المخالفات، أو الخروقات التي ارتكبت خلال سير تلك العمليات، والتي تسببت فيها الأحزاب السياسية وليس اللجنة نتيجة عملية التقاسمات الحزبية التي مثلت معياراً لتشكيل اللجان التي تولت إدارة عمليات الاستفتاء على تعديل الدستور والانتخابات المحلية ثم الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
ولعل اعتراف أحزاب المشترك وقبولها بما تمخضت عنه العمليات الانتخابات السابقة التي أدارتها وأشرفت عليها اللجنة الحالية، يمثل دليل على حيادية واستقلالية اللجنة، وإلا لكان بمقدور تلك الأحزاب رفض نتائجها بحجة عدم حيادية اللجنة واستقلاليتها للمطالبة بتغيير اللجنة أو توسيع عضويتها.

الأبعاد السياسية لمواقف المشترك من لجنة الانتخابات
وإذا كان الاستعراض السابق يؤكد عدم مشروعية أو قانونية ما تطرحه أحزاب المشترك حول اللجنة العليا للانتخابات يبرز التساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء التحول المفاجئ في الآونة الأخيرة تجاه اللجنة العليا للانتخابات من قبل أحزاب اللقاء المشترك ونوعية المكاسب السياسية التي تسعى لتحقيقها تلك الأحزاب بعيداً عن الدستور والقانون، وقواعد الديمقراطية، وما التزمت به في الانتخابات الماضية وهو ما تفضي إليه مواقفها المتباينة حتى اللحظة بشأن المشاركة في الانتخابات الرئاسية والمحلية القادمة من عدمه.
والإجابة على هذه التساؤلات تحتم قراءة تلك المواقف من منظور يتصل بالآلية السياسية التي تعمد إليها أحزاب المشترك لتحقيق أهداف أو مكاسب خاصة بها.
فلقد مثل اتفاق الضوابط لانتخابات حرة ونزيهة، والتي وقعت عليه كافة الأحزاب السياسية قبيل إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة إبريل 2003م، مثل تأكيداً على ان الأحزاب السياسية هي من كانت ترتكب المخالفات والخروقات، وليست اللجنة العليا للانتخابات التي تعتبر جهة دستورية محايدة غير معنية باختلافات واتفاقات الأحزاب في مسألة تطبيقها للقانون.
وتوضح الوثيقة التزام الأحزاب بالثوابت الدينية والوطنية واحترام الدستور والقوانين النافذة وصيانة النهج الديمقراطي والالتزام بمواعيد الانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية، وفقاً للدستور والقانون والالتزام الصارم بقانون الانتخابات وبقواعد الممارسة الديمقراطية السليمة خلال كل المراحل الانتخابية، إلى جانب الالتزام بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم بطرق سليمة وعدم إثارة الفتنة أو ممارسة العنف أو اللجوء إلى القوة.
بل ان توقيع الأحزاب على تلك الوثيقة مثل تأكيداً لشرعية النظام السياسي القائم وقانونية آلياته وفي مقدمتها الانتخابات العامة والاستفتاء كآليات لتشكيل الهيئات الدستورية،الأمر الذي يجعل اللجنة العليا للانتخابات كهئية دستورية مستقلة هي صاحبة الحق في اتخاذ القرارات اللازمة لسير إجراءات العمليات الانتخابية ويجعل ايضاً قراراتها دستورية وقانونية ملزمة ،وأخرها قرار تشكيل اللجان .
ويمكن قراءة تلك المواقف بالإشارة إلى ان إصرار أحزاب اللقاء المشترك على فرض معيار التقاسم الحزبي في تشكيل اللجان الانتخابية يمثل استمراراً لثقافة التقاسم الحزبي التي بدأت مع أول استحقاق ديمقراطي في انتخابات 93م، وتكررت مع كل عملية انتخابات تشهدها البلد.
وتتضح غلبة ثقافة التقاسم والإقصاء على الفكر السياسي لتلك الأحزاب من خلال إصرارها على تشكيل اللجان وفقاً لمعيار تقاسم يلغي أحقية بقية القوى السياسية، وعددها (22) حزباً في المشاركة في تلك اللجان.
وسبق وان حاولت أحزاب المشترك فرض ذلك الإقصاء مع أول جلسة عقدت لبدء حوار بينها وبين المؤتمر الشعبي العام خلال العام الماضي، حين اشترطت لبدء ذلك الحوار أن يقتصر عليها دون بقية الأحزاب المعارضة خارج إطار اللقاء المشترك.
ومن ناحية أخرى فقد سعت أحزاب المشترك إلى تنظيم حملة إعلامية لتشويه اللجنة العليا للانتخابات بغية محاولة التأثير عليها لفرض شروط تستطيع من خلالها الخروج بأكبر قدر من المكاسب في حال أذعنت اللجنة للقبول بشروط التقاسم في تشكيل اللجان.
