استقالة المالكي باتت وشيكة عندما يقول السيد نوري المالكي رئيس الوزراء في العراق انه يريد مغادرة منصبه حتي قبل ان يكمل مدته، فهذا يعني امرا من اثنين، الاول ان يكون قد ادرك ان مهمته قد انتهت بتوقيعه وتنفيذه قرار اعدام الرئيس العراقي صدام حسين، والثاني ان توجد لديه معلومات شبه مؤكدة بان الادارة الامريكية قررت الاستغناء عنه، واستبداله بشخص آخر في اطار صفقة ما تم التوصل اليها اثناء زيارة السيد عبد العزيز الحكيم رئيس الائتلاف الشيعي الاخيرة الي واشنطن. من الصعب ترجيح خيار او استبعاد آخر، ولكن ما يمكن قوله ان السيد المالكي لم يكن علي قدر المسؤولية، واصغر كثيرا من ان يملأ منصبه، فاذا كان لم يستطع ادارة غرفة اعدام صغيرة، والسيطرة علي تصرفات وافعال عشرين شخصا في افضل الاحوال، فكيف سيتمكن من ادارة بلد كبير معقد بتركيبته الطائفية والعرقية وخريطته الجغرافية الاقليمية، مثل العراق؟ السيد المالكي اساء الي حكومته، وربما طائفته، ناهيك عن حلفائه الامريكان، عندما سمح باستفزاز رجل في وزن وحجم الرئيس صدام حسين يقف علي بعد لحظات من الاعدام، باطلاق شعارات طائفية مقززة ورقص بعض الحاضرين حول جثمانه فرحا وطربا وركله باقدامهم. صحيح انه سمح باجراء تحقيق لمعرفة الظروف التي احاطت بعملية الاعدام وكيفية تسجيلها في شريط هاتف نقال، تم تسريبه الي المواقع الالكترونية، ولكن ما فائدة هذا التحقيق بعد ان تحقق الضرر، واصبح من الصعب ان لم يكن من المستحيل وقفه او تقليص آثاره؟ التحدي الاكبر الذي سيواجهه السيد المالكي في الاسابيع المقبـــلة يتمثل في وصول حوالي ثلاثين الف جندي امريكي اضافي لتأمين منطـــقة بغداد ونزع سلاح الميليشيات، وخاصة ميليشيا جيـــش المهدي التابعة للسيد مقتدي الصدر الذي يعتبر الداعم الرئيسي له في منصب رئيس الوزراء. فالقوات الامريكية ستستهدف هذا الجيش علي وجه الخصوص، لانه متهم او وحدات اساسية فيه، بالاقدام علي معظم عمليات القتل الطائفي والتطهير العرقي التي وقعت في العاصمة العراقية بغداد والمناطق المجاورة. ولن يكون مستبعدا اذا ما حاولت اعتقال وربما تصفية السيد الصدر نفسه، او تقديمه للمحاكمة لمواجهة اتهامات عديدة، من بينها التورط في اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي بعد ايام معدودة من عودته الي العراق. السيد المالكي، الذي لم يتردد لحظة في توقيع قرار اعدام الرئيس العراقي صدام حسين وشقيقه برزان التكريتي، وعواد البندر رئيس محكمة الدجيل، وطه ياسين رمضان نائب الرئيس، قد يتردد كثيرا في تنفيذ الاوامر الامريكية في تصفية جيش المهدي، وفرق الموت، ولهذا بدأ يمهد مبكرا لقراره بالانسحاب من رئاسة مجلس الوزراء. التاريخ سيذكر كل الذين انخرطوا في المشروع الامريكي بانهم تعاونوا مع المحتل، وسلموا بلادهم له علي طبق من جثث سبعمئة الف شهيد عراقي، ولكن السيد المالكي سيحتل مكانة خاصة في هذا الصدد، باعتباره كان الوحيد الذي وافق علي اعدام رئيس عراقي قاوم الاحتلال ورفض الذل والقهر، وحافظ علي وحدة العراق وعروبته، وذهب الي المقصلة مرفوع الرأس، واحتل مكانة بارزة في قوائم شهداء الامة والعقيدة |