كما هدفت الحملة الإعلامية ضد اللجنة إلى ترسيخ صورة سلبية مسبقة لدى الرأي العام الداخلي والخارجي، بعدم نزاهة الانتخابات التي ستجرى في محاولة لتبرير أي فشل يصيب تلك الأحزاب في الانتخابات أمام قواعدها وأمام الرأي العام الخارجي.
ومثل ذلك الأمر تقليداً سارت عليه أحزاب المعارضة، وفي مقدمتها حزب التجمع اليمني للإصلاح، الأكثر حصداً للمقاعد الانتخابية بين بقية أحزاب المعارضة- واعتمدت عليه كتكتيك سياسي وجزءاً مهماً من حملاتها،وهو من وجهة نظر العديد من المراقبين استباق لخلق تبريرات عجزها عن الحصول على ثقة الجماهير وحصد أصواتهم.
وترتبط مواقف تلك الأحزاب من اللجنة ارتباطاً وثيقاً بمشروع المشترك للإصلاح، فبعد أن فشلت تلك الأحزاب في تحقيق أهدافها من خلاله، لجأت إلى محاولة إعطائه مشروعية عبر افتعال أزمة مع لجنة الانتخابات تفضي إلى عرقلة الإجراءات الانتخابية في مواعيدها المحددة، الأمر الذي كان سينجم عنه تأجيل عملية الانتخابات، وبالتالي إدخال البلد في أزمة دستورية تمكن تلك الأحزاب من العودة إلى طرح ما جاء في مشروعها كحلول لإخراج البلد من تلك الأزمة.
ويتأكد ذلك من خلال إصرار المشترك على مطالبه بتغيير اللجنة العليا أو توسيع عضويتها ذلك أن للجنة الحالية المشكلة بقرار جمهوري في 17 نوفمبر 2001م ما يزال لها الحق في ممارسة مهامها عاماً كاملاً ، وفقاً للقانون الذي يحدد مدة عملها بست سنوات ، وبالتالي فإن الاستجابة لمطالب تغييرها يعني ارتكاباً لمخالفة دستورية وقانونية من ناحية، ومن ناحية أخرى إضفاء لشرعية مطالب المشترك الخاصة بالنظام الانتخابي، فضلاً عن أنه يمثل إلغاء لشرعية العمليات الانتخابية التي أدارتها واشرفت عليها اللجنة الحالية.
أما الجانب الآخر المتعلق بالمطالبة بتوسيع العضوية فهو يهدف إلى عرقلة إجراءات الانتخابات، وبالتالي تأخير مواعيدها.. ذلك أن القانون ينص على أن قرارات اللجنة تتخذ بموافقة ثلثي الأعضاء، وبالتالي فإن أي توسيع لعضويتها سيمكن أحزاب المشترك من استخدام أعضائها في تعطيل أي قرارات تصدرها اللجنة، وبالتالي تعطيل للإجراءات الانتخابية، وصولاً إلى تأجيل عملية الانتخابات المحلية والرئاسية القادمة،وهو ما كان سيسهم في تجاوز تلك الأحزاب لازمة تحديد موقفها من الانتخابات الرئاسية من ناحية، وخلق البيئة المناسبة لاستخدام مشروعها في إطار صفقة سياسية مع الرئيس والمؤتمر كما تحاول حالياً.
وإذا كانت تلك الأحزاب فشلت في تحقيق تلك الأهداف بعد قرار لجنة الانتخابات تشكيل اللجان الانتخابية من خريجي الجامعات، واستخدام صلاحياتها الدستورية والقانونية فإن أحزاب المشترك، ومن خلال موقفها الرافض لذلك القرار، تؤكد استمرارها في ترسيخ ثقافة عدمية جدوى الاحتكام إلى القانون والمؤسسات الدستورية، وإفقاد الرأي العام الثقة بالقانون، والقضاء وحيادية المؤسسات التي تتحمل مسئولية تنفيذه، وهو ما يتضح بصورة كبيرة من خلال تعمد تلك الأحزاب لنشر ثقافة تزييف للوعي القانوني لدى الناس، ونشر تفسيرات مغلوطة للقانون، الأمر الذي يجعلها داخل دائرة المساءلة الدستورية والقانونية، ويعطي الحق للجنة الانتخابات –بل ولمختلف المؤسسات- إمكانية مقاضاة تلك الأحزاب،وهو ما أعلنته اللجنة العليا مؤخراً بعد تصريحات الناطق باسم أحزاب المشترك محمد قحطان .
حيث أكد عبده محمد الجندي-رئيس قطاع الإعلام والتوعية باللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء- أن حملة الإسفاف والتخوين التي تطال اللجنة العليا من قبل أحزاب اللقاء المشترك، وكثير من المحسوبين عليه ستدفع اللجنة للدفاع عن نفسها عبر اللجوء إلى القضاء لمقاضاتهم
وقال الجندي إن اللجنة العليا للانتخابات من حقها أن تلجأ للقضاء، رغم معرفتها المسبقة إن السياسيين الذين تصدر عنهم تلك الاتهامات بحق اللجنة لن يكونوا على استعداد لقبول ما يصدره القضاء من أحكام..









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "أخبار"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